موظف، مدرس، صحفى، وحتى مزارع.. لطالما تخفّى عملاء «وكالة المخابرات المركزية «(CIA) فى شخصيات ووظائف مختلفة بحنكة شديدة، من أجل تحقيق أهدافهم، والتى فى الأساس تكون للتجسُّس، وجمع المعلومات. لكن، عندما يتعلق الأمر بالترشح للكونجرس فهذا أمر مختلف؛ إذ يضطر هؤلاء للكشف عن هوياتهم الحقيقية، ما يثير القلق والتساؤلات عما يستطيعون فعله. والأكثر ريبة، أن المرشحين فى الجولة القادمة من الانتخابات ينتمون للحزب الديمقراطى الذى يمثله الرئيس الأمريكى القادم «جو بايدن»، كما أن تاريخهم حافل بعمليات فى منطقة «الشرق الأوسط». خلال انتخابات 2018، دخلت مجموعة كبيرة من عملاء المخابرات العسكرية السابقين فى السياسة الرأسمالية كمرشحين يسعون للحصول على 50 مقعدًا فى الكونجرس نيابة عن «الحزب الديمقراطى»، وفاز نحو 30 من هؤلاء المرشحين فى الانتخابات التمهيدية، وأصبحوا المرشحين الديمقراطيين فى انتخابات نوفمبر 2018، ثم فاز 11 منهم فى الانتخابات العامة، أى أكثر من ربع المقاعد الأربعين التى كان يسيطر عليها الجمهوريون سابقًا، ثم استولى عليها الديمقراطيون أثناء سيطرتهم على مجلس النواب. وفى عام 2020، يستمر هذا التوجُّه من جانب الديمقراطيين، التابعين ل«وكالة المخابرات المركزية» (CIA) بالوتيرة نفسها؛ فإلى جانب إعادة انتخاب النواب الأحد عشر، الذين فازوا بمقاعد فى مجلس النواب فى عام 2018، أعاد الضباط الخاسرون ترشيح أنفسهم لمقاعد مجلس النواب مرة أخرى. وفى الوقت نفسه، قدم «الحزب الديمقراطى» مجموعة جديدة كاملة من عملاء المخابرات العسكرية،كمرشحين ل«مجلس الشيوخ» الأمريكى، بعضهم يتنافس على مقاعد جمهورية مستهدفة، والبعض الآخر فى مقاعد لا تعتبر تنافسية حاليًا. خلاصة القول، يتمتع ما لا يقل عن 34 مرشحًا ديمقراطيًا ل«مجلس النواب» بخلفية استخباراتية عسكرية فى المقام الأول، مقارنة ب30 مرشحًا فى عام 2018. بالإضافة إلى 3 من 35 مرشحًا للحزب فى «مجلس الشيوخ» الأمريكى، بينما لم يكن لهم أى مرشح فى 2018. ويعد التدفُّق الاستثنائى للمرشحين القادمين مباشرة من جهاز الاستخبارات إلى «الحزب الديمقراطى»، توجهًا ذا هدفين؛ الأول، هو ترحيب الحزب الديمقراطى بهؤلاء المرشحين، كدليل على تركيز الحزب على المصالح الإمبريالية الأمريكية. أما الهدف الثانى فهو تفضيل عملاء المخابرات العسكرية للحزب الديمقراطى عن الحزب الجمهورى لأنهم يعتبرون الأخير ذا سياسة (ناعمة) للغاية تجاه «روسيا»، ومستعدة للانسحاب من «الشرق الأوسط». ديمقراطيو (CIA) فى مجلس الشيوخ الأمريكى ثلاثة ديمقراطيين سعوا للحصول على مقاعد فى «مجلس الشيوخ» الأمريكى، لديهم خلفية استخباراتية عسكرية فى المقام الأول، بمن فى ذلك اثنان خسرا فى انتخابات مجلس النواب فى عام 2018. وقع اختيار «الحزب الديمقراطى» على «كال كنينجهام» ليكون مرشحه فى «مجلس الشيوخ» عن ولاية «كارولينا الشمالية»، متحديًا «ثاد تيليس» الذى يشغل المنصب حاليًا. وقد هزم «كنينجهام» المرشحة الليبرالية «إيريكا سميث» ذات الأصول الإفريقية، وعضوة مجلس الشيوخ الأمريكى، التى تدعم الرعاية الطبية للجميع، والصفقة الخضراء الجديدة. التحق «كانينجهام» بالجيش الاحتياطى بعد هجمات 11 سبتمبر. وتم إرساله إلى «العراق»، و«أفغانستان» للتعامل مع القضايا الجنائية، التى تشمل أفرادًا من الجيش الأمريكى، والمتعاقدين العسكريين فى منطقتى الحرب. ووفقًا لسيرة حملته، قام «كال» بتدريب «قوات العمليات الخاصة» فى مركز ومدرسة «جون إف كينيدى للحرب»، الخاصة بالجيش الأمريكي. كما يعتمد بشكل كبير على ارتباطه بالجيش الأمريكى فى ولاية تستضيف رابع أكبر عدد من الأفراد العسكريين. بينما خسر كل من قائدتى الطائرات السابقتين بسلاح الجو الأمريكى «إيمى ماكجراث» فى «كنتاكى» و«مارى هيجار» فى «تكساس». من الحياة المخابراتية العسكرية للمجلس التشريعى نافس الديمقراطيون التابعون ل«وكالة المخابرات المركزية» ال11 الذين تم انتخابهم لأول مرة فى عام 2018، مرة أخرى على إعادة انتخابهم. وقد فاز منهم حتى الأربعاء الماضى «ميكى شيريل» فى «نيوجيرسى»، «كريسى هولاهان»، و«كونور لامب» فى «بنسلفانيا»، «إليسا سلوتكين» فى «ميشيجان»، و«جيسون كرو» فى «كولورادو». كما فاز «جاريد جولدن» فى «ماين»، و«توم مالينوفسكى» و«آندى كيم» فى «نيوجيرسى»، و«أبيجيل سبانبيرجر» و«إلين لوريا» فى «فرجينيا». مازال «ماكس روز» ينافس فى «نيويورك» وقد جمع هؤلاء ال11 ما يقدر ب 42 مليون دولار كتبرعات لحملاتهم الانتخابية، فيما جمع خصومهم الجمهوريون ال11 مبلغ 10 ملايين دولار فقط. وفيما يلى نرصد أسماء هؤلاء الممثلين الأحد عشر وخلفياتهم الاستخباراتية-العسكرية: 1 - «إليسا سلوتكين»، عميلة الCIA، وخدمت بثلاث جولات فى «العراق». كما خدمت فى مجلس الأمن القومى فى عهد الرئيسين «بوش»، و«أوباما». وكانت مساعد مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، ثم النائب الأول لمساعد وزير الدفاع لشئون الأمن الدولي. 2 - «أبيجيل سبانبيرجر»، ضابط عمليات فى وكالة (CIA)، متمركزة فى «أوروبا» منذ ما يقرب من عقد من الزمان. 3 - «جيسون كرو»، قائد المظليين فى حرب «العراق»، ثم القوات الخاصة لحارس الجيش فى «أفغانستان» فى جولتين. 4 - «آندى كيم»، مخطط الحرب المدنية، ومستشار القادة العسكريين الأمريكيين فى «أفغانستان». كما كان مدير مجلس الأمن القومى لشئون «العراق» فى عهد الرئيس الأمريكى «أوباما». 5 - «جاريد جولدن»، الجندى الوحيد فى المجموعة، وقد أمضى أربع سنوات كجندى فى «مشاة البحرية» الأمريكية، وخدم فى «أفغانستان» فى عام 2004، و«العراق» فى عامى 2005و 2006. 6 - «إيلين لوريا»، قائد فى سلاح البحرية، خدمت ست مرات فى «الشرق الأوسط»، وغرب المحيط الهادئ، وقادت سفينة هجومية لدعم نشر مشاة البحرية. 7- «ماكس روز»، ضابط بالجيش الأمريكى خدم فى «أفغانستان» 2012-2013، ولا يزال فى الاحتياطيات النشطة. 8 - «كريسى هولاهان»، محاربة قديمة فى القوات الجوية لمدة 10 سنوات، وتركتها كقائد. 9 -«كونور لامب»، كابتن مشاة البحرية، والمدعى العام الأمريكى حتى عام 2013، وهو الآن رائد فى احتياطيات سلاح مشاة البحرية. 10 - «توم مالينوفسكى»، مساعد وزير الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل فى إدارة «أوباما». 11 - «ميكى شيريل»، طيار مروحية بحرية، مع 10 سنوات من الخدمة النشطة فى «أوروبا»، و«الشرق الأوسط». وجدير بالذكر، أنه فى العامين الأولين من وجود هؤلاء المرشحين داخل «الكونجرس»، نفذوا إجراءين مهمين. وهما: تشكيل النساء الخمس: «هولاهان، ولوريا، وشيريل، وسلوتكين، وسبانبيرجر» لجنة مشتركة لجمع التبرعات لتشجيع المرشحات اللائى شاركن خلفيتهن الاستخباراتية العسكرية. ومشاركة الخمس بالإضافة إلى «كرو» فى التوقيع على مقال رأى فى جريدة «واشنطن بوست» فى سبتمبر 2019، يدعو إلى إجراء تحقيق لعزل الرئيس «ترامب» بعد قضية «أوكرانيا»، والتى كانت نقطة تحول حاسمة فى الجهود التى بلغت ذروتها فى مساءلة الرئيس بعد ثلاثة أشهر. محاولات جديدة معززة أربعة من مرشحى المخابرات العسكرية، الذين خسروا انتخابات الكونجرس فى 2018، نافسوا مجددًا فى عام 2020، ولم يفز منهم سوى «سارة». «سارة جاكوبس» مرشحة «كاليفورنيا»، والمسئولة السابقة ب«وزارة الخارجية» الأمريكية فى فترة الرئيس السابق «باراك أوباما». وكانت تعمل فى مجال مكافحة الإرهاب فى «نيجيريا»، وأماكن أخرى فى «إفريقيا»، وذلك وفقًا لموقع حملتها على الإنترنت. كما يشمل سجلها السياسى تقديم المشورة ل«هيلارى كلينتون» بشأن السياسة الخارجية الأمريكية. ومع ذلك، خسرت «جاكوبس» الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى فى عام 2018، وهذا على الرغم من امتلاكها موارد مالية كبيرة، بصفتها حفيدة مؤسس شركة «كوالكوم». وكانت فرص نجاح هؤلاء فى الوصول لمقاعد الكونجرس- وفقًا لما يتوقعه الخبراء الغربيون- بهذه الخلفية الاستخباراتية العسكرية فى المناطق المذكورة سابقًا، بالإضافة إلى توجههم الديمقراطى، فى ظل تولى الديمقراطى «جو بايدن» رئاسة الولاياتالمتحدة، أمرًا مثيرًا للتساؤلات والشكوك، فيما قد ينفذه هؤلاء العملاء فى الحياة السياسية، والتشريعية!.