ماجد عطية يكتب : خبر غير دقيق وغير موفق صدر عن وزارة التخطيط حول مواجهة عجز الموازنة العامة للدولة.. الخبر يقول إن تمويل جانب من العجز سيتم تمويله من «المدخرات العائلية» في البنوك.. ومع أن الرقم الذي جاء في التقرير لا يتجاوز 01% من حجم المدخرات العائلية في البنوك إلا أنه أحدث قدراً من «الهلع» عند أصحاب الودائع خاصة صغار المودعين.. وفي إطار التصريحات غير المدروسة تبرز أشياء غريبة كأن تنشر الصحف أن رئيس الوزراء عصام شرف طلب من د. حازم الببلاوي وزير المالية «إعداد خطة لخفض التضخم».. أفهم أن يطلب رئيس الوزراء خطة لخفض الإنفاق.. لكن خفض التضخم كيف والبنك الدولي يعلن أن الأسعار ارتفعت 33% عن العام السابق ونحن نستورد 07% من احتياجات البلاد التموينية وسلع مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار.. أيضاً نحن نبحث عن زيادة الموارد لمواجهة عجز الموازنة ليصدر قرار استئذن وأقول قراراَ غبياً بتجميد عمليات التصالح الضريبي والتي أثمرت خلال العامين السابقين عن تحصيل 82 مليار جنيه.. ونحن الآن أمام مائتي منازعة ضريبية حول 34 مليار جنيه.. وكان وزير المالية الأسبق (وزير المالية الملعون الهارب) علي حد تعبير كاتب عمود في صحيفة قومية كبري.. مع أن هذا الوزير غادر البلاد من خلال صالة كبار الزوار ومودعاً من أمن المطار بكل التحية.. وزير المالية الأسبق أدرك أن القضايا أمام المحاكم يطول أمرها ولجأ إلي أسلوب التحكيم والتصالح لإنهاء هذه المنازعات وفتح صفحة جديدة لدافعي الضرائب مع المصلحة.. هل من تفسير لقرار التجميد والإلغاء..؟! - معاناة المدخرات العائلية؟ بلغ حجم المدخرات في البنوك حتي نهاية يونية الأخير حوالي 4,569 مليار جنيه وكانت 1,259 مليار في نهاية ديسمبر الماضي وإن كان معدل نمو هذه المدخرات تأثر سلباً خلال شهور ثورة يناير الخمسة حيث تراجعت الودائع بالعملة المحلية 3,01 مليار جنيه وأن المدخرات الدولارية ارتفعت عند تقييمها بالجنيه بسبب تغير سعر صرف الجنيه الذي اقترب من ستة جنيهات.. وتشكل المدخرات العائلية 56% من حجم المدخرات الكلية في الجهاز المصرفي. تعاني المدخرات العائلية من «قرارات» البنك المركزي الذي يصر علي «فائدة» متدنية لهذه المدخرات والتي تعتمد عليها الأسرة المصرية كثيراً إلي جانب المعاشات أو الموارد المحدودة.. ولايزال متوسط سعر الفائدة علي هذه المدخرات في حدود 5,5% ولا شأن لنا بالنسبة لأسعار السندات المحددة المدة بثلاث سنوات أو خمس سنوات وهي التي تتيح للبنوك ربحية أكثر. يقول البنك المركزي أن تحديد سعر فائدة منخفض لصالح تنشيط الاستثمار ولا داعي لأن نقول من تقارير ميزانيات البنوك إن سعر الإقراض يتراوح بين 41% و61% أحياناً.. ويقولون إن سعر الفائدة المنخفض يتم لصالح تمويل عجز الموازنة والسعر المفروض علي أذون الخزانة وسنداتها يتراوح من 5,9% وأحياناً 11%.. إذن أين يذهب الفرق الكبير بين الفائدة لأصحاب الودائع وبين المقترض.. يذهب أرباحاً غير شرعية للبنوك. إن زيادة الفائدة 1% فقط يعني زيادة دخل الأسرة المصرية أكثر من سبعة مليارات جنيه يمكن أن تحل مشاكل كبيرة لدي الأسرة، فضلاً عن أن نزولها إلي الأسواق يحدث انتعاشاً يؤثر في دوران عجلة الإنتاج وامتصاص البطالة. أما كيف نواجه عجز الموازنة.. لا أقترح، ولكن أنقل تجارب مصرية لعلها تلقي القبول ولا تلقي الرفض لأن الوزير الأسبق كان صاحبها.. ولأن رئيس الوزراء الراحل كان بطلها.. في مستهل عملية الإصلاح الاقتصادي عام 2991 طرح البنك المركزي أذون خزانة سياسة الدكتور عاطف صدقي رحمه الله بأسعار بدأت ب 61% وارتفعت إلي 02%.. وحققت الخزانة العامة أرقاماً تعدت العجز مرتين.. ولكن حققت ما هو أفضل إذ استطاعت تكوين احتياطي نقدي لأول مرة في تاريخ البلاد بلغ 22 مليار دولار.. وكان رئيس الوزراء نفسه قبل ذلك بعامين فقط قد طلب من البنوك شراء مائتي مليون دولار من السوق السوداء لمواجهة دين أمريكي مستحق.. الأمر الذي جعل رئيس الوزراء يطلب ترقية الخبير الصغير إلي منصب «وزير دولة». - .. مواجهة حديثة جداً منذ ثلاث سنوات فقط طرح وزير المالية الأسبق من خلال بنكي الأهلي ومصر أذونات لمدة ثلاث سنوات بسعر فائدة 21% وتحت تغطية المطلوب أكثر من مرة.. ولا أعلم لماذا خفض السعر إلي 9% بتعليمات المركزي.. مع أن التجربة أغرت شركة قطاع؟ لأن تعلن عن سندات بذات السعر وتتم تغطيتها ثلاث مرات لصالح أوراسكوم.. ولا أعرف لماذا يعلن البنك المركزي عن أذونات جديدة بسعر 31% يخصم منها ضرائب لتصل إلي 6,01%.. ولا أعتقد أن هذه السندات ستلقي الإقبال القوي.. قال البعض إن سعر الفائدة المرتفع يؤدي إلي سحب جانب من مدخرات البنوك لصالح الأدوات الجديدة.. حتي إن كان ذلك صحيحاً.. فإنها بالضرورة ستدفع بحجم آخر من «تحت البلاطة» يزيد من أرقام السحب محل التخوف.. - تجربة أمريكية لسنا وحدنا الذين نلجأ إلي سعر فائدة متميز، ففي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي لجأت أمريكا إلي سعر فائدة مرتفع جداً وصل إلي 02% علي مدخرات الدولار بهدف دعم الدولار في السوق العالمية وبهدف آخر أكثر أهمية وهو استمرار الدولار كعملة احتياط دولية.. ويشكل الدولار 06% من حجم الاحتياطي النقدي لدول العالم. - من الأول.. ومن الآخر المدخرات المصرفية هي ملجأ الحكومة سواء في شكل أذونات أو سندات لمواجهة ليس عجز الموازنة فقط بل أيضاً تدبير احتياجات الاستثمار.. وهذا الأمر وارد منذ عشرات السنين.. ورغم أن صاحب المدخرات ليس طرفاً لأن البنوك ضامنة لهذه المدخرات ولا أحد له حق السحب والإيداع في أي وقت سوي صاحبها وإن كانت البنوك هي المستفيد الأول من هذه المدخرات عن طريق الإقراض قصير الأجل أو طويل الأجل.. والأمر يختلف بالنسبة لأقوال التأمينات الاجتماعية فتلك قصة أخري تختلف عما تلوكه بعض الأقلام بغير معرفة وبغير علم.