بين الحين والآخر، ومع كل تصعيد سياسى أو عسكرى يحدث بين دولتين يبادر الجميع للحديث عن «حرب عالمية ثالثة»، وفى ظل ما تملكه الدول من رءوس نووية قادرة فى مجموعها على تدمير الكرة الأرضية عدة مرات؛ فإن سيناريو الحرب من هذا النوع قطعًا لن يكون نزهة، فالرئيس الأمريكى دونالد ترامب وحده تحت قبضته 7000 رأس نووية كل منها قادرة على تدمير مدينة بكاملها، وبهذا يصبح العالم على بُعد خطوة واحدة من الإبادة النووية، لكن ماذا سيحدث فعليًا لو اندلعت حرب نووية بين دولتين اليوم؟.. وما المكان الأكثر أمانًا للاختباء بداخله، إذا سمعنا أن قنبلة نووية انفجرت فى بلد مجاور؟ يبدو أن الروس والأمريكان ليسا وحدهما مقتنعين بأن الحرب العالمية الثالثة يمكن أن تندلع فى أى وقت، ولهذا فإن هناك عدة شركات حول العالم بدأت بالفعل فى بناء مخابئ مليئة بكل الضروريات التى نحتاجها للبقاء اليومى، بحسب ما نشره موقع «أنونيماس». لكن الجانب غير المبشر فى الأمر هو أن هذه المخابئ تستهدف سوق الأغنياء فقط وليس الأغنياء فحسب؛ وإنما تستهدف بالغى الثراء.. والسؤال البديهى وماذا عن بقية سكان العالم؟ أصبح من السهل الآن امتلاك مركز قيادة صاروخى أو مخبأ تحت الأرض أو منشأة تداعيات نووية للدفاع السابق، بعد أن طرحت مخابئ الحروب القديمة فى معظم دول أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية للبيع خوفًا من وقوع أى كارثة عالمية أو اندلاع الحرب النووية الحرارية أو انتشار فيروس الزومبى ولكن عليك أن تكون «ملياردير» لتكون آمنًا من النهايات المأساوية. فى الولاياتالمتحدةالأمريكية تبدأ أسعار المخابئ من حوالى 39000 دولار وتصل إلى 8.35 مليون دولار حسب الموقع والمساحة، وعادة ما يزداد الطلب عليها من قبل السياسيين والفنانين والرياضيين المحترفين قبيل الانتخابات الرئاسية أو أثناء اضطراب المشهد السياسى وتحول الإقبال الكبير على شراء ملاجئ الحروب إلى هوس، الأمر الذى ألهم شركات الإنشاءات بتحويل الأمر إلى بيزنس تصميم وبناء مخابئ آمنة لأصحاب المليارات واستحداث مشاريع جديدة من أجل البقاء على قيد الحياة. من أشهر الشركات التى استغلت هذا الهوس شركة The Vivos Group ومقرها كاليفورنيا أسَّسها روبرت فيسينو، الشركة تقوم ببناء ملاجئ صلبة تحت الأرض مصمّمة لتحمُّل الكوارث المستقبلية وكوارث انقراض الحياة. ومؤخرًا، أعلنت الشركة عن مشروع جديد عبارة عن مجموعة تضم أكثر من 500 مخبأ خرسانى لمحدودى الدخل يمكنها استيعاب ما يصل إلى 5000 شخص فى مكان ما فى وسط الولاياتالمتحدة بعقود إيجار مدتها 99 عامًا بقيمة 25000 دولار للواحد. لكن لا يزال الإقبال على الملاجئ القديمة وتجديدها أكثر من المصممة حديثًا، لأنها تتمتع بأساسات صلبة فضلًا عن القيمة التاريخية التى تحويها وميزتها الأساسية هى أنها لا يمكن هدمها أو تدميرها بأى سلاح مهما كان؛ نظرًا لسماكة الجدران الخارجية للمخابئ التى تصل فى بعض الأحيان إلى 4 أمتار. وتعتبر لارى هول مطورة الشبكات الأمريكية أشهر من استثمرت فى هذا المجال؛ حيث اشترت صومعة صواريخ غير مستعملة كانت موطنًا سابقًا لرأس حربى نووى مقابل 300000 دولار وحولتها إلى مخبأ أطلقت عليه مشروع Survival Condo ليكون بمثابة مأوى لمن يخشون أن يصبحوا ضحايا فى حادث مروع ويمتلكون الكثير من المال ويحتوى مشروع Survival Condo على 15 طابقًا مقسمة إلى 12 منزلًا عائليًا بما فى ذلك مناطق وصول عامة ومساحة للعمليات تبلغ تكلفة الوحدة الكاملة 3 ملايين دولار ومساحتها 1820 قدمًا، أى أكبر بقليل من ثلث ملعب كرة السلة. تحتوى كل وحدة على ثلاث غرف نوم وحمامين ومطبخ ومنطقة لتناول الطعام ومنطقة غسيل وتجفيف وغرفة كبيرة مفروشة بالكامل. تكلف تجديد الصومعة بالكامل 20 مليون دولار ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى 12 عائلة ويمكن لهم الحصول على الطعام من متاجر الأطعمة وخزانات الأسماك القريبة، وفى حالة الخطر يعطى المشروع إمدادات غذائية مدتها خمس سنوات للشخص الواحد والتدريب الإجبارى على البقاء على قيد الحياة. لم تفصح لارى حتى الآن عن موقع هذا المجمع السكنى الفاخر تحت الأرض؛ ولكنها تؤكد أنه فى مكان ما فى ويتشيتا بولاية كنساس ربما فى مكان يغطيه التلال والأراضى الزراعية. أعلنت الشركة مؤخرًا أنها تلقت آلاف المكالمات الهاتفية من الأشخاص الراغبين فى شراء وحدات عقب إجراء كوريا الشمالية بعض التجارب النووية المحدودة. يعتبر مخبأ جراند كانيون الموجود فى Peach Springs أريزونا من المخابئ الشهيرة بالولاياتالمتحدة، وتم اكتشافه من قبل حطاب يدعى والتر بيك تحت الأرض عام 1927 اشتبه فى أن المنطقة قد تكون مليئة بالذهب اشترى الأرض الموجود بها المخبأ وبحث عن الكنوز؛ ولكنه اكتشف أن الكهف لا يحمل أى قطعة من الذهب فقرر أن يحولها إلى استثمار وملاجئ للهاربين من الحروب كما اشترى العديد من أصحاب هذه الأرض الكهوف ومخابئ الحروب الموجودة بالمنطقة واستخدموها لأغراض مختلفة كان الاستخدام الأكثر بروزًا خلال أزمة الصواريخ الكوبية حيث استضافت ما يقدر بنحو 2000 شخص. تحولت هذه الكهوف الآن إلى ملاجئ فاخرة بتغطية 220 قدمًا على ارتفاع 400 قدم إذا حدث هجوم نووى، فإنه لا يزال بإمكانها استقبال ما يصل إلى 2000 شخص لعدة أسابيع ولكن بأسعار باهظة. وفى ألمانيا يوجد نحو ألفى مخبأ تحت الأرض تم بناؤها خلال الحربين العالمية الأولى والثانية، طرحت جميعها للبيع من أجل إعادة الاستخدام بأسعار تتراوح بين 20 ألف و4 ملايين يورو وفقًا للمساحة والمنطقة التى يقع بها بعد أن سمحت الحكومة الألمانية عام 2007 ببيعها أو تحويلها إلى منازل للسكن أو مخازن لأغراض تجارية. وبيع حتى الآن 50 ملجأ فى جميع أنحاء ألمانيا تحول بعضها إلى فنادق معاصرة بأجواء تاريخية مثل فندق هوتيل إم بونكر فى ميونيخ والبعض الأخر بيوت سكنية. امتد هوس شراء المخابئ إلى الفنانين؛ حيث تم تحويل عدد من الملاجئ إلى متاحف جديدة ومعارض فنية ويعد معرض إكسيك كريستيان بوروس وزوجته كارين هو الأشهر فى ألمانيا على الإطلاق؛ حيث قام المؤرخ والفنان بشراء المخبأ القديم فى العاصمة الألمانية برلين فى عام 2003 وحول المخبأ الذى كان ملجأً من الغارات الجوية لآلاف المواطنين خلال الحرب العالمية الثانية إلى قاعة فن معاصر وعرض به ما يقرب من بعض 700 قطعة فنية، بعد أن أزال عددًا من الجدران الخرسانية وقلص عدد الغرف إلى 80 غرفة. على سطح المخبأ بنى كريستيان وكارين لأنفسهما منزلا مساحته 450 مترًا مربعًا ليتمكنا من العيش تحت سقف واحد جنبًا إلى جنب مع مجموعتهم الثمينة، وأيضًا معرض المؤرخ الفنى ديزيريه فويرله فى أحد مخابئ برلين الذى اشتراها ليفتحها للجمهور ويعرض فيها مجموعته الخاصة إلى جانب قطع نادرة من الفن القديم من جنوب شرق آسيا وقطع تنتمى للامبراطورية الصينية وأعمال لفنانين معاصرين مثل كريستينا إجليسياس وآنيش كابور وتسنج فانشى وأيضًا متحف برلين ستورى بانكر الذى كان أحد مستودعات وقود الحرب العالمية الثانية الذى تبلغ مساحته 6500 متر مربع وتحول إلى متحف لعرض أحداث الحقب الأكثر مأساوية فى تاريخ ألمانيا؛ حيث استضاف 12 ألف شخص أثناء قصف المدينة فى عام 1945 ويقال أنه المكان الذى اختبأ به الزعيم النازى هتلر حتى لحظة الانتحار. ويعتبر Vivos Europa One أضخم استثمار فى عالم المخابئ ويقع فى قلب أوروبا وهو محفور من صخرة صلبة تحت جبل يبلغ ارتفاعه 400 متر على يد السوفييت خلال الحرب الباردة، وكان حصنًا للمعدات العسكرية والذخيرة تبلغ مساحته 76 فدانًا فوق وتحت الأرض قادر على تحمل انفجار نووى كبير من مسافة قريبة وتحطم طائرة مباشر وعوامل بيولوجية وكيميائية وموجات وصدمات هائلة وزلازل وأى هجوم مسلح. أغلى مخبأ حديث فى العالم يوجد فى جورجيا، وهو مؤلف من طابقين ومكون من 12 غرفة نوم فى مكان غير معروف فى مدينة تيفتون وهو بمثابة الملاذ المثالى للهروب من جميع المخاوف بسعر إجمالى يبلغ 17.5 مليون دولار ويوفر هذا المخبأ كل وسائل الترفيه الراقية والراحة؛ حيث يوجد به غرفة مؤتمرات وغرفة كمبيوتر ومسرح منزلى ومطبخ حديث وغرفة ترفيه ومكتبة وعرف تخزين وهاتش هروب مخفى ويضمن لك الاتصال بالإنترنت من خلال تقنية DSL 2 وأيضًا أيضًا السلامة من الهجمات الكيميائية والانفجار النووى؛ حيث يمكن للجدران الخرسانية المطورة التى يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أقدام أن تصمد أمام انفجار نووى بطول 20 كيلو طن، إنه مجهز أيضًا بمنظف لإزالة التلوث والطاقة الشمسية الاحتياطية وأنظمة المياه الخاصة ومدخل الهواء الآمن.