هى المرة الأولى التى يتحدث فيها المؤلف والمخرج «رأفت الميهى» صاحب الأعمال «الفانتازية» الشهيرة مثل «سمك لبن تمر هندى» و«السادة الرجال» بعد فترة انقطاع إعلامى طويلة.. لم نتحدث معه بصفته واحداً من المخرجين الذين أبدعوا فى مجال التجريب السينمائى، بل بصفته المواطن المصرى «رأفت الميهى». * هل تتصور أن الثورة فعليا كان من المستحيل تحقيقها فى مصر؟ - الثورة بالطريقة التى تمت فى رأيى هى «مفاجأة».. وهى تشبه الزلزال الذى ضرب اليابان مؤخراً بطريقة فظيعة للغاية.. نتيجة طبيعية لما لمسناه من تردى مبالغ فيه فى جميع الأوضاع المجتمعية.. ورغم أن الثورة - كما قلت - مفاجأة، إلا أننى كنت فى منتهى السعادة، ومنذ اليوم الأول كنت مع هذه الثورة، وحتى قبل أن تظهر ملامح سقوط النظام القديم، بدليل أن الشباب بالفعل هو الذى قاد الثورة، لكن من فعلها هم فئات الشعب كله. * إذن الثورة المصرية ليست ضرباً من الفانتازيا؟ - الثورة المصرية هى ثورة حقيقية، علمية، اعتمدت على التكنولوجيا الحديثة، فلو نظرت لما حدث فى ميدان التحرير، ستجد جميع الأنماط جنباً إلى جنب، فالفقير بجانب الغنى، والمسلم بجانب المسيحى، وأعتقد أن هذا التلاحم بهذه الصورة لم يحدث من قبل. * أعلم أنك كنت - فى ظل أحداث الثورة - مريضاً فكيف تفاعلت مع ميدان التحرير؟ - فى البداية تابعت الميدان على شاشة التليفزيون، لكن كان لدى إصرار للنزول وهو ما قمت به، ورغم إرهاقى وتعبى، لكنى كنت أود أن أشعر بالدفء الذى أتت به الثورة إلينا واتكأت على عكازى حتى لا أحرم من رؤية ما حدث، والذى قلب المجتمع رأسا على عقب. رأفت الميهي وعادل إمام في الأفوكاتو * وما الذى يخيفك الآن؟ - لو تصورت أن هناك منزلا، استطاع «ميدان التحرير» هدمه فجأة، فلن يتبقى سوى الركام و«السلفيون» الذين ملأوا الدنيا هم نوع من أنواع هذا الركام الذى ظهر فجأة، ولهذا الناس يشعرون بالخوف، رغم أنى أرى أن الحل هو الجلوس على مائدة الحوار، وعزل هؤلاء السلفيين سياسياً حتى نستطيع بناء ديمقراطية حقيقية. * لكن هؤلاء أصبحوا للأسف حقيقة واقعة، فكيف نواجههم؟ - يمنعون منعاً باتاً من ممارسة العمل السياسى حتى لا يخربوا حياتنا، وكذلك «الإخوان المسلمين» فهؤلاء أيضاً ظهر لهم أنياب، ويقفون ضد الناس والدولة المدنية، وحتى وهم يؤكدون على احترام الدولة المدنية، فهم ينكرون ما يريدون الإفصاح عنه وهو أنهم بعد استيلائهم على الحكم سيتخلون رويداً رويداً عن فكرة الدولة المدنية، لهذا قمت مؤخراً بتصوير فيديو بعنوان «يا ناس يا هوه» عرضته على الkoobecaf وهى دعوة منى لأن نكون حراساً للدولة المدنية. * عنوان أحد أفلامك «قليل من الحب.. كثير من العنف». - هذا صحيح.. ولكن مطلوب منا الآن فى ظل الظروف التى نعيشها أن نبدل المقولة لتصبح «كثير من الحب.. قليل من العنف».. فالمسيحى والمسلم فى حاجة لأن يحبا بعضهما البعض، ويتنازل كل منهما قليلاً، إيماناً منهما بالدولة المدنية، فالدولة المدنية لا تدعو لتقطيع الأذن أو هدم الأضرحة، ولكنها الطريق الوحيد للمستقبل. * افتتاحك لأكاديميتك الخاصة لتعلم فنون السينما لم يحقق النجاح المرجو.. بم تفسر هذا؟ - بالنسبة لى كمشروع صغير حقق النجاح المطلوب، وفيه ناس تخرجت فى الأكاديمية أصبحت تعمل الآن فى السوق، كما حصلت الأكاديمية على 21 جائزة من وزارة الثقافة، ولدينا أحد طلاب الأكاديمية «محمد محسن» استطاع أن يحصد جائزة من باريس، الدعاية فقط لدينا بطيئة نوعا ما. * مثلما حدثت الثورة المصرية، فهل نحن بحاجة لثورة فنية؟ * ما آخر أخبار روايتك التى تنوى تحويلها لفيلم؟ - توقف المشروع، والسبب «الرقابة» رغم أن الرواية منشورة منذ عام 0991 وهذا شىء مضحك. * ألم تتخوف من عرض قصة حب شاب مسلم بفتاة مسيحية من خلال «سحر العشق» فى ظل الاحتقان الطائفى الموجودة الآن؟ - لهذا كنت أريد أن يرى الفيلم النور، وقد كنت أؤكد على أن الحب لا حدود له، «الحب يستطيع تحقيق المستحيل» لأنه ليس مجرد إكليشيه، والدين يأمرنا بالحب، مثلما أمرنا السيد المسيح والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كما أن تفاصيل الرواية واقعية ونعيشها فى مجتمعنا. * ألن تفكر فى عمل فيلم أو مسلسل عن أحداث ثورة 52 يناير؟ - أنا الآن شبه متوقف عن الكتابة لأن الأشياء تغيرت، ولم يعد هناك شىء واضح، فهناك مثلاً خفايا كثيرة وأسرار حدثت فى ظل أحداث الثورة لا نعلم عنها شيئاً مثل ما حدث داخل رئاسة الجمهورية، وما حدث بين المجلس العسكرى و«مبارك»، وما حدث أيضاً بين المندوب الأمريكى و«مبارك»، لهذا نحن فى حاجة لوقت لمعرفة هذه التفاصيل،فمثلاً فيلم «رد قلبى» أنتج عام 7591 أى بعد خمس سنوات من قيام ثورة يوليو 2591. * إذا طلب منك كتابة سيناريو عن أحداث 52 يناير فما الخطوط الرئيسية لهذا السيناريو؟ - سأكتب عن ظروف تلك الفترة وما أدى إلى انفجار الثورة من جميع الجوانب وإن كانت الخطوط الرئيسية لابد أن تكتمل بالخريطة الواضحة لكواليس الثورة التى لم تكتشف بعد، أما أن يكون «مبارك» هو بطل السيناريو مهما كان التناول سلبياً فهذا ما لن يحدث أبداً، خاصة أن هذا النوع من الشخصيات انتهى تماماً من حياتنا.