بقلق كبير تراقب (إسرائيل) الأحداث فى مصر بعد أن شاهد العالم كله الشعب المصرى يثور فى وجه الديكتاتور بحماية الجيش المصرى الراعى الأول للثورة وأحد أسباب نجاحها. (أنا أول متطوع فى الجيش المصرى فى حال إعلان الحرب على إسرائيل) هذا عنوان لإحدى الصفحات على موقع (فيس بوك) التى تدعو لشن حرب على إسرائيل، وتحمس لهذه الصفحات أكثر من 150 ألف شخص منذ إنشائها فى مارس الماضى وظهرت صفحات أخرى تدعو لانتفاضة فلسطينية ثالثة وزحف من مصر إلى القدس والتى وصل عدد مشتركيها قبل أن يتم غلقها إلى ما يقرب من نصف مليون عربى.. إسرائيل تراقب هذا التطور بحذر شديد، لأنها ترى فى هذه الصفحات تهديدا لأمنها فى المنطقة، خاصة أن هناك صفحات لنفس الهدف، لكن باللغة العبرية لتكون الرسالة أوضح، وكأول رد فعل لهذه الصفحات نشرت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية أن مواطنا أمريكيا من أصل يهودى رفع دعوى قضاية أمام المحكمة العليا فى أمريكا ضد مدير موقع (فيس بوك) بسبب هذه الصفحات، وبعد هذه الدعوى أغلق الموقع صفحة (الانتفاضة الفلسطينية الثالثة). اللواء محمد على بلال لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففى يوم 8 أبريل الماضى تظاهر الآلاف أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة فى دعوة لإغلاقها نهائيا، ثم تطور الحماس إلى إعلان ما يسمى ب (الانتفاضة الفلسطينية الثالثة) والتى تحدد لها يوم 15 مايو القادم ليقوم المتظاهرون بالزحف نحو (القدس) من شتى أنحاء الدول العربية المجاورة للأراضى المحتلة وخاصة مصر. أما من ناحية العسكريين الإسرائيليين ومدى اهتمامهم بهذه الحركات، فنشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية أن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية يستبعد تماما أى اعتداء مصرى على إسرائيل، وأكد أن السلام مع مصر سيستمر وإسرائيل تحرص على متابعة التطورات الجارية على الساحة المصرية. د نبيل فؤاد إذن نحن الآن أمام تساؤلات عدة أهمها، هل نحن فى حاجة لتهديد إسرائيل أو إعلان الحرب عليها ؟! وهل نهحن نستطيع القيام بهذه الحرب فى ظل التوازنات العالمية ؟ أم كُتب على مصر التضحية بأمنها فى سبيل تحرير الأراضى العربية؟! الشباب فى الشارع وعلى صفحات الإنترنت يملؤه الحماس لكن ماذا إذا أجاب عن هذه التساؤلات؟ د ايمن عبد الوهاب يقول (إسلام منير) إن مصر لا تستطيع إعلان الحرب على إسرائيل الآن، لأننا نواجه مشاكل على المستوى الداخلى، وهذا يضعف من أدوات الضغط أو الحرب، وهذا لا ينفى قدرتنا على الحرب مستقبلا عندما ينصلح اقتصادنا ووعى وثقافة المصريين حتى نتقدم.. ويضيف (إسلام) : أنا لا أقصد الحرب العسكرية إنما الحرب الاقتصادية والثقافية التى نتمناها، فنحن نعلم أن أمريكا وأوروبا تدعمان إسرائيل لأنهم جزء من الإمبراطورية الصهيونية المسيطرة على أغلب الدول صاحبة التأثير مما يضعف من موقفنا. (محمد حسين) يستبعد فكرة إعلان الحرب ويتحمس لانتفاضة يوم 15 مايو والتى يراها ضربة قاتلة لإسرائيل على أرضها، ويقول (محمد): لن تستطيع إسرائيل استعمال السلاح ضد هذه المظاهرات السلمية التى ستتحرك حول حدود الأراضى المحتلة وصولا للقدس، لأنهم شاهدوا ما تفعله الشعوب العربية تجاه دموية حكامهم المفرطين فى استخدام القوة.. أما (أمجد شمس) الذى عارض فكرة الحرب على إسرائيل فقال: (مش وقت نحرر فلسطين)، نحن مازلنا نواجه أزمة داخلية تحتاج منا للعمل على إصلاحها حتى نستطيع التفكير فى القضايا الخارجية مثل الحرب لصالح فلسطين. ما سبق كان رأى بعض الشباب المختلفين حول قضية الحرب والانتفاضة من أجل تحرير فلسطين، لكن من المؤكد أننا نحتاج لنظرة أعمق وأشمل لتوضح لنا حقيقة هذه التطلعات، فكان علينا أن نسأل الخبراء العسكريين والاستراتيجيين والسياسيين. يقول د. (نبيل فؤاد) - أستاذ العلوم الاستراتيجية - أن الحرب ليست مجرد صدام عسكرى بين دولتين، لأننا نعيش فى مجتمع إقليمى ودولى، وقبل التفكير فى شن الحرب، يجب أولا أن ننظر للمجتمع الدولى وإقناعه بأسباب شن الحرب، وإلا سنجد أنفسنا بمفردنا فى حرب غير متكافئة، والحقيقة أن مصر ليست فى حاجة لشن حرب على إسرائيل لعدم وجود مشكلة بيننا وبينهم تدعو لذلك، وأمريكا تعلن بوضوح دائما أنها تضمن تفوق وأمن إسرائيل، إذن نحن هنا نواجه أمريكا وليس إسرائيل.. العرب لن يقفوا فى صف مصر إذا أعلنت الحرب، لأننا الآن فى مرحلة يبحث كل طرف عن تأمين نفسه ضد الثورات الداخلية، فليس هناك بلد عربى لديه استعداد للحرب. مظاهرات اما السفارة الاسرائيلية بالقاهرة د. نبيل يرى أن مصر ستظل ملتزمة باتفاقية (كامب ديفيد) لكن الفترة القادمة ستكون علاقتها مع إسرائيل علاقة باردة وستنخرط مصر أكثر بشكل إيجابى فى عملية السلام، ولن تترك فلسطين تحت رحمة الإسرائيليين وستعيد حشد الدول العربية لتعيد إحياء القضية دوليا. (بعض السياسيين أشاعوا هذه الدعوات) هكذا برر اللواء (محمد على بلال) - قائد القوات المصرية فى حرب الخليج - انتشار صفحات إعلان الحرب على إسرائيل ويقول: لا نستطيع إعلان الحرب على إسرائيل ولا إلغاء معاهدة (كامب ديفيد).. الشباب ليست لديه الرؤية السياسية أو الاستراتيجية الكاملة للوضع الدولى بشكل عام، فمعروف أن أى دولة تعتدى على دولة أخرى يطبق عليها الميثاق السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذى يسمح لباقى الدول أعضاء المنظمة بالوقوف ضد الدولة التى بادرت بالاعتداء.. إسرائيل قد تتجاوز لكنها تجد من يقول أنها لم تتجاوز وكل أعمالها تسمى دفاعا عن النفس، بالإضافة لتعهد أمريكا الدائم بحماية أمن إسرائيل.. يجب أن يعلم الشباب أن سلاحنا صناعة أمريكية وكذلك السلاح الإسرائيلى، فإذا حدثت حرب لن تمدنا أمريكا بالسلاح لتحمى إسرائيل.. وكيف سنقوم بالزحف نحو القدسوالفلسطينيون أنفسهم لا يستطيعون توحيد كلمتهم ورؤيتهم فى تعاملهم مع إسرائيل؟! الباحث السياسى د. ( أيمن عبد الوهاب) يرى أنه ليس من العقل أن نفكر فى الحروب الآن خاصة أننا فى حاجة لإصلاح الوضع الداخلى، ومن يدعون إلى إعلان الحرب على إسرائيل يفعلون ذلك بوازع الحماسة المفتقدة للفكر، فهناك توازنات دولية تفرض مواقف محددة للحفاظ على الأمن القومى لمصر، خاصة أن إسرائيل لم تخالف اتفاقية السلام مع مصر.. يقول د. أيمن : الدعوة لما يسمى بالزحف نحو القدس أو الانتفاضة الثالثة هو موقف سياسى جيد إذا كانت المظاهرات والمسيرات سلمية، لكن قبل ذلك على الأطراف الفلسطينية التوحد، ولا يجب أن نورط مصر فى قضايا تضر بأمنها خاصة أن الوطن العربى الآن يعيش حالة تفسخ وتغيرات كبيرة.. ما حدث أمام السفارة الإسرائيلية موقف شعبى قوى دوره إيصال رسائل واضحة للمجتمع الدولى لرفض أعمال العنف الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. أما اللواء. (حسن الزيات) - الخبير العسكرى - فيؤكد أننا لدينا القدرة على محاربة إسرائيل، لكنه يتساءل عن الهدف من هذه الحرب ؟! ويقول: نحن حاربنا فى أكتوبر وحررنا أراضينا وليس لدينا الآن أى مبرر لإعلان الحرب لأنها ليست هواية! والحرب لا تأتى بطلب من الناس، لأن لها حسابات خاصة بالإمكانيات والأرباح والخسائر والموقف الدولى والاقتصادى، فلا يصح أن تقوم الحرب على أساس مطلب جماهيرى.. معروف أن دخول الحرب لا يكون إلا اضطرارا وفى ظروف معينة منها تحرير الأرض بالقوة إذا فشلت الوسائل السلمية،أو للدفاع عن المصالح الاقتصادية والإقليمية، أو يكون هناك تهديد فعلى من الدولة الأخرى، وغير ذلك يكون المبرر غير عقلانى وخارج كل الحسابات.