«نهايتك علي يد السوايسة» مقولة ترددت كثيرا ومنذ سنوات طويلة نسبت إلي إحدي العرافات التي وجهتها إلي الرئيس السابق حسني مبارك حينما طلب منها قراءة الطالع! كانت تلك الكلمات ردا بسيطا علي علامات استفهام لماذا يرفض «مبارك» زيارة السويس ؟! .. رغم أنه زار طوال 30 عاما من حكمه جميع محافظات مصر من شرقها إلي غربها إلا بلد الغريب. من السويس سقط مبارك، حيث جاءت ثورة 25 يناير لتثبت صدق هذه العبارة بغض النظر عن كونها خرافية أو واقعية .. وكانت شرارة الثورة من أرض الشهداء وقدمت 32 شهيدا من أجل أن تنعم مصر بنسيم الحرية الذي افتقدته منذ زمان طويل .. وإن كان ذلك ليس غريبا علي أبناء السويس فالتاريخ القديم والحديث يسجل في صفحاته كمًا من التضحيات التي قدمها أبناؤها لحماية الحدود الشرقية لمصر منذ الفراعنة ووصولا إلي حرب أكتوبر عندما تصدي السوايسة حاملين أسلحة خفيفة وبدائية للدبابات والمجنزرات الإسرائيلية في 24 أكتوبر عام 73 ووقتها قرر الرئيس السادات أن يكون هذا اليوم عيدا للمقاومة الشعبية في مصر. وأثبت التاريخ أن الشخصية «السوايسة» ثائرة بطبعها ترفض أشكال الظلم والقمع خاصة في الأمور السياسية، ووقفت كثيرا أمام عمليات تسلط الأنظمة الحاكمة، ونذكر في السبعينيات، وعندما كان الرئيس السادات في قمة تألقه بعد انتصار أكتوبر أراد أن يساند أحد المرشحين في الانتخابات البرلمانية، ووقتها رفض السوايسة» فرض الوصاية عليهم وإجبارهم علي شخص معين فتضامنوا لإسقاط هذا المرشح وسقط سقوطا مدويا .. وثار السادات وقتها وغضب ولم يجد وسيلة للرد عليهم إلا الإتيان به محافظا وأعلن عن عدم زيارته للسويس رغم أنه قد اعتاد صلاة عيد الفطر المبارك سنويا وسطهم. وكالعادة واصل أبناء السويس رفضهم لمرشحي السلطة والحزب الحاكم بقوة وعنفوان وأسقطوا 80% من مرشحي الوطني الحاكم في جميع الانتخابات البرلمانية. السياسيون والمتابعون يذكرون أن الثورة المصرية انطلقت في 25 يناير لكن الثورة السويسية انطلقت تاريخيا في 28 نوفمبر من العام الماضي، حيث خرج عشرات الآلاف من المواطنين يهتفون ضد مبارك ونظامه الفاسد ويطالبون بإسقاط النظام بعد أحداث التزوير العلانية في الانتخابات البرلمانية وظلت المسيرات تجوب الشوارع دون توقف .. حتي جاء يوم 23 يناير وقبل اشتعال ميدان التحرير بيومين لينظموا مظاهرة حاشدة يهنئون فيها الشعب التونسي بثورتهم ويؤكدون أنهم في الطريق. وفي 25 يناير كانت نقطة الانطلاق فخرج الآلاف من أبناء السويس من جميع الأحياء يستجيبون لدعوة الثورة ولديهم قناعة داخلية أن الوقت أصبح مناسبا لسقوط النظام الفاسد بعد سنوات من الظلم والقهر .. ويعلن مصطفي رجب أول شهداء الحرية عن تقديم روحه الطاهرة من أجل مصر، ومن وقتها استكمل الثوار مسيرتهم وعاد آلاف من أبناء مصر للميادين مرة أخري يرفعون علم السويس خفاقا في جميع ميادين مصر. ومن بعدها تنافس الأبطال في تقديم أرواحهم الطاهرة من أجل استكمال الثورة البيضاء. وتحولت السويس إلي العمود الفقري للثورة المصرية رغم ما يعانيه السوايسة من تجاهل إعلامي لكنهم أرادوا أن تعود الأضواء وتسلط عليهم مرة أخري فخرجوا إلي أشهر نقطة في العالم وهي المدخل الجنوبي لقناة السويس ليعلنوا أمام العالم أنه .. «من هنا كانت البداية .. وابتدا شعب السويس الحكاية» مع الاعتذار للعندليب عبدالحليم حافظ.