أجمل ما في أفلام العيد أنك لن تحتاج لأن تفكر في تحليل فيلم أو وضع رؤية نقدية لأن هذه الأفلام لا تسمح لك سوي باستخدام أفضل ما في جعبتك من ألفاظ نابية لأنه لا يوجد غيرها لكي تصفها به. الملاحظ أن هذه الأفلام التي ظهرت بعد فترة قصيرة من ثورة 25 يناير وبلا عمق كانت أقرب للسذاجة، وخير دليل علي ذلك هذا السفه السينمائي الذي يتجسد في «شارع الهرم»، «أنا بضيع ياوديع»، وهو ما يجعلنا نتساءل: إلي أين تتجه بنا السينما القادمة؟! المنتج «محمد حسن رمزي» يقول: في رأيي أن بوصلة السينمائيين ستتجه إلي عمل أفلام بعيدة عن السياسة، فنحن نحتاج إلي أفلام اجتماعية وأكشن واستعراضية، وأنا كموزع ومنتج أبحث عما يعجب الجمهور، وجمهورنا اليوم يريد أن يضحك لأنه صُدم من التصرفات التي يراها اليوم في الشارع وأصبحنا لا نتحدث سوي في السياسة فقط لا غير. يضيف الناقد «د. وليد سيف»: ما يحدث اليوم في السينما المصرية هو نتاج طبيعي للتخبط الذي يعيش فيه المجتمع، فالسينما بشكل عام بنيانها الاقتصادي ضعيف ولا تقف علي أرض ثابتة فلا توجد بنية أساسية للصناعة، وهو ما يمثل نقصاً واضحاً في هذا الاتجاه، خاصة أن تفكير المنتجين لدينا قصير المدي وليس بعيد المدي، فمع أنه لدينا سوق كبيرة، لكن ليس لدينا كيانات إنتاجية كبري، حتي لو كان لدينا كيانات احتكارية إلا أنهم تحولوا إلي دكاكين صغيرة تنتظر المواسم مثل العيدين ليهبطوا بأفلامهم عليها دون التفكير لا في بُعد فني ولا في بُعد اقتصادي. كما أن السينما في أيامها الأخيرة افتقدت إلي النجوم الحقيقيين الذين هم وقود الصناعة، كما أنني ألاحظ وجود فجوة بين السينما والفكر فنحن الآن نصنع سينما سطحية بلا عقل، رغم أنه في فترتي الخمسينيات والستينيات كانت أهم ما يميز السينما هي سينما الأدب التي استقطبت الكثير من الأدباء والروائيين للنهوض بها وبذوق الجمهور أما الآن فالحال تبدل وأصبح كل ما يهم المنتجون هو جمع المال بصرف النظر عن مصلحة الجمهور أو السينما كفن يرتقي بأذواق الناس. «إسعاد يونس» قالت: «المسألة لا تحتاج للتنظير في المرحلة القادمة، الآن أصبح لدينا منظرون كثيرون، كما أن الناس قد شبعوا حديثا عن السياسة وأصابهم الملل، ولم يحدث أن أفلام العيد قد أتت بسذاجة أو بسطحية لأن هذا كلام ليس منطقياً، فأفلام العيد لا تخضع لأن تكون بشكل واحد تظهر عليه جميع الأفلام في توقيت واحد وبنفس النوع كما أن كل منتج له توجهاته وكل شركة ولها سياستها الإنتاجية، ولابد أن تظهر جميع أنواع الأفلام في السينما، ولا يمكن أن يتم التحديد بنوعية معينة». فيما يري المنتج والسيناريست «د.مدحت العدل» أن «السينما المستقلة هي الحل» لأن تتجه بوصلة السينمائيين للاتجاه الصحيح.. وعن هذا يقول: قبل الثورة كان هناك نوع من أنواع الاقتراب من السينما المستقلة، خاصة أن معظم الأفلام ذات الإنتاج الضخم والإمكانيات الكبيرة لم تأت بمحصلة إيرادات ضخمة من سيطرة النجوم علي مقاليد العملية الإنتاجية، وصناعة السينما تحتاج إلي ثورة حقيقية في الأيام المقبلة ليصبح مسار الإنتاج السينمائي والنهوض به ليتغير وجه السينما إلي الأفضل خاصة أن صناعة السينما كانت تعاني من تدخلات الشركات العربية في عملية الإنتاج، والذين لم يكن يفرق معهم سعر الفيلم المصري، فمات الفيلم المصري في السوق العربية ولهذا السبب أغلق عدد من الشركات المصرية أبوابها. الأمل في جيل الشباب الذي أصبح مطلعاً علي السينما العالمية وبالتالي فالظروف مهيأة له لإحداث عملية تغيير جذرية في السينما، ولكن علينا أن نصبر علي الجمهور حتي نرتقي بذوقه الذي لن يتغير بين يوم وليلة ولكن المشكلة أنها أفلام لنجوم كبار مثل أحمد السقا وعادل إمام.. وبوصلة السينمائيين اليوم في رأيه ستتجه لاتجاهين، الأول إنتاج فيلم مستقل مثل «هيلوبوليس»، والثاني إنتاج فيلم قليل التكلفة مثل «شارع الهرم» وهو الأقرب لمصطلح أفلام «المقاولات». يضيف «العدل»: لكن أجد أن الكفة ستنحاز أكثر للاتجاه للسينما المستقلة، سواء أكان هذا الاتجاه ستتخذه كيانات كبيرة أو العكس فستظهر أفلام محترمة مستقلة ذات جودة فنية عالية مثل حاوي، وقد أغلقت شركات الإنتاج الكثيرة أبوابها في الفترة الأخيرة بسبب نظام النجم. الذي كان يقوم بالتدخل والسيطرة في تحديد شكل العمل وأجره واختيار المشاركين معه في البطولة مما يضعف من جودة الفيلم والتحرر.. ليس معني هذا أن نظل ندس له السم في العسل بل علينا أن نصحح من أوضاع السينما ونبدأ في التغيير حتي نسرع في عملية إصلاح الذوق العام ونصنع سينما جديدة تحترم عقلية المشاهد لا غرائزه.