لا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟ جلسة تاريخية شهدها مجلس النواب الأسبوع الماضى، جاءت فى توقيت شديد الحساسية لتؤكد أن مؤسسات الدولة المصرية على خط واحد مع القيادة السياسية، تجاه ما يحاك من مخططات «فاسدة» تمس الأمن القومى المصرى، بمحاولة الدفع نحو مخطط التهجير القسرى للأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء، إلا أن الرسالة كانت واضحة من البرلمان المصرى إلى تل أبيب «أمننا القومى خط أحمر».
عقد مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، الأسبوع الماضى، جلسة عامة لمناقشة طلبات إحاطة موجهة إلى رئيس مجلس الوزراء بشأن التدابير والإجراءات التى اتخذتها الحكومة تجاه منع محاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة. وأوضح النواب مقدمو طلبات الإحاطة أن الجلسة جاءت لتوضيح الإجراءات والسياسات التى اتخذتها الحكومة نحو مسألة الحفاظ على الأمن القومى، وكذلك للرد على ما يثار فى وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية حول وجود تحفز إسرائيلى لتهجير أهالى قطاع غزة إلى سيناء. وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنه تابع باهتمام بالغ مُجريات بيان رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس النواب، والذى عبّر خلاله عن ثوابت الدولة تجاه الأمن القومى المصرى، وتجاه القضية الفلسطينية الباقية فى الضمير الوطنى المصرى دولة وشعبًا. وشدد الرئيس السيسى، عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعى، على استمرار الدولة بجميع أجهزتها ومؤسساتها فى تقديم الدعم اللازم ل القضية الفلسطينية على جميع المستويات، رافضين بشكل قاطع أية محاولات لتصفيتها، داعين جميع الأطراف الفاعلة على إعلاء صوت الحكمة وتفعيل القرارات الدولية بذات الشأن. رد حاسم من الحكومة جاء رد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء -خلال كلمته بالجلسة العامة- باستعراض موقف الدولة المصرية، والجهود التى تمت خلال الفترة الماضية، لدعم أشقائنا الفلسطينيين، على مختلف المستويات؛ السياسية، والدبلوماسية، والمجتمعية، مؤكدًا أن طلبات الإحاطة تعكس فهمًا دقيقًا وواضحًا لما تواجهه مصر من تحديات، وما تتعرض له من ضغوط سياسية واقتصادية، موضحًا ما تتعرض له مصر منذ فترة من ضغوط، وما ستتعرض له فى الفترة المقبلة، لافتًا فى ذلك إلى رؤية القيادة السياسية منذ سنوات لتقوية الجيش المصرى، مؤكدًا أنه أصبح واضحًا الآن أهمية هذه الرؤية. وأكد مدبولى فى هذا الإطار، على عدد من الحقائق الواضحة تتمثل فى أن التضامن والدعم المصرى الكامل؛ قيادةً وشعبًا، للشعب الفلسطينى فى محنته الحالية وللقضية الفلسطينية، ليس وليد اللحظة، وإنما هو استمرار للدور المصرى تاريخيًا، الذى لم ولن يتخلى عن القضية الفلسطينية، فمصر ضحَّت وستضَّحى من أجل الشعب الفلسطينى. وقال رئيس الوزراء: استمرارًا لدعم القضية الفلسطينية، قام الرئيس السيسى، منذ توليه المسئولية، وكذا أجهزة الدولة المعنية، بتقديم كل الجهود لدعم القضية الفلسطينية، والدعوة لعقد الاجتماعات واللقاءات لدعم هذه القضية، وعند اندلاع الأزمة الحالية، دعت مصر لعقد قمة القاهرة للسلام 2023 بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتى أكد فيها الرئيس على الإدانة وبوضوح كامل لاستهداف وقتل وترويع المدنيين المسالمين، بالإضافة إلى عدم إغلاق معبر رفح فى أى لحظة، وكذلك الرفض التام للتهجير القسرى للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء، فضلا عن الرفض التام لتصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل، وفى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبدًا. وحول الأوضاع الإنسانية الكارثية فى قطاع غزة، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن مصر ضغطت منذ بداية الأحداث من أجل إدخال المساعدات الإغاثية لأهالى القطاع، وأن مصر قدمت ما يمثل نحو 4 أضعاف حجم المساعدات المقدمة من 30 دولة. كما لفت رئيس الوزراء فى الوقت نفسه إلى أن مصر واجهت المخططات الرامية لتوظيف هجوم السابع من أكتوبر؛ حيث أدركت مصر أن الهدف من التصعيد هو وضع مخطط «التهجير القسرى» للفلسطينيين باتجاه سيناء لتصدير الأزمة لمصر موضع التنفيذ، من خلال أكبر عملية عسكرية من القصف الموسع على القطاع لتحوله إلى «قنبلة بشرية» قابلة للانفجار باتجاه مصر، وإزاء ذلك المخطط أعلنت مصر بشكل واضح أن التهجير القسرى للفلسطينيين مرفوض، وأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية مرفوضة، وأن تصدير الأزمة لمصر خط أحمر غير قابل للنقاش. كما أكد رئيس مجلس الوزراء أن مصر وقفت حائط صد أمام الدعوات الإسرائيلية والغربية لمخطط التهجير القسري، والتى ظهرت فى تصريحات مرفوضة رفضًا قاطعًا من عدد من المسئولين، قائلًا: من خلال الدبلوماسية والموقف الثابت للدولة المصرية، تراجعت القوى الدولية عن هذا المقترح بل وتبنت وجهة النظر المصرية. وفى سياق محاولات التهجير القسرى للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة أيضًا، أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن هناك عددًا من المحددات الأساسية التى حكمت الموقف المصرى تجاه هذه المسألة، هى حماية الأمن القومى المصرى، باعتبار أن التهجير القسرى إلى سيناء هو أمر يمس السيادة المصرية. كما شّدد رئيس الوزراء على أن مصر لن تتوانى عن استخدام جميع الإجراءات التى تضمن حماية وصون حدودها، كما هو الحال مع حدودها فى الجهات الأخرى الغربية والجنوبية، مؤكدًا أن مصر وحال حدوث أى سيناريو يستهدف نزوح الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية سيكون لها رد حاسم، وفقًا لأحكام القانون الدولى. وقال رئيس الوزراء: «جئت هنا لأطمئنكم وأطمئن المصريين بأن أجهزة الدولة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والحكومة المصرية، وجيشها الباسل، تعى ما يُحاك من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وفى الوقت نفسه محاولة زعزعة الأمن المصرى، وأننا لن نسمح بتحقيق أى من هذين المخططين، وفى الوقت نفسه ستستمر جهودنا لتنمية أرض الفيروز، فى إطار مسيرة التنمية الشاملة التى تتحقق على أرض مصر». جريمة دولية قال المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، إن موقف الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية واضح ولا يتزحزح؛ إذ يرفض تصفيتها مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى وكذلك منع التهجير القسرى للفلسطينيين، مشيرًا إلى أن هذا الموقف الثابت يعبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بصورة دائمة. وتابع «جبالى»: حرىُّ بنا أن نؤكد من داخل قاعة مجلس النواب المصرى - تلك القاعة النابضة بروح الشعب - رفض المجلس القاطع لإكراه الفلسطينيين على النزوح داخليًا أو تهجيرهم قسريًا خارج أراضيهم وتحديدًا صوب سيناء. أضاف جبالى، إن التهجير القسرى معاقب عليه طبقًا للقانون الدولى والإنسانى، وطبقًا لنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية چنيف الرابعة، فكل هذا يجرم التهجير القسرى ويعتبر جريمة دولية، مشيرًا إلى أن انضمام مصر الى نظام روما واتفاقية چنيف، معلقًا بالقول: «هذا المنع مطبق فى القانون الداخلى فى قانون العقوبات تحت جرائم أمن الدولة فى الداخل والخارج وهذا يغطى التهجير القسرى وأى اعتداء على الحدود المصرية يمثل جريمة». مصر أساس التوازن الإقليمى قال النائب ضياء الدين داوود، عضو مجلس النواب، إن الرأى العام المصرى كان يتابع تطورات الأحداث فى غزة بقلق شديد، خاصة فى ظل تأثيرات حروب الجيل الرابع وما يردده الغرب وبعض الصحف من أن هناك صفقة بتصفية القضية الفلسطينية وأن مصر أحد أطرافها، بالرغم من تأكيد الرئيس السيسى بشكل قاطع فى أكثر من مناسبة أن هذا الأمر لا يمكن حدوثه، إلا أنه كان من الضرورى أن يعيد رئيس الوزراء طرح رؤية الدولة المصرية بشكل مفصل فى هذا الشأن، ليدرك الرأى العام أن الدولة لديها رؤية مشتركة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية، بأننا متمسكون برفض التهجير القسرى، وداعمون لنضال الشعب الفلسطينى فى تحرير أرضه والحصول على دولته المستقلة. وأضاف «داوود» فى تصريحات ل«روزاليوسف»، إنه على العالم أن يعى أن مصر الكبيرة القوية هى القادرة على إعادة التوازن الإقليمى للمنطقة مرة أخرى، وأن من يحاول لى ذراع الدولة أو ابتزازها سيخسر، مؤكدًا أن أمن مصر الاقتصادى مسئولية العالم والشركاء الإقليميين، متابعًا: «مصر تتحمل فاتورة كبيرة مقابل التصدى لتحديات قد تزعج دولًا إقليمية وأوروبية.. لذا عليكم مراجعة حساباتكم»، مشيرًا إلى أن مصر قدمت مساعدات للأشقاء الفلسطينيين 4 أضعاف ما ساهمت به دول العالم. وأكد «داوود» أن جلسة البرلمان بعثت عدة رسائل، بأن الدولة قادرة، وأن تقدير الموقف سلمًا وحربًا فى يد القوات المسلحة وقائدها الأعلى، وأن المعارضة فى مثل هذا التوقيت تنحى جميع الخلافات جانبًا لأن الأمن القومى المصرى لا يمكن أن يكون محل مقايضة سياسية. سيناء خط أحمر أكد النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب، رئيس حزب العدل، أن جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضى كانت «تاريخية»، نظرًا لأهمية القضية، وأن هناك الكثير من الإيضاحات التى كان لا بُد من طرحها، خاصة فى ظل توقيت حساس يشهد الكثير من الشائعات والضغط على الدولة المصرية فى مسألة تهجير الفلسطينيين وتوطينهم بسيناء. وأضاف «إمام» فى تصريحات ل»«روزاليوسف»، إن حضور رئيس الوزراء ومناقشة طلبات الإحاطة بشكل علنى كان أمرًا شديد الأهمية، لاستعراض رؤية الدولة بشكل واضح فى هذا الأمر، مشيرًا إلى أن تعليق الرئيس السيسى فى «تويتة» على ما دار بتلك الجلسة، كان إيجابيًا للغاية ويؤكد أن الشعب المصرى وقيادته على قلب رجل واحد. مشددًا على أن أهمية الجلسة تأتى من رسالتها التى أكدت أن كلمة الشعب تتفق مع السلطتين التشريعية والتنفيذية للتعبير للعالم عن وجهة النظر المصرية، بأن هذه المخططات مرفوضة تمامًا، انطلاقًا من فكرة الحفاظ على القضية الفلسطينية وعدم إنهائها بهذا الشكل على حساب مصر أو أى دولة أخرى، مؤكدًا: «مخطط التهجير إلى سيناء خط أحمر». 1 2