بعد بدء مناقشة التعديلات المقدمة عليه من الحكومة داخل البرلمان، بسبب الخلاف حول تحرير العقود بين المالك والمستأجر خلال 5 سنوات، مما يهدد بطرد الملايين من المستأجرين، ورفع القيمة الإيجارية خلال هذه الفترة، وهو ما فجر مناقشات موسعة داخل البرلمان، امتدت لتشمل مشادات ومواقف متباينة بين النواب والحكومة، خاصة أن ملف الإيجارات القديمة يمسّ ملايين المواطنين بين ملاك ومستأجرين، تتقاطع مصالحهم وتتناقض رؤاهم حول مستقبل العلاقة الإيجارية المنظمة بقوانين تعود إلى عقود مضت. بدأت قصة الجدل حول قانون الإيجار القديم، مع صدور حكم تاريخى من المحكمة الدستورية العليا فى شهر نوفمبر الماضى، بعدم دستورية (الفقرة الأولى) من كل من (المادتين الأولى والثانية) من القانون رقم 136 لسنة 1981م، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروف بقانون الإيجارات القديم، وقد تضمنت تلك المواد ثبات القيم الإيجارية السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض سكنية، وحدّدت المحكمة الدستورية موعد تنفيذ الحكم فى اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى الحالى لمجلس النواب. الحكومة تتقدم بمشروع قانون الإيجارات القديم لمجلس النواب وتوافقًا مع حكم الدستورية، تقدمت الحكومة الأسبوع الماضى بمشروع قانون للإيجارات القديم لمجلس النواب، ويتضمن المشروع، أولًا: أنه يسرى على الأماكن المؤجرة لغرض السكنى، والأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، وفقًا لأحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، ثانيًا: تُحدد القيمة الإيجارية للوحدات السكنية ب20 ضعف القيمة الحالية، على ألا تقل عن 1000 جنيه شهريًا فى المدن والأحياء، و500 جنيه شهريًا فى القرى، ثالثًا: تُحدد القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى (مثل المحلات والمكاتب) ب5 أضعاف القيمة الإيجارية القانونية السارية، رابعًا: تُزاد القيمة الإيجارية سنويًا بنسبة 15 % على آخر قيمة إيجارية قانونية مستحقة، خامسًا: تنتهى عقود الإيجار الخاضعة لأحكام هذا القانون بعد (5) سنوات من تاريخ العمل به، ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك، سادسًا: يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار بإخلاء المكان المؤجر فى نهاية المدة المحددة، وفى حال الامتناع يحق للمالك طلب إصدار أمر بالطرد من قاضى الأمور الوقتية دون الإخلال بالحق فى التعويض، سابعًا: يُمنح المستأجرون أو من امتدت إليهم عقود الإيجار أولوية فى الحصول على وحدات سكنية أو غير سكنية (إيجارًا أو تمليكًا) من الوحدات المتاحة لدى الدولة، وفقًا للقواعد والشروط التى يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء، ثامنًا: تُلغى القوانين أرقام 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997، وكل حكم يخالف أحكام هذا القانون، وذلك اعتبارًا من اليوم التالى لمرور (5) أعوام من تاريخ العمل بهذا القانون. رئيس مجلس النواب يحيل مشروع قانون الإيجار القديم والمقدم من الحكومة إلى اللجان البرلمانية وأحال المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، خلال جلسة المجلس المنعقدة بتاريخ 29 أبريل الماضى، مشروعى قانونين مقدمين من الحكومة بشأن الإيجارات، إلى اللجنة المشتركة، والمكونة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ومكتبى لجنتى الإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية، لدراستهما بشكل دقيق. ويتعلق المشروع الأول ببعض الأحكام المرتبطة بقوانين إيجار الأماكن، بينما يتناول المشروع الثانى تعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها. وكلف رئيس مجلس النواب، اللجنة المشتركة بإجراء حوار مجتمعى موسع للاستماع إلى كافة الآراء والرؤى المتعلقة بمشروعى القانونين، بما يشمل الجهات المعنية، وعلى رأسها المجلس القومى لحقوق الإنسان، والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فضلًا عن أساتذة القانون المدنى بالجامعات المصرية، والخبراء المتخصصين.. مؤكدًا على ضرورة إتاحة الفرصة الكاملة للملاك والمستأجرين للتعبير عن مواقفهم وآرائهم بمنتهى الشفافية.. مشددًا على أن مشروع القانون لن يخرج من المجلس إلا بصيغة تشريعية متوازنة تضمن حقوق طرفى العلاقة الإيجارية وتحقق العدالة بينهما. ضياء الدين داود: مشروع قانون الحكومة بشأن الإيجار القديم بمثابة سابقة أولى فى تنازع أحكام الدستورية قال ضياء الدين داود عضو مجلس النواب، خلال اجتماع اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والمرافق العامة والإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، لمناقشة مشروعى القانونين المقدمين من الحكومة بشأن الإيجارات القديمة، إن مشروعى القانونين المقدمين من الحكومة بشأن الإيجارات القديمة تجعلنا أمام سابقة أولى فى تنازع أحكام الدستورية، وهو ما يحتاج لإعادة دراسة من الجميع.. محذرًا من صدور مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة بصورته الحالية التى تحدد مدة خمس سنوات على الأكثر لتحرير العلاقة.. موضحًا أنه لا يوجد فى حكم المحكمة الدستورية إلزام على مجلس النواب لإصدار القانون، وأنه إذا تخطينا المدة يبقى فراغ تشريعى بسقوط المادتين واحد وخمسة من القانون لكن لا إلزام تشريعيًا على البرلمان. وزير الشئون النيابية: إذا لم يُصدر البرلمان القانون سيتم فسخ عقود الإيجار فورًا وأوضح المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والتواصل السياسى أنه فى حالة عدم إصدار مجلس النواب تعديلًا لقانون الإيجار القديم وفقًا لحكم المحكمة الدستورية العليا فإن ذلك سيؤدى إلى وجود فراغ تشريعى، وبعد الفراغ يصبح الحكم نافذًا، ومعناه الفسخ التلقائى لعقود الإيجار فورًا بموجب دعوى تُرفع لكل حالة على حدة، وأنه حتى الآن الحكم غير نافذ، حيث سوف يصبح نافذًا بعد نهاية دور الانعقاد. وزير الإسكان: توفير سكن بديل للمستأجر فى حال تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم أكد المهندس شريف الشربينى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، خلال اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب لمناقشة قانون الإيجار القديم، أنه سيتم مراعاة البعد الإنسانى فى تطبيق (المادة 7) بقانون الإيجار القديم الخاصة بإيجاد أماكن بديلة لمن ستنتهى عقود إيجارهم.. قائلًا: إنه نظرًا لمراعاة البعد الاجتماعى والاقتصادى والإنسانى وممكن أهالينا يكونوا غير قادرين، فمن الجائز أن يكون هناك عدم تحرير لبعض الحالات الإنسانية التى تستدعى هذا الأمر.. متابعًا بعض الحالات على الطبيعة من الممكن أن يكون المؤجر ينتفع بالعين وله أكثر من مكان آخر ومتمسك به بسبب طبيعة عمله أو أفضلية المكان.. مضيفًا سنقوم بعمل تقييم عادل لكل الحالات الموجودة، والدولة لن تتأخر سواء بمد عقد الإيجار أو توفير وحدات بديلة، وإحنا جاهزين لهذا بشكل جيد.. كاشفًا أن عدد الوحدات القديمة المؤجرة تقريبًا فى حدود 2.5 مليون وحدة، ومن سينطبق عليه من عدمه سيظهر مع لجان التقصى لتقييم الحالات بشكل حقيقى. رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب: مشروع القانون يفتقر للرؤية التنفيذية انتقد النائب أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية، النص المقترح من الحكومة، لأنه يفتقر إلى دراسات اقتصادية واجتماعية تدعم تطبيقه، وأبدى استغرابه من أن المذكرة الإيضاحية المصاحبة لم تتضمن أى بيانات حول الآثار المتوقعة لتطبيق المادة (5) والتى تنص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات.. متسائلًا عن الكيفية التى ستتعامل بها الحكومة مع (المادة 8) والتى تنص على توفير سكن بديل، دون تحديد آليات أو تمويل واضح لتنفيذ ذلك، واعتبر أن مشروع القانون يحمل صيغًا قانونية مجردة تفتقر إلى الرؤية التنفيذية.. محذرًا من المساس باستقرار المواطنين، وأن الحديث عن طرد كبار السن من منازلهم بعد 5 سنوات غير مقبول.. رافضًا المقترحات البديلة التى تتضمن نقل المستأجرين لمساكن بديلة، حيث إن المسألة تتعلق بالاستقرار النفسى والاجتماعى، وليس فقط بالمكان. معارضة غالبية النواب لمشروع القانون فى ذات السياق، وصف النائب عبدالمنعم إمام مشروع القانون بأنه «مستفز»، معتبرًا أنه يتبنى نهجًا يقوم على طرد المستأجرين دون مراعاة للواقع الاجتماعى والاقتصادى الصعب الذى يعيشه المواطن المصرى. وقال النائب عمرو درويش أمين سر لجنة الإدارة المحلية، إن غالبية نواب لجنة الإدارة المحلية مجمعين على أنه: «ما فيش حاجة اسمها طرد مواطن من بيته». وأكد النائب أحمد بلال أن مثل هذه الخطوات تهدد السلم المجتمعى ولا تراعى الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد. ورفضت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، الصيغة الحالية للقانون ووصفتها ب«غير المتزنة». وطالب النائب هانى أباظة بتحديث بيانات الإيجارات القديمة، ورفض الاعتماد على أرقام تعود إلى عام 2017. «مستقبل وطن» يطالب بإعادة النظر فى مشروع قانون الإيجار القديم أشار النائب إيهاب الطماوى، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، إلى أن الحزب يرى ضرورة إعادة النظر فى عدد من النقاط الجوهرية بمشروع قانون الإيجار القديم بعد أيام من المناقشات داخل البرلمان.. مؤكدًا أن الحزب يطالب بمراجعة ما ورد فى مشروع الحكومة بشأن الزيادات المقررة على القيمة الإيجارية، لا سيما للوحدات السكنية، مشيرًا إلى أن هذا البند أثار حالة من الغضب لدى شريحة واسعة من المواطنين.. مطالبًا بإعادة النظر فى مدة السنوات الخمس المحددة لتحرير العقود الإيجارية، موضحًا أن هذه المدة بحاجة لإعادة تقييم بما يحقق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين. الجبهة الوطنية يطالب بالاكتفاء بزيادة الإيجارات دون التطرق حاليًا لطرد المستأجرين أعلن حزب الجبهة الوطنية أنه عقد اجتماعًا موسعًا يوم الثلاثاء الماضى، لمناقشة مشروع قانون الإيجارات القديم المقدم من الحكومة لمجلس النواب، طالب الحزب بالاكتفاء فى المرحلة الحالية بمعالجة أثر الحكم الصادر من الدستورية بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، وأن يتناول القانون الجديد تعديل القيمة الإيجارية فقط، وبزيادة تستند إلى مؤشرات ومرجعيات حقيقية، مطالبًا بتأجيل أى أفكار أخرى مثل الفترة الانتقالية والوضع بعدها، لحين انعقاد البرلمان المقبل، وذلك لمزيد من الدراسة للموضوع، ولحين توافر بيانات كمية ورقمية محدثة عن الحالات الخاضعة لأحكام القانون الجديد.. وتشمل هذه المرحلة بصفة خاصة حالات الوحدات المغلقة أو التى تم تغيير الغرض من استخدامها بما يخالف عقد الإيجار أو الحالات التى تم التصرف فيها لطرف ثالث. المناقشات البرلمانية تنتهى لضرورة تعديل مشروع القانون المقدم من الحكومة، وقد بدا واضحًا من مناقشات البرلمان لمشروع تعديل قانون الإيجارات القديم المقدم من الحكومة، أن القانون لن يمر بصيغته الحالية، فقد اتفق معظم النواب، بمن فيهم المؤيدون لتحرير العلاقة الإيجارية، على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على المواد محل الجدل، ولاسيما تلك المتعلقة بمدة الإخلاء، وآلية توفير البدائل السكنية، وتعويضات المستحقين.