عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى سدة الحكم، كانت رسالته واضحة للجميع، ألا وهى «أنه رئيس كل المصريين»، رافضا تصنيف أى شخص على أساس دينى، مؤكدا أننا جميعا مصريون ولا يوجد مسلم وقبطى، بل مصرى فقط. وبناء على توجيهات الرئيس السيسى عملت جميع الجهات على تعزيز مبدأ المواطنة بشكل عملى، وهو ما انعكس بشكل إيجابى على أرض الواقع بشكل ملموس.
ومنذ تولى الرئيس الحكم حاول البعض مرارا وتكرارا الترويج لفكرة أن ما يقوم بعمله ما هى إلا فترة وستنتهى، إلا أن الواقع يعكس حقيقة الأمر، ألا وهو أنه على مدار 6 سنوات كانت الدولة حريصة على تأصيل مبدأ المواطنة وتذليل كل العقبات التى كانت تواجه أقباط مصر بصفتهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع المصرى، له كل حقوقه وعليه كل واجباته. ولذلك قامت الدولة المصرية بوضع يدها على أبرز مشاكلهم، وكانت أكبرها بناء الكنائس، ولذلك بالإضافة إلى ترميم الكنائس المعتدى عليها من قبل جماعة الإخوان المسلمين، قامت الدولة بتشريع قانون بناء دور العبادة والذى بمقتضاه تستطيع الكنيسة الحصول على تصريح بناء من المحافظ، وعلى الرغم من أنها خطوة كبيرة فى هذا الملف إلا أن الخطوة الأهم كانت تشديد الرئيس على بناء كنيسة بشكل تلقائى فى أى مدينة جديدة مثل الجامع، كما تم تخصيص أكثر من 40 قطعة أرض فى المدن الجديدة لبناء الكنائس. وبالإضافة إلى توفيق أوضاع نحو 1500 كنيسة حتى الآن؛ تم ترميم نحو 13 كنيسة وديرًا خلال هذا العام، والذى شهد أيضا افتتاح عدد من الكنائس الجديدة على يد الرئيس ويرافقه البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وكانت أبرزها كنيسة السيدة العذراء مريم بمشروع بشائر الخير 3 بالإسكندرية، فى رسالة واضحة أنه رئيس لكل المصريين. وتعليقا على هذه الخطوات التى تنفذها الدولة، أكد البابا تواضروس فى آخر حوار له مع قناة «أغابى» وهى القناة الرسمية للكنيسة القبطية أنه إلى الآن تم بناء كنائس فى بعض الأماكن والشىء الجميل أن فى المدن الجديدة تلقائيًا تبنى الكنائس وهو أمر طبيعى أن توفر الدولة مكانا للعبادة لكل أحد، يعتبر قانون بناء الكنائس قفزة كبيرة وهذا إصلاح لمسيرة المجتمع وهذا أمر مشكور للحكومة وللسيد الرئيس. وأضاف أن الدولة قامت بتقنين حوالى 1500 كنيسة على مدى 4 سنوات وهو شىء جيد جدًا، والدولة تريد أن تصل إلى أن بناء الجامع والكنيسة أمور طبيعية فى حياتنا. وبالإضافة إلى دور العبادة تأتى قضية الأحوال الشخصية للأقباط، وهى من أهم القضايا التى تسبب إزعاجا كبيرا فى الشارع المصرى، ولذلك عملت جميع الجهات على حل هذه المشكلة وشهد هذا العام وضع التصور النهائى لمشروع قانون الأحوال الشخصية للأقباط، ليدخل مرحلته الأخيرة بوزارة العدل، حيث يجرى حاليا مناقشة الصيغة النهائية لجميع البنود بحضور ممثلى الكنائس ومستشار الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، قبل أن يتم تقديمه إلى مجلس النواب لإقراره فى دور الانعقاد الجديد. وأكد البابا تواضروس قائلا: «قدمنا مشروع قانون الأسرة (الأحوال الشخصية) يناقش حاليًا فى مجلس الوزراء لوقت تقديمه فى مجلس النواب وأعتقد أنه سوف يأخذ الأولوية، وقمنا بعمل قانون واحد لجميع الكنائس. وأوضح بعض الأمور: الكنيسة الكاثوليكية فى مصر رئاستها خارج مصر وهذه الرئاسة لها بعض القوانين التى تخصهم لمنطقة الشرق الأوسط، وعندما تشترك الكنيسة الكاثوليكية فى وضع قانون فى مصر يجب أن تكون متوافقة مع كيانها الأعلى، مثال الكنيسة الكاثوليكية ليس بها طلاق ولكنه موجود فى الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية، فحدثت مواءمة وتقريب لوجهات النظر وهذا أخذ وقتا ولم يكن اختلافا ولكن نظام فى الإدارة، وشارك الآباء والمتخصصون حتى انتهى القانون وقُدم بالفعل». وشهد هذا العام أيضا العمل على الانتهاء من مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، حيث تولى الدولة اهتماما شديدا لمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة إلى مصر، باعتباره محورًا عمرانيًا تنمويًا يقوده قطاع السياحة، ويضم المشروع نحو 25 نقطة فى 8 محافظات مصرية، تمتد لمسافة 3500كم ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر. وخلال الشهور الماضية، كثفت الوزارات المصرية المعنية والمحافظات من نشاطها لاستكمال المشروع، وتم تحويل مبلغ 41 مليون جنيه إلى وزارة التنمية المحلية لاستكمال أعمال تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة بمصر كما تم تخصيص نحو 60 مليون جنيه للمشروع من موازنةً صندوق السياحة فيما قامت هيئة التنمية السياحية بوضع الخطط والاشتراطات التنموية لهذه المناطق، وتشمل أعمال التطوير أيضا النهوض ورفع كفاءة مستوى الخدمات السياحية المقدمة للزائرين بالمواقع الموجودة على نقاط المسار. وقام المجلس الأعلى للآثار بترميم جميع المواقع الأثرية التى تقع على المسار وافتتاح العديد من المواقع والكنائس والأديرة الأثرية عليه، منها الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وقد تم الانتهاء من ترميم كنيسة العذراء مريم والشهيد أبانوب بسمنود وافتتاح مغارة وكنيسة آبى سرجة بمصر القديمة، كما تم ترميم أجزاء من أديرة وادى النطرون الأربعة، وجارٍ ترميم وتأهيل كنيسة السيدة العذراء بجبل الطير بالمنيا ومشروع تطوير موقع شجرة مريم بالمطرية. كما أصدرت وزارة السياحة والآثار «كتالوج» باللغتين العربية والإنجليزية لتوثيق مسار العائلة المقدسة والمواقع الأثرية التى مرت عليها الرحلة، كما شكلت الوزارة لجنة قومية تضم خبراء من كل الجهات المعنية لإعداد ملف تم إرساله إلى منظمة اليونسكو لتسجيل مسار رحلة العائلة المقدسة على قائمة التراث العالمى اللامادى، وتسجيل أديرة وادى النطرون الأربعة على قائمة التراث العالمى المادى. كما قامت وزارة السياحة بطبع «كتالوج» عن مسار العائلة المقدسة بتسع لغات أجنبية، منها اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصربية والروسية والإسبانية والمجرية وغيرها، على أن يتم تنظيم عدد من الرحلات التعريفية لعدد من الوفود الإعلامية العالمية والمؤسسات الدينية العالمية ورؤوساء الكنائس الكاثوليكية الفرنسية وغيرهم.. وقد أقر البابا تواضروس الثانى الشعار الرسمى الذى سيستخدم فى لافتات مشروع «إحياء مسار العائلة المقدسة فى مصر» ومطبوعاته 23 أغسطس الماضى. وقامت المحافظات فى الفترة الماضية بتوفير مبلغ 448 مليون جنيه لإقامة بعض المشروعات، ومنها البنية التحتية وبعض الطرق والكبارى وأعمال التطوير للمناطق التى يمر بها المسار وتم توفير هذه المبالغ بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية. وبهذا الشكل يكون مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة من أهم الملفات التى أبرزت تكاتف كل أركان الدولة المصرية والتى تؤكد للعالم كله أن أقباط مصر جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن. واهتمام الدولة بالأقباط لم يقف عند الإطار الرسمى والحقوقى، بل شملت الإطار الإنسانى، وهو المبدأ الذى دشنه الرئيس فى زياراته المتكررةللكاتدرائية، حيث حمل السيسى باقات الورود فى مطلع هذا العام للتهنئة مطالبا الشعب المصرى بعدم القلق من الأحداث الجارية فى المنطقة، مؤكدًا أنه بوحدة المصريين لن يستطيع أحد الإضرار بمصر أو المصريين. وعلى نفس خطوات الرئيس فى تأصيل مبدأ المواطنة قامت الأكاديمية البحرية بإقامة قداس عيد الميلاد لطلابها الأقباط بمقر الأكاديمية وهو الأمر الذى احتفى به رواد مواقع التواصل الاجتماعى على صفحاتهم، مؤكدين على اعتزازهم بهذه الخطوة. كما قامت الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بالإسكندرية، قبيل عيد القيامة الماضى، بإهداء، كابينة تعقيم ذاتى، لكنيسة الأنبا أثناسيوس الرسولى بمنطقة السيوف شماعة شرقى الإسكندرية وذلك فى إطار رفع درجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا كوفيد 19. ولأن الجميع سواسية أمام القانون قام النائب العام المستشار حمادة الصاوي بتكليف المكتب الفنى بمكتبه، بدراسة أوجه الطعن على الحكم الصادر ببراءة المتهمين فى الواقعة المعروفة بواقعة «سيدة الكرم» وذلك بصفتها سيدة مصرية لها كل حقوقها. وبذلك تكون سنة 2020 أكدت أن ما وعد به الرئيس السيسى فى بداية توليه سدة الحكم هو أسلوب حياة يسير عليه ومعه كل أركان الدولة المصرية فى تأسيس وتأصيل روح المواطنة بالرغم من كل التحديات التى يواجهها وأهمها وأصعبها يكمن فى عقول البعض إلا أن الدولة المصرية لم ولن تستسلم أمام أى عقبة، بل تسير بخطوات واضحة.