وزير السياحة والآثار يشارك في الجلسة العامة الثالثة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالرياض    عاجل- رئيس الوزراء يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ويبحث سُبل تعظيم الإيرادات الاستثمارية    تصعيد إقليمي متعدد.. غارات إسرائيلية على غزة ولبنان ومحاولة دبلوماسية لفتح ممرات آمنة    بي بي سي تعتذر: سوء تقدير في تحرير وثائقي ترامب    عاجل.. تشكيل منتخب مصر الرسمي أمام إنجلترا في كأس العالم للناشئين    رسمياً.. تأجيل مباراة الأهلي وسموحة في كأس السوبر لكرة اليد    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو صادم بالشرقية    المتحف المصرى الكبير يعلن إستقبال 12 ألف زائر من المصريين والأجانب    إلغاء المئات من الرحلات الجوية في أمريكا في ظل الإغلاق الحكومي    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    جامعة كفر الشيخ تستقبل طلاب ريادة الأعمال الجدد وتكرم المتميزين    محافظ الإسكندرية يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 ويدعو للمشاركة الإيجابية    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للإطمئنان على حالتهم الصحية ويوجه بالمتابعة اللحظية وتسخير كافة الإمكانيات الطبية    محكمة بباريس تعلن أن ساركوزي سيُفرَج عنه تحت المراقبة القضائية    بعد تصريحاته في الجزائر.. شاهد اعتذار ياسر جلال للمصريين: كنت غلطان    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    فيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    بدور القاسمي تشهد إطلاق كتاب الشارقة: عاصمة الثقافة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    «درس أرنولد ومعانقة الذهب».. قصة ظهور زيزو الأول ضد الزمالك    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    الزمالك يترقب القرار الرسمي من فيفا لإيقاف القيد بسبب قضية ساسي    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تيك توكر في مالي تُعدم علنًا بتهمة التعاون مع الجيش    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات على الوجهين القبلي والبحري    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.حلمي الحديدي: زوروا الانتخابات ضدي واستولوا علي أرضي ومنعوني من إنشاء حزب معارض!

عرفت الرجل منذ ثلاثين عاما.. كان ذكي المقام والقامة.. ذكيا في حركته المعارضة كقيادي في حزب العمل.. ثم أصبح أكثر ذكاء في نشاطه المعارض داخل الحزب الوطني.. وعندما أصبح وزيرا للصحة كان معارضا داخل الحكومة.. أحس وقتها أن الأمور داخل نظام مبارك تسير في اتجاهات خاطئة.. فأحس بالخطر منذ سنوات بعيدة.. ورغم ذلك شارك في اللجنة البرلمانية التي طالبت مبارك بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية.. وكانت شروطه تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية - وهي مبادئ ثورة يناير التي نعيش تداعياتها الآن - فلم يستجب مبارك وقتها.. فانسحب.
ورغم انسحابه تعرض لعقوبات عنيفة، واستمر انسحابه ربع قرن، وبعد نجاح ثورة التحرير عاد لنشاطه السياسي.. إنه د. حلمي الحديدي - أستاذ طب العظام - حملت أسئلتي وجلست أستمع إليه.. فوجدته أكثر شبابا وحيوية مما كان.. ووجدته أكثر ذكاء في آرائه بعد أن صقلتها تجارب السنين.. وكانت إجاباته صادمة في وضوحها وقدرتها المثيرة علي تعرية الكثير من الأسرار.. باحترام.. واستمتعت بالحوار معه.. ربما لذلك أنقل إليكم أهم التفاصيل.
• الباحث عن الحرية
• كنت معارضا.. وقياديا في الحزب الوطني.. ووزيرا أثار جدلا.. ثم صمت ربع قرن.. وبعد ثورة يناير عدت للنشاط السياسي.. إيه حكايتك يا دكتور؟
- حكايتي حكاية مواطن مصري يبحث عن الحرية وسط جو مليء بالضباب.. في البداية كنت قياديا في حزب العمل، وكنت سعيدا بنشاطي السياسي المعارض لفترة، ولكن حزب العمل افتقد تدريجيا الديمقراطية داخله، ثم تحول إلي حزب ديني.. وأنا اعترضت علي هذا.. فتركت الحزب.. واستمررت عضو مجلس شعب مستقلا لمدة ستة أشهر.. في هذه الفترة أخذت بنصيحة فلاح عجوز من دائرتي «فارسكور» قال لي: يا دكتور إنت بتعارض الحزب الحاكم حتي تصلح الأمور.. ما تدخل الحزب الوطني وتصلحه من داخله بدل ما مصالحنا متعطلة.. وطبعا واجبي أن ألبي مصالح الناس في دائرتي.. بعدها عرض علي من قيادات في الحزب الوطني أن أعمل معهم فوافقت.. فصدر قرار بتعييني عضوا في لجنة الصحة.. ثم أمينا مساعدا للحزب.. وحاولت أن أصلح الأمور.. لكن كانت الخناجر تصوب لي من كل مكان ولم يتركوا لي حتي فرصة لأشفي جراحي.. وكانت الشكاوي تقدم لرئيس الجمهورية والحزب ضدي بلا توقف.. بدعوي أنني معارض داخل حزب الحكومة.. وغير منتمٍ لفكر الحزب.. إلخ، وكان الرئيس مبارك في ذلك الوقت يرد عليهم قائلا: أنا عارف إنه معارض وأنا جايبه علشان هو معارض، وكان في تقديري كما ذكر لي في يوم من الأيام أنه بيحسن صورة الحزب بإدخال دماء جديدة غير مألوفة في الحزب الوطني.
• مجرد تحسين صورة وليس تحسين أداء؟
- هو كان يحسن صورة الحزب شعبيا، لكنه لم يعطني الفرصة إطلاقا، بالعكس وجدت الخناق يضيق علي حتي وأنا وزير في الحكومة، لذلك وبعد ستة أشهر فقط من عملي وزيرا للصحة طلبت في مارس 1986 أن أعفي من منصبي الوزاري.. فطلب مني رئيس الجمهورية أن أنتظر حتي نوفمبر فعرفت أن تعديلا وزاريا سيحدث في هذا الشهر.. وهو ما حدث وخرجت من الوزارة.. وأبلغني الرئيس عن طريق سكرتيره أنه حقق لي طلبي.
• في هذه الفترة ما تقييمك للعمل داخل الحزب الوطني؟ هل كانت هناك إيجابيات أم أن كل الأمور كانت سلبية؟
- بصراحة كان فيه بعض الأعضاء ممتازين، لكن لم يكن لهم دور كبير.. وصوتهم غير مسموع، وكان أغلبية الأعضاء علي خلاف ذلك، بصراحة كان مبارك - الرئيس السابق - في سنوات حكمه الأولي جيدا جدا.. وكان مستمعا جيدا.. وكانت فترة جيدة.. لكن السلطة المطلقة تعمي وتفسد.. والشللية والحاشية المغرضة تستطيع أن تفسد حتي الملاك!..لذلك اتجه مبارك للسير في اتجاهات خاطئة وانفصل عن الناس.. وكانت ثورة يناير.
• ألم تتعرض للمشاكل نتيجة موقفك المعارض خارج الحزب الوطني وداخله؟
- طبعا، فقد تم إسقاطي في الانتخابات عمدا مع سبق الإصرار والتزوير، ورفعت قضية وحصلت علي حكم بأن التزوير كان فاضحا وواضحا، ورغم ذلك منعت من دخول مجلس الشعب فرفعت قضية أخري وحصلت علي أكبر تعويض حتي الآن.. وكنت قد اشتريت أرضا صحراوية ناحية بني سويف لابني وكانت عشرة أفدنة من مصلحة الأملاك الأميرية ودفعت ثمنها من مالي الخاص من عملي كطبيب وأستاذ في كلية الطب وحتي قبل أن أدخل مجلس الشعب أو أن أكون وزيرا.. فوجئت بضمها لمشروع مبارك لشباب الخريجين، وتم الاستيلاء علي الأرض ودمروا كل شيء.. أشجار الزيتون وحظائر الماشية والمباني وغيرها ومنعوني من تولي منصب رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الأدوية وأخرجوني من مجلس الشوري.. ومنعت مرتين بالتزوير من أخذ حقي في عضوية مجلس الشعب عايز إيه عقوبات أكتر من كده؟!
• حكومة القرابين
• هل هذه العقوبات هي السبب في صمتك لمدة ربع قرن؟
- لا، أنا سكت لأنني كنت أمر بأزمة ثقة في النظام السابق وفي طريقة إدارته للبلد، لذلك فضلت الانسحاب والصمت، خصوصا بعد أن اعترضت علي الاتحاد الرباعي بين مصر والأردن واليمن والعراق.. وقلت هذا الاتحاد يحمل بذور الفشل وشرحت أسبابي.. وجاءني الرد يحمله أحد الأشخاص الذي قال لي كلمة واحدة هي «اتلم» أو شيئا من هذا القبيل.. بعدها انشغلت بأسرتي التي كنت قد أهملت شئونها لانشغالي بالعمل العام.. وانشغلت بهوايتي وهي استصلاح الأراضي، كما انشغلت بالطب والتدريس في الجامعة.
• ألم يشفع لك أنك شاركت في لجنة مجلس الشعب التي رشحت مبارك رئيسا؟
- لا، لم يشفع لي، لأنني عندما طالبت بترشيح مبارك طالبته بعدة أشياء أذاعتها وقتها كل أجهزة الإعلام، طالبته بالأمن والأمان لكل مواطن مصري داخل بلده وخارجها.. وطالبته بالحرية والديمقراطية.. وقلت له: أنا من حزب معارض وبرشحك بشروط من أجل مصر وبقولك شروطنا هي دي،
• الشروط التي طرحتها منذ نحو ثلاثة عقود هي تقريبا مبادئ ثورة يناير.. هل كنت تستشرف هذه الثورة؟
- القصة ليست ثورة يناير أو نظام مبارك، القصة هي الحقيقة التي لا يختلف أحد عليها، وهي أن الطريق السليم لتحقيق مصلحة مصر هو طريق الديمقراطية الاجتماعية والحرية واحترام حقوق الناس وألا يهان مصري داخل بلده أو خارجه وأن نضيق الفجوة بين الأغنياء والفقراء والاتفاق علي تحقيق هذه المبادئ يجب أن يجتمع عليها المصريون ويصرون علي تحقيقها لأنها مبادئ الحياة الكريمة.
• ومن يخالف مبادئ الثورة سيلقي مصير الرئيس السابق أليس كذلك؟
- مصيره سيكون أسوأ ألف مرة من مصير مبارك، لأنه باختصار عدم تحقيق مبادئ الحياة الكريمة للمصريين سيؤدي إلي ثورة جياع، وفي رأيي ثورة يناير أنقذت مصر من ثورة الجياع، وإذا لم تحدث سيكون علي ثورة يناير أن تصحح نفسها بثورة تالية.
• بعد الثورة.. كيف تري المشهد السياسي؟
- المشهد الآن يغلفه الضباب وعدم الفهم وحوار الطرشان.. هناك من يتكلم ويطالب.. وهناك من لا يسمع أو يستمع ولا يستجيب.. مثلا الثورة قامت لتحقيق أشياء كثيرة منها الحريات العامة ومنها حرية تشكيل الأحزاب فماذا حدث بعد الثورة فوجئنا بصدور قانون الأحزاب، وهو أسوأ من القانون الذي صدر أيام مبارك لأنه أيام مبارك كان القانون يشترط توا فر ألف توكيل لتأسيس الحزب وقبلها كان العدد أقل.. الآن القانون الجديد يشترط خمسة آلاف توكيل من المواطنين في عشر محافظات مختلفة، وأنا أتحدي من أصدر هذا القانون أن ينزل الشارع ويجمع مائة توكيل فقط بدون أن يدفع ثمنها ويستغل فقر الناس.. شرط الخمسة آلاف توكيل أجبر من لا يملك المال - وهم الغالبية الصامتة - علي عدم التفكير في تشكيل أحزاب تمثلهم، وبذلك اقتصر أمر تشكيل الأحزاب علي من يملك المال وهم الأغنياء.
• هل منعت أيام مبارك من تكوين حزب؟
- فعلا هذا ما حدث، أيام مبارك حاولت أنا وممتاز نصار نعمل حزب ومبارك طلبنا وقابلنا كل علي حدة وقال لي: أنا مش عايز الحزب ده.. وعندما حاولت أنا وأحمد بهاء الدين وعلي الدين هلال وسعد الدين إبراهيم ومحمد شريف وغيرهم نعمل منتدي الفكر المصري مبارك قال: أنا مش عايز الموضوع ده، حاولنا كثيرا وبكل الطرق أن ننفس عن أفكارنا ونخدم بلدنا وقلنا: طيب نكتب أفكارنا ونبعتها للرئيس بدون نشر.. يمكن يقرأها وكانت الإجابة: لا!.. الآن لا يمنعك أحد من تكوين حزب لكن القانون وضع شروطا تعجيزية!
• في إطار حديثك هذا ما تقييمك لأداء الحكومة؟
- أنا مع احترامي الشديد لكل وزير منهم وحبي لهم، لكنها ليست حكومة «خالص».. وما حدث في دمياط وفي ماسبيرو وفي أسيوط وفي كل الأحداث والاحتجاجات التي عايشناها كانت الحكومة تكرر نفس السيناريو تصمت في البداية، وعندما تشتعل الأحداث ويسقط شهداء ومصابون تبدأ في التحرك وكأنه مطلوب تقديم قربان من الدم حتي تصدر الحكومة القرار الذي يطالب به الناس وكأن الحكومة تقول للناس أنها لن تعمل لكم حاجة إلا إذا كسرتم وحرقتم وقمتم باحتجاجات ومصادمات ونزفت الدماء!
• هل تقصد أن الحكومة بصمتها تدعو الناس للاحتجاجات؟
- هذا ما أقصده، لأن الحكومة لا تصمت إلي الأبد، ليتها تفعل ذلك، لكنها تصمت إلي أن تشتعل الأمور وتنزف الدماء بعدها تستجيب، هذا خطأ، والأخطر منه أن الاحتجاجات الفئوية هي نتيجة عدم التواصل مع الناس من البداية وحل الأزمة في بدايتها ووأد الفتنة في مهدها قبل أن تستفحل الأمور وتنزف الدماء، يعني لازم نقدم قرابين دم حتي يصدر القرار.. صحيح الحكومة الحالية ظروفها سيئة ومهمتها محددة، لكن قراراتها متضاربة وفي غير وقتها.. وبتعمل حاجات كتير غير مفهومة، عملوا استفتاء علي دستور ملغي، وعدلوا في الإعلان الدستوري اللي هما عاملينه علي مواد لم يتم الاستفتاء عليها، يعني خالفوا الاستفتاء، عملوا قانون للأحزاب أسوأ من قانون مبارك حتي قانون العزل السياسي تأخر كثيرا ولم يصدر حتي الآن.. ونظام الانتخابات عندما تدرسه تجده عجيبا، لا هو مع إعطاء الأحزاب قوة، ولا هو ترك الأمر علي قديمه.. مصر بلد غني بأولاده وبثرواته، لكنه في خطر، وأنا أشعر بالقلق عليه.
• من أين يأتي هذا الإحساس بالخطر؟
- الإحساس بالخطر يأتي من عدم صدور القرار السليم في الوقت المناسب.. ومن عدم وضوح الرؤية.. إحنا كشعب عايزين إيه؟ ماحدش عارف بالضبط.. ليست لنا رؤية واضحة لدور المجلس العسكري.. ولا لدور الحكومة.. والناس لا تعرف هل هم يطالبون الحكومة بما لا تستطيع، وهل الحكومة تدعي القدرة علي ما لا تقدر عليه.. نتيجة لذلك تتزايد المطالب ولم يتحدث أحد من المسئولين إلي الشعب ليقول له هل نحن أغنياء أم فقراء، ولم يسع أحد من المسئولين إلي حشد الشعب حتي «نلم» البلد ونشتغل بجدية.. ولم يشرح أحد للناس مثلا حجم الخسائر المترتبة علي أحداث دمياط أو غيرها.. ولم يجلس أحد مع المحتجين في بداية أي أزمة للاستماع إلي شكاواهم والتفاوض علي حلها.. أهم شيء هو التواصل الشعبي؛ لذلك أنا شخصيا أشعر إنني أتحرك في ضباب لا أحد يعرف من المسئول عن ماذا.
• ثورة الجياع
• كنا دائما نقول أن الشعب المصري لا يثور ولكنه فعلها في يناير ولكن في ظل تزايد هذه المخاوف هل الشعب جاهز لثورة جديدة؟
الثورة ليست في حاجة إلي التجهيز أنت تثور لأنك غير راض عما يحدث والناس غير راضية لذلك أخشي من اندلاع ثورة جديدة لتصحيح مسار ثورة يناير أو اندلاع ثورة جياع سيحدث ذلك إن لم يتدارك المصريون الأمر ويبدأوا السير في الاتجاه الصحيح وهو في رأي أنه لا شيء يعلو علي مصلحة مصر واللي يمشي عليك يمشي عليا ومافيش حاجة اسمها شلة أو جماعة أو حزب يفرض رأيه علي المجتمع كله لأننا جميعا نعمل بمساواة من أجل تحقيق مصلحة بلدنا ومصلحة أولادنا وأحفادنا ومن يضر بمصلحة مصر يعاقب بشدة وإذا سرنا جميعا في طريق تحقيق كل ما هو في مصلحة بلدنا يمكن تجنب المشاكل والاضطرابات.
• الشباب قاد الثورة ولكنهم الآن لا يملكون كيانات سياسية مؤثرة في الانتخابات ما رأيك في هذا الوضع؟
هذا من ضمن الأخطاء التي ارتكبناها في حق هؤلاء الشباب أخطأنا لأننا لم نعطهم الفرصة ليكونوا أحزابهم وقواهم السياسية الناس في مصر عملت ثورة فريدة.. ثورة بلا قيادة.. قيادتها فقط الحس الوطني الشعبي وكان عندهم أربع كلمات فقط: الحرية، الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وليس لديهم برامج للتنفيذ ولا أستطيع أن أطالب الشباب أن يكونوا جاهزين بعد نجاح الثورة لكل شيء، لأنهم لم يكونوا ثوارا بالمعني التقليدي ولم يكن لهم تنظيم وبرامج عمل وأفكار وكيان سياسي ليقفزوا علي الحكم والسلطة هم فقط شباب تلقائي قام بالحس الوطني الشعبي وتحرك وتحركت الناس معهم والآن راحت السكرة وجاءت الفكرة وذهبت نشوة النصر الأولي وانخلع مبارك وأصبحنا مسئولين عن إدارة شئون البلد.. نمشيها إزاي؟
المشكلة أننا اختلفنا حول أصغر التفاصيل وأكبرها وضاع كل شيء بسبب الاختلاف والعناد أو هو في طريقه إلي ذلك مجموعة تطالب بالدستور أولا... وأخري تصر علي أن تجري الانتخابات أولا... ومجموعة تطالب بتأخر موعد الانتخابات قليلا حتي يسترد الأمن قواه.... وتصر أخري علي إجرائها في موعدها.
باختصار نحن لا نعرف إلي أين نسير وهناك غموض غير مفهوم وأنا واحد من إللي مش فاهمين.
• يجري الآن الاستعداد للانتخابات القادمة في ظل تراجع دور الشباب وتنامي دور الأحزاب الدينية ما رأيك في هذا الوضع؟
- هذا جزء من الضبابية التي نعيشها كنت أتمني أن نشكل مجلسا رئاسيا مدنيا يضم بعض العناصر العسكرية.. ويبقي الجيش في ثكناته يحمي الثورة ويحمي البلد.. ونجري انتخابات لتشكيل لجنة دستورية تعمل لنا دستورا خلال ستة أشهر مثلا.. ويفتح الباب لحرية تشكيل الأحزاب بعشرين توكيلا أو أكثر لتظهر أحزاب كثيرة.. وخلال سنتين أو أكثر تموت الأحزاب التي ليس لها أساس فكري وقواعد جماهيرية ليبقي في مصر حزبان كبيران أو أكثر من الأحزاب الصغيرة... هذا ما كنت أحلم به ولكنه لم يحدث.
• الأحزاب التي تشكلت في ظل نظام مبارك كنا نسميها أحزاباً ورقية ما رأيك في الأحزاب التي تشكلت بعد الثورة؟
- أغلب هذه الأحزاب هلامية لأن من أسسها هو فقط من يملك المال أو يستطيع الوصول إليه والسبب في ذلك أن قانون الأحزاب الجديد اشترط لتكوين الأحزاب وجود عشرة آلاف توكيل من عشر محافظات وثمن شراء التوكيل من تجار التوكيلات 200 جنيه في المتوسط وهو أمر يحتاج إلي مبالغ ضخمة وشراء مقر رئيسي للحزب يتكلف مبالغ ضخمة وتأمين أجور موظفي الحزب يحتاج أيضا إلي مبالغ ضخمة ونشر برنامج الحزب في الجرائد يحتاج إلي مبالغ أخري.
أغلب من أسسوا الأحزاب لا يعرفون شيئا عن أصحاب التوكيلات التي أقام الحزب علي أساسها لأنها في أغلبها أحزاب غير حقيقية وأصدقك القول أننا بقانون الأحزاب الجديد أسأنا للحياة الحزبية في مصر لعشرات السنين القادمة.
• مش فاهم
• أعلنت عن تأسيس حزب سياسي ولكنك توقفت لماذا؟
- أنا جاهز بهذا الحزب ولا أريد أن أتقدم بطلب تأسيسه الآن.
• لماذا.. هل لأنك لا تملك المال اللازم؟
- نعم لا أملك المال والناس إللي معايا فقراء من عامة الشعب ومن الكتلة الصامتة التي لم يكن بيدها شيء.. هؤلاء هم من سيشكلون الحزب وسيكونون المسئولين عن نموه وحركاته ومستقبله وهم لا يملكون المال، فقط يملكون أفكارا وأحلاما وهناك مشكلة أخري أن المناخ السياسي السائد الآن لا يعجبني.. يعني مثلا أجلت تأسيس الحزب حتي لا أضطر إلي المشاركة في الانتخابات القادمة.. لأنني غير موافق علي كل الإجراءات التي اتخذت لإجراء هذه الانتخابات.. ولي رأي في ذلك ولا أريد أن أفرض رأيي علي أحد.. لذلك توقفت.. المشكلة أنني مش فاهم يمكن بعد شويه أبقي فاهم وقتها سأتقدم بطلب تأسيس الحزب.
• ما تصورك للمعركة الانتخابية التي يجري الاستعداد لها؟ هل تزيد من مخاوفك؟
- أنا قلت بصراحة أنا مش فاهم.. ومع ذلك رأيي أن المعركة القادمة «طبخة» لم تنضج بعد.
• كيف؟
- الأسباب التي أدت إلي ذلك كثيرة، منها أن المناخ سييء وسيؤدي إلي نتائج أسوأ.. هذا بالإضافة إلي أن الشباب لن يكون لهم دور مؤثر في هذه الانتخابات.. وأن الفلوس ستلعب دورا كبيرا فيها.. والفلوس موجودة مع ناس معروفة.. والبلطجة موجودة.. والخوف موجود.. وتجار الانتخابات مثل تجار التوكيلات موجودون.. معني هذا أنني إذا شاركت سأكرر نفس الطبخة
• دائما هناك مشكلة ما في علاقة السلطة بالشعب.. أنت قلت أن مبارك كان جيدا في بداية حكمه ولكنه اتجه اتجاهات خاطئة وانفصل عن الشعب فقامت ثورة يناير.. الآن كيف تري هذه العلاقة؟
- أصل الأمور أن الشعب وحده هو صاحب السلطة.. ويمنحها عبر الانتخابات لمن يختار.. وإذا اقتنع أي مسئول بذلك تماما لا يستطيع أن يتجه اتجاهات خاطئة.. وإذا الشعب صاحب السلطة اختار من يحكمه أو يمنحه السلطة عبر انتخابات جيدة وفي ظل مناخ جيد.. كل هذا سيفرز حاكما جيدا.. أما إذا حدث العكس وجرت الانتخابات في ظروف سيئة وكان المناخ سيئا من الطبيعي أن يفرز كل هذا حاكما سيئا وستكون النتائج أسوأ مما نتخيل.. وأرجوك ما تقوليش كلام تاني.
• سؤال أخير.. كيف تستعيد مصر دورها الإقليمي؟
- دور مصر الإقليمي ينبع من دورها الداخلي.. من دورة عجلة الإنتاج بقوة لتحقيق نمو متزايد.. ومن شعور كل مصري بأنه محترم داخل بلده وخارجها.. ومن شعور المصريين جميعا أن مصالحهم الشخصية تتحقق في إطار مشاركة الجميع في تحقيق مصالح مصر العليا.. وإذا شعر المصريون أن عائد عملهم سيعود عليهم جميعا بالخير سينتجون ويعملون بقوة أيضا لابد من وجود عدالة اجتماعية والعمل علي تضييق الفوارق بين الغني والفقير. ولابد أن تتواصل الحكومة - أي حكومة - مع الشعب وتتحاور معه بكل الوسائل.. أيضا لابد من وجود انتخابات لا تشوبها شائبة المال.. أو استخدام الدين في السياسة أو شائبة البلطجة أو التأثير أو التخويف أو استغلال فقر الناس أو شائبة العصا والجزرة.. وبس.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.