مع تفاقم الأزمات الناتجة عن التغير المناخى، اتخذت الإدارة المصرية العديد من الخطوات الجادة للعمل على الحد من هذه الظاهرة، حتى أصبحت مصر تحتل المرتبة 21 عالميًا بين الدول الساعية لاتخاذ خطوات جادة لحل هذه القضية، سابقة العديد من الدول الكبرى منها روسيا وبلجيكا. وفى هذا السياق عملت الجامعات المصرية والمراكز البحثية على تقديم عدد مهم من المحاضرات التوعوية والمبادرات للعمل على طرح حلول فعالة للحد من آثار التغيرات المناخية، وذلك تزامنًا مع انعقاد قمة المناخ COP27 نوفمبر المقبل فى مدينة شرم الشيخ.. لتكون هذه إحدى أهم الخطوات من الحكومة المصرية للمساهمة فى حل هذه الأزمة العالمية قبل تفاقمها.
مشاركة علمية قدمت العديد من الجامعات المصرية عددًا من المبادرات الهادفة للتعرف على أزمة التغير المناخى وسبل الحل، ومن أبرز هذه المبادرات كان «البرنامج التدريبى لتأهيل سفراء المناخ» فى دورته الثامنة، حيث قدمت كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس بالتعاون مع مؤسسة الفريق التطوعى للعمل الإنسانى، عددًا من المحاضرات العلمية التى أعدها نخبة من أساتذة الجامعات المصرية للعمل على الحد من ظواهر التغير المناخى، كذلك إعداد دراسات وافية عن الآثار الناتجة عن هذا التغير سواء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.. المؤثرة على حياة الشعوب. وفى 30 أغسطس الماضى، استضافت كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة (عين شمس) الحوار الوطنى للأطفال ودورة «سفير المناخ» وذلك برعاية وزارة البيئة. وقالت دكتورة نهى سمير دنيا، عميدة كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، إن دورة «سفير المناخ للأطفال» تضم (300) طفل من جميع المدارس الحكومية والخاصة بهدف توعية الأطفال بمجال التغير المناخى،وذلك بالمشاركة مع مبادرة المليون شاب متطوع للتكيف المناخى برئاسة دكتور مصطفى الشربينى. أوضحت سمير، خلال حديث صحفى، أن أهمية العمل مع الجيل الجديد من الأطفال على المحافظة على البيئة أمر فى غاية الأهمية خاصة بعد تفاقم الأزمات البيئية والتغير المناخى وذلك فى إطار تحضير القمة لمؤتمر أطراف المناخ Cop- 27 والذى يعُقد فى نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ. كما تستضيف جامعة عين شمس من 3 إلى 5 سبتمبر الجارى، مبادرة العمل الإقليمى بشأن تغير المناخ (RACC) بالتعاون مع اللجنة الدولية لتنمية الأراضى الجافة (IDDC)، والمركز الدولى للبحوث الزراعية فى المناطق الجافة (إيكاردا)، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وذلك فى مؤتمر دولى يهدف لمناقشة تأثير تغير المناخ على المناطق الزراعية البيئية المختلفة وبالتزامن مع استعداد مصر لاستضافة قمة المناخ COP-27 فى نوفمبر المقبل. ومن المتوقع أن يشارك بالمؤتمر عدد من الشخصيات الدولية والمحلية البارزة من بينهم د.ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، د.محمود محيى الدين، المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى، د.جيفرى ساكس، المدير السابق لمعهد الأرض، جامعة كولومبيا. كبير مستشارى الأممالمتحدة للتنمية المستدامة، جوردون براون، رئيس الوزراء السابق للمملكة المتحدة، د.محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا (ASRT)، وغيرهم من الشخصيات البارزة من مختلف دول العالم. صوت إفريقيا ومع بداية أغسطس الماضى، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، الجولة الأولى من المشاورات حول المبادرة المقترحة لرئاسة مؤتمر الأطراف (COP27) «حياة كريمة من أجل أفريقيا قادرة على التكيف مع تغير المناخ»، وذلك فى إطار الإعداد لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأممالمتحدة لتغير المناخ (COP27) والذى سوف يعقد بشرم الشيخ فى نوفمبر القادم. وقالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية خلال كلمتها الافتتاحية إن القارة الإفريقية تمثل بؤرة للتأثر بتغير المناخ، حيث ستستمر فى المعاناة من الآثار التى تتجاوز قدرتها على التكيف وتؤثر على جودة حياة سكان القارة، خاصة فى المناطق الريفية وذلك من ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر، بالإضافة إلى التغيرات المفاجئة فى هطول الأمطار، والظواهر الجوية الشديدة، فإن تلك التحديات المتتالية تشكل مخاطر كبيرة على الزراعة والأمن الغذائى، ويمكن أن تؤدى إلى تراجع المكاسب الإنمائية التى تم تحقيقها. وأضافت السعيد أن تفشى جائحة كوفيد -91 والتحديات الجيوسياسية الأخيرة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمى وتزيد من تعقيد التحديات التى تواجهها أفريقيا حاليًا، مؤكدة أنه وعلى الرغم من تلك التحديات، إلا أن القارة الإفريقية عززت بشكل استباقى جهودها الجماعية الرامية إلى التصدى لتغير المناخ، لافتة إلى إطلاق إفريقيا مبادرتيها الرئيسيتين والمتمثلتين فى المبادرة الإفريقية للطاقة المتجددة ومبادرة التكيف الإفريقية، وذلك خلال فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف فى باريس. من جهة أخرى، قدم «المركز المصرى للدراسات الاقتصادية» بالقاهرة، جلسة تحضيرية لقمة المناخ COP27 بهدف تشكيل موقف وصوت إفريقى موحد خلال القمة، حيث أوصى مسئولون وخبراء بزيادة «التمويل الأخضر» الموجه إلى إفريقيا للإنفاق على بناء القدرات المؤسسية والبشرية القادرة على تخطيط وتنفيذ المشروعات الخضراء لمواجهة تغير المناخ. وناقشت الجلسة بصورة خاصة عددًا من الملفات والقضايا التى تهم القارة السمراء، ومن أهمها أزمة الطاقة، التى يؤكد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن إفريقيا تحتاج إلى استثمارات سنوية بنحو 25 مليار دولار فى الطاقة. وأوضح كيفين كاريوكى، نائب رئيس إدارة الكهرباء والطاقة والمناخ والنمو الأخضر بالبنك الإفريقى للتنمية، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن خسائر القارة تبلغ 5-7 مليارات دولار من الدخل القومى نتيجة التغيرات المناخية، رغم أن دولها لا تمثل سوى 3 % من الانبعاثات العالمية. وفى المقابل، فإن إفريقيا لا تتلقى سوى 3 % من التدفقات المالية الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية، وهو ما يزيد من عجز القارة فى مواجهة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن هذه التغيرات. فيما شددت عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، على أهمية رفع قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للتعامل مع هذه التغيرات، وتعزيز التعاون الإفريقى بالاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، وتصميم الاستراتيجيات الخاصة بتحقيق النمو الأخضر، ومنها التجربة النيجيرية. التمويل الأخضر ومن أهم ما طرحه الخبراء خلال الجلسة ضرورة العمل على زيادة التمويل الأخضر لإفريقيا، من خلال الإنفاق على بناء القدرات المؤسسية والبشرية القادرة على تخطيط وتنفيذ هذه المشروعات. وتقول هيرى شو، العضو المنتدب ورئيس إدارة الاستدامة والتمويل المستدام ببورصة سنغافورة، إنه يجب أن يشارك القطاع الخاص فى الاستثمار بالمشروعات الخاصة بالتخفيف والتكيف مع التغير المناخى، مع زيادة المنشآت التأمينية لضمان استثمارات المستثمرين، وتعظيم دور الحكومات فى دعم نشاط القطاع الخاص. كذلك لفتت هيرى شو، خلال تصريحات صحفية، لأهمية جذب رؤوس الأموال من خلال أسواق المال فى مواجهة نقص «التمويل الأخضر» للقارة، إضافة للاستفادة من التمويل المصرفى والمبادرات الدولية. فيما دعت مالى فوفانا، مدير البرامج بمعهد النمو الأخضر العالمى، للاهتمام بالتمويل الذاتى عبر تخصيص ميزانيات قومية لتمويل مشروعات مواجهة التغير المناخى، وهو ما يتطلب تعظيم إيرادات الضرائب والمدخرات القومية، واستثمارات الصناديق السيادية. وفى هذا، أكدت فوفانا على ضرورة وجود مؤسسات قومية فى إفريقيا لتمويل هذه المشروعات، وتحقيق التواصل بين الدول، وهو ما يتطلب حوارا وتواصلا فعالا وإدارة من المنظمات الموجودة بالمنطقة لجعل التخفيف من آثار التغيرات المناخية من أولويات التمويل. 2