مرت مصر بتجارب انتخابية عديدة بدءا من عام 1866 حيث كان الانتخاب غير المباشر في ظل دستور عام 1923 وكان الأشخاص المنتخبون في الأقسام والمديريات هم الذين ينتخبون عضو مجلس النواب عن الدائرة أو عضو مجلس الشيوخ.. والانتخاب غير المباشر هو الذي طبق في انتخاب أول برلمان مصري عام 1924 غير أنه عدل عنه إلي الانتخاب المباشر، حيث تبني دستور سنة 1930 الانتخاب غير المباشر.. وفي عام 1936 بعد عودة دستور 1923 أعيد الانتخاب المباشر مرة أخري ثم كان أول دستور بعد ثورة عام 1952 هو دستور 1956 الذي أخذ بالاقتراع السري العام المباشر في اختيار أعضاء مجلس الأمة.. وكان أهم عيوب نظم الانتخاب في ظل دستوري 1956 و1964 المؤقت عدم وجود أحزاب للمشاركة في الانتخابات بسبب تبني الحزب الواحد - أيا كان اسمه هيئة التحرير أم الاتحاد القومي أم الاتحاد الاشتراكي - إذن نظام الانتخاب في مصر مر بعدة أشكال، الأول هو النظام الفردي بالأغلبية المطلقة «50% + 1»، ثم نظام الانتخاب بالقائمة المطلقة فالانتخاب بالقائمة مع التمثيل النسبي ثم نظام الانتخاب الذي يجمع بين الفردي والقائمة النسبية، وأخيرا العودة مرة أخري للنظام الفردي بالأغلبية المطلقة لجميع المرشحين من ممثلي الأحزاب أو المستقلين، وأحدث التعديلات علي هذا النظام الفردي تمت في انتخابات عامي 1983 و87 ليتحول من نظام الانتخاب الفردي إلي الانتخاب بالقائمة النسبية إلا أنه اصطدم بحكمي عدم الدستورية وتم حلهما.. والاختيار بين نظام وآخر ليس معناه الاختيار بين نظام صالح وآخر فاسد بقدر ما هو ترجيح للنظام الأكثر ملاءمة لتاريخ وظروف مصر. ونظرا إلي أن هناك اتجاها متزايدا بين العديد من الأصوات التي تنادي بالأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة النسبية في انتخابات مجلس الشعب القادمة، حيث إنها تري أن الانتخاب الفردي هو نظام فاسد وفاشل ودمر الحياة السياسية ولا يصلح أبدا للمرحلة الجديدة من العمل السياسي.. وأن الطريقة الوحيدة لإعادة التوازن في الاختيار هو عودة نظام الانتخاب بالقائمة النسبية حتي يتم دعم الأحزاب وليس الأشخاص، كما أنه يحقق العدالة بين الأحزاب السياسية ولا يهدر أصوات الناخبين التي يحصل عليها المرشحون الخاسرون. كما أنه في الوقت نفسه يضع حدا للقبلية والعصبية في الانتخابات البرلمانية التي ظهرت بوضوح في الانتخابات السابقة.. وتفاديا لأية طعون دستورية.. وتحقيقا لمبدأ المساواة بين المواطنين وتكافؤ الفرص حسبما جاء في المادة السابعة «7» من الإعلان الدستوري الأخير، فإن أنسب النظم الانتخابية المقترحة والمناسبة للمرحلة المقبلة من الحياة السياسية في مصر هو أن يكون نظاما جامعا للقوائم الحزبية والمقاعد الفردية بنسب متساوية بقدر الإمكان مع النظر في إعادة ترتيب الدوائر الانتخابية لكل من مجلسي الشعب والشوري وفق معيار واحد لتحقيق التوافق المطلوب لإنجاح العملية الانتخابية بلا تزوير.