أزهى عصور التسامح والتقارب مع أتباع الأديان المتعددة! عاش البابا فرنسيس حياة استثنائية، سماتها العامة.. التواضع والإنسانية والحوار والتعددية وقبول الاختلاف، واستطاع اجتياز حدود الكنيسة الكاثوليكية لتصل رسالته إلى كل دول العالم بقيم أخلاقية وإنسانية راقية. وصفه البعض بأنه «بابا الفقراء» و«بابا الرحمة»، ركز فى خطابه وكلماته ومواقفه على القضايا الإنسانية مثل: الفقر والبيئة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
منذ الإعلان الرسمى عن رحيل البابا فرنسيس، بدأ العديد من الإجراءات المعقدة والمركبة المتبعة لترتيبات الجنازة الرسمية حتى مراسم الدفن، وهو ما يعود إلى أن الفاتيكان يحمل بين طياته النظام الدينى لكونه مركز رئاسة الكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم من جانب، وكونه دولة الفاتيكان بنظامها السياسى وسفراء الكرسى الرسولى الممثلين دبلوماسيًا لها فى كل الدول من جانب آخر. الكنيسة والدولة.. بعد سنوات من عدم الانسجام بين الكرسى الرسولى الكاثوليكى ودولة إيطاليا، تم الاتفاق من خلال معاهدة لاتران فى 11 فبراير سنة 1929 على تأسيس دولة الفاتيكان المستقلة بمنطقة مساحتها 44 هكتارًا (ما يوازى 0.44 كم مربع) داخل مدينة روما، كما تم منحها السيادة الكاملة واعتراف إيطاليا بسلطتها الدينية والسياسية المستقلة. يرمز الكرسى الرسولى من خلال مؤسساته الحكومية إلى دولة الفاتيكان، كما يرمز من خلال سلطته الروحية العليا إلى الرئاسة العليا للكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم. ويتضمن النظام الدستورى والإدارى لدولة الفاتيكان.. السلطة التشريعية التى تمارس من خلال مجلس الدولة الذى يقوم البابا بتعيين أعضائه. وهناك السلطة القضائية التى تتشكل من محاكم مدنية تحت إشراف اللجنة القضائية للفاتيكان، ومع إمكانية استئناف الأحكام لدى محكمة التمييز البابوية. وأخيرًا، السلطة التنفيذية تحت مسئولية البابا نفسه، وينفذها «الحاكم العام» بمساعدة «الكوريا الرومانية» وهى إشارة إلى الجهاز الإدارى والتنفيذى والاستشارى للبابا، والتى تتكون من عدة وزارات دينية وإدارية. أما تأمين بابا الفاتيكان وحراسة دولة الفاتيكان وحمايتهما.. ف تقع على عاتق الحرس البابوى، والذى تأسس سنة 1506 بقرار من البابا يوليوس الثانى، ويشترط فى الانضمام للحرس البابوى أن يكون المرشح سويسرى الجنسية، وكاثوليكى الانتماء، وعازبًا، وحاصلًا على التعليم الثانوى، ويتمتع بسمعة طيبة وعمره بين 19 و30 سنة. والحرس البابوى هو المسئول أيضًا عن تنظيم الاحتفالات الرسمية، بالتنسيق مع «قوات الأمن الداخلى للفاتيكان» التى تشرف عليها شرطة الفاتيكان. كسر الخاتم وثلاثة توابيت… رحيل البابا فرنسيس يخضع للعديد من الترتيبات والإجراءات.. تبدأ بالتأكيد الطبى للوفاة من خلال الطبيب الخاص للبابا، ورسميًا من خلال المجلس الطبى للفاتيكان. ويعقبه كسر «خاتم الصياد». أو الخاتم البابوى، وهو خاتم فريد.. يمنح لكل بابا بعد مراسم تنصيبه، ويحمل فى تصميمه نقشًا لاسم البابا أعلى صورة القديس بطرس، وهو يرمى شبكة صيد. ويرمز خاتم الصياد إلى سلطة البابا فى توثيق المراسلات والوثائق الرسمية باسم الكنيسة الكاثوليكية. ولذا يتم كسره عقب إعلان رحيل البابا بواسطة مطرقة فضية صغيرة وهو إجراء يعبر عن قطع أى إمكانية لاستغلال السلطة. ويتواكب مع الإجراءات السابقة، إتمام التحضيرات الخاصة بالجثمان والجنازة.. حيث يتم تجهيز ثلاثة توابيت. التابوت الأول الداخلى من خشب السرو، والذى يتم وضع جسد البابا عليه. ثم التابوت الثانى الرصاصى، والذى يحفظ جسد البابا، ويضمن درجة حرارة ثابتة. والتابوت الثالث الخارجى من خشب البلوط المزخرف، والذى يكون عادة برمز الصليب وشعار البابا. يعقب هذه التجهيزات، عرض تابوت البابا فى بازيليك القديس بطرس لثلاثة أيام ليتمكن الجميع من تقديم التعازى وإلقاء النظرة الأخيرة. ثم تقام مراسم الجنازة الرسمية حسب ما نص عليه دليل جنازات الحبر الرومانى.. فى ساحة القديس بطرس، بحضور الرئيس الإيطالى ورئيس وزرائه، وزعماء العالم، والكرادلة (جمع كاردينال، وهو مركز رسمى مسئول أعلى من الأسقف فى الكنيسة الكاثوليكية، ولهم حق انتخاب البابا حسب الضوابط والمعايير) والأساقفة، ورؤساء الكنائس، والوفود الدبلوماسية الرسمية. وتشمل مراسم الجنازة، القداس الجنائزى وصلاة الأنشودة المسيحية، والتكريم الأمنى من الحرس السويسرى. الكونكلاف.. منذ شغور الكرسى الرسولى، تبدأ إجراءات وقواعد الدستور الرسولى، ومنها إجراءات اختيار الحبر الأعظم البابا الجديد «الكونكلاف» وهى إشارة إلى الاجتماعات السرية المغلقة على الكرادلة لاختيار البابا الجديد.
وهى مراحل تراتبية، تبدأ بفترة الحداد، وهى تمتد من يوم إعلان الوفاة الرسمى حتى إقامة أول جلسة للكونكلاف، وهى عادة تكون بين 15 و20 يومًا. ويتم عقد اجتماع للكرادلة تحت سن 80 سنة ممن يحق لهم التصويت. وذلك بكنيسة سيستينا بالفاتيكان، وتكون مغلقة بالأبواب الحديدية، ولا يسمح لهم بأى اتصال خارجى. وتتحدد آلية التصويت صباحًا ومساءً ببطاقة اقتراع يكتب عليها اسم المرشح بخط اليد. ويجب حصول المرشح على ثلثى أصوات الناخبين من الكرادلة. تسمح آلية التصويت فى حالة عدم وجود نتيجة بعد 33 جولة، أن يقوم الناخبون من الكرادلة بتعديل القانون الداخلى للسماح بإجراءات أكثر مرونة. وبناء عليه إذا خرج الدخان الأبيض عبر المدخنة الصغيرة من سقف كنيسة سيستينا.. تعنى إعلان انتخاب البابا الجديد، أما إذا خرج الدخان الأسود.. فيدل على عدم اتفاقهم على البابا الجديد. كنيسة فقيرة للفقراء.. ولد البابا فرنسيس فى 17 ديسمبر سنة 1936، باسم «خورخى ماريو برغوليو» وبمدينة بوينس آيرس بالأرجنتين للأبوين ماريا جورجيتا أورسِولو وبرناردو برغوليو، وهو الابن الأكبر بين خمسة أطفال. وهى عائلة من أصول إيطالية (من لاتيوم)، هاجرت إلى الأرجنتين مع أوائل القرن العشرين. درس البابا فرنسيس الكيمياء بجامعة بوينس آيرس سنة 1955. وفى سنة 1958، التحق بالرهبنة اليسوعية المعروف اهتمامها بالتعليم وخدمة غير المقتدرين والتزامهم بفلسفة التفكير التحليلى والاجتماعى. كما درس اللاهوت والفلسفة فى روخو بوليتكنيكو فى سان ميجيل. وفى 13 ديسمبر 1969، تمت رسامته (تنصيبه) كاهنًا على يد رئيس الأساقفة هيوان كارلوس آرجوندو. ثم تم تعيينه أسقفًا مساعدًا بإبراشية أى النطاق الجغرافى لبوينس آيرس سنة 1992، ورئيس أساقفة المدينة سنة 1998، ثم تم تعيينه كاردينالًا فى 21 فبراير سنة 2001 على يد البابا الأسبق يوحنا بولس الثانى. وفى 13 مارس سنة 2013 تم انتخابه كبابا.. بعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر فى موقف غير مسبوق ونادر فى العصر الحديث. تتسم شخصية البابا فرنسيس بملامح متفردة، منها التواضع حيث رفض الإقامة الرسمية مثل أسلافه بالقصر البابوى، واختار سكن ضيافة «سانتا مارتا». وكان يتناول الطعام مع الموظفين بالفاتيكان. وتمتع بلغة بسيطة ولطيفة وإنسانية فى خطاباته ورسائله بعيدًا عن اللغة المهيبة المعتادة للباباوات. ومن أهم الإصلاحات التى قام بها هى قراره بإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق فى انضباط الملفات المالية، وإدارة موارد الفاتيكان المالية. وأعطى أولوية لخدمة غير المقتدرين، وتبنى مشروعات للإيواء وإغاثة المشردين ولاجئى أمريكا اللاتينية.. ملخصًا ما يؤمن به تحت شعار «كنيسة فقيرة للفقراء». لاهوت التحرير.. على الرغم من أن لاهوت التحرير.. قد نشأ فى ستينيات القرن العشرين على يد لاهوتيين من أمريكا اللاتينية، فلم يؤيد البابا فرنسيس مبادئه وأفكاره بالكامل. وكان له موقف مباشر من عدم الاهتمام بغير المقتدرين، ودعا إلى أن تكون الكنيسة منفتحة على المشكلات المجتمعية.. معتبرًا أن الإيمان لا يمكن فصله عن العدالة. ريادة البابا فرنسيس.. أول بابا ينتمى للرهبنة اليسوعية. وأول بابا ينتمى إلى أمريكا اللاتينية. وأول من انتخب وسلفه البابا بندكتوس السادس عشر على قيد الحياة. أول من أقام خارج القصر الرسولى. وأول من زار أراضي لم يزرها حبر أعظم من قبله، مثل: العراق وكورسيكا. وأول من وقع إعلان للأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر.. أحد أكبر وأهم قيادة إسلامية. وأول بابا يعين مجلس كرادلة لمساعدته فى إدارة الكنيسة، وأول من أسند أدوارًا فى المسئولية للمرأة والعلمانيين فى الكوريا الرومانية. وأول من أطلق «سينودس» (ملتقى فكرى) شارك فيه من غير رجال الدين. وأول من ألغى السر البابوى فى قضايا الاعتداءات الجنسية. وأول من ألغى عقوبة الإعدام من التعليم المسيحى للكنيسة الكاثوليكية. أصدر حوالى 60 مرسومًا لإعادة تشكيل هياكل الكوريا الرومانية وإبراشية روما.. لتعديل القانون الكنسى والنظام القضائى للفاتيكان لإصدار قواعد وإجراءات أكثر صرامة فى مكافحة الانتهاكات الجنسية. كما هو الحال فى مرسوم «Vos Estis Lux Mundi» وهى وثيقة تضمنت نتائج ومؤشرات وتوصيات قمة حماية القاصرين فى الفاتيكان فى فبراير سنة 2019. وهى القمة التى مثلت ذروة العمل لمكافحة الاستغلال الجنسى للأطفال والاعتداءات الجنسية من قبل الإكليروس (رجال الدين). وعبرت عن استعداد الكنيسة للعمل بحقيقة وشفافية. كما وضع البابا فرنسيس إجراءات جديدة للإبلاغ عن التحرش والعنف، وأدخل مفهوم المساءلة.. لضمان تحمل الأساقفة والرؤساء الدينيين مسئولية أفعالهم. وذلك حسبما جاء فى (الفاتيكان نيوز). الأخوة الإنسانية.. تميز البابا فرنسيس بمواقفه الإنسانية على مستوى العالم، وكانت له دعوات محددة فى بعض التحديات الدولية، على سبيل المثال: فيما يخص قضية الهجرة واللجوء.. دعا الدول الكبيرة الغنية إلى استقبال اللاجئين تنفيذًا لتعاليم السيد المسيح بالاهتمام بالغريب والعناية به. وفى قضايا البيئة والمناخ.. دعا فى شهر مايو سنة 2015 إلى الاعتراف بالأزمة البيئية باعتبارها «مسألة أخلاقية وروحية» تحتاج إلى أسس للتعاون العالمى لحماية مشتركة للكرة الأرضية. وفى قضية مكافحة الفقر.. دعا الكنائس ومنظمات المجتمع المدنى إلى الاحتفال باليوم العالمى للفقراء منذ سنة 2017، وتوفير دعمٍ ملموس للمحتاجين. ومن أهم مبادرات البابا فرنسيس هى إصدار وثيقة الأخوة الإنسانية بالاشتراك مع د. أحمد الطيب «شيخ الأزهر الشريف» فى 4 فبراير سنة 2019 بأبوظبى. وهى الوثيقة التى نصت على تقدير الكرامة الإنسانية، وضرورة نبذ العنف باسم الدين، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات. وقد صنفت الأممالمتحدة تلك الوثيقة باعتبارها «وثيقة أساسية لصناعة السلام العالمى»، وتحولت إلى مرجع للحوار بين أصحاب الأديان. ومنذ ذلك الحين.. توطدت العلاقة بين البابا والشيخ من خلال لقاءات متبادلة.. مرة فى القاهرة حيث حضر مؤتمر الأزهر العالمى للسلام سنة 2017، ومرتين فى الفاتيكان.. أحدهما بعنوان «دين واحد.. إنسانية واحدة» سنة 2021 بروما.. وهى اللقاءات التى أثمرت عن مبادرات مشتركة لتبادل البرامج التعليمية، وتبادل الخبرات فى الشئون الاجتماعية ومكافحة التطرف. وربما تكون كلمات د.أحمد الطيب «شيخ الأزهر الشريف» أكثر تعبيرًا عن روابط العلاقات بينهما حيث نعاه ب«أخاه فى الإنسانية».. بعد رحلة سخرها فى العمل من أجل الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء، ودعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة. مصر والفاتيكان.. فى 28 أبريل سنة 2017، قام البابا فرنسيس بأول زيارة له إلى مصر.. بدعوة رسمية من الرئيس عبدالفتاح السيسى. واجتمع معه فى قصر الاتحادية. ثم التقى بالشيخ أحمد الطيب بمقر مشيخة الأزهر الشريف، وبالبابا تواضروس الثانى بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وقد حملت الزيارة تأكيدًا على قيم التعايش الوطنى للمواطنين المصريين المسيحيين والمسلمين، والتصدى للتطرف والإرهاب. ويذكر أن البابا فرنسيس قد شارك فى إعلان «مسار العائلة المقدسة» كمشروع روحى وسياحى بالتعاون بين الفاتيكان ومصر.. باعتماد بعض المحطات المجهزة من المواقع الأثرية.. لجذب الآلاف من الزائرين من مسيحيى العالم لتنشيط السياحة الدينية فى مصر. وهو ما نتج عنه توطيد العلاقات المصرية مع الفاتيكان فى شكل من أشكال التميُّز فى العلاقات المرتكزة على التقدير والاحترام المتبادل والشراكة فى مبادرات الحوار الدينى والثقافى. ولذا كان من الطبيعى، أن ينعيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بوصفه أنه شخصية عالمية استثنائية، وأن فقدانه يمثل خسارة جسيمة للعالم أجمع.. إذ كان صوتًا للسلام والمحبة والرحمة. هلاك وكلاء السماء.. ليس من الغريب ما حدث مع إعلان خبر رحيل البابا فرنسيس.. حيث انتشرت على مواقع السوشيال ميديا.. تعليقات تحمل لغة مفردات خطاب الكراهية والشماتة باستخدام كلمات بعيدة كل البعد عن الجوانب الإنسانية والإيمانية لأى دين، وباستخدام صور مركبة تحمل ما يندرج تحت الإساءة وازدراء الأديان. وهو ما يؤكد أهمية مبادرة البابا فرنسيس مع د. أحمد الطيب بالدعوة للأخوة الإنسانية فى هذه المناخ المتطرف والمتشدد والمتعصب الذى لا يقبل التعددية وقبول الاختلاف، ويعتبر أصحابه.. أنفسهم وكلاء السماء على الأرض. والحقيقة، أن دعواتهم هى التى تدعو لهلاك الإنسان.. أما ما دعا إليه البابا والشيخ هو تقدير كرامة الإنسان. والملاحظ، أن خطاب الأزهر الشريف الرسمى.. أدان هذا السلوك المشين فى تأكيد على أن الأديان تحث على احترام الموتى والرحمة والإنسانية، وعدم الشماتة فيهم مهما كان الاختلاف ودرجته. بابا الجنوب.. بعد رحيل البابا فرنسيس، بدأت الاستنتاجات والتوقعات فى شخصية البابا الجديد، ومن المؤكد أن هناك بعض المعايير المرجعية لاختيار البابا على غرار مدى قدرة المرشح على الاستمرار فى نهج الإصلاح والانفتاح. ومدى خبرته فى العمل الإنسانى والاجتماعى. ومراعاة التنوع الجغرافى لنصف الكرة الأرضية الجنوبى. ومن أبرز الأسماء المطروحة كل من: الكاردينال بيتر توركسون (رئيس المجلس البابوى للعدالة والسلام، ومعروف بمواقفه من العدالة الاجتماعية، من غانا). والكاردينال ماتيو زوبى (رئيس أساقفة بوتنزا، ومدافع عن حقوق المهاجرين والشباب، من إيطاليا). والكاردينال لويس أنطونيو تاغلى (رئيس أساقفة مانيلا، ويتمتع بشعبية واسعة وتأثير فى آسيا، من الفلبين). تشير العديد من المؤشرات إلى أن أحد أهم التوقعات هو أن يختار الكرادلة البابا الجديد من قارة إفريقيا أو قارة آسيا.. للمرة الأولى لتعزيز تمثيل الكنيسة عالميًا، ومواصلة اتساع قاعدة المؤمنين. مستقبل الفاتيكان.. من الواضح أن مستقبل الفاتيكان فى مواجهة مع بعض التحديات فى ظل وجود العديد من الفرص. التحديات تتلخص فى مدى القدرة على الضغط فى استمرار إصلاح المؤسسات الاقتصادية التابعة للفاتيكان. ومواجهة ما يتعلق بالأزمات الأخلاقية للملف الخاص بالاعتداءات الجنسية لبعض رجال الدين، وإجراءات المحاسبة بشفافية. والتراجع العددى للمؤمنين والملتزمين دينيًا فى الغرب سواء فى أوروبا أو أمريكا الشمالية. أما عن الفرص، فيمكن تحديدها فى: 1 - التركيز على النصف الجنوبى من الكرة الأرضية سواء إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو آسيا حيث إنها تشهد نموًا ملحوظًا فى أعداد المنتمين للكنيسة الكاثوليكية، وهو ما يمكن أن يكون مسارًا جديدًا لتعزيز دور هذه المناطق فى صنع قرار اختيار الحبر الأعظم. 2 - يمكن أيضا الاستجابة للدعوات المتزايدة لمنح المرأة المزيد من الأدوار والمناصب القيادية داخل الكنيسة، وما يزيد من فرص الانفتاح. 3 - المزيد من تفعيل مشروع وثيقة الأخوة الإنسانية.. كنقطة ارتكاز وانطلاق لزيادة التعاون مع الإسلام واليهودية والأديان الأخرى فى مواجهة التطرف والإرهاب والتعصب والتشدد ونبذ خطاب الكراهية. 4 - تعزيز التعليم والخدمات الاجتماعية من خلال شبكة المدارس الكاثوليكية والجامعات اليسوعية التى تعتبر نافذة لنشر القيم الإنسانية وخدمة المجتمع المدنى. نقطة ومن أول السطر.. رحيل البابا فرنسيس يمثل نهاية مرحلة متميزة فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية «الكنيسة الفقيرة للفقراء»، مرحلة تميزت بالتسامح والرحمة والانفتاح. وسيذكر التاريخ أن البابا فرنسيس ترك مبادرات متميزة وغير مسبوقة فى تاريخ الحوار بين أتباع الأديان، وفى الدفاع عن غير المقتدرين والضعفاء والمهمشين. ويحسب له إسهامه فى إطلاق مبادرات بيئية وإنسانية.. تؤكد على البعد الأخلاقى للفكر الدينى. والمؤكد أن مبادرات وإصلاحات ومواقف البابا فرنسيس هى بمثابة خارطة طريق للكرسى الرسولى مع البابا الجديد المرتقب فى مواجهة التحديات والأزمات التى تواجه الإنسانية على أرض الله الواحد. الموت ليس عقابًا الهيًا لأى إنسان، بل هو مصير لكل إنسان.. لا محالة. ولا يجوز فى كل الأحوال أن يكون التعقيب على الموت.. بالتعبيرات الافتراضية مثل «هاها» وغيرها.. فالاستهزاء والسخرية والشماتة والضحك.. دليل على التعصب والتطرف والكراهية والطائفية البغيضة.. نطلب من الغرب.. مساندتنا ونطب منه اللجوء.. ونستبيح حرمة الموت وكرامة الإنسان.. الموت لا يمثل إهانة لأحد أو انتقاصًا من إنسانيته.. كما لا يعنى هزيمته وانتصار غيرة مهما اختلف معه.. الإنسانية قبل الأديان.. 1 2