لطالما كانت «ميلانيا ترامب»، السيدة الأولى للولايات المتحدة، محط أنظار العالم.. فمن خلف الكواليس فى البيت الأبيض إلى إطلالاتها الإعلامية الجريئة، تترك «ميلانيا» بصمة لا تُنسى فى الحياة السياسية والاجتماعية. وقبل أسابيع قليلة من موعد عرض الفيلم الوثائقى الجديد (ميلانيا)، أعلنت السيدة الأمريكية الأولى -بشكل مفاجئ - إطلاق شركة إنتاج تحمل اسمًا ذا بعد رمزى، وهو «ميوز» للأفلام. فبعد نحو عام على عودة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» إلى البيت الأبيض فى يناير الماضى، وبينما تستعد «الولاياتالمتحدة» لإغلاق أحد أكثر أعوامها السياسية ازدحامًا، تظهر «ميلانيا ترامب» من جديد، ولكن هذه المرة ليست كسيدة أمريكا الأولى التى تلتقطها عدسات الإعلام بحكم المنصب، بل كصانعة محتوى، ومالكة شركة إنتاج، وبطلة لفيلم وثائقى تسعى من خلاله إلى إعادة صياغة سردية حضورها السياسى والشخصى على حد سواء. وجاء إعلان «ميلانيا» بعد تكثيف ظهورها العلنى خلال الأسابيع الأخيرة، تمهيدًا لعرض فيلمها الوثائقى الذى يحمل اسمها فى دور السينما فى 30 يناير المقبل، على أن يُعرض لاحقًا عبر منصة «أمازون برايم». «ميوز».. اسم ذو رمزية يبدو أن اختيار «ميلانيا» لاسم الشركة لم يكن صدفة.. فكلمة «ميوز»، أى (مصدر الإلهام) كانت الاسم الرمزى ل«ميلانيا» داخل جهاز الخدمة السرية الأمريكية؛ وباستخدامه كعلامة لشركتها الجديدة، فمن الواضح أن السيدة الأمريكية الأولى تسعى للخروج من دائرة الشخصية المحاطة بالأسرار، لتصبح هى من يكشف أسراره الخاصة للناس، ولكن بالطريقة التى تختارها.
جدير بالذكر، أن الاسم الرمزى للرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، هو «موجول» أى (صاحب السلطة والنفوذ الكبير)، وهو ما يعزز المفارقة بين الدورين، أى بين «موجول» السلطة، و«ميوز» الصورة. بدورها، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر مقربة من السيدة الأمريكية الأولى قولها، إن الاتفاق الذى أبرمته «ميلانيا» مع شركة «أمازون» - الذى بلغت قيمته 40 مليون دولار- كان أحد أهم المشاريع التى شغلتها خلال العام، وهو ما يفسر كثافة ظهورها العلنى فى الفترة الأخيرة. 20 يومًا صنعت السيدة الأمريكية الأولى يدور جوهر الفيلم الوثائقى المنتظر حول العشرين يومًا التى سبقت تنصيب «ترامب» فى يناير 2025.. وتصف «ميلانيا» تلك الفترة بأنها الأكثر تأثيرًا فى حياتها، والأكثر توترًا، وذلك لأنها شهدت انتقالها من حياة شبه خاصة إلى موقع عام حساس. وخلال خطابها فى حفل تسلمها جائزة «Patriot of the Year» التى تمنحها «Fox Nation's»، أوضحت «ميلانيا» أنها خاضت خلال الأشهر الماضية نقاشات عميقة مع الشاشة الفضية، قبل أن تكشف أن فكرة الوثائقى خطرت لها بعد إعادة انتخاب زوجها مباشرة. كما قالت، إن: «الفيلم يوثق 20 يومًا من حياتى قبل التنصيب.. 20 يومًا مكثفة من التحول من مواطنة عادية إلى سيدة أولى، وتحقيق التوازن بين عملى الخيرى، ورعاية عائلتى، وتأسيس فريقى فى الجناح الشرقى، والتأقلم مع الحياة الجديدة داخل البيت الأبيض». وفى مقابلة لها على برنامج «فوكس آند فريندز»، أفادت «ميلانيا» بأن الفيلم لا يستعرض فقط الجانب السياسى، بل يوثق حياتها اليومية خلال تلك الفترة، من اختيار فريق العمل، إلى تجهيز الانتقال، وإعداد المكتب الجديد، وحتى التفاصيل الشخصية، مثل: تحضير الأمتعة، ونقل العائلة إلى المنزل الأكثر شهرة فى «الولاياتالمتحدة». ويعد الفيلم بعرض اجتماعات لم تُشاهد من قبل، ومحادثات خاصة، ولقطات من كواليس الانتقال السياسى، وهو ما يجعل العمل ليس مجرد وثائقى سياسى، بل مادة تثير فضول الجمهور الذى طالما تساءل عن الدور الحقيقى للسيدة الأولى داخل السلطة. المخرج المثير للجدل يعد من أبرز عناصر الجدل المحيطة بالفيلم، هو اختيار المخرج «بريت راتنر»، الذى يعود - بهذا الفيلم - إلى الساحة السينمائية بعد سنوات من الغياب، إثر اتهامات وجهتها إليه عدة نساء، بينها الممثلتان «ناتاشا هنستريدج، وأوليفيا مان» بسوء السلوك الجنسى، وهو ما نفاه «راتنر» بشدة. وبعد تلك الفضيحة التى واجهت المخرج عام 2017 انتهى عقده مع شركة « Warner Bros». على كل، فإن عودة «راتنر» فى الوقت الحالى لا تأتى بمعزل عن خلفية سياسية لافتة، إذ أفادت صحيفة «يو. إس. إيه تواداى» الأمريكية بأن «ترامب» لعب دورًا مباشرًا فى إعادة المخرج إلى الواجهة، بعد طلبه إحياء بعض مشاريعه السابقة، وفى مقدمتها فيلم (Rush Hour 4)، فى خطوة اعتبرها محللون جزءًا من إعادة تشكيل الصناعة الإعلامية فى فترة ولايته الحالية. ويأتى هذا التحرك مع ظروف سياسية ساعدت فى عودة «راتنر»، فشركة «Paramount» الجهة التى ستتولى توزيع (Rush Hour 4) وتشارك فى أعمال مرتبطة بملف «ميلانيا» دخلت فى مرحلة إعادة هيكلة ضخمة خلال الأشهر الماضية بعد اندماجها مع شركة «Skydance Media»؛ هذا الاندماج لم يكن ليتم لولا موافقة لجنة الاتصالات الفيدرالية التابعة لإدارة «ترامب»، وهو ما فتح الباب أمام تغييرات كبيرة داخل الشركة، شملت تغيير مجلس الإدارة، واستبدال كبار المسئولين، والتوسع فى إنتاج محتوى سياسى أو وثائقى مرتبط بالعهد الجديد. ولذلك، يأتى فيلم (ميلانيا) بالنسبة للمخرج بمثابة منصة لإنقاذ مسيرته؛ أما بالنسبة لترامب، فهى جزء من بناء شبكة إعلامية - سينمائية واسعة تعيد تشكيل صورة عهده وزوجته، وتجعل الفيلم الوثائقى أداة سياسية، بقدر ما هو عمل فنى. (أمازون) فى قلب المشهد لا يقف مشروع (ميلانيا) عند فيلم وثائقى واحد.. فإلى جانب الفيلم الوثائقى، ستصدر «أمازون» أيضًا - سلسلة وثائقية من ثلاثة أجزاء عن «ميلانيا» توثق حياة السيدة الأمريكية الأولى أثناء تنقلها بين «نيويورك، وواشنطن، وبالم بيتش»، مما يؤكد أن الاتفاق الضخم مع «أمازون» يتجاوز مجرد فيلم، ويمتد إلى بناء أرشيف بصرى كامل حول شخصية «ميلانيا». وتأتى مشاركة «أمازون» فى مشروع بهذا الحجم، رغم العلاقة المتذبذبة بين «جيف بيزوس»، و«ترامب»، لا سيما بعد الانتقادات التى تعرض لها «بيزوس»، بسبب تعامل صحيفة «واشنطن بوست» مع منافسة الرئيس الأمريكية السابقة «كامالا هاريس»، حيث دافع «بيزوس» - حينها - عن موقفه؛ مؤكدًا أن هدفه كان الحفاظ على الحياد الإعلامى. فى النهاية، تفتح السيدة الأمريكية الأولى نافذة غير مسبوقة على عالمها الخاص ولكن وفق شروطها، وبروايتها الخاصة، وبشركة إنتاج تحمل اسمها، وبصفقة إعلامية ضخمة تعيد صياغة دورها فى البيت الأبيض، وخارجه، مع اقتراب عرض فيلم «ميلانيا» فى نهاية يناير 2026. فالفيلم لا يقدم مجرد لقطة من الماضى القريب، بل يكشف ملامح شخصية نسجت لنفسها طريقًا جديدًا، من سيدة أمريكا الأولى المراقبة دائمًا، إلى امرأة تصنع صورتها بنفسها، وتنتج فيلمها، وتشرف على تحريره، وتوجه رسالتها إلى الجمهور مباشرة دون وسطاء. 1556 1557