أنعم الله على بمولودة أنثى، هى ابنتى الوحيدة شكرت الله على عطيته وهديته لى ولوالدها ولم أشعر أنا وأباها أن وجهنا أسود ولم نتوارَ من القوم من هول ما بشرنا به. ولأنها أنثى وليس لها أشقاء قررنا أن نحسن تنشئتها ونعلمها أن تكون قوية.. علمناها أن تثق فى نفسها واعتمادها على ربها وعلى ما نشأناها عليه من دين حقيقى وليس شكليا وخلق يراعى الله فى القول والفعل وإيمان بأن لها دورا وقيمة وتأثيرا فى حياة بلادها. وكبرت ابنتنا وأكملت تعليمها حتى الجامعة وبخطوات قوية وثابتة وبمساندة من أبيها الرجل المختلف نجحت وبنتيجة مبشرة وأصبحت من أوائل دفعتها وكان أمامها أن تلتحق بهيئة التدريس ولكن كان حلمها هو خدمة الناس كما فى أطباء بلا حدود.. فنصحتها أن بلدها تحتاجها وفعلا قدر الله لها أن تعمل فى مكان به أطفال يحتاجون لكل قلب ولكل ضمير يقظ يقدم لهم العون والرعاية حتى لو كان براتب قليل فرحبت جدا بتوجيه ربنا، ودخلت لعالم صعب وقاسٍ يحتاج لكل إنسان يرجو رضاء ربه قبل أن يرضى جيبه. وكنت أنظر بفخر ما ستحققه فتاة مصرية لبلادها أكثر من أى ذكر مصرى ومثلها كنت أنظر إلى مثيلاتها من المصريات وما سيحققن وأنهن لسن المهيضات الأجنحة اللاتى ينتظرن العريس بدلا من ظل الحائط. وفجأة تنقلب دنيانا فى بلدنا المتحضرة التى علمت الدنيا الحضارة والنور والعلم وتهب على مصر غمامة حالكة السواد حاولت أن تأكل الأخضر واليابس غمامة قاتمة مصممة أن تقلب حياتنا وتظلمها وتنتقم من كل شىء جميل فى بلدنا الغالية، وأولها ابنتى، وتقول لابنتى وقريناتها بيتك بيتك كالفراخ تهشهم داخل الحظائر بالعصا.. مع وجود تصميم من هؤلاء الغمام أن لا يوجد ما تسمى فتاة متعلمة أو ممثلة فى اى ناحية من مصير بلدها. فالبنات فى نظر جماعة الظلام ليس لهن إلا مهمتان فقط «خلفة العيال» و«تسلية الرجال» من جماعتهم.. إنها سبية وخليلة لا حق لها ولا صوت، هى تساق بالكرباج مثل البهائم. ولكن سبحان الله لم يرض أن تهان مخلوقاته على يد جماعة لا علاقة لها بالله يزيفون مشيئته.. فكنا على موعد مع ليلة القدر، فأزاحهم الله عن كاهلنا برحمته وكرمه.. وعادت سماء مصر نظيفة مشرقة ناصعة مضيئة تفتح ذراعيها لكل ما هو جميل ونظيف و بمستقبل مبشر لكل شعبنا ولبناتنا بصفة خاصة وبأيدى جيشنا العظيم الذى أقسم هو وقائده أن بناتنا وبلدنا لن يدنسها خسيس أو جبان.
