صدق أو لا تصدق أن قضية الصراع من أجل الطلاق فى المسيحية عمرها ألف وخمسمائة عام، ظهرت منذ منتصف القرن السابع الميلادى وبعد دخول الإسلام مصر عندما أقر عمرو بن العاص بوجود ثنائية فى القضاء المصرى، قضاء للأقباط ( كان الأقباط الأغلبية حتى القرن العاشر ) وقضاء للمسلمين، وكان الأقباط يخضعون للقضاء القبطى فى كل القضايا الجنائية والمدنية، ولم يكن الأقباط يشذون عن القاعدة ويذهبون للمحاكم الشرعية الإسلاميةإلا طلبا للطلاق، البابا شنودة ودارت صراعات بين أصحاب قضايا الطلاق والكنيسة، وتشدد البطاركة خرستو ذوس 66 وإبرام بن زرعة وكيرلس (76) وأصدروا عقوبات للقبطى الذى يلجأ للمحاكم الإسلامية طلبا للطلاق. وحصل البابا بطرس السادس على فتوى من الوزير (ابن ايواظ) تحرم ذهاب الأقباط للمحاكم الإسلامية، ولكن الأمر ازداد تدهورا وعرف الأقباط تعدد الزوجات و(الجوارى) و(السرارى) مما استدعى تصدى باباوات مثل إبرام بن زرعة ويوحنا التاسع والتسعين لتلك الظاهرة، الأمر الذى أدى إلى (قتلهما بالسم) كما يقول المؤرخون. واستمر امتلاك الأقباط للجوارى والسرارى حتى عهد محمد على، وشهدت مصر - كما يذكر المؤرخون - أكثر من 15 فتنة طائفية بسبب الطلاق وإسلام أحد الزوجين فقط فى العصر العثمانى، واستمر صراع الأقباط من أجل الطلاق حتى قام الراهب أنطونيوس السريانى بعمل بحث للكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية 1958 (عن شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية)، وحينما صار أنطونيوس السريانى البابا شنودة، البابا (117)، صدر القرار رقم (7) لسنة (1971) للمجلس الأكليريكى والذى ينص على عدم إصدار قرار زواج ثان إلا إذا كان الحكم الصادر من المحاكم المصرية قد صدر بناء على سبب الزنى فقط، وليس على أى سبب من الأسباب التسعة التى تنص عليها لائحة 1938 والمدونة بالقانون (462لسنة 1955) والذى كان ينص على تسعة أسباب للطلاق منها الزنى، وبذلك أنهى البابا شنودة الثالث كنسيا وروحيا العمل بالقانون واللائحة وإن كانت المحاكم لا تمتلك غيرهما.. ومازال الصراع مستمرا من منتصف القرن السابع وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين ومن فتنة تفاخة بنت شنودة في القرن الرابع عشر حتى فتنة عبير بنت فخرى في القرن الواحد والعشرين مازال الصراع مستمرا.. القضاء يعترف بالقانون 462 لسنة 1955 والكنيسة لا تعترف به ولا بلائحة 1938 عشرات الآلاف من القضايا فى المحاكم وأروقة المجلس الإكليريكى (المنوط به دراسة مشاكل الأحوال الشخصية للأقباط، وتتعدد الفتن والسبب واحد، مشكلة زوجية تؤدى لفتنة طائفية، ترى ما هو رأى الخبراء والمتخصصين؟ وكيف نحفظ للكنيسة وللمسيحية حقوقها، وللمتنازعين حقوقهم، وللوطن وحدته، ذلك ما سوف نستعرضه فى ذلك التحقيق. البابا كيرلس بعد أن عين عمرو بن العاص واليا على مصر قام بتقسيم البلاد إلى عدة مناطق، عين لكل منطقة قاضيا قبطيا يفصل فى النزاع الدينى والمدنى لغير المسلمين، وفقا لشرائعهم، حدث ذلك حينما كانت أغلبية سكان مصر من الأقباط أتباع الكنيسة المصرية اليعقوبية، كان هذا الوضع يتماشى مع موقف الإسلام من القضاء بين (أهل الذمة) - كما تقول الباحثة والكاتبة الكبيرة كريمة كمال فى كتابها (طلاق الأقباط)، حيث يحض القضاء الإسلامى على عدم إجبار أهل الذمة على العمل بأحكام الشريعة الإسلامية، بل كانت لهم الحرية فى إتباع أحكام دينهم فى كل المسائل حتى الجنائية منها، واختلف فقهاء المسلمين حول الأمر، إلا أنهم جميعا اتفقوا على أن يجوز للقاضى المسلم الحكم فى قضايا أهل الذمة إذا كان أحد طرفى النزاع مسلما، واستمر تقليد عمرو ابن العاص حتى العصر الفاطمى. صراع المحاكم وفى العصر الفاطمى، فرض البابا (إبرام بن زرعة) قوانين الشريعة على رعاياه. كما وضع البابا (خرستوذوس) السادس والستون جملة من القوانين كان منها قانون لعقاب كل من يتجرأ ويذهب للمحاكم الإسلامية ويترك المحاكم الكنسية. تكرر الأمر فى عهد البابا كيرلس السابع والستين (بحث القضاء القبطى للباحث مجدى جرجس) يؤكد الباحث أن هذه القوانين شديدة اللهجة والمشفوعة بعقوبات قاسية وراءها أمران : أولهما أن القبط تعودوا اللجوء للمحاكم الشرعية الإسلامية، وثانيهما: أن سلطات البطاركة فى النظر فى قضاء أهل ملتهم كانت مقررة من قبل الحكام. إلا أن دراستى فى هذا الموضوع بحث للكاتب بعنوان: (الأقباط بين الحرمان الوطنى والكنسى) يؤكد أن تشدد الكنيسة فى أمور الطلاق أدى إلى إشهار بعض الأقباط إسلامهم، إضافة إلى ظهور الأسر المختلطة الديانة حتى القرن العاشر وتبوؤ البطريرك غبريال بن طريق سدة البطريركية وتحريمه لهذا الزواج. ومع تولى صلاح الدين الأيوبى حكم مصر وإسقاط الخلافة الفاطمية ترسخت قواعد القضاء القبطى، وكان الأقباط يحاكمون أمام محاكمهم الخاصة. خلال العصر العثمانى كان الأقباط بوصفهم رعايا للدولة الملية فقد كانوا يخضعون بشكل تام للقضاء العثمانى فى كل شىء ما عدا قضايا الأحوال الشخصية كانوا يخضعون فيها لمجالسهم الملية. سعد زغلول إلا أن تشدد الكنيسة فى الطلاق كان يدفع ببعضهم للجوء للمحاكم الشرعية مما دعا البابا بطرس السادس ليحصل على فتوى وفرمان من الوزير (ابن ايواظ) تمنع المسيحيين من اللجوء للمحاكم الشرعية الإسلامية فى أمور الطلاق، ولكن قضاة المحاكم الشرعية من المذهب الحنفى استمروا فى نظر قضايا طلاق الأقباط وعلى سبيل المثال: دخل قبطى مجلس القضاء الحنفى وأشهد على نفسه شهادة الإشهار الشرعى أنه أبان زوجته (عز المرأة بنت عطية النصرانى اليعقوبى من عصمته). وقد عرف الأقباط أيضا الطلاق على الإبراء، وكان هو المسيطر على حالات الطلاق فى العصر العثمانى والتى تمت بين الأقباط فى المحاكم الشرعية، وقد أدى ذلك إلى أكثر من 15 فتنة طائفية كما يذكر المؤرخون خاصة الجبرتى، وعلى سبيل المثال : ذهبت (مريم بنت سعد) ولد جرجس النصرانى ومعها والدها وعمها كشاهدين، وسألت زوجها بولس نقولا النصرانى القصبجى الشهير بالبيطار أن يطلقها من عصمته طلقة واحدة أولى تملك بها نفسها على براءة ذمته من مؤخر صداقها، وحصلت على الطلاق الذى طلبته، وتكرر نفس الشىء عند طلاق تفاحة بنت شنودة من زوجها جرجس النصرانى الخياط، إذ تم الطلاق على الإبراء من جميع الحقوق الشرعية الأقباط وتعدد الزوجات يلاحظ أن الأقباط عرفوا تعدد الزوجات والتسرى بالسرارى والجوارى منذ عهد عبد الملك بن مروان، وقد كان التسرى مصدر إزعاج للبطاركة، وحاولوا منع الأقباط من (التسرى) ذلك الذى انتشر بين الأقباط بمعنى حيازة القبطى للجوارى كمحظيات وعشيقات، وذهب ضحية ذلك اثنان من البطاركة، (إبرام بن زرعة الذى حرم تلك العادة مات مسموما، وكذلك البابا يوحنا التاسع والتسعين)، واستمرت عادة امتلاك الأقباط للسرارى، وتعدد الزوجات حتى عهد محمد على حيث لاحظ المستشرق (إدواردلين) فى كتابه (عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم) إن زواج الأقباط بأشخاص من خارج طائفتهم، ودينهم، كان يتم عادة لدى القاضى المسلم وبواسطة عقد مدنى، وعرفوا أيضا تعدد الزوجات، وكان ذلك دافعا للبابا بطرس الجاولى لأن يندد بشدة بهذا الأمر ويحذر رعيته من الخروج عن الشريعة المسيحية فى المحاكمات. أربعة عشر قرنا من الخلاف حول الطلاق وهكذا ومنذ منتصف القرن السابع الميلادى وحتى منتصف القرن العشرين ظلت مشكلة الزوجة الواحدة، والطلاق تغيب وتظهر فى الكنيسة المصرية، حتى مايو 1958 حينما طلب من الراهب ( أنطونيوس السريانى ) - البابا شنودة فيما بعد - عمل بحث علمى عن شريعة الزواج المسيحى، وكان الطلب من الكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية، وقبل أن نتوقف أمام بحث الراهب أنطونيوس السريانى، لابد من الإشارة إلى أن ذلك البحث جاء كرد فعل لخضوع الأقباط الأرثوذكس فى مصر فى أحكام الأحوال الشخصية إلى القانون رقم (462 لسنة 1955 ) الخاص بالأحوال الشخصية لغير المسلمين وهذا القانون صدر تطبيقا للائحة الأحوال الشخصية التى أعدها المجلس الملى للأقباط فى عام 1938 فى عهد البابا يؤانس الثالث عشر بعد المائة، وظلت مطبقة فى عهد البابا مكاريوس ال (114)، والبابا يوساب (115) والذى صدر فى عهده القانون (462 لسنة 1955) وأيضا فى عهد البابا كيرلس السادس (116). هدى شعراوى وكانت هذه اللائحة وذلك القانون يبيح الطلاق لتسعة أسباب هى : (علة الزنى، خروج أحد الزوجين عن الدين المسيحى، غياب أحد الزوجين خمس سنوات متتالية، الحكم على أحد الزوجين بالأشغال الشاقة أو السجن سبع سنوات، إذا أصيب أحد الزوجين بالجنون المطبق أو بمرض معد يجوز الطلاق بعد ثلاث سنوات، ويجوز للزوجة طلب الزواج إذا أصيب الزوج بمرض العنة ولم يستجب للعلاج ثلاث سنوات). وجاء فى البند السادس أنه يجوز طلب الطلاق إذا اعتدى أحد الزوجين على الآخر وعرض صحته للخطر، والبند السابع يجوز الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته إخلالا جسيما، والثامن إذا ترهبن أحد الزوجين برضا الآخر، والتاسع للنفور. وقدم الراهب أنطونيوس السريانى بحثه عن (شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية)، ولم ينشر إلا فى بداية الستينيات حينما أصبح أسقفا للتعليم باسم الأنبا شنودة، وحينما تولى الكرسى الباباوى (117) عام 1971 أصدر القرار البابوى رقم (7) لسنة 1971 للمجلس الإكليركى والذى ينص على عدم إصدار قرار زواج ثان إلا إذا كان الحكم الصادر من المحاكم المصرية بالطلاق قد صدر بناء على سبب الزنى فقط، أما إذا كان منطوق الحكم قد بنى حكمه على أى من الأسباب الثمانية الأخرى فلا يعطى المطلق ( أو المطلقة ) تصريح زواج ثان ومنذ ذلك التاريخ صار طلاق الأقباط مشكلة. فتش عن الطلاق قبل الفتنة الطائفية رغم ذلك صدرت عدة أحكام بالطلاق من المحاكم ولم تعترف بها الكنيسة ولم تعط الحاصلين عليها تصريح زواج، وعلى سبيل المثال فى بحث قامت به مؤسسة قضايا المرأة المصرية حول حالات الطلاق وأسبابها فى مختلف المناطق فى معرض إعدادها لمشروع موحد للأحوال الشخصية للمسلمين والأقباط فقد وجد أن فى محافظة أسيوط وفى عام واحد (1999/2000) وقعت (1057) قضية طلاق فى ظل تغيير الملة، وفى نفس الفترة بسوهاج 185 قضية طلاق للهجر، وفى القاهرة (9441) قضية طلاق و(129) قضية خلع، أما فى الأقصر (350) طلاق للنفور، وفى الجيزة كان هناك (333) قضية طلاق و(32) قضية خلع، مما يوضح أن عدد القضايا الخاصة بالطلاق لأسباب غير الزنى أكثر كثيرا. ومنذ 1971 وحتى الآن لم تستطع الكنائس المصرية أن تتفق على قانون موحد للأحوال الشخصية، وتفجرت المشكلات، ووفق الإحصائيات لما هو معلن فإن 56% من الاصطدامات الطائفية تنتج من هروب أحد الزوجين وإشهار إسلامه، الأمر الذى دعا الكاتب والمفكر كمال زاخر إلى الاقتراح بأن تعترف الدولة بالزواج المدنى بما لا يرتب أى التزامات على المسجد أو على الكنيسة، ويضيف لو اعتبرت المؤسسات الدينية أن من يتزوج مدنيا قد ارتكب جرما روحيا ودينيا فإن هذه الجريمة - كما يرى زاخر - هى جريمة شخصية ولابد للكنيسة أن تفرق بين شخصية الجريمة (الأبوين) وشخصية العقوبة (الأطفال نتاج ذلك الزواج) ورأى ضرورة أن تعترف الكنيسة بالأطفال وتطبق عليهم سر المعمودية والمسحة بالميرون، وإذا أراد الأبوان العودة للكنيسة فلابد أن تقبلهما. كمال زاخر لأنه من المعروف أن الشهر العقارى لا يوثق العقود المدنية إلا إذا كان أحد أطراف عقد الزواج أجنبيا، ولا يجوز لغير المأذون أو الكاهن توثيق عقد الزواج المدنى المرتبط بالعقد الدينى. أصل المشكلة الدين والدولة ! تحت هذا العنوان حاورت الباحثة والكاتبة كريمة كمال د. محمد نور فرحات - أستاذ فلسفة القانون - وسألته عن دعوته لقانون موحد للأحوال الشخصية لكل المصريين فقال : هى فكرة سببها إيمانى بأن الوطن الواحد لابد أن يحكمه قانون واحد، وأن يراعى بطبيعة الحال الخصوصية داخل المجتمع سواء كانت خصوصية دينية أو الجنس، وأضاف والأحكام القانونية التى يتميز بها المسيحيون أو المسلمون، والتى يتميز بها مختلف الطوائف المسيحية من الممكن أن تكون أحكاما خاصة فى داخل قانون واحد، خاصة أننى أعتقد أن كثيرا من القواعد القانونية فى الأحوال الشخصية التى تحكم المسلمين وتلك التى تحكم المسيحيين هى أحكام متشابهة إلى حد كبير. أما د. سمير تناغو أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، والذى شغلته قضية الأحوال الشخصية لغير المسلمين فضمها فى كتاب حوى رؤيته لتعديل القوانين المعيبة فى الصياغة قال : فى البدء لابد أن نبحث عن الدولة المدنية، وفى الدولة المدنية الدين له مكانة فى الفكرة العامة للوجود، له مكانة فى المبادئ العامة للقانون والمبادئ العامة للأخلاق.. له مكانة فى الصراع من أجل القانون، جوهر القانون والعدل يتولد عنهما المبادئ العامة، ويدخل فى ذلك الدين وفى كل هذا يلعب الدين دورا وتؤدى كل تلك المقدمات إلى الصياغة النهائية للقانون، فى الدولة المدنية لا يتدخل الدين فى الصياغة على عكس الدولة الدينية. ما الذى تراه كأستاذ قانون فى الوضع السائد الموجود فيما يخص التطليق عند المسيحيين؟ - المبدأ العام فى الأخلاق وفى الدين أنها تحكم إنسانا صاحب إرادة.. وهذا هو الفرق بين القوانين العلمية والقوانين الوضعية أو القوانين الأخلاقية.. فالمبادئ القانونية والمبادئ الأخلاقية تحكم إرادة أفراد، وتحدد ما ينبغى أن يكون لا ما هو قائم فعلا، فهى تخاطب الفرد وتأمره بأعمال وتنهاه عن أعمال، ولكن فى آخر الأمر القرار النهائى هو قرار الفرد.. فهى تلزم ولا تحتم.. لذلك أرى أن الكنيسة من حقها أن تقوم وتضع المبادئ وتنهى عن الطلاق، لكن فى آخر الأمر لن تستطيع الكنيسة أن تطبق المبادئ الدينية تطبيقا حتميا.. هى تقدم وتوجه.. وبالتالى فعندما تقرر الكنيسة أنه لا طلاق إلا لعلة الزنى ثم تكون هناك حالات يحدث فيها انفصال فعلا ويصبح الزواج غير قائم بمعنى الكلمة.. ففى آخر الأمر هؤلاء الأشخاص علموا بمقتضى القاعدة الدينية وعن إرادة أو عن ظروف معينة قرروا مخالفتها والقرار النهائى لهم، لذلك لابد أن تحدث موازنة بين وجود القواعد القانونية وكيفية تطبيقها.. إرادة الدولة أو إرادة الكنيسة تلزم، ولكنها لا تحتم، وهنا لابد أن تحدث مخالفات تترتب عليها جزاءات، والكنيسة لا تملك سلطة التشريع إلا من خلال الدولة وصادرة عنها، وانتهى د. سمير تناغو بالقول : المفروض أنه مادام صدر حكم بالطلاق يعتبر وقع.. لكن الكنيسة لا ترغم على أن تعطى تصريحات بزواج دينى.. ولا يستطيع أحد إرغامها.. ولكن الذى يحدث هو أن الشخص الذى بدأ بمخالفته الكنيسة أو بأحكامها يمكن أن يستمر فى مخالفته أكثر وأكثر فى أن يعقد زواجا مدنيا مع شخص آخر مختلف عنه فى الملة أو فى الطائفة، وطبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، هذا هو الحل الذى يلجأ إليه البعض وعلى الكنيسة أن توازن.. هل تخالف القواعد لإرضاء أو لعدم إرضاء.. وهذه معضلة تواجه كل الكنائس. وتحدث نوعا من المواءمة حتى لا يفقد الشخص بالكامل.. فهل الكنيسة على استعداد لذلك؟ هذا يعود إلى الكنيسة نفسها، والكنيسة تعلم أن فى كل المجتمعات المسيحية فى العالم الآن الزواج مدنى ويسمح بالتطليق وظروف الواقع تغلب أحيانا وتفرض نفسها على المبادئ الدينية التى يتم شىء من التجاوز فيها. ومن الضرورى أن نعترف بأنه لاشك أن الكنيسة متألمة لأحوال هؤلاء الناس ولا يسعدها وجود هذا العدد من الآلاف.. لكن هذا الألم يتحول إلى تساؤل : هل تتنازل الكنيسة فى سبيل هؤلاء الأشخاص أو فليذهب هؤلاء الأشخاص إلى حيث يريدون.. هذه هى القضية المطروحة أمام الكنيسة. مشكلة الطلاق تغيب وتظهر فى الكنيسة المصرية القانون المدنى هو الحل قلت موجها سؤالى لكريمة كمال إذن المشكلة ليست مشكلة الكنيسة بل مشكلة الدولة ؟ أجابت نعم.. لو الدولة أقرت قانونا مدنيا للزواج وتركت للمواطن القبطى والمسلم حرية الاختيار بين الدينى والمدنى لتم حل المشكلة. تذكرت مقترح كمال زاخر إذن، فالمشكلة ليست بين ( الكنيسة والدولة) وجهت ذلك السؤال للباحثة فى العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية ريهام رمزى، قالت : بشكل عام النساء أول من يضحى فى سبيل الثورة وأول من تضحى بهم الثورات، خذ مثلا ثورة 1919 أول من استشهد كانت النساء ولم يحصلن على حقوقهن السياسية سوى عام 1956 بقرار من جمال عبد الناصر وليس من سعد زغلول رغم أن هدى شعراوى كانت رائدة للحركة النسائية ومعها سيزا نبراوى ونبوية موسى وغيرهن، وكذلك الأمر فى ثورة 25 يناير، وتمتمت فى حزن : كلنا نذكر الشهيدة سالى زهران وما حدث من أن القوى الرجعية لم تتركها تستشهد فى سلام، وللأسف حرمت المرأة من الاحتفال بعيدها فى التحرير (8 مارس ) بما فيهن أمهات وشقيقات الشهداء.. ولذلك هناك أكثر من مشكلة فى المجتمع النصف دينى والدولة النصف مدنية، والثورة التى اختطفها المتطرفون الدينيون - لذلك لابد من رد اعتبار للثورة قبل المرأة، وسن قانون مدنى يليق بدولة مدنية محترمة، يتعايش فيها الزواج الدينى والزواج المدنى.. وتكون مصر دولة مدنية، ولكن حق تقرير المصير للمرأة رهن بنجاح ثورة 25 يناير وإكمال بناء الدولة المدنية وإلا ستظل المرأة مضطهدة خاصة الفقيرة.. فما بالك لو كانت فقيرة ومسيحية، وإذا لم تنصف الثورة النساء قل على الثورة السلام!