يحتفل المصريون غدًا بمرور 11 عامًا على ثورة 30 يونيو والتى أنقذ فيها الشعب المصرى وطنه من أيدى مغتصبيه، ومما لا شك فيه أن أقباط مصر من أكثر الفئات التى عانت كثيرًا من حكم الإخوان المسلمين، فمنذ وصول محمد مرسى العياط مرشح الإخوان لكرسى الحكم فى يونيو 2012 وبدأ اضطهاد حقيقى لهم حيث سجل التاريخ أحداثًا كثيرة أحدثت جراحًا فى نفوس المصريين جميعًا؛ بل وكانت أحد أسباب نزول الشارع المصرى بكل أطيافه ضدهم، وذلك بعدما شعر الشعب بتهديد هويته وكان من الطبيعى أن يشارك أغلب أقباط مصر إن لم يكن جميعهم فى ثورة 30 يونيو والتى كانت بمثابة طوق النجاة لهم من أحداث مرعبة أخرى كانت تنتظرهم. ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن وعلاقة الأقباط بالدولة تغيَّرت كثيرًا وذلك بعد أن أرسى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية مبدأ المواطنة وأعلنها كثيرًا قولًا وفعلًا بأنه رئيس لكل المصريين، رافضًا أى تصنيف آخر لأى مواطن سوى أنه مصرى. وفى ظل إرادة سياسية حقيقية وممارسات فعلية وواقعية، عززت الدولة المصرية من المفهوم الشامل للمواطنة والوحدة الوطنية، وذلك من خلال ترسيخ قيم العدالة والمساواة والحوار البناء والتسامح والعيش المشترك ومواجهة التعصب والأفكار المتطرفة، فضلًا عن دعم التمكين السياسى للأقباط داخل المؤسسات المختلفة للدولة والمشاركة المجتمعية فى العمل الأهلى والتنموى، وسن القوانين التى تتيح حرية ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة، إلى جانب الاهتمام بالمشروعات الدينية والتراثية والحضارية والثقافية كونها أيقونات تاريخية فريدة تعكس الهوية الوطنية للجمهورية الجديدة ومكانة مصر فى مختلف الأديان السماوية، وهو ما جعل أرض الكنانة فى طليعة الدول التى قدمت للعالم تجربة متميزة فى التعايش بين النسيج الوطنى، وتعظيم القيم الإنسانية ونشر ثقافة التعددية والتى لاقت إشادة واسعة من المجتمع الدولى والمحلى. وفى أحدث تقرير للمركز الإعلامى لمجلس الوزراء والذى جاء بعنوان «حلم المواطنة والوحدة الوطنية يصبح واقعًا يعيشه المصريون بفضل دولة 30 يونيو»، أوضح فيه رؤية المؤسسات الدولية ووسائل الإعلام الأجنبية لملف المواطنة فى مصر، حيث ذكرت المونيتور عام 2022 أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أصدر قرارًا بتعيين قاضٍ مسيحى رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا لأول مرة فى خطوة وصفت بالتاريخية. يأتى هذا فيما، أشارت مؤسسة Open Doors International عام 2023، إلى اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالحديث بشكل منتظم وإيجابى عن المسيحيين فى مصر ومواصلة جهوده لخلق هوية مصرية واحدة تشمل المسلمين والمسيحيين، علمًا بأن هذه المؤسسة الدولية التى نشأت عام 1955 معنية بالدفاع عن حقوق المسيحيين فى جميع أنحاء العالم الذين يواجهون الاضطهاد والتمييز. وفى السياق ذاته، أشارت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية عام 2023، إلى مواصلة الحريات الدينية فى مصر التحسن، فضلًا عن استمرار الحكومة المصرية فى تقديم مبادرات لتعزيز التسامح الدينى، مشيدة بتحقيق وزارة التربية والتعليم تقدمًا فى مراجعة الكتب المدرسية لبعض الصفوف الدراسية لإزالة نصوص معينة تضر بحقوق الأقليات الدينية. من جانبها، أكدت خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكى عام 2023، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه منصبه وهو يدعو إلى مزيد من التعايش والوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين. بدورها، تناولت أسوشيتدبرس عام 2022 الحديث عن حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه منصبه على حضور قداس عيد الميلاد الأرثوذكسى، مشيرة إلى اتخاذه خطوات لتمكين المسيحيين، بما فى ذلك تعيين أول سيدة مسيحية كمحافظ، فضلًا عن السماح ببناء الكنائس بعد عقود من التوقف. وإلى جانب ما سبق، أكدت «رويترز» فى عام 2019، أن افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى أكبر مسجد وكنيسة فى مصر فى العاصمة الإدارية الجديدة يعد رسالة رمزية للتسامح فى مصر. وعلى صعيد متصل، أبرز التقرير تأكيد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عام 2022 أن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع هى قيم ثابتة تمثل نهج الدولة المصرية تجاه جميع المواطنين، وهو ما ترسخه الدولة من خلال ممارسات فعلية وواقعية فى جميع مناحى الحياة فى مصر لتعظيم تلك القيم الإنسانية من السلام والمحبة وعدم التمييز لأى سبب ونشر ثقافة التعددية وحرية الاعتقاد. وأشار التقرير كذلك إلى إشادة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ورؤساء الطوائف بجهود الدولة فى ملف المواطنة فى مصر، لافتًا إلى تأكيد قداسته فى عام 2023 أن السنوات الأخيرة شهدت إنجازات كثيرة على أرض مصر فى كل مكان وفى جميع المجالات، مشيرًا إلى أن من هذه النعم الكبيرة إصدار الدولة منذ نحو سبع سنوات قانونًا لبناء الكنائس، والذى كان بعيدًا عن المصريين عشرات السنين، مضيفًا إنه بعد إصدار القانون فى 2016، صار بناء الكنيسة هو عمل له قانونه وفعالياته وصورته، وصار عملًا من أعمال السيادة فى مصر، معتبرًا هذا أمرًا فى غاية الأهمية. وفى السياق ذاته، أشار الأنبا إبراهيم إسحاق بطريرك الكنيسة الكاثوليكية عام 2023، إلى أن تهنئة السيد الرئيس شخصيًا للمسيحيين كل عام هى تأكيد من جانب سيادته على معانى المواطنة الحقيقية، وكذلك رسالة للمصريين جميعًا بأن المسيحيين شركاء فى الوطن. كما شدد الدكتور القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية عام 2023 على أن المواطنة فى الجمهورية الجديدة تنتقل من كونها شعارًا إلى ممارسة عملية وحقيقية على أرض الواقع، سواء فيما يتعلق بالرأى العام أو على صعيد القرارات التى تصدرها الدولة، مبينًا أن من أبرز تلك الخطوات تقنين الكنائس منذ عام 2016. وعلى صعيد متصل، رصد التقرير تحسن وضع مصر فى المؤشرات الدولية الخاصة بالمواطنة، حيث تحسنت نقاط مصر فى مؤشر السلام المجتمعى الصادر عن Institute for Economics & Peace ليسجل 2.5 نقطة عام 2023، مقابل 3 نقاط عام 2014، علمًا بأن المؤشر يعتمد على ركائز فرعية أبرزها انخفاض معدلات العنف والإرهاب والجريمة، وكلما قل عدد النقاط كان أفضل، كما تقدمت مصر 6 مراكز فى مؤشر المواطنة الصادر عن US News، حيت احتلت المركز 51 عام 2023، مقابل المركز 57 عام 2016، علمًا بأن المؤشر يعتمد على عدة ركائز فرعية أبرزها الاهتمام بحقوق الإنسان والحرية الدينية والمساواة بين الجنسين. وإلى جانب ما سبق، تحسنت نقاط مصر فى مؤشر الاستقرار السياسى وغياب العنف الصادر عن The World Bankمسجلة 14.15 نقطة عام 2022، مقابل 7.62 نقطة عام 2014، فيما أشارت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية عام 2023، إلى خروج مصر من قائمة الدول المثيرة للقلق للعام السابع على التوالى، وذلك بخلاف تأكيدها عام 2016 أن مصر ظلت على قائمة الدول المثيرة للقلق طيلة ستة أعوام، وذلك بدءًا من عام 2011. واستعرض التقرير جهود الدولة فى بناء وترميم الكنائس تطبيقًا للقانون رقم 80 لسنة 2016، بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس، فى إطار تفعيل المادة 235 من الدستور، حيث تم تشكيل اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس فى يناير عام 2017، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية 6 وزراء وممثلين عن الطائفة المعنية وعن جهات سيادية. وأضاف التقرير إنه تم إصدار 25 قرارًا من قبل اللجنة المعنية، وذلك منذ مايو 2018 وحتى الآن، حيث تم تقنين أوضاع 2900 كنيسة ومبنى تابع، بما يشمل 1505 كنائس، و1395 مبنى تابعًا. وفى الوقت نفسه أشار التقرير إلى أنه تم إنشاء 69كنيسة بالمدن الجديدة، فى حين جارٍ إنشاء 43كنيسة بالمدن الجديدة أيضًا. وتطرق التقرير إلى مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، لافتًا إلى أن المشروع يشمل الكنائس والأديرة وآبار المياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، علمًا بأن المسار يمتد على 3500 كم ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، بإجمالى 25 نقطة فى 11 محافظة. وأشار التقرير إلى الجوائز التى حصل عليها المسار، حيث تشمل حصول المشروع على جائزة تقديرية من وزارة الثفاقية المكسيكية، وكذلك منح المشروع شهادة بلقب «ممارسة جيدة» للجوائز الثقافية الدولية من المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية (UCLG). وتناول التقرير الحديث عن جهود الدولة فى تنفيذ المشروع، حيث تم إنتاج فيديو توثيقى باللغتين العربية والإنجليزية وكتالوج صور لرصد الاحتفالات المقامة على محطات رحلة العائلة المقدسة فى المحافظات، كما تم توفير 448 مليون جنيه من المحافظات لإقامة بعض المشروعات ومنها البنية التحتية والطرق والكبارى وأعمال التطوير فى ثمانى محافظات يمر بها المسار، وكذلك خصصت وزارة السياحة والآثار 60 مليون جنيه لصالح المشروع. 2