أخيرًا، يعود الفنان الكبير «محمد محسن» للساحة الغنائية بعد غياب طال كثيرًا لظروف إنتاجية، استطاع أن يتخلص منها بسلام؛ ليعاود استكمال مشوارَه الغنائى. وصْفُ «محمد محسن» بالفنان الكبير ليس متعلقًا بسنّه؛ لأننا نتحدث عن فنان لايزال فى الثلاثينيات من عمره، وليس له علاقة بحجم المشوار الفنى، فهو يمتلك ألبومًا وحيدًا سبقه مينى ألبوم، ومجموعة من الأغانى المنفردة أو الأغانى التى قدمت فى مسلسلات مثل (زى الورد وكلبش)، أو حتى الأفلام مثل (الهرم الرابع)، ولكن قيمة «محمد محسن» الحقيقية تكمن فى حجم موهبته الصوتية وقدرته الفائقة على أداء الأغانى التى يصنفها الكثيرون بأنها «صعبة» وينجح «محسن» فى تقديمها بشكل ممتاز للغاية.
عودة «محمد محسن» لم تكن بأغانٍ جديدة، فقد قام بإعادة إحياء الأغانى التراثية بوجهة نظر فنية مختلفة؛ ليُذّكر الأجيال الجديدة ببعض من تراثنا، وهذا وضح من خلال تقديمه لأغنية (رزق الله عالعربيات)، التى صدرت لأول مرّة فى عام 1968م، وأيضًا أغنية (أنا هويت) التى صدرت للمرّة الأولى عام 1923م.
كما أنه قام بمزج التراث بالروح العصرية فى أغنية (عطشان)، التى استلهم فيها روح فنان الشعب «سيد درويش» عندما استعان بجزء من أغنية (عطشان يا صبايا)، وهو «عطشان يا صبايا دلونى على السبيل» واستخدمه بنفس الكلمات والألحان فى مطلع أغنيته الجديدة (عطشان)، وباقى كوبليهات الأغنية كتبها الشاعر الموهوب «مصطفى إبراهيم» ولحّنها «محمد محسن»، والتوزيع الموسيقى ل«رفيق عدلى»، الذى تميز بالروح الموسيقية الشرقية من خلال الاستعانة بوتريات «هشام مصطفى»، وجيتارات «مصطفى أصلان»، وقانون «شادى الجندى»، وناى وكولة «محمد عاطف».
أيضًا كليب (عطشان) الذى طرحه «محمد محسن» على قناته الرسمية بموقع الفيديوهات «يوتيوب» تميز باستخدام لوحات الفنان «طاهر عبدالعظيم» الذى عبّر برسوماته عن زى المرأة المصرية فى بدايات القرن العشرين؛ لكى تكون الصورة مُعبرة عن روح الأغنية وحالة المزج ما بين الماضى والحاضر.
كل هذه الأغنيات صدرت فى وقت زمنى لا يتعدّى الشهر؛ لتعيده إلى عالم الغناء من جديد بعد فترة غياب استمرت من 2017م حتى منتصف 2020م. «محمد محسن» أمامه العديد من التحديات المهمة فى الفترة المقبلة، ومنها التأكيد على الشكل الغنائى الذى صنعه لنفسه فى ألبوم (حبايب زمان) وطريقه تناوله للموضوعات العاطفية بأسلوب مختلف من حيث صياغة الكلمات عمّا يقدم فى سوق موسيقى «البوب المصرى»، وهذا وضح فى أغانٍ مثل (تجربة الوحدة، العالية راسى، حبات الندّى، حُضنك حياة، منرضهاش للغريب)، والأغانى التى لا تُعبر عن موضوعات عاطفية تخص علاقة الحبيب بالحبيبة، مثل (زى أغانى زمان)، و(تلغراف)، بالإضافة إلى فهمه لمتطلبات السوق بضرورة وجود أغانٍ تتماشَى مع ال«موضة»، مثل (حبايب زمان) بشكل موسيقى الفلامنكو، وأغانى المقسوم (بقالك مدة وأصيلة يا بنت)، أو حتى الأغانى ال«Slow»، مثل (فى قلبى مكان) وهى الأنجح من حيث الجماهرية؛ حيث وصلت إلى أكثر من 13 مليون مُشاهَدة على يوتيوب بخلاف التطبيقات الأخرى المتخصصة فى عرض الأغانى بطريقة الديجيتال.
من ضمن التحديات التى ستواجه «محمد محسن»، ضرورة تواجُد أغانٍ بصوته وتحمل فى تكوينها طابع «البهجة» وتكون مشجعة على الحركة والرقص، فهذه النوعية من الأغانى هى التى تجعل الفنان ينتشر فى حفلات الزفاف، وفى المصايف، وفى التجمعات الشبابية.
كما يجب عليه أيضًا أن يكون له أغانٍ مصورة؛ خصوصًا إذا كنا نتحدث عن فنان يجيد التمثيل وشارك كممثل فى مسلسل (زى الورد)، وكان من ضمن فريق عمل مسرحية (ليلة من ألف ليلة) مع الفنان الكبير «يحيى الفخرانى»، فيجب أن يستغل موهبته فى التمثيل فى صناعة «كليبات» توثق هذه المرحلة العمرية من مشواره الفنى.