رئيس الوزراء يشهد توقيع أمر شراء الوقود النووي لمحطة الضبعة واتفاقية البرنامج الشامل للتعاون    المشاط: تطوير البنية الرقمية الحكومية ركيزة أساسية لتحقيق النمو والإنتاجية    قناة السويس تمد العمل بتخفيضات رسوم عبور عدة أنواع من السفن حتى يونيو 2026    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء 19 نوفمبر 2025    هجرة مليون بريطانى خلال 4 سنوات من المملكة المتحدة لهذا السبب    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الايطالى    العارضة تضيع على الأهلي والمقاولون استثمار 8 فرص بالدوري    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    بالأسماء، ضحايا حادث الطريق الصحراوي الغربي في قنا    حبس أم ألقت طفلتها الرضيعة وسط القمامة في الشرقية    المسلماني: برنامج دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة «دولة التلاوة» تعزيز للقوة الناعمة المصرية    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    ارتفاعات وشيكة في أسعار الذهب.. اشتري قبل فوات الأوان    أمين مجلس الجامعات الأجنبية: استكمال القرارات الجمهورية ل 11 فرعا و10 طلبات قيد الدراسة    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    بعثة زيسكو الزامبي تصل القاهرة الخميس لمواجهة الزمالك    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    حقيقة عودة كهربا إلى الأهلي في يناير    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    اسعار كرتونه البيض للمستهلك اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    فرق الصيانة بالسكة الحديد تجرى أعمال الصيانة على القضبان بشبرا الخيمة    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء عابر مع السيدة روزاليوسف فى مقهى كساب

كانت الأمطار تتساقط بغزارة فى وسط البلد والشوارع تكاد تصبح خالية من المارة وأنا أبحث عن مكان أحتمى فيه من الأمطار التى لم تشهدها القاهرة منذ فترة طويلة.
فى الممر المجاور لسينما ديانا كانت هناك قهوة عتيقة الطراز تعجبت أننى لم أشاهدها من قبل دخلتها على عَجَل كانت على الطراز الأوروبى من حيث ترتيب المقاعد وكثرة المرايات وشعرت بالدفء؛ خصوصًا بعد أن تقدّم جرسون عجوز يسألنى عن طلبى، ورديت: شيشة قَص وشاى.

ابتسم الرجل وعاد بعد دقائق يحمل كوبًا من الشاى الساخن أمسكته بكلتا يدىّ بحثًا عن الدفء وبدأت أنفث دخان الشيشة وأنا أتطلع إلى المرايات العتيقة داخل المقهى.
إلى جوارى كانت مراية عتيقة...... جزء من دهان الإطار الذهبى بتاعها أوشك على السقوط مسحته بيدى فسقط الدهان ولمحت اسمًا مكتوبًا بالإنجليزية أخرجت منديلاً ورق لأمسح الغبار عن الاسم حتى وجدت الاسم بدا بالظهور واضحًا كان الاسم هو حلوانى كساب.
زاد صوت الرعد بينما أضاء البرق المكان بشدة حتى أغلقت عينىّ وعندما فتحتهما كان المكان أكثر جمالاً وأناقة وحتى الأفراد أكثر شياكة والجرسون العجوز بدا شابًا وسيمًا يرتدى البابيون ويقدم فنجال من القهوة وقطعة ميلفية إلى سيدة متقدمة فى السّن لكنها رائعة الجمال وهو يقول القهوة يا روز هانم.
اندهشت ونظرت حولى ووقعت عيناى على جريدة الأهرام ملقاة على ترابيزة إلى جوارى وتطلعت إلى التاريخ كان يشير إلى يناير 1956.
بدأت الأسئلة تتزاحم فى رأسى هل دخلت فجوة زمنية نقلتنى إلى الماضى، وقبل أن أسترسل قلت لن أبحث عن تفسير يبدو أننى أمام فرصة أغتنمها ثم أفكر فيما حدث، أنا أمام السيدة روزاليوسف شخصيًا.
تقدمت إلى الهانم وأنا متردد لكن ابتسامتها المشجعة جعلتنى أبدأ الحوار:
روز هانم أنا صحفى وعايز أعمل حوار مع حضرتك..
نظرت بابتسامة وقالت: أكيد صحفى مش شاطر..
سألتها ليه؟
قالت لأن الصحفيين الشطار بيشتغلوا فى روزاليوسف وأنا أعرف كل العاملين فيها بما فيهم المتدربين وانت مش فيهم..
قلت اسمحى لى يا هانم أن يكون حوارى معك هو بوابة الدخول إلى عالم روزاليوسف الصحفى؟
قالت: لو عجبنى الحوار سأنشره عندى فى المجلة..
قلت لها اتفقنا..
بدات الأسئلة... عايز أعرف كيف تخلت سارة برنار الشرق عن المَجد الفنى لتسعى وراء حلم وسراب صحفى قد لا تحقق فيه النجاح المنشود؟
ضحكت برقة وقالت ما زال هناك من يذكر سارة برنار الشرق وده شىء جيد.
هل تعلم أننى دخلت الفن بحثًا عن الحرية وعندما أصبح الفن عبئًا على حريتى قررت أن أتخلى عنه بإرادتى مع أننى كنت الأعلى أجرًا فى التاريخ الفنى وكنت أحصل على 70 جنيهًا شهريًا.
سألتها يعنى حوالى 7 آلاف جنيه شهريًا بسعر اليومين دول؟
ابتسمت وقالت: ضيف كمان صفر... واستطردت: قررت الاعتزال فى الصباح ... وفى المساء كنت أجلس فى نفس المكان مع الأصدقاء إبراهيم خليل ومحمود عزمى أطرح عليهم فكرة إنشاء مجلة فنية هادفة بدلاً من المجلات الهزلية التى كانت تسىء للفن وللصحافة.
سألتها: هل وجدتِ استجابة قوية؟
قالت: خلينى أسميها استجابة فاترة.. فى هذا التوقيت كانت السيدات يعانين من مجتمع لم يتقبلهن بالكامل كشريك صاحب رأى وتجربة..
ابتسمت وقالت: أنت عارف أن الأستاذ المازنى فى أول عدد كتب مقال هاجمنى فيه لأننى دخلت مجال يعجز أغلب الرجال عن الدخول فيه!
سألتها: ولماذا قبلت بنشر المقال؟
أخرجت سيجارة وأشعلتها ثم نفثت الدخان وهى تقول: الحرية أنا أعشق الحرية، هو عنده وجهة نظر كتبها باحترام وأنا رديت عليه فى نفس العدد باحترام أيضًا.
قلت لها: والأستاذ التابعى؟
قالت: ماله؟
قلت: اخترتيه إزاى؟
سرحت لحظة وقالت: لدى كل إنسان ملكة أو موهبة حباه الله بها وأنا أزعم بقدرتى على اختيار الكفاءات من البشر، وعندما اخترت التابعى كنت أرى فيه نجم صاعد وعندما ترك المجلة وذهب مع مصطفى أمين وعلى أمين لم أهتز وأحضرت العقاد وعبدالقادر حمزة.
سألتها: روزاليوسف كمجلة كانت محسوبة على الوفد؟
قاطعتنى سريعًا: كانت محسوبة على الوفد طالما الوفد مع الحريات وعندما ابتعد الوفد عن الحريات ابتعدت عنه المجلة، لقد تعرضت المجلة مرّات كثيرة للمصادرة والتوقف ودخلت السجن بسبب دفاعى عن رأيى وبوصلتى هى مصلحة وطنى، أنا إنسانة أتنفس حرية ومجلتى جزء من شخصيتى لو لم تكن حرًا من داخلك لن تنجح معى..
قلت لها: هل يمكن أن أسأل سؤالاً شخصيًا؟
أومأت برأسها بالقبول..
قلت: هل الحرية التى قصدتيها هى من جعلت فترة زواجك من الأستاذ محمد عبدالقدوس قصيرة لدرجة أن الطلاق تم قبل ولادة الأستاذ إحسان؟
قالت: الأهم من السؤال الشخصى أننى ناضلت من أجل الحرية فى مواجهة الجميع وفى كل العصور.
قلت: هل تقصدين خطابك إلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر؟
أومأت برأسها وقالت: كتبت إلى جمال عبدالناصر سنة 1953 فى عز التوتر الحاد بين مجلس قيادة الثورة وبين الصحفيين وقلت له:
إنك بحاجة إلى الاختلاف تمامًا كحاجتك إلى الاتحاد وأن أى مجتمع سليم يقوم على هذين العنصرين معًا ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر.
لا تصدّق ما يقال إن الحرية شىء يمكن أن يباح فى وقت ولا يباح فى وقت آخر، فالإنسان لا يتنفس فى وقت دون آخر.
إنه يتنفس حين يأكل وحين ينام وحين يحارب أيضًا..
قلت لها: لن أجد أفضل من تلك الإجابة لكى أنهى الحوار لكن هناك سؤال يلح فى بالى ألم تشتاقى يومًا لخشبة المسرح؟
قالت: اشتقت كثيرًا جدًا لكن نجاح مشوارى الصحفى عوضنى.
قمت للسلام عليها ويدى خبطت فنجان القهوة أسقطت ما تبقى منه على بنطلونى.
فاسرعت روز هانم وأخرجت منديلا ورديًا من حقيبتها الأنيقة أخذت أمسح به القهوة.
وبينما أنا منهمك فى تنظيف البنطلون شعرت بخبطات أصابع على كتفى..
انتبهت فرأيت الجرسون وهو يقول: شطبنا يا أستاذ. نظرت حولى كان المقهى كما دخلته منذ لحظات والجرسون عجوز فى نفس سنّه المتقدمة ولا يوجد غيرى فى المقهى..
يبدو اننى كنت أحلم، دفعت الحساب وخرجت من المقهى أبحث عن تاكسى وضعت نفسى فيه وبحثت فى جيبى عن نقود لدفع الأجرة فوجدت منديلاً وردى اللون مطرز عليه حرف الآر باللغة الإنجليزية وعليه بقايا قهوة عالقة.
3


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.