خبراء ودبلوماسيون يجيبون علي السؤال ماذا لو حكم الإسلاميون؟: إعلان مصر دولة خليجية! لم يعد من قبيل الفانتازيا السياسية أن نتساءل ونقف ونفكر في سياسة مصر الخارجية، إذا ما حكم الإخوان.. طبيعة تحالفاتها الإقليمية والدولية وخاصة العلاقة مع إسرائيل والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة والعلاقة مع إيران وحماس وحزب الله من جهة أخري وبين هذا وذاك وضعها في الدائرة العربية التي قد تشهد وضعاً جديداً لمصر حسبما أجمع المراقبون والمحللون بأن مصر قد تصبح دولة «خليجية».. بأن تنضم بعضوية كاملة إلي مجلس التعاون الخليجي أو حتي بصفة مراقب وكذلك إعادة الهيكلة التي قد تجري علي المؤسسة الدبلوماسية المصرية التي سيكون منوطاً بها تنفيذ هذه السياسة بأن يتصدر المحافظون من كوادرها المشهد الوظيفي.. واستبعدوا أيضاً في استطلاع روزاليوسف لرؤاهم أن يتم إحداث تغييرات جوهرية في ثوابت السياسة الخارجية المصرية علي الأقل في الفترة الأولي والتي ستحتاج إلي إشارات تطمئن القوي الكبري والدوائر المؤثرة في المشهد العالمي. - لا عبث مع إسرائيل يقول الدكتور أحمد عبد ربه أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة.. رغم أن «وصول الإخوان للحكم» مسألة يجب أن نتوخي الدقة بصددها وخاصة أنهم حتي لو حصدوا أغلبية مقاعد البرلمان فإن ذلك لن يعد «وصولاً للسلطة» بحيث إنهم لن يشكلوا الحكومة، إلا أنه بفرض الوصول إلي الحكم، بمعني تشكيل الحكومة أو الوصول إلي الرئاسة فإني أتوقع: أولاً.. لن يعمد الإخوان إلي إحداث تغييرات جذرية في سياسة مصر الخارجية في الفترة الأولي من الحكم وأتوقع أن يوجهوا اهتمامهم إلي إحداث تغييرات مؤسسية وقيمية علي مؤسسة وزارة الخارجية مثل زيادة نسبة قبول المحجبات بين الدبلوماسيين وفتح الباب امام الشباب المحافظين للدخول والقبول في امتحانات السلك الدبلوماسي وكذلك تكسير القواعد القديمة المتبعة في توزيع السفراء إلي الدول الكبري والمنظمات الدولية بحيث يشهد السفراء المحافظون فرصة أكبر في تمثيل مصر لدي هذه الدول والمنظمات. ثانياً.. يحاول الإخوان أيضاً علي المدي القصير إحداث نقلات نوعية في العلاقة مع إيران ربما لن تصل إلي التمثيل الكامل ولكنها سترتقي إلي أكبر من مجرد مكتب لرعاية المصالح. كما أتوقع نقلة كبيرة في العلاقات مع تركيا وماليزيا وأندونيسيا ودور أكبر في منظمة المؤتمر الإسلامي والتي أتوقع أن الإخوان سيحاولون تفعيل دور كبير فيها علي الأقل موازٍ للدور الذي تلعبه مصر في جامعة الدول العربية. - ثالثاً.. كذلك أتوقع أن المدي القصير لن يشهد أي تحول جذري في العلاقة مع إسرائيل والولاياتالمتحدة نظراً لأن جهاز المخابرات العامة ومن خلفه المؤسسة ربما لن يسمح بالعبث في هذه المساحة وأعتقد أن الإخوان سيحترمون قواعد اللعبة في هذه المنطقة. - رابعاً.. أتوقع كذلك أن تتجه مصر نحو دول الاتحاد الأوروبي علي حساب الولاياتالمتحدة حيث أتوقع أن يتم ربط مصر بدول الاتحاد بحزمة من البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي ستطمئن الأوروبيين من جهة وستحقق توازنًا نسبيًا في التبعية المصرية للولايات المتحدة خلال عهد حسني مبارك. - وأخيراً أعتقد أن العلاقات المصرية الخليجية ستشهد تحسناً كبيراً - خاصة إذا ما قورن الوضع بالفترة الانتقالية - وأخيراً ربما تحصل مصر علي وضع مراقب أو حتي عضو في دول مجلس التعاون الخليجي. - أما علي المدي الطويل فأتوقع أنه حتي لو استمر الإخوان في حكم مصر فإنهم سيواجهون بمقاومة مؤسسية داخلية نظراً لأن الاتجاه الليبرالي مازال هو الأثقل داخل ديوان وزارة الخارجية وكذلك لأن جهات سيادية مثل المخابرات والجيش ستحجم وربما ستتدخل بشكل مباشر في سياسة الإخوان الخارجية إذا ما حاولت إحداث تغييرات جذرية . - إلا اتفاقية السلام: السفير السيد أمين شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية يري أن السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة يناير لابد أن تتأثر باتجاهات الرأي العام، أيا كان الفصيل أو التيار السياسي أو الحزبي الموجود في الحكومة.. هذا التأثر ينعكس علي شكل وأسلوب بلورة وصياغة المواقف المصرية الدولية أو الإقليمية بأنها يجب أن تكون مراعية لرأيها العام الداخلي.. وكذلك هناك اعتبارات في السياسة الخارجية لمصر تفرض نفسها علي أي حكومة وفي مقدمتها العلاقات مع الولاياتالمتحدة التي رغم كامل التحفظات علي سياستها الخارجية إلا أنها مازالت القوة العالمية الأولي ومن الصعب تجاهلها أو الوصول معها لمرحلة صدام، وكذلك الاتحاد الأوروبي وهو الشريك التجاري الأول لمصر في كافة المجالات، هذه الأطراف تمثل بعداً لأي صانع لسياسة خارجية أو متخذ لقرار دبلوماسي في مصر والأهم من ذلك أن مصر وفي ظل أي عهد ستكون مطالبة أيضاً بتأكيد التزامها واحترامها لكافة التزاماتها واتفاقاتها الدولية وفي مقدمتها معاهدة السلام مع إسرائيل. - بروتوكول معدل: في حين أسهب السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق في تحليله وأجمل هذا التحليل في مجموعة نقاط وهي.. إن الإخوان المسلمين إذا ما حكموا مصر فإنهم لن يقدموا علي إحداث تغييرات جوهرية علي الصعيد الخارجي أو الداخلي خلال فترة أولي لن تقل عن عام أو عامين سيركزون خلالها علي طمأنة كافة الأطراف داخلياً وخارجياً وإظهار قدرتهم علي الإدارة والتعامل مع أوضاع اقتصادية صعبة والقضاء علي الفساد الذي يطالب به الشارع وحل مشكلة البطالة التي تتزايد معدلاتها وهذه أمور ليست سهلة علي الإطلاق، ولكن وفيما يخص قطاع السياسة الخارجية فهناك والحديث لخلاف بعض المحاور التي قد تشهد تطويراً وليس تغييراً وبعد انتهاء فترة التطمينات ما لم يحدث استفزاز من قبل طرف إقليمي أو دولي يحتاج إلي ردة فعل دبلوماسية، وفي هذا الإطار ستكون العلاقة مع إسرائيل محددة في إطارها القانوني ولكن ستشهد مراجعة في ملفات كتصدير الغاز، وأيضا من الوارد بقوة فتح بعض مواد معاهدة السلام للتعديل وتفعيل مواد أخري بمعني تعديل البروتوكول أو الملحق الأمني وبالأخص المسائل المتعلقة بالانتشار العسكري المصري في المنطقة الحدودية «ج» ومن الممكن أيضاً أن يتم تفعيل المادة الثامنة من المعاهدة والخاصة بالتسويات المالية بين الجانبين المصري والإسرائيلي حيث من الممكن أن نطالب بتعويضات عن فترة الاحتلال الإسرائيلي لمصر واستغلال موارد سيناء في الفترة من عام 1967 إلي عام 1982 والموقف المصري في هذا الخصوص يقف علي أرضية قانونية صلبة.. ولكن في المقابل قد يطالب الجانب الإسرائيلي أيضاً بتعويضات عن التراث الديني اليهودي الموجود في مصر وفتح الحديث عن موضوع أملاك اليهود الذين تركوا مصر، أي أنها ستكون محل اشتباك قانوني بين الجانبين، البعد الآخر في السياسة الخارجية للإخوان إذا ما باشروا هذا الحق هو المعونات الخارجية التي تحصل عليها مصر، هذه أيضاً قد تشهد مراجعة فيما يمكن اعتباره مشروطية وتحديد مدي الاعتماد الاقتصادي عليها، وكذلك ستكون العلاقات العربية العربية محور ارتكاز في تحركهم وستحصل حركة حماس علي تدعيم ودفعة ملحوظة في وضعها داخل المعادلة الفلسطينية.. وأضاف السفير «خلاف» أعتقد أيضاً أنه سيكون هناك فتح لحوار سياسي بين مصر وإيران وليس تحالفاً لأن سياسة مرجعها الإخوان لا تتحالف مع سياسة مرجعها المرشد الأعلي الإيراني لوجود اختلافات أيديولوجية بين مرجعية الفريقين، ولكن هذا الحوار السياسي سيحقق مصالح الجانبين ومن الممكن أن يجد منفذا لمصر بأن تتواجد في كافة الترتيبات الأمنية في منطقة الخليج وقد تنشأ شراكة اقتصادية بين مصر وإيران وتركيا. أما السفير أحمد حجاج الأمين العام للجمعية الأفريقية فشدد علي أن الإخوان إذا ما باشروا التفاعل الخارجي وبدأوا في صياغة سياسة خارجية لمصر فإن هذه السياسة لن تمس معاهدة السلام مع إسرائيل لأن الإخوان يدركون تماماً عواقب ذلك وأيضا الرأي العام المصري لن يسمح لهم بهذا، وأن الفترة الأولي علي سبيل الافتراض ستكون فترة اختبار داخلياً وخارجياً وقد تشهد تحالفات مع قوي اقتصادية بارزة وخاصة جنوب أفريقيا وأندونيسيا وماليزيا، أما ثوابت الحركة الدبلوماسية والعلاقات الخارجية لمصر فلن تشهد تغييرات جذرية علي الأقل في المدي القريب ولفت إلي أن المستقبل في مصر لم يعد محل تساؤل مصري داخلي فقط ولكن الجميع يهتم بالقادم في مصر كاشفاً عن نظرات تحمل قدراً من الرثاء باتت تسيطر علي الكثير من الأوساط الأفريقية.