نجحت حملتنا التى لم تهدأ دفاعا عن الحق وعن المظلومين من أبناء التليفزيون - والتى مازالت مستمرة إلى أن يحدث تطهير كامل للمبنى ليبدأ صفحة جديدة بلا رتوش ولا تشويه ولا تضليل - تفاعلت مع احتقان أبناء شعب «ماسبيرو». هذا الكيان الإعلامى الضخم الذى امتد تاريخه لنصف قرن لم يشهد احتقانا مثلما شهده فى فترة تولى «سامى الشريف» لرئاسة الاتحاد - رغم قصر المدة التى لم تتعد ال 85 يوما بالتمام والكمال. سامى الشريف -الاحتقان الذى جاء نتيجة البؤر الصديدية الملتهبة التى انتشرت فى كيان الإعلام المصرى وكادت أن تدمره يتمثل فى التظاهرات والاعتصامات التى كانت جزءا من نسيج الثورة المصرية «الينايرية»، شارك فيها على مدار ال 85 يوما أكثر من 10 آلاف متظاهر من جميع القطاعات المختلفة بماسبيرو، حتى أبناء الإقليميات الذين جاءوا من مختلف محافظات مصر جميعهم لم يكن لهم هدف سوى رحيل «سامى الشريف» الذى رحل بالفعل اضطراريا مساء يوم الاثنين الماضى. كاريكاتير مصطفى سالم مساء الاثنين الماضى وحتى العاشرة مساء كان الشريف مازال فى مكتبه ومتمسكا لأقصى درجة بكرسى رئاسة الاتحاد، الذى حصل معه «فوق البيعة» على صك القيام بأعمال وزير الإعلام، وهو ما جعله يتشبث به لآخر نفس. هذا الانطباع لم يأت من فراغ، ولكنه عن معلومة نقلها لى بعض أساتذة كلية الإعلام - جامعة القاهرة - من زملائه، ومنهم د. «حسن عماد» - وكيل الكلية - الذى يقوم بتسيير أعمال العمادة حاليا بعد تجميد د.سامى عبد العزيز - عميد الكلية. حسن عماد أكد أنه عندما أشفق على «سامى الشريف» من توليه هذا المنصب قال له : ما الذى يجبرك على قبوله الآن فى ظل الظروف الصعبة الحالية.. فرد «الشريف» : كل ما يهمنى أن أكون وزيرا سابقا - باعتباره حصل على قرار التفويض والتوقيع على القرارات كوزير إعلام - إذن الكرسى هنا كان هو كل ما يهم «الشريف» وليس مصلحة البلد ولا إعلام البلد، أليس هذا أكبر دليل على أنه من فلول النظام البائد. «سامى الشريف» هو المسئول الإعلامى الوحيد على مدار تاريخ الإعلام المصرى الذى استقبلوه بزفة وودعوه بزفة، فعندما تم اختياره رئيسا للاتحاد بصلاحيات وزير إعلام قوبل هذا الاختيار بالرفض نظرا لعلاقته بالنظام الفاسد ونهجه نفس سياساتهم، وبدأت الحملات الهجومية ضده من الساعات الأولى لمجيئه مع الاستمرار فى المظاهرات وترديد الشعارات المناهضة له وبشكل يومى والتى وصلت فى مجملها إلى أكثر من 180 مظاهرة رددوا خلالها أكثر من 200 شعار - أغلبها متشابه - حتى الساعات الأخيرة لرحيله. اللواء طارق المهدى إقلاع الشريف2 من ماسبيرو - بعد أن سبقه فى الرحيل «الشريف1» وأقصد «صفوت الشريف» - ويبدو أن هذا الاسم لعنة على صاحبه - لم يكن إقلاعا مرتبا ومنظما أو معروفا أو محددا بمواعيد ثابتة - كما تقلع الطائرات أو صواريخ الفضاء بجداول زمنية - وإنما إقلاع «الشريف2»، جاء اضطراريا بعد حالة الهياج التى انتابت أبناء القنوات الإقليمية الذين أعلنوا اعتصامهم أمام مكتبه بالدور الثامن حتى تتم تلبية مطالبهم بإطلاق قنواتهم على «النايل سات» كل قناة بذاتها وعلى ترددها المستقل، ويبدو أن هذا الهياج وغيره من ثورات غضب العاملين المتكررة فى ماسبيرو كان بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، وكان أبناء الإقليميات هم المسمار الأخير الذى دق فى نعش «الشريف». الغريب أنه - «أى الشريف»- رغم حالات الهياج المتكررة والمظاهرات التى لم تهدأ منذ أن جاء إلى المبنى فإنه لم يفكر ولو للحظة واحدة فى تقديم استقالته، رغم إعلان حالة الكره والرفض والغضب من جميع العاملين والمطالبة برحيله - فعلا الإحساس نعمة - لدرجة أنه فى اليوم الأخير له بالمبنى جاء متأخرا فى تمام الخامسة مساء، وبمجرد أن عرف الإقليميون بقدومه تعالت الصيحات والشعارات المناهضة له وتم «التخبيط» على جدران الممر الخشبى الموصل إلى مكتبه بعنف، وبصوت يسمعه من يسير فى ميدان التحرير، وليس من فى مكتبه، لكنه لم يعر الأمر اهتماما، ولما زادت الصيحات والهتافات خرج، وأعلن للجميع أنهم مهما فعلوا فلن يرحل، وهو باق فى مكانه. هذه التصريحات استفزت الناس أكثر، فزادوا من حالة الهياج، إلا أنه بعد ساعة من إطلاق تصريحاته، يبدو أنه اهتز نفسيا من الأصوات العالية من الجموع الحاشدة الذين زاد عددهم على 300 فرد، فبدأ استخدام وسيلة المساومة، وأرسل بعض أعوانه فى محاولة للتأثير على بعض المتظاهرين وإثنائهم عن تظاهرهم وتفرقة زملائهم، إلا أن أحدا لم يستجب للمساومة التى افتضح أمرها أمام الجميع، وظلوا فى تظاهرهم وفى ازدياد أعدادهم حتى وصل إلى ما يقرب من 500 فرد. الجهات العليا كانت تتابع الموقف عن بعد، ولما وجدت أن الموقف غير مطمئن راحت ترسل رجالها للسيطرة وتأمين مكتب رئيس الاتحاد ومعاونته فى لملمة أوراقه والتحفظ على ما هو مهم منها وإبلاغه بضرورة إنهاء علاقته بالاتحاد وفورا. «الشريف» هنا وجد نفسه مضطرا لتقديم الاستقالة حفاظا على ماء وجهه بدلا من الإقالة، بعد أن انتهت صلاحيته كرئيس للاتحاد، ووقع د. عصام شرف - رئيس الوزراء - على قبول الاستقالة خلال دقائق من تقديمها مما يعنى أن كل شىء كان جاهزا للإقالة. فاروق جويدة الشريف الذى أمضى 2000 ساعة فقط رئيسا للاتحاد لم يصدق نفسه وهو يغادر المبنى. وكان آخر قرار اتخذه «الشريف» قبل مغادرة ماسبيرو، سحب الإعلانات من شركة ووكالة صوت القاهرة للإعلان وتكليف القطاع الاقتصادى بتولى شئونها من أجل إنعاش الحركة الإعلانية التى تأثرت كثيرا على يد وكالة «صوت القاهرة»، خاصة بعد أن كان القطاع الاقتصادى يحقق خلال شهر ما تحققه الوكالة خلال عام كامل، بخلاف أن الوكالة كانت تخصم مستحقاتها - التى تدين بها الاتحاد - أولا بأول من المنبع ثم تترك «الفتات» بعد ذلك للاتحاد هو ما جعل موقفه المادى صعبا وعرضة لأزمات كثيرة. «فاروق جويدة» الذى كان مرشحا لرئاسة الاتحاد للعمل جنبا إلى جنب مع اللواء «طارق المهدى» الذى تولى تسيير الأمور بالاتحاد، اعتذر عن الترشيح مؤكدا أن سنه ووقته لا يسمحان بذلك مكتفيا ببقائه فقط ضمن أعضاء مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، المجلس انتهى به الأمر للإعلان عن قيامه بإدارة الاتحاد لمدة ثلاثة أسابيع تحت قيادة اللواء «المهدى» لحين استقرار الأوضاع وتعيين رئيس جديد يصلح لإدارة دفة الاتحاد فى المرحلة الحرجة القادمة التى ستكون بمثابة رمانة الميزان للإعلام المصرى. حمدى قنديل اللواء المهدى قال: إن «تظبيط الشاشة» هو كل مايهمه الآن يليها الأمور المالية فالإدارية وهو مايتمنى أن يضع الخطوط العريضة لها خلال الأسبوعين القادمين من عمر إدارة مجلس للاتحاد والذى لن يزيد - كما قال اللواء المهدى - عن ثلاثة أسابيع وقد أعلن «حمدى قنديل» عضو مجلس الأمناء اعتذاره عن تقديم برنامجه «قلم رصاص» بالتليفزيون المصرى مكتفيا بوجوده فقط ضمن أعضاء المجلس، احتراما للمطلب الجماعى الذى نادى به أبناء ماسبيرو بعدم الجمع بين عضوية المجلس وتقديم البرامج حتى لا تغلب المصلحة الخاصة على المنفعة العامة، فى الوقت الذى تجاهل فيه «حافظ الميرازى» المطلب معتبرا أنه من حقه الظهور على الشاشة. برنامج «بتوقيت القاهرة» الذى يقدمه «الميرازى» تعرض للكثير من العثرات أبرزها محاولة «حسين عبد الغنى» للقفز عليه، إلا أن أسلحة «الميرازى» كانت الأقوى.