من الأقوال المأثورة بعد الثورة أنه لو لم تقم ثورة 25 يناير لقامت ثورة الجياع.. لكن بعد مرور ثمانية أشهر علي الثورة بكل ما فيها من انفلات أمني وسرقة بالإكراه وسطو مسلح وتثبيت المواطنين في الشوارع لتسير البلطجة في جميع أنحاء الجمهورية. أضف إلي ذلك انعدام الرقابة علي أسعار جميع أنواع السلع التي ارتفعت بشكل جنوني بدون رابط أو ضابط - هذا بخلاف الاعتصامات الفئوية وتجمهر كل من هب ودب. في وسط هذا المناخ نجد الحكومة عاجزة عن مواجهة أي أزمة أو الوقوف ضد المخالفين من ضعاف النفوس الذين استغلوا زعزعة القانون ليمارسوا مخالفاتهم سواء في البناء أو التعدي علي الأراضي الزراعية. ويكفي نظرة علي عناوين بعض الأحداث التي وقعت مؤخراً وتم نشرها في جريدة واحدة في يوم واحد وتنذر بكوارث قد تحيق بمصر - لا قدر الله - منها اشتباكات بين أهالي مدينة السلام وموظفي محافظة القاهرة للحصول عنوة علي وحدات سكنية - إصابة 25 شخصا بينهم ضابطا شرطة في مشاجرة بالمولوتوف بالجمالية - معركة بالأسلحة النارية بعزبة أبوقرن بمصر القديمة - مصرع وإصابة 14 شخصا وإحراق سيارتي شرطة وتحطيم نقطة مرور. شكاوي واستغاثات من أبناء المحافظات بسبب مشاكل المياه والصرف والقمامة بلا مجيب.. امتناع المسئولين عن إزالة المخالفات أو التصدي للجرائم التي ترتكب كل يوم في الشارع المصري ورغم هذا الغليان والانفلات في الشارع المصري نجد الصفوة من السياسيين والمثقفين يتنقلون من قناة فضائية لأخري يتفوهون وينظرون حول المبادئ الدستورية والانتخابات والمحاكمات تاركين ومتناسين هموم الشعب الحقيقية وهي المأكل والملبس والمسكن والعمل.. الذي لم يجد بعد الثورة ما يخلصه من معاناته في عصر مبارك بل وزاد عليها غياب القانون وفرض شريعة الغاب للأقوي والأعلي صوتاً ومن يحمل سلاحاً. من المفارقات الغريبة أن أفضل ما في الشعب المصري خرج في 18 يوما الأولي من الثورة وبعدها خرج أسوأ ما في الشعب المصري..الصورة بهذا الشكل تنبئ بمؤشرات اقتراب ثورة الجياع والبلطجية.