يبدو أن الدولة لم تطق صبرا على الاستغناء عن وزارة الإعلام بسبب الخلل والفوضى اللذين عما أرجاء المنظومة الإعلامية فأعادتها - حتى ولو كانت عودة مؤقتة - كما يقول البعض حتى تستقيم الأمور. بمجرد إعلان ترشيح «أسامة هيكل» وزيرا للإعلام أكد اللواء «طارق المهدى» القائم بتسيير أعمال اتحاد الإذاعة والتليفزيون أنه كان فى هذا المنصب مجرد مواطن يخدم الوطن وأنه مازال متمسكا بهذه الصفة، خاصة أنه لا تعنيه المناصب، فقد جاء لأداء مهمة محددة، وفى ظروف معينة، عندما ينتهى منها سيغادر إلى حيث جاء، ويؤكد «المهدى» أن هذا الإحساس هو الذى سيجعله حريصا على خدمة هذا المكان «ماسبيرو» رغم أنه لا يعلم إذا كان سيستمر فى مكانه لاستكمال مهامه أم سيغادر المبنى. ترشيح 0هيكل وزيرا للإعلام وإن كان هذا الاسم لم يكن غريبا على وزارة الإعلام حيث سبق أن تولاها فى نهاية الستينيات الكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل» الذى جاء عقب نكسة 67 وخلال حروب الاستنزاف وقاد المنظومة الإعلامية فى ظروف عصيبة هى تقريبا نفس الظروف التى جاء فيها «أسامة هيكل» لتولى الحقيبة الإعلامية مع اختلاف الحدث ما بين النكسة والثورة وما بين الهزيمة والانتصار وهو ما يعد تكريما لمهنة الصحافة بأن يتولى إثنان منها وزارة الإعلام على مدار تاريخها. اختيار «هيكل الثانى» لم يكن مفاجأة للمهدى والذى أكد لى أن الاسم تردد لهذا المنصب بقوة فى الأيام الأخيرة خلال الجلسات التى كانت تجمعه بمسئولين ولم يختلف عليه أحد من حيث الكفاءة المهنية أو طبيعة الشخصية رغم وجود «همهمات» تتعلق بصغر سنه إلا أن هذا لم يكن عائقا فى تأكيد الترشيح والاختيار. هيكل أكد لنا أنه التقى د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء فى العاشرة من صباح يوم الخميس الماضى لإبلاغه بالترشح للمنصب الجديد فى الوقت الذى رحب فيه هيكل بالمهمة رغم ثقلها، واستمر لقاؤه بشرف قرابة الساعة تحدثا فيها عن آليات إدارة المنظومة الإعلامية فى المرحلة القادمة على أن يقوم بحلف اليمين خلال يومين على الأكثر. الظروف خدمت هيكل كثيرا لأنه سيتولى المسئولية وماسبيرو أكثر انضباطا واستقرارا على الأقل من الناحية الإدارية والنفسية بعد أن بذل فيه اللواء طارق المهدى مجهودا كبيرا لوصوله إلى هذه المرحلة وإن كانت مساعيه مازالت مستمرة فى إنقاذه ماليا وهو العبء الذى سيشاركه فيه هيكل والذى أتمنى من خلالهما أن يتحقق الحلم بإسقاط ديون التليفزيون التى وصلت إلى 12 مليار جنيه ليبدآ مرحلة جديدة من أول السطر. هيكل أيضا سيستلم المبنى والكثير من الملفات قد وضع لها اللواء المهدى ضوابط فى محاولة لعلاج المشاكل التى بها وعلى رأسها ملف لائحة الأجور التى انتهى منها وفى طريقها لمكتب د. سمير رضوان وزير المالية لاعتمادها. المهدى الذى حاول جاهدا السيطرة على دفة الإعلام فى المرحلة السابقة أكد أنه لم يكن يسمح بوجود أية تجاوزات داخل المبنى وأنه قرر محاسبة المخطئ فور التحقق من خطئه آخر المخالفات التى أحالها المهدى للتحقيق كانت التجاوزات التى حدثت فى اختبارات المذيعين الجدد بقطاع الأخبار والتى غلبت عليها «الوساطة» وهو ما اتضح من خلال أسماء الذين تم اختيارهم من أبناء قيادات قطاع الأخبار ومنهم ابنة شقيقة وابنة شقيق ميرفت القفاص رئيس قناة النيل الدولية وسكرتيرة عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار سابقا فى حين تم رفض من هم الأفضل لعدم وجود وساطة لهم. أيضا من الملفات التى فتحها المهدى التحقيق فى مسح شرائط ثورة 25 يناير والمتهم فيها عبداللطيف المناوى وبعض أتباعه من قيادات ماسبيرو والعاملين فى قطاع الأخبار. أيضا طالب المهدى بتكوين لجنة لتقييم ضيوف البرامج الذين تكرروا على الشاشة كثيرا على أيام متتالية إلى جانب خلفياتهم الثقافية والسياسية المتواضعة التى تحرض ولا تقوم. هذا وقد حرص اللواء طارق المهدى على متابعته شخصيا لنقل أحداث مظاهرة أمس المليونية التى خرجت بهدف استعادة روح الثورة ومحاكمة رموز الفساد فى النظام السابق محاكمة رادعة من خلال الكاميرات التى تم توزيعها على المداخل السبع لميدان التحرير ومنها المتحف المصرى ومجمع التحرير وفندق رمسيس هيلتون إلى جانب الكاميرات الموجودة أعلى مبنى ماسبيرو بالإضافة إلى سيارات البث المباشر ونفس الشىء تم اتباعه فى مدينتى السويس والإسكندرية.