بطاركة الكنيسة القبطية 118 بطريركًا تعاقبوا على كرسى مار مرقس منذ بداية النصف الثانى من القرن الأول الميلادى، وهو تاريخ دخول المسيحية مصر وحتى الآن، بداية من القديس مرقس الرسول إلى قداسة البابا تواضروس الثانى الذى يحمل الرقم 118، وخلال 20 قرنًا تقريبًا ارتبط هؤلاء البطاركة بالدولة والمجتمع المصرى، عبروا عنه وحملوا همومه. فى هذه السلسلة نقدم نبذة سريعة عن بطاركة الكنيسة القبطية للتعريف بهم وبدورهم ورسالة كل منهم. تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لاستضافة احتفالية عالمية تخلّد الذكرى ال17 لمجمع نيقية المسكونى الأول، وهو الحدث التاريخى الذى شكل منعطفًا فى تاريخ المسيحية. فى حوار خاص مع «روزاليوسف»، كشف البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تفاصيل هذا الحدث الدولى الذى سيعقد فى أديرة وادى النطرون بالبحيرة خلال أكتوبر المقبل، بحضور قيادات كنسية عالمية وممثلين من 100 دولة. يأتى هذا الاحتفال لتأكيد الدور التاريخى للكنيسة المصرية فى صَون العقيدة المسيحية، مع استعادة إرث البابا ألكسندروس والبابا أثناسيوس فى مواجهة هرطقة آريوس. مجمع نيقية: أول مؤتمر مسيحى عالمى يُعَد مجمع نيقية الأول (325م) الحدث الأبرز فى تاريخ الكنيسة المسيحية؛ إذ كان أول مؤتمر دولى (مسكونى) يجمع 318 أسقفًا وبطريركًا من العالم المسيحى. عُقد المجمع فى مدينة نيقية (الواقعة حاليًا فى تركيا)، بقرار من الإمبراطور قسطنطين الأول؛ لمناقشة هرطقة آريوس، الكاهن الإسكندرى الذى أثار جدلًا عقائديًا خطيرًا. وقاد البابا ألكسندروس، البطريرك التاسع عشر للإسكندرية، هذا المجمع، برفقة شماسه أثناسيوس، الذى أصبح لاحقًا البطريرك العشرين. فى حديثه، أوضح البابا تواضروس أن «مجمع نيقية كان مناقشة لهرطقة دينية ظهرت فى الإسكندرية، تم حرمان صاحبها، آريوس، وإعلان صورة الإيمان الصحيح». وأشار إلى أن المجمع وضع أسُس قانون الإيمان المسيحى، وحَدّد موعد الاحتفال بعيد القيامة، الذى يُعلن عنه سنويًا بطريرك الإسكندرية.. مؤكدًا على الدور القيادى للكنيسة المصرية. احتفالية مصر: استعادة الدور التاريخى كشف البابا تواضروس أن الاحتفالية العالمية، التى تُقام بمناسبة مرور 17 قرنًا على المجمع، كان من المفترض أن تُعقد فى نيقية بتركيا، لكن الكنيسة القبطية أصرت على استضافتها فى مصر. وأوضح: «أبطال المجمع كانوا مصريين، البابا ألكسندروس والبابا أثناسيوس، والهرطقة نفسها ظهرت فى الإسكندرية. لذلك، طلبنا استضافة هذا الحدث؛ خصوصًا أن المؤتمرات الدولية السابقة عُقدت خمس مرات فى أوروبا ومرة فى كندا، ولم تُعقد فى الشرق من قبل». وأضاف: إن هذا الحدث يُعَد تكريمًا للقديسَيْن المصريَّيْن، ألكسندروس وأثناسيوس، اللذين دافعا بقوة عن العقيدة الأرثوذكسية. كما أكد أن الاحتفالية تعكس الدور المسكونى للكنيسة القبطية، التى تمثل أحد أعمدة الكنائس الشرقية، وتؤكد مكانة مصر كمركز ثقافى وسياحى عالمى. تفاصيل المؤتمر: برنامج دراسى وسياحى يستضيف المؤتمر نحو 500 مشارك من 100 دولة، يمثلون كنائس وثقافات متنوعة، بحضور قيادات بارزة مثل نائب بابا روما، رؤساء كنائس، والسكرتير العام لمجلس الكنائس العالمى. وأوضح البابا تواضروس أن المؤتمر ينقسم إلى جزءين رئيسيين: • الجزء الدراسى: يُعقد فى بداية المؤتمر، ويركز على مناقشات عقائدية وتاريخية حول أهمية مجمع نيقية. • الجزء الرئيسى: يستمر لمدة 5 إلى 6 أيام فى أواخر أكتوبر المقبل، ويتضمن فعاليات دينية وثقافية. وأشار البابا تواضروس إلى أن الوفود ستزور مواقع أثرية وسياحية، بالتنسيق مع وزارة السياحة ومحافظة البحيرة. يُعقد المؤتمر فى أديرة وادى النطرون، وهى منطقة أثرية تعود إلى القرن الرابع الميلادى، مما يعزز من قيمة الحدث الثقافية والروحية. وأضاف: «هذه فرصة لتعريف العالم بحضارة مصر وعراقة كنيستها، ولتأكيد أن مصر قوية ومؤثرة». أهمية المؤتمر: مردود سياحى وثقافى أكد البابا أن المؤتمر سيكون له مردود سياحى وثقافى كبير؛ حيث سيتصدر اسم مصر وكالات الأنباء العالمية لمدة ثلاثة أسابيع. ووصف الحدث بأنه «مثل كل المؤتمرات العالمية التى تُعقد باسم مصر».. مشيرًا إلى أنه سيبرز دور الكنيسة القبطية كجسر بين الشرق والغرب. وأضاف: «استضافة العالم فى مصر تؤكد فخرنا بدورنا التاريخى وإرثنا الذى ساهم فى صياغة العقيدة المسيحية». مجمع نيقية: لحظة تاريخية حاسمة يُعَد مجمع نيقية الأول، أحد المجامع المسكونية السبعة وفقًا للكنيستين الرومانية والبيزنطية، وأحد المجامع الأربعة وفقًا للكنيسة القبطية. عُقد عام 325م فى مدينة نيقية، ثانى عواصم ولاية بيثينية بآسيا الصغرى، بدعوة من الإمبراطور قسطنطين الأول استجابة لطلب البابا ألكسندروس وأسقف قرطبة أوسيوس. حضره 318 أسقفًا، منهم 210 من الشرق و8 من الغرب، إلى جانب آريوس وأتباعه، مثل أوسابيوس أسقف نيكوميديا وثاؤغنس مطران نيقية, وكان الهدف الأساسى للمجمع مناقشة هرطقة آريوس، التى شكّكت فى ألوهية المسيح. إرث المجمع: قانون الإيمان وعيد القيامة استمرت مناقشات المجمع من 20 مايو إلى 14 يونيو 325م، واختتمت أعماله فى 25 أغسطس. أسفر المجمع عن صياغة أول أشكال قانون الإيمان المسيحى، الذى أكد العقيدة الأرثوذكسية، وحرم آريوس وأتباعه. كما اتفق على توحيد موعد عيد القيامة، مع تكليف بطريرك الإسكندرية بإعلانه سنويًا، مما عزز مكانة الكنيسة المصرية. وشارك فى المجمع أساقفة بارزون مثل الأنبا بوتامون أسقف هرقلية والقديس بفنوتيوس أسقف طيبة، مما أبرز الدور المصرى القوى. النص الكامل لحوار البابا تواضروس مع روزاليوسف سينشر فى العدد التذكارى الخاص بمئوية المجلة 8505