أمس الجمعة كان الذكرى 43 لعيد تحرير سيناء، التى سجلت تاريخًا طويلًا من كفاح الشعب المصرى، وسيناء هى مهد الرسالات ومسرى الأنبياء والبقعة المقدسة من أرض الوطن التى تفيض من بركات الله ورحمته، والنور الإلهى الذى تجلى على أرضها الطاهرة والتى سالت على رمالها دماء الشهداء والأبطال دفاعًا عن كرامة الوطن، ولم يكن تحرير الأرض هو نهاية المطاف، بل كان البداية الحقيقية لمرحلة جديدة من البناء والتنمية والتعمير، فقد أصبح من الواجب الوطنى تحويل سيناء من أرض صراع إلى أرض أمل ومنطقة واعدة بالفرص والتنمية. سيناء ليست مجرد رقعة جغرافية، بل هى امتداد حيوى واستراتيجى لمصر، فهى تشكل نحو %6 من مساحة الدولة، وتملك موقعًا جغرافيًا بالغ الأهمية يربط بين قارتى آسيا وأفريقيا، وتطل على البحرين الأحمر والمتوسط، كما أن سيناء غنية بالموارد الطبيعية والمعادن، وتزخر بمقومات سياحية وتاريخية تجعل منها كنزًا اقتصاديًا وسياحيًا واعدًا. انطلاقًا من هذه الأهمية، جاء اهتمام الرئيس السيسى والدولة وخاصة القوات المسلحة فى السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق بتنمية سيناء، وتنفيذ خطة شاملة تستهدف مختلف القطاعات، وقد وصلت تكلفة عبور سيناء أرض الفيروز إلى المستقبل المشرق إلى 1,2 تريليون جنيه بمشروعات متنوعة. 800 مليار جنيه قيمة المشروعات التى تم تنفيذها واستهداف مشروعات ب 400 مليون جنيه خلال الفترة القادمة لتحقيق التنمية المستدامة بهدف جعل سيناء جزءًا متكاملًا من النسيج الوطنى المصرى. البنية التحتية كانت البداية بدأت عملية التنمية من الأساس، حيث تم تنفيذ مشروعات ضخمة فى مجال البنية التحتية، شملت إنشاء وتطوير شبكة الطرق والكبارى والأنفاق. ومن أبرز هذه المشروعات، أنفاق قناة السويس التى تربط سيناء بالوادى والدلتا، وتُعد شريان حياة جديدًا يزيل العزلة التى عانت منها سيناء لسنوات طويلة. كما تم إنشاء العديد من محطات الكهرباء ومصادر المياه لضمان توفير الخدمات الأساسية للسكان والمشروعات. الزراعة واستصلاح الأراضي جانب كبير من خطة التنمية ركز على استصلاح الأراضى الزراعية واستغلال المياه الجوفية فى سيناء، وقد تم استصلاح آلاف الأفدنة، خاصة فى منطقة وسط وشمال سيناء، وتم تجهيزها بالبنية الأساسية اللازمة للزراعة بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات الرى الحديث. وتُعد خطوة مهمة فى تحقيق الأمن الغذائي. الصناعة والتعدين ونظرًا لأن سيناء غنية بالثروات المعدنية، تم تطوير عدد من المشروعات الصناعية، خصوصًا فى مجال التعدين، حيث تحتوى سيناء على معادن مثل الفوسفات والمنجنيز والرخام والرمال البيضاء، كما تم إنشاء مناطق صناعية جديدة لتوفير فرص عمل للشباب والمساهمة فى تنويع الاقتصاد، ولا يمكن الحديث عن سيناء دون الإشارة إلى كنوزها السياحية من شرم الشيخ إلى دهب ونويبع وسانت كاترين، كلها مناطق جذبت السياح من مختلف أنحاء العالم وتقديم تسهيلات لجذب الاستثمارات السياحية وتنظيم فعاليات دولية تروّج لصورة سيناء كمقصد آمن وجميل. وعلى صعيد التنمية البشرية، فقد تم بناء مدارس ومستشفيات ومراكز خدمية جديدة، مع دعم برامج التدريب والتعليم لأبناء سيناء، وتوفير فرص عمل لهم، لضمان مشاركتهم فى بناء مستقبلهم. ومن المؤكد أن تنمية سيناء وتعميرها ليست مجرد مشروعات فقط بل هى معركة لا تقل أهمية عن معركة التحرير ومعركة للبناء من أجل مستقبل الأجيال القادمة. فكما استعدنا الأرض بدماء الشهداء، يتم تعمرها بسواعد أبنائها وسواعد المصريين جميعًا، لأن سيناء كانت ولا تزال رمزًا للعزة والكرامة، ويوم تحريرها هو مناسبة لتجديد العهد على مواصلة الطريق نحو تنمية شاملة ومستدامة، تُعيد لهذه الأرض المقدسة مكانتها المستحقة فى قلب الوطن والمواطن.