عمرو موسي بين عشية وضحاها كان أن ذهبت آمال مرشح مصر السابق للأمانة العامة لجامعة الدول العربية - إذ كان وقتئذ د. مصطفي الفقي - أدراج الرياح.. وهو ما طرح مزيداً من علامات الاستفهام حول ما جري.. وكيف جري؟ بدأ السيناريو مساء يوم السبت الماضي في وقت كانت القاهرة فيه ملتهبة بالمواجهات الطائفية أمام ماسبيرو علي بعد أمتار من مقر وزارة الخارجية التي حضر إليها عمرو موسي بمفرده في زيارة غير معلنة وكانت الخارجية في هذا التوقيت شبه خالية، وتفاجأ به القليلون المتواجدون يومها.. وصعد في مصعده المفضل داخل الوزارة الذي كان يخصصه لنفسه فقط ولمقابلاته عندما كان وزيراً للخارجية واستمر الحال كذلك مع من خلفوه في المنصب، وصعد موسي إلي الطابق الثاني حيث مكتب الوزير العربي الذي خرج مبادراً باستقباله واصطحبه للمكتب، وأغلق الباب معلنا عن اجتماع من نوع خاص قاصراً عليهما استمر لمدة ساعة، غادر بعدها موسي وبعده بقليل غادر العربي.. ولاحظ المقربون منه أن اختلافا قد طرأ علي وجهه فظنوا أنه بسبب الإجهاد، ولكن مصادر دبلوماسية كشفت ل«روزاليوسف» أن الاجتماع كان بهدف بحث التنسيق المشترك قبيل اجتماع وزراء الخارجية وفرص المرشح المصري وكان في لحظتها هو الدكتور مصطفي الفقي، والسيناريوهات المتوقعة وتم التلميح لمسألة تقدم العربي للمنصب لكنه لم يرحب وجعل التركيز كله في خانة كيفية دعم المرشح المصري منتظراً لقاء تم ترتيبه في قصر التحرير يجمعه مع رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم قبل اجتماع الوزراء لعله يتمكن من اقناعه بسحب المرشح القطري حفاظاً علي مبدأ التوافق. وعشية هذا اليوم «أبلغ» الدكتور مصطفي الفقي باحتمالية تبديل الترشيح المصري إذا لم يتم التمكن من اقناع قطر وأن المرشح المحتمل في هذه الحالة سيكون الدكتور نبيل العربي، فقام بعمل مداخلات تليفزيونية تمهد لهذا الأمر دون أن يذكر أسماء ومؤكداً أن المصلحة المصرية هي الأهم وأن يظل الأمين العام للجامعة مصرياً. وجاء يوم الأحد والذي تم فيه «التخلص» من العربي، وهذا التعبير نفسه هو الذي استخدمه الوزير نبيل العربي عندما سألته «روزاليوسف» بشكل مباشر، بداية الشهر الماضي وتحديد يوم 5 أبريل عما إذا كان سيخلف عمرو موسي في منصب الأمين العام إذ قال لنا: إن لا صحة لهذا الأمر ولا يوجد شيء من هذا القبيل، إلا «لو كنتم عايزين تخلصوا مني»؟! وفي قصر التحرير كانت عقارب الساعة تشير إلي الثالثة عندما تم لقاء الدكتور نبيل العربي والشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ولم يتمكن خلاله من إقناعه بسحب المرشح القطري حفاظا علي مبدأ التوافق العربي لاسيما أن المرشح المصري يحظي بتأييد أكبر من المرشح القطري، ولكن لم تفلح جميع المحاولات وتمسكت قطر بموقفها. وبعد مداولات حكومية مصرية أبلغ العربي أنه لا مفر من تقدمه للمنصب وإلا ستتعقد الأمور، في هذا التوقيت كان الأمين العام للجامعة عمرو موسي مجتمعا بوزراء الخارجية العرب وأبلغهم أن مصر قد غيرت مرشحها لمنصب الأمين العام «بمذكرة كتابية» وأن المرشح المصري الآن هو الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية. وهنا تبرز وجهتا نظر: الأولي تميل ناحية موسي بأنه حافظ علي المصلحة المصرية وأدي الأمانة فكما تسلم المقعد من مصري وهو د. عصمت عبدالمجيد سلمه لمصري وهو الدكتور نبيل العربي وأن هذه المهمة تمت في توقيت بالغ الدقة تمر به مصر وكان من الصعب فيه أن تنال وتتحمل وقع هزيمة دبلوماسية تاريخية. أما الثانية فهي ضد موسي تماما.. وتري أن موسي عمد إلي رحيل العربي من الخارجية خشية من شعبيته المتزايدة وظهور بعض المطالبات بأن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. وأن بذلك يكون موسي أذاق العربي من نفس الكأس التي أذاقها مبارك لموسي قبل أكثر من عشر سنوات، عندما أزاحه من الخارجية ترضية لأمريكا!.