وسط الأجواء القاتمة والخوف الذى يسيطر على العالم.. لايزال هناك أمل.. ورغم حالات التّنمر والسخرية التى يتعرض لها المصابون بكورونا، هناك قصص وحكايات كثيرة تدعو إلى التفاؤل والاطمئنان.. حيث بادرت مجموعات شبابية فى مختلف المحافظات بتقديم المساعدات للمصابين فى العزل المنزلى.. بشراء الأدوية التى يحتاجونها والأطعمة أيضًا.. حتى لا يضطرون إلى الخروج من منازلهم.
لم تقتصر المساعدات المقدَّمة على المبادرات الشبابية فقط.. حيث اكتشفت أسرة منذ يومين إصابة جارهم الثلاثينى بفيروس كورونا المستجد.. والذى يعيش بمفرده بعدما فقد والديه.. بادرت الأسرة بالاطمئنان عليه يوميًا.. كما تكفَّلوا بشراء العلاج الخاص به وجميع احتياجاته اليومية، وتقديم الطعام له من خلال الشرفة.
«محمد»: بنوصل كل حاجة للمصابين لحد البيت وبنتابع حالتهم
اعتاد محمد مسعد صاحب ال41 عامًا، مع أصدقائه على مساعدة المحتاجين وتقديم يد العون لهم، فكانوا يتكفلون بدفع الإيجار للأسر غير المقتدرة والمشاركة فى كثير من الأعمال الخيرية، وبالتزامن مع بدء ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا فى منطقة «القلج» التابعة لمركز الخانكة بمحافظة القليوبية، قرر أن تكون مساعدة المصابين فى العزل المنزلى ضمن أولوياته.. يقول: «المرض مش عيب وكلنا معرضين ليه، وفى ناس ممكن تتصاب وهى مش معاها حق العلاج أو أكل أيام الحجر فى البيت ويضطروا ينزلوا الشارع ويشتغلوا وينقلوا المرض لغيرهم، عشان كده قررنا كمجموعة شباب إن أى حد يصاب بالمرض ومش قادر يجيب العلاج أو الأكل يكلمنا وإحنا نكون خدامين ليه ولأسرته لحد ما يقوم بالسلامة».
يتكون الفريق من 12 متطوعًا هدفهم تخفيف العبء عن المصابين ومساعدتهم على تجاوز تلك الفترة.. ويتابع مسعد: «الأسر اللى فى العزل المنزلى كلهم على قلب راجل واحد وبيحبوا البلد، الفكرة بالنسبة لينا عادية مش جديدة، زى ما بنساعد الناس ونودى ليهم إيجار بنوفر للمصابين علاج وشنط عشان ميخرجوش من بيوتهم».
تواصل مسعد وفريقه بالفعل مع عدد من المصابين وأرسلوا لهم العلاج والطعام حتى باب المنزل: «بنسيبهم ونمشى وبنتابع حالتهم لو فى حاجة عاوزينها لو أكل هنوديه أو مقويات غذائية، أى حاجة تخص المريض بنوفرها له، وبنقوله الزم بيتك وإحنا هنساعدك واللى محتاجه مننا هنعملهولك، وطالما نيتنا كويسة وخالصة لله ربنا بيسهل كل حاجة».
لاقت مبادرة مسعد ترحيبًا كبيرًا ممن حوله، كما بادر الكثيرون بالانضمام إلى الفريق، خاصة أن قرية «القلج» تشتهر بحب الخير؛ حيث تتألف من عائلات كبيرة يسعون دائمًا إلى مساعدة بعضهم بعضا: «إحنا أجيال بتكمل بعضها، واتعلمنا حب الخير من الناس الكبيرة وحتى الساكن اللى فى وسطينا هو من أهلنا لأنه ساكن من قديم الأزل وربنا يكرمنا ويعدى الغمة على خير ويرفع الوباء عن أى حد».
تتكفل المبادرة حتى الآن ب 8 أسر من مصابى كورونا، الذين يلتزمون بالعزل المنزلى: «فى أسر من اللى عندهم كورونا مقتدرين وملتزمين فى بيوتهم، وفى أسر مش مقتدرين وبيتدفع ليها الإيجار، والعلاج بنجيبه والمجموعة كلها بتعمل اللى مطلوب واللى على قد إمكانياتنا، وكل واحد بيقسم وقته على حسب شغله، بيشوف المريض طلب إيه وبيروحله فى وقت مناسب، كلنا مرتبين أمورنا إن الموضوع ميبقاش فى تعب لحد واحد، كلنا بنكمل بعض والعمل الخيرى مفيش حاجة اسمها تعب، لو اشتغلنا ليل نهار مش بنتعب».
«مصطفى»: بنقدم مساعدات طبية ونفسية لمرضى كورونا
البداية كانت من خلال إنشاء جروب على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» لمساعدة أهالى منطقة 15 مايو بحلوان من المصابين بكورونا ممن تقرر لهم العزل المنزلى والحالات المشتبه بها أيضًا، أُطلق على المباردة «طوارئ مايو» وتهدف إلى تقديم المساعدات الطبية والعينية والنفسية لمرضى كورونا، يقول «مصطفى الحلوانى» 39 عامًا: «موزعين نفسنا للعمل على مدار 24 ساعة، وبالفعل بنتلقى حالات يوميًا وبيتم التعامل فورًا وتوصيل الاحتياجات للمنزل لأسر المريض.. وفريق المبادرة بيتكون من 10 أفراد، يقومون بمعاونة المصابين وتوصيلهم أيضًا بالأطباء المختصين.. كمان معانا فى المبادرة مجموعة من الأطباء والصيادلة المتطوعون للرد على الاستشارات الطبية».
تعدى عدد المشاركين فى الجروب الخاص بالمبادرة ال 10 آلاف مشترك سواء من متلقى خدمة أو المتطوعين للمساعدة، ويقول الحلوانى «بنحرص إن التواصل مع المصابين يكون إلكترونيا من خلال الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ووقت توصيل المساعدات إلى المنازل يلتزم شباب المبادرة بتطبيق جميع الإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس».
وعن الصعوبات التى تواجههم يقول «خوف المرضى من إعلان مرضهم حتى لا يتعرضون للتنمر أهم الصعوبات التى تواجهنا.. وده اللى خلانا نفكر فى تقديم الدعم النفسى على الجروب وبث روح الطمأنينة فى قلوب سكان المدينة، وكل اللى عنده أعراض مرضية بدأ يبعت لينا وهو واثق إنه هيلاقى يد بتعاونه للشفاء».
يوضح الحلوانى أنهم قاموا بعمل استفتاء على الجروب لمعرفة حجم إقبال الشباب على المبادرة لتقديم المساعدات للأهالى وكانت النتيجة بقيام 800 شاب وفتاة بالتطوع للمشاركة فى المبادرة: «انضم لينا كبار الأطباء بالمدينة لتقديم الخدمات الطبية للمصابين، لو المساعدة مش محتاجة مبالغ كبيرة بنساعد بالمجهودات الذاتية، ولو الموضوع أكبر مننا بنعرض الاستغاثة وفى أقل من نص ساعة بنلاقى المساعدة».
وعن أكثر المواقف التى أثرت فى فريق المبادرة يقول: «كان فى حالة محتاجة إلى أنبوبة أكسجين ولم تكن متوافرة حينها فى المنطقة.. وتواصلنا مع شخص من المقطم عرض توفيرها لنا عشان نروح نجيبها وإحنا فى الطريق كانت الحالة ماتت، وقتها قرر أحد رجال أعمال المدينة بالتبرع ب 10 أسطوانات أكسجين لأى حد محتاج، والحمد لله فى تكامل اجتماعى وقت الأزمة».
فريق ميدانى ب «بورسعيد» لمساعدة المصابين
بدت الأجواء أكثر حماسًا ونشاطًا فى محافظة بورسعيد؛ حيث تجوب الشوارع سيارات متنقلة، بداخلها شباب ونساء متطوعون قرروا مد يد العون إلى المصابين بفيروس كورونا، يقول عصام حامد، أمين عام اللجنة النقابية بالتأمين الصحى: «تهدف المجموعة إلى إيجاد متطوعين لخدمة مرضى العزل المنزلى لمصابى كوفيد19 وذلك عن طريق تكوين مجموعات ميدانية بالقرب من المصابين لخدمتهم وتدريب هؤلاء المتطوعين وتوفير المعلومات من أهل الخبرة.. لأن هدفنا الأساسى هو مساعدة المصابين على البقاء فى منازلهم».
من جانبه يقول «مدحت خضر» أحد المشاركين فى المبادرة:«فريق العمل بيوزع العلاج بالسيارات المتنقلة لجميع المصابين بفيروس كورونا فى العزل المنزلى، بدأنا من أمام مستشفى الحميات ومكملين، تعبنا بس حاسين براحة نفسية، وبناشد أهالى بورسعيد، إن محدش ينزل من بيته من الناس المصابة، إحنا بنعانى من الموضوع ده ومحدش يخاف من إنه يقول إنه مصاب، المرض مش عيب وكلنا معرضين إن الفيروس يجى لينا».
يواجه الفريق عددًا من السلوكيات الخاطئة التى تساهم فى انتشار العدوى بحسب ما يقول خضر: «دايما بنطلب من الناس ما يرموش الكمامات على السلم وفى الشارع ومداخل العمارات، والناس اللى فى العزل المنزلى، تحط النفايات بتاعتها فى شنطة جوا شنطة وعليها كلور وإحنا بناخدها، والفريق مستعد يوصل أى حاجة للناس لحد بيتها واللى محتاج لينا يتصل هنروحله لحد بيته، وبنتمنى الفترة دى تعدى بأقل خساير».