انطلقت فعاليات الدورة السابعة من مهرجان ميدفيست مصر للأفلام القصيرة، الذى يقام هذا العام فى مقر الجامعة الأمريكية بالتحرير تحت رعاية وزارة الثقافة، فى أجواء احتفالية جمعت بين المبدعين وصنّاع السينما والأطباء النفسيين والجمهور، وسط حضور واسع يؤكد مكانة المهرجان كإحدى التجارب الفريدة فى المنطقة التى تدمج بين الفن والصحة والوعى المجتمعى. (محطات).. عنوان الدورة ورسالتها جاءت هذه الدورة تحت عنوان «محطات»، وهو مفهوم يعبّر عن محطات الإنسان النفسية والعاطفية والجسدية التى يمر بها خلال حياته، وعن كيفية انعكاسها على تفاعلاته اليومية وتجربته الإنسانية. ويشارك فى هذه الدورة 31 فيلمًا قصيرًا من 15 دولة، تُعرض ضمن 6 برامج متخصصة، تتيح للجمهور رحلة متكاملة عبر قضايا إنسانية ونفسية متشابكة، من التنمر والافتقاد، إلى الشيخوخة والهشاشة النفسية، وصولًا إلى البحث عن الانتماء والتعافى. وقال« د. مينا النجار»، مؤسس ومدير المهرجان: «ميدفيست منذ انطلاقه عام 2017 يسعى لفتح نقاش أوسع حول تعقّد المشاعر الإنسانية، ومساعدة الجمهور على فهم أنفسهم والآخرين من خلال السينما. الأفلام المشاركة هذا العام تعكس بشكل مباشر محطات مؤثرة فى حياتنا اليومية، وتفتح الباب للتأمل فى التجارب الإنسانية المختلفة». برامج المهرجان.. ستة عوالم مختلفة البرنامج الأول حمل عنوان «خطوات»، حيث قدم قصصًا لأشخاص فى لحظات استثنائية تكشف عن قوتهم الداخلية. من بين هذه الأفلام فيلم (Touching Darkness) من جمهورية التشيك، الذى اعتمد على الرسوم المتحركة الرملية لتصوير تجربة صبى فى العاشرة من عمره يتعرف على العالم من خلال حاستى السمع واللمس. كذلك الفيلم المصرى (فجر كل يوم) للمخرج «أمير يوسف»، الذى يعود إلى أحداث عام 1956 ليحكى قصة صداقة تهددها التغيرات الاجتماعية والسياسية. أما البرنامج الثانى «حركات» فقدّم أعمالًا تكشف عن قدرة الجسد على التعبير عن المشاعر. من أبرزها فيلم (Guest Room) الأمريكى الذى يحكى علاقة حب بين اثنين يعانيان من متلازمة داون، وفيلم (The Miracle of Life) الفلسطيني-الهولندى الذى يسلط الضوء على صراع الهوية. البرنامج الثالث «علاقات» ركّز على الروابط الإنسانية الدقيقة وغير المرئية، مقدمًا أفلامًا مثل (Junior Message) البريطانى الذى تناول أجواء جائحة كورونا، و(Dissolution) الأمريكى الذى مزج بين الروائى والتسجيلى فى معالجة الشيخوخة والعلاقات الزوجية. أما «جوانا»، البرنامج الرابع، فقد غاص فى أعماق النفس البشرية عبر أعمال مثل الفيلم المصرى (ماذا يحدث فى حياة نادين) عن الوسواس القهرى، والفيلم الكورى (Persona) الذى تناول فكرة الأقنعة التى يرتديها الإنسان لحماية نفسه. البرنامج الخامس «علامات» حمل إشارات التعافى من خلال قصص عن الأزمات العائلية وأزمات منتصف العمر، بينما اختتم البرنامج السادس «حدود» العروض، مقدمًا أفلامًا تتناول قضايا الانتماء والهجرة واللجوء، مثل الفيلم الألمانى (If I Could Fly ) والفيلم المصرى (السعودية رايح بس) الذى يتتبع رحلة فتاة ريفية من قريتها إلى السعودية. تكريمات خاصة ضمن فعاليات الافتتاح، أعلن المهرجان عن تكريم الفنانة «أمينة خليل» تقديرًا لمشوارها الفنى ودورها فى دعم القضايا الإنسانية من خلال أعمالها. وقد أعربت «خليل» عن سعادتها بهذا التكريم مؤكدة أن «ميدفيست» يفتح بابًا مميزًا للسينما كى تكون أداة للتغيير المجتمعى والتواصل الإنسانى. شراكات جديدة لتعزيز الدور المجتمعي شهد حفل الافتتاح الإعلان عن بروتوكول تعاون جديد بين المهرجان وجامعة ESLSCA مصر، بهدف تمكين الطلاب من خلال السينما وتوفير فرص للتعلم العملى عبر ورش العمل واللقاءات مع صنّاع الأفلام. كما تضمّن البروتوكول منحة دراسية خاصة لتأهيل قادة المستقبل فى الصناعات الإبداعية. وأكد المهندس «كريم الحناوى»، الأمين العام لجامعة ESLSCA، أن هذه الشراكة ستمنح الطلاب تجربة واقعية تُكسبهم مهارات عملية وشبكات تواصل يحتاجونها فى مسيرتهم المهنية، مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى دائمًا لسد الفجوة بين التعليم الأكاديمى النظرى ومتطلبات سوق العمل. نقاشات وورش عمل لا يقتصر «ميدفيست» على العروض السينمائية، بل يفتح مساحة للنقاش والحوار عبر جلسات تفاعلية يشارك فيها مخرجون وأطباء نفسيون وخبراء فى مجالات مختلفة، بهدف تسليط الضوء على التحديات الإنسانية وإيجاد مساحات للتفاهم. كذلك تُنظّم على هامش الدورة ورش عمل تدريبية للطلاب والمواهب الشابة، بما يعكس رؤية المهرجان فى دعم الإبداع والوعى المجتمعى معًا. ميدفيست.. رحلة مستمرة منذ انطلاقه عام 2017، أثبت ميدفيست أنه أكثر من مجرد مهرجان سينمائى. فهو جسر بين الفن والطب النفسى والمجتمع، يتيح للجمهور إعادة النظر فى تجاربهم الشخصية عبر الشاشة الكبيرة. وقد توسّع تأثيره ليشمل نوادى سينما وفعاليات فى محافظات مختلفة، ليصبح جزءًا من الحراك الثقافى والفنى والصحى فى مصر والمنطقة. واختُتم حفل الافتتاح بأجواء من الحماس والترقب لما ستقدمه هذه الدورة على مدار أيامها، حيث ينتظر الجمهور مشاهدة عشرات الأفلام من أنحاء العالم، والمشاركة فى نقاشات ثرية تفتح آفاقًا جديدة للتأمل والفهم. «ميدفيست» 2025 ليس مجرد احتفال بالسينما، بل هو محطة فى حد ذاته، محطة للتوقف والتفكير والتلاقى مع الذات والآخرين، عبر قوة الفن السابع وقدرته على لمس أعمق للمشاعر الإنسانية. 2