كاتبة استثنائية استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة كبيرة فى السينما والدراما.. وإن كان أكثر ما يميز الكاتبة «مريم نعوم»، بحثها الدائم عن الصدق فى تناول ما يدور فى المجتمع، فهى تتصدى كثيرًا لأحلام ومشاكل الناس من مختلف الطبقات دون تجريح أو استغلال لآلامهم. وبعد تحقيق العديد من الإنجازات الدرامية من خلال المسلسلات التى قامت بتأليفها فى السنوات الماضية. تعود «مريم» مرة أخرى للسينما بعد غياب 10 سنوات بفيلم (بين بحرين) الذى يسرد أحلام الفتاة المصرية، والتى لاتزال تعانى من قيود الجهل والأفكار البالية والتى يُحكم عليها بالزواج المبكر والختان والحرمان من الحق فى التعليم والعمل واختيار شكل حياتها.. وفى الحوار التالى تحدثنا إلى «مريم» عن فيلمها الجديد ومشاريعها المقبلة. كيف جاءتك فكرة فيلم (بين بحرين)؟ الحقيقة أن المجلس القومى للمرأة هم من اختارونى لكتابة هذا العمل، فالبداية كانت عندما حدثنى المنتج «عبد الرحمن الجروانى» حول مشروع سيكون بمشاركة المجلس، ويدور حول قضايا المرأة.. فبدأت بعقد اجتماعات مع المجلس ومناقشة المحاور التى يرغبون فى بثها فى رسالة سينمائية. فاتفقنا على القضايا التى نرغب فى طرحها بالفيلم، حتى يكون رسالة يتم بثها للجمهور المستهدف الوصول له من خلال عرضه بمؤسسات خاصة بقضايا وتمكين المرأة.. فالفيلم يحمل أهدافًا معينة، غير ترفيهية، ولكن عندما توضع الرسائل الموجهة فى إطار درامى محكم فى قصته وحبكته الدرامية ستصل فكرته أسرع وسيحدث تأثير أكبر. هل قمت بمعايشة أو مقابلة حالات واقعية للمشاكل التى سوف تقدمينها بالفيلم؟ لا، هذه المشكلات للأسف متأصلة ومتواجدة فى المجتمع. ولقد قابلت فى حياتى مشاكل كثيرة، وحالات واقعية مثل التى قمت بتقديمها خلال الفيلم.. ولكنى أيضًا جلست مع أعضاء من مجلس المرأة وسردوا لى قصصًا واقعية من القضايا التى يعملون عليها. وكنت أحاول خلال العمل على فكرة الفيلم التعرف على العوامل الاجتماعية التى تؤدى لتلك الانتهاكات أو العادات. ألم تتخوفى من عدم نجاح فيلم مثل هذا تجاريّا؟ فى البداية لم يكن لدى أى تخيل بأنه سوف يتم عرضه تجاريّا، فهو كما ذكرت فيلم له أهداف معينة يتطلب وصوله للجمهور أن يعرض من خلال الجهات المختصة بالمرأة.. وكون جهة الإنتاج خاضت تلك التجربة، وسعت لعرضه فى دور العرض فهذا فى رأيى يضيف له الكثير؛ لأنه بالتأكيد أمامه فرصة للعرض على جمهور أوسع وأعم من العروض المحدودة. ولم أتخوف بالتأكيد لأنه فيلم محترف متكامل الأركان مثل أى عمل سينمائى قابل للعرض العام. هل شاركت فى قرار اختيار وجوه جديدة كأبطال للفيلم؟ لا، الحقيقة أنه كان قرار المخرج والمنتج، ولكنى أرى أنه ملائم جدًا لهدف وفكرة الفيلم، حتى يحمل مصداقية أكبر لدى الجمهور ويتعاملون مع أبطاله وكأنهم سيدات حقيقيات من المجتمع.. أى يظهر وكأنه فيلم تسجيلى واقعى وليس تمثيلية تقدمها النجمة الفلانية. هل هناك أفلام أخرى ستقدمينها بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة؟ لم نتفق على شىء جديد، فهذا هو العمل الأول لهم ولا أعلم إذا كانوا سيكملون الحملة السينمائية تلك بأعمال جديدة أم لا. وأنا أتشرف بمشاركتهم مرة أخرى. لأن من مسئولياتى ككاتبة أن أطرح المشاكل التى يعانى منها المجتمع وأدعم تلك الأعمال الهادفة. ألم تتخوفى من اتهامك بتعمد اختيار الموضوعات الشائكة فى أعمالك؟ من المؤكد أننى لا أتعمد اختيار موضوعات مثيرة للجدل، ولكن العمل يأتى من خلال المواقف والموضوعات التى أؤمن بها، وتكون مؤثرة فى المجتمع بشكل مباشر، وتلمس الناس.. فسواءً كان الموضوع وليد أفكارى أو تم اختيارى لكتابته مثل فيلم (بين بحرين) فأنا أقدم ما أشعر به فقط سواء كانت موضوعات شائكة أم لا. ما سبب تغيبك عن السينما كل هذه المدة رغم نجاح أول أفلامك؟ لا أفكر بتلك الطريقة فأنا لا أعمل وفقًا لمخطط ما. ولكنى أقدم الأعمال التى أشعر بها فبعد نجاح (واحد صفر) تم عرض مشروع مسلسل درامى علىّ لكتابته.. ثم أصبحت الأعمال الأكثر تقديمًا هى الأعمال الدرامية.. خصوصًا أننى أحب «الحكى» ومخاطبة مشاعر الناس.. فالدراما أتاحت لى تلك الفرصة باختلاف موضوعاتها والقصص التى يمكن سردها. هل أنت مع فكرة أن الفن حاليًا قادر على تغيير عادات أو قوانين فى المجتمع؟ الدراما بشكل عام والقصة سواء تقدم بالسينما أو الدراما يمكنها أن تخاطب مشاعر وعقل المشاهد، وتجعله يعيد النظر فيما يفعله. والدراما التليفزيونية خصوصًا لها مقدرة كبيرة على لفت نظر المتفرج لموضوعات اجتماعية. لأن الدراما لها فرصة كبيرة فى طرح عدد كبير من الموضوعات والقضايا على عكس السينما التى تعتبر صناعة تجارية والإيرادات تتحكم فى الموضوعات المقدمة قليلًا. ولكن لكى يتم تغيير قوانين مثلًا فيجب على المؤسسات بالدولة أن تتكاتف مع الفن، وهذا لا يحدث كثيرًا إلا بطرح قضايا قد تغير الرأى العام، ومن ثم تتغير القوانين. لماذا اخترت أن تتم كتابة فيلم (بين بحرين) من خلال ورشة «سرد» التى تشرفين عليها؟ أنا أؤمن جدًا بفكرة العمل الجماعى، والفيلم يعتمد على الوضع الاجتماعى بشكل عام، فكان وجود أكثر من فرد وفكر هو إضافة للفيلم.. وبعد اجتماعى مع مجلس المرأة والاتفاق على المحاور العامة، قمت بالاجتماع مع الورشة واختيار السياق الدرامى والحبكة التى سيتم من خلالها تقديم تلك القضايا. غير أننى عندما كُلفت بهذا المشروع كنت بالفعل منشغلة بكتابة مسلسل (أبو عمر المصرى) فقمت بتحويل سيناريو الفيلم على الورشة بالطبع تحت إشرافى.. وبشكل عام، فالعمل مع الورشة يعتمد على المشروع نفسه وضغط العمل وقتها.. فهناك مشروعات قديمة كنت قد بدأت فى العمل عليها منذ فترة وأعاود استكمالها مرة أخرى، فأقوم بكتابتها بنفسى. أما الأعمال الجديدة خصوصًا الدراما الرمضانية التى تتطلب ضغطًا كبيرًا فى الوقت والجهد فتكون الأنسب لها أن تكتب من خلال الورشة. ما رأيك فى اتهام البعض بأن مساوئ ورش الكتابة أصبحت أكثر من مميزاتها؟ الفن شيء نسبى والتقييم النهائى للورش أو للكتابة بشكل عام يتوقف على عوامل كثيرة.. فكل ورشة لها طريقتها الخاصة فى تناول الموضوعات.. كما أن نجاح الورش أو الأعمال التى تقدمها يتوقف على طلب السوق والجهات المنتجة والقنوات وغيرها. فهناك ورش كثيرة أنتجت أعمالًا جيدة جدًا وأخرى قد تكون أخفقت. وبشكل عام نحن نقدم الأعمال والحكم النهائى للجمهور. ما نوعية المشاكل التى يواجهها كتاب الدراما؟ هناك مشاكل كثيرة تقابل كاتب الدراما بشكل عام، ومنها مثلًا قلة الإنتاج، فعدد الكتاب يفوق عدد الأعمال المقدمة بشكل كبير. كما أن التطوير فى الكتابة وتجديد الأفكار يتطلب وقتًا أطول للكاتب ومساحة للإبداع، وهذا عكس ما يتم توفيره لنا، حيث إننا يتم ضغطنا بشكل كبير فى مسألة الوقت. قدمت الفورمات الأجنبى والاقتباس من الروايات، أيهما تفضلين؟ -كتابة السيناريو عن نص أدبى يعتبر أكثر متعة بالنسبة لى لأنه يعطى مساحة للإبداع أكثر من المنقول عن عمل أجنبى الذى نقوم ب«تمصيره» كى يكون مناسبًا للمجتمع المصرى دون الإخلال بأحداثه ومشاهده. ولكن عن نفسى لدى شغف بالعمل على الروايات. هل هناك رواية تتمنين تقديمها؟ هناك أكثر من مشروع للعمل على روايات مختلفة تواصلت بالفعل مع مؤلفيها، ولكن لم يتم الاتفاق بشكل نهائى. وكنت أتمنى تقديم رواية (يوتوبيا)، ولكنها مشروع مؤجل لأن إنتاجها سيكون صعبًا جدًا.