على صفحات هذه المجلة، وبالتحديد فى «ربع تون»، كان لنا السبق فى الحديث عن أغنية (ملطشة القلوب) للمغنى مصطفى شوقى قبل أن تصبح «ترند»، وأشدنا بكل ما فى الأغنية من كلمات وألحان وتوزيع وكليب، ونسبنا الفضل لأصحابه بدءًا من الشاعر «صابر كمال»، والملحن «بلال سرور» والموزع «رامى سمير» وأيضًا المنتج الذكى الواعى «نصر محروس»، ومغامرته بإنتاج عمل فنى مختلف عن الأشكال السائدة على الساحة الغنائية، وربما كان هذا هو سِرّ نجاح الأغنية. ولكن، فى الاختبار الثانى ل«مصطفى شوقى» مع «نصر محروس»، كان الأمر مغايرًا تمامًا فى كل شىء. وإذا قمنا بعمل مقارنة بين (ملطشة القلوب)، و (وحشتونى) سنجد أن الكفة ستميل بكل قوتها لصالح (ملطشة القلوب)، وذلك لعدة أسباب، أهمها الكلمات المختلفة التى صنعها الشاعر، فلم نكن استمعنا قبل ذلك فى أى أغنية عاطفية مثل هذه المصطلحات «ملطشة القلوب»، و«سرسوب الهوا»، و«مُهر وحَبله سايب»، و«بس يجيك أواه».. كل هذه المرادفات جديدة على أذن المستمعين. والحرفية هنا تأتى فى طريقة تقديم هذه المفردات بشكل متناسق على ألحان سهلة وبديعة صُنعت بحرفية متقنة ساهمت فى سهولة استيعاب محتوى الأغنية، وأيضًا التوزيع الموسيقى على إيقاع المقسوم المحبب لذوق المستمعين المصريين والعرب. أمّا فى أغنية (وحشتونى)؛ فالأغنية تقليدية من حيث الاسم؛ خصوصًا أن لدينا عشرات الأغانى التى تحمل الاسم نفسه، وأيضًا الفكرة نفسها قُتلت بحثًا وتعبيرًا فى العديد من الأغانى عبر عشرات السنين. حتى أصبحت أشبه ب«كليشيه» باهت، أفرط فى استخدامه حتى فقدَ معناه الأصلى. وليس اسم الغنوة فقط وفكرتها، أيضًا المرادفات الموجودة فى الأغنية مستهلكة ولا توجد أى كلمة فى الأغنية جديدة أو تحمل معنى مختلفًا عن الذى اعتدنا عليه. كذلك كليب الأغنية، الذى حاول «نصر محروس» أن يجد له شكلًا مختلفًا فخرج الكليب بطريقة «ثقيلة الظل» عديمة الروح، بأداء تمثيلى باهت من مجموعة من الممثلين يحاولون تقليد انفعالات الفرق الموسيقية بشكل ساذج. علاوة على رابطة العُنق التى ظهر بها «مصطفى شوقى»، والتى كانت فى غاية الغرابة لدرجة تجعل المشاهد يحاول التركيز فيها كمحاولة لتوقع صاحب الشخصية المرسوم عليها، وما هى أهميته ولماذا طبعت صورته عليها ليرتديها الفنان صاحب الأغنية؟! والنتيجة أن التفاعل الجماهيرى وردود الأفعال فى الأوساط الإعلامية المختلفة مع الأغنية الجديدة (وحشتونى) لا يقارن بأى شكل من الأشكال مع ما حدث مع أغنية (ملطشة القلوب). والمنتج «نصر محروس» بما يملكه من خبرات متراكمة وذكاء شديد يعلم ذلك جيدًا، ولعله أدرك بالتجربة أن خلطة نجاح (ملطشة القلوب) تكمن فى جرأتها واختلافها، ونأمل أن تكون الأغنية المقبلة ل«مصطفى شوقى» بعيدة عن كل الأفكار التقليدية التى اعتدنا على سماعها؛ خصوصًا أن المجتمع أصيب بحالة من المَلل جرّاء إعادة تدوير الأفكار نفسها على مدار عشرات السنين، وهذا ما ساعد على ظهور أشكال موسيقية أخرى تستخدم أفكارًا غير تقليدية بشكل قد يكون متطرفًا فى استخدام الألفاظ، مثل ما يحدث فى الكثير من أغانى المهرجانات، والسوق حاليًا متعطشة لأى شىء مختلف.