كتب د. سعد الدين إبراهيم فى المصرى اليوم بتاريخ 2/7/2011 متعجبا يقول إن الانتخابات النيابية المقرر لها سبتمبر 2011 كان تاريخها قد تحدد قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، والغريب فى الأمر أن يصمم المجلس العسكرى الأعلى والإخوان المسلمون على إجرائها فى التاريخ نفسه. كلنا يعرف أن هذا غير صحيح، ربما التبس الأمر على الدكتور سعد فى معرض محاولة إثبات نظرية معينة انتهى إليها فى تحليله للأوضاع الداخلية فى مصر. على أية حال أنا شخصياً لا أوافق على ما ذهب إليه د. سعد جملة وتفصيلاً بصرف النظر عن البناء التحليلى والمعلومات الافتراضية التى وردت بمقاله المعنون: هل هناك اتفاق بين المجلس العسكرى والإخوان؟ لم تكن الانتخابات المقررة قبل ثورة يناير انتخابات نيابية، ذلك أن الانتخابات النيابية كان تم تزويرها قبل عدة أشهر على نطاق غير مسبوق فى مصر وببجاحة غير معهودة لدرجة أن رموز الحزب الوطنى قالوا قبل إجراء تلك الانتخابات المشئومة لأعوانهم: لن نسمح بأن يسقط فى الانتخابات مرشح للحزب الوطنى وافق عليه الرئيس «المخلوع». يقول د. سعد إن الإخوان يتشبثون بالانتخابات النيابية فى سبتمبر المقبل بوصفهم القوة السياسية الأقدم، والأكثر تنظيما، لن أدخل فى مناقشة حول مدى صحة معلومات د. سعد عن الإخوان لكننى أرى الأكثر مناسبة أن نتحدث فى الظروف الوطنية بدلا من الوقوع فى فخ مقارنة خطط لها كاتب المقال للمقارنة بين موقفى كل من الإخوان والمجلس العسكرى. بداية دعونا نخرج تماما من جلباب الحزب الوطنى الذى استخدم ثلاث فزاعات طوال فترة حكمه هى الإرهاب والأمريكان والإخوان، الشاهد هنا أن استيلاء الإخوان على الحكم كان الفزاعة التى يستخدمها الحزب الوطنى بعد قضائه على كل القوى الأخرى الممكنة على الساحة المصرية، وكل الشخصيات التى يمكن أن تتصدى لحكم البلاد، حتى لا يبقى أمام الناس إلا جمال مبارك أو الجناح المتطرف من الإخوان بتاريخهم السياسى السرى المعروف. يشير د. سعد إلى أن المجلس العسكرى بالإصرار على تنفيذ برنامجه لاستعادة الحكم المدنى، يتيح الفرصة ضمنيا لجماعة الإخوان أن تستولى على الحكم، ويتساءل هل يعقل أن يتواطأ المجلس العسكرى مع من يحاولون اختطاف الثورة، الذين لم يسمحوا لشباب الإخوان بالمشاركة فى الثورة إلا فى اليوم الرابع منها وتحديدا يوم 28؟ فى رأيى أنه لو كان تأجيل الانتخابات سيأتى بجديد إيجابى على المستوى الحزبى لكنا أول من يؤيد تلك الدعوة لكن المتوقع أن استمرار تنازع الشرعية بين الحكومة الانتقالية وبين فصائل محدودة من الذين شاركوا فى الثورة سيحول البلد إلى فوضى. ربما كنا سندعم هذا الرأى لو أن الفترة الانتقالية سادها الهدوء وانصرف الناس إلى العمل، لكن الذى حدث غير ذلك، فكل مجموعة سياسية أو حتى أفراد أعطوا لأنفسهم الحق فى الحديث باسم الشارع المصرى، واستباحوا الشارع المصرى وحولوا ميدان التحرير إلى موقع لا يخضع لسيطرة الأمن، وبثوا دعاية واسعة لإغراء العامة بأجهزة الأمن وتلك خطيئة يدفع المجتمع كله ثمنها، كما طارد المتظاهرون القضاء يستعجلونه إصدار أحكام بالإعدام على بعض رموز النظام السابق المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين وهو ما يتنافى مع قواعد العدالة ويفتح باب فوضى لا حدود لها. من ناحية أخرى فإن شباب الثورة مازالوا بلا أحزاب أو موارد يخوضون بها الانتخابات، ولن يكون لهم ذلك إلا إذا بدأوا التفكير بطريقة سياسية وعملية، أما إذا استمروا فى رفض وجهات النظر الأخرى والتهديد بالاحتجاجات والاعتصامات فسوف يخسرون القاعدة الشعبية المتعاطفة معهم ومع مطالبهم، وأعتقد أن هذا بدأ بالفعل. أما عن الإخوان وما سيفعلونه إذا وصلوا للحكم فذلك قفز فوق النتائج وفوق الزمن، ولا يجب أن نخشى من الفزاعات ومنها الإخوان إذا استقر نظام سياسى بضمانات لا تسمح بالتلاعب بآلياته، وصدقونى أنا وغيرى نتوق لأن نتعرف على حقيقة العفريت داخل العلبة وهل هو طيب أم شرير، فلنفتحها ولنعده إليها إذا كان شريراً.