يأتى الاحتفال بيوم إفريقيا الذى يوافق 25 مايو من كل عام، فى وقتٍ تتزايد فيه التحديات التى تواجه القارة: من تغير المناخ، إلى النزاعات السياسية، والفقر، والبطالة، والهجرة غير الشرعية. ومع ذلك، فإن ما يميّز إفريقيا هو قدرة شعوبها على الصمود، وإرادتهم فى التغيير. فإفريقيا اليوم ليست فقط ساحة صراعات، بل أيضًا ساحة فرص، خاصةً مع صعود قوى شبابية واعدة، ومبادرات تنموية، واتفاقيات اقتصادية طموحة مثل منطقة التجارة الحرة القارية. وفى ظل العولمة، فإن الاعتزاز بالهوية الإفريقية لا يتناقض مع الانفتاح، بل يُكمل بعضه بعضًا. فالانتماء إلى إفريقيا لا يعنى الانعزال، بل الانخراط بوعى فى مسيرة إنسانية أشمل، تضع إفريقيا فى مكانها المستحق على خريطة العالم، لا كمستقبِل للمساعدات، بل كشريك فى التنمية وصانع للمعرفة. مصر قلب القارة وتُعتبر مصر إحدى الدول الرائدة فى القارة الإفريقية، حيث تلعب دورًا محوريًا فى تعزيز التعاون الإفريقى، سواء من خلال رئاستها السابقة للاتحاد الإفريقى عام 2019 أو من خلال مبادراتها فى دعم مشروعات التنمية والبنية التحتية فى القارة. وتلعب مصر دورًا محوريًا فى دعم مستقبل القارة، سواء من خلال رئاستها السابقة للاتحاد الإفريقي، أو عبر مشروعات التعاون الاقتصادي، وتبادل الخبرات فى مجالات الطاقة، والبنية التحتية، والتعليم. كما تسعى مصر إلى أن تكون جسرًا بين إفريقيا والعالم العربى وأوروبا، مستفيدة من موقعها الجغرافى ومكانتها التاريخية، لتقود تحالفات تنموية حقيقية تعود بالنفع على الجميع ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى رسالة إلى القارة الإفريقية بمناسبة الاحتفال بيوم إفريقيا، مؤكدا فيها التزام بلاده بدعم التعاون البناء فى مختلف ربوع القارة . كما كتب الرئيس عبدالفتاح السيسى عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «فى الخامس والعشرين من مايو من كل عام نحتفل بيوم إفريقيا؛ يوم الوحدة والتضامن» مشيرا إلى أن هذا اليوم «يرمز إلى طموحات الشعوب الإفريقية فى مستقبل مشرق وتنمية مستدامة». وأضاف السيسى أن مصر «التى تمتد جذورها فى عمق التاريخ الإفريقى تؤكد التزامها الراسخ بدعم التعاون البنّاء، وتعزيز جهود التنمية والسلام فى ربوع القارة السمراء لنصنع لأبناء إفريقيا غدا أكثر إشراقا وازدهارا؛ كل عام وإفريقيا قوية ومتحدة وماضية نحو التقدم المنشود». واحتفالا بيوم إفريقيا، نظمت وزارة الخارجية والهجرة احتفالاً بيوم إفريقيا، حيث حضر الاحتفال بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة، وكريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، ومحمد جبران وزير العمل، ووزراء الخارجية السابقون عمرو موسى ومحمد كامل عمرو ومحمد العرابى وسامح شكرى، ومحمد فائق وزير الإعلام الأسبق، والسفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمستشارة أمل عمار رئيس المجلس القومى للمرأة، وحازم عمر رئيس لجنة الشئون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ، والنائب شريف الجبلى رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، وأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، والسفراء الأفارقة المعتمدين بالقاهرة. وألقى عبدالعاطى كلمة خلال الاحتفال تناول خلالها العلاقات المصرية- الإفريقية حيث أكد أن الأجندة الإفريقية تأتى على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، مشدداً على اعتزاز مصر بانتمائها الإفريقى وحرصها على دفع جهود التنمية والتكامل الإقليمى بما يحقق تطلعات الشعوب الإفريقية. واستعرض وزير الخارجية الدور الذى تلعبه مصر عبر تولى فخامة رئيس الجمهورية رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة تنمية الاتحاد الإفريقى (أودا – نيباد)، وريادة لملف إعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات فى القارة الأفريقية، واستضافة مصر لمقر المركز المعنى بتنفيذ سياسة الاتحاد الإفريقى فى هذا الشأن. كما استعرض البرامج التى تنفذها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، ومركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام فى دعم الأمن والاستقرار فى القارة. ونوه فى هذا الإطار إلى أهمية تكثيف الجهود لدعم الصومال من خلال تعزيز قدرات مؤسساتها الوطنية، وتمكين بعثة الاتحاد الإفريقى للدعم والاستقرار فى الصومال من أداء مهامها، مستعرضًا كذلك موقف مصر الداعم للسودان وأهمية احترام وحدة وسلامة أراضيه وتمكينه من استعادة الأمن والاستقرار فى البلاد. وفيما يتعلق بالدعم الاقتصادى والاستثمارى المصرى لإفريقيا، أشاد عبدالعاطى بالسمعة المتميزة التى تتمتع بها الشركات المصرية فى القارة، ولاسيما العاملة فى قطاعات البناء والتشييد، والكهرباء، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والاستثمار الزراعي، مشددًا على ما تتمتع به من إمكانيات تؤهلها لتنفيذ المشروعات الكبرى فى مختلف دول القارة. كما أشاد بتوسع المبادرات القارية الهادفة لتعزيز التكامل الاقتصادي، مؤكدًا أن تلك الجهود تعكس إرادة سياسية حقيقية تستهدف النهوض بالقارة، وتحقيق السلم والأمن والتنمية للشعوب الإفريقية. وكانت مصر من أولى الدول الموقعة والمصدقة على القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى، كما قامت مصر بالتصديق على 20 اتفاقية فى إطار الاتحاد، دخلت منها 16 حيز النفاذ و2 حيز النفاذ مؤقتًا، ووقعت مصر على 6 اتفاقيات على النحو التالى الميثاق الإفريقى للشباب، وتواصل مصر حتى الان، من خلال مشاركتها فى اجتماعات الاتحاد وأجهزته المختلفة، جهودها للإصلاح المالى والإدارى لأجهزة الاتحاد الإفريقى الرئيسية خصوصا مفوضية الاتحاد ومجلس السلم والأمن، بهدف تعزيز أدوارها المنوطة بها. وفى الوقت الذى تولت فيه مصر رئاسة منظمة الوحدة الإفريقية ثلاث مرات، فى أعوام 1946، 1989، 1994، إلا أنها لم تتول رئاسة الاتحاد الإفريقى بعد تأسيسه فى 2002، إلا مرة واحده فى عام 2019، وهى بذلك ثانى دولة إفريقية، مع إثيوبيا، تترأس المنظمة القارية أربع مرات منذ تأسيسها. أجندة 2063 وتعد «أجندة 2063» واحدة من أبرز المبادرات التى أطلقها الاتحاد الإفريقي، وهى رؤية استراتيجية تسعى لتحويل أفريقيا إلى قارة مزدهرة، مسالمة، ومتكاملة بحلول عام 2063. تشمل هذه الأجندة عدة أهداف أساسية، منها تحقيق النمو الاقتصادى الشامل والحد من الفقر، وبناء بنية تحتية حديثة، خاصة فى مجالات النقل والطاقة والاتصالات، وتعزيز الاندماج القارى من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية،ودعم التعليم والبحث العلمى والابتكار بجانب حماية البيئة ومواجهة آثار تغير المناخ وترسيخ الحكم الرشيد وحقوق الإنسان. وتُولى الخطط المستقبلية اهتمامًا خاصًا بتمكين الشباب، كونهم يمثلون أكثر من 60 % من سكان القارة، من خلال دعم ريادة الأعمال، وتطوير المهارات الرقمية، والتوسع فى التعليم التكنولوجى. لكن ما يميز المرحلة الحالية هو وجود إرادة سياسية وشعبية حقيقية لتجاوز هذه التحديات، خاصة مع تزايد التعاون بين الدول الإفريقية، وارتفاع وعى الشباب بدورهم فى التغيير. 3