أثارت دعوة د.سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بأنه على الفقهاء إيجاد حلول للشباب لتفريغ الأمر الجنسى خارج العلاقة الزوجية بما لا يخالف شرع الله.. الحديث لاقى رفضا أزهريا واسعا حول الحديث عن الإشباع الجنسى خارج إطار الزوجية.. وأكدوا أن القول بهذا الأمر هو دعوة صريحة للرذيلة إلا أن البعض اعتبر أن الإسلام عالج قضية عدم القدرة المادية للزواج بوجود صور للزواج لا يتحمل فيها الشاب أعباء مادية. فمن جهته أوضح د.عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامة الأزهر أن تلك الدعوة تخالف نص الشريعة، وقال ماذا يفعل الفقهاء فى إيقاف قطار الزواج الذى جعله الله آية من آياته، وسببا فى إعمار الكون، وجعله ميثاقا غليظا؟ وهل يشرعون للشباب بديلا وهو زواج المتعة المؤقت بساعات مثلا؟ وشدد أن تلك الدعوة لا علاقة لها بالتجديد الفقهى أو التنوير الدينى، وأن الأولى لمساعدة الشباب الدعوة إلى تخفيف المهور، وعدم الإسراف فى متطلبات الزواج، والتخلى عن العادات والتقاليد الغريبة التى وردت إلينا من الخارج، والتى تعجز الشباب وتقصر خطواتهم عن الإقبال على الزواج ! وأوضح فؤاد إن نداء الفقهاء لإيجاد الحلول البديلة عن الزواج للشباب وعلى الهواء مباشرة هو دعوة صريحة للشذوذ، وإفساد المجتمع والبعد عن قيمنا، وللعلاقات غير الشرعية، واتباع خطوات الشيطان!، وصدق الله فى قوله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)، فأشد عقوبة فى الدنيا: الختم على السمع والقلب وجعل الغشاوة على البصر واتباع الهوى فلا يرى من وصف بذلك نور الله ولا يسمع للهدى ولا يهتدى إليه بل يوكل إلى نفسه وينقاد لرغباته وهواه. واختتم قائلا : لقد كنت أتمنى أن يتم تقديم العلاج الذى شرع فى الروشتة النبوية الكريمة، والتى سجلتها كتب السنن عن سيد الأنام - عليه الصلاة والسلام- وهى قوله الكريم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أى من استطاع مؤنة الزواج فليتزوج، وإلا فالصوم علاجه إلى أن ييسر الله الأمر طالما هناك عفة وتقوى وخوف من الجليل. وهذا التيسير بشَّر به القرآن الكريم الشاب العفيف الذى يخشى الحرام خشية من ربه فقال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله). الزواج أمر إلهى فيما يعتبر البعض أن زواج المسيار يعد بديلا شرعيا لعدم قدرة الشباب المادية على الزواج حيث يعد أحد صور الزواج المعترف بها شرعا، ويتضمن زواج المسيار إجراء عقد النكاح مستوفيًا الأركان والشرائط، ولكنَّ المرأة تتفق مع الزوج على أن تتنازل عن حقها فى المبيت والنفقة، أو أحدهما. فمن جهتها تؤكد د.سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن الأصل فى إشباع الرغبة الجنسية هو الزواج ولا بديل شرعى فى الإسلام عن الزواج فى تلبية رغبات الشباب الجنسية، وقالت: «الزواج هو سنة من سنن الله الكونية، شرعه الله لتحقيق أهداف كونية، وهى التناسل، كما أن الزواج جاء فى القرآن الكريم بصيغة الأمر بقوله تعالى «وأنكحوا الأيامى»، كما أن السنة جاء فيها الأمر بالزواج. أضافت أن الدعوة لبديل عن الزواج للشباب هو دعوة لنشر الرذيلة، وأمر مقزز حيث قد يؤدى إلى نشر فعل قوم لوط، أو الاستمناء المنهى عنه شرعا والذى يؤدى إلى أمراض خطيرة، لافتة إلى أن القول بالبحث عن مخارج فقهية لمسألة الزواج ليس تجديدا وإنما هدم لأن التجديد إذا خرج عن المصلحة العامة ونشر الرذيلة أصبح تبديدا، ولا بد أن يكون التجديد فى إطار المقاصد الشرعية. وشددت أن الزواج له درجات فقد يكون فرضا حينما يكون الإنسان قادرا على الزواج ولا يستطيع صيانة نفسه إلا عن طريق الزواج لأنه فى هذه الحالة إذا لم يتزوج فإنه سيلجأ لزنى، والدرجة الثانية الاستحباب وهو القادر على الزواج والذى يملك نفسه عند عدم الزواج، والدرجة الثالثة فى الزواج الحرمة هو عدم قدرة الشخص على الزواج، ولفتت د.سعاد إلى أن الفقهاء أوجدوا فى أصناف الزواج زواج المسيار الذى يجعل الزوجة تتنازل عن حقوقها المادية، قد يكون مخرجًا لقضية النفقة التى قد لا يستطيعها الشباب فى الزواج، لكن الأمر هنا أيضا تحكمه المصلحة وعدم الضرر فإذا تيقن وقوع ضرر من هذا النوع من الزواج فللحاكم أن يمنعه. المسيار حل شرعى وتوضح فتوى لدار الإفتاء المصرية أن زواج المسيار لا يمثل إهانة للمرأة أو للرجل، وإنما «يظهر من خلاله مدى سعة الشرع الشريف وقدرته على تلبية احتياجات النفس البشرية بحسب تنوع واختلاف الأحوال والأشخاص والأزمنة والأمكنة». وألمحت إن زواج المسيار المعترف به هو الزواج الذى استوفى الأركان والشروط الشرعية، وتمت كتابة وثيقة رسمية بواسطة شخص مختص، غاية الأمر أن الزوجين اتفقا فى العقد أو خارجه على أن الزوج لا يقيم مع الزوجة، وإنما يتردد عليها عندما تتاح له الفرصة لذلك، وهو ما يجعل هذا الزواج صحيحا تترتب عليه كل آثاره الشرعية فيما عدا ما تنازلت عنه الزوجة». واستطردت دار الإفتاء: «أن زواج المسيار يعد أحد الأمور الشرعية التى يسمح بها لمواجهة الوقوع فى حرج نفسى أو محرم شرعى أو مساءلة اجتماعية، ويعد أحد أشكال مرونة الشريعة الإسلامية لمواجهة التغيرات الاجتماعية وأزماتها ووضع الحلول المناسبة لها». وكان الأزهر الشريف قد أجاز فى 31 مايو 2007 زواج المسيار واعتبره من الزواج الصحيح شرعا، بينما سبقه للموافقة مجمع الفقه الإسلامى بمكة المكرمة فى أبريل 2004 واعتبر أن الزواج الذى لا يتضمن توفير مسكن للزوجية جائز شرعا. 1 2 4