وكأن الشاعر التونسى الشهير أبو القاسم الشابى كان يتحدث عنهم وهو ينظم قصيدته قائلاً «أُبارك فى الناس أهلَ الطموح، ومن يستلذُّ ركوبَ الخطرْ، وألْعنُ من لا يماشى الزمانَ، ويقنع بالعيْشِ عيشِ الحجَرْ» هم شباب دون العشرين قليلا أو فى بداية العقد الثانى من عمرهم، عبروا آلاف الكيلومترات بحثًا عن شغفهم، جاءوا من القاهرة وما حولها حتى وصلوا مدينة السحر «دهب»، ليس بهدف الاستجمام أو الغطس أو بحثًا عن لحظات من الحرية المسروقة، بل إن ركوب المغامرة عبر الألعاب المائية كانت هى المتعة التى جاءوا يبحثون عنها. بالوصول إلى محمية «البلو لاجون»، ذات الرمال الذهبية ومياه البحر الزرقاء الشفافة ستجد العديد من المخيمات البدوية ومراكز تعليم الألعاب المائية وجميعها يتآلف معًا ليمثلوا أحد أبرز السمات المميزة للمكان، فى حضن هذه المعالم الطبيعية الساحرة تجد سيدات ورجالًا بطائرات ورقية على الرمال بدأوا بالتعلم كيفية التحكم بطائرتهم، وعندما تلقى نظرة على البحر ستجد أن الجميع فى هذا المكان يمارس «kite surfing» وهى ركوب الأمواج بالطائرات الورقية. تستقبل منطقة البلو لاجون التى لا تتعدى مساحتها بضعة كيلومترات مساحة الكثير من محبى المغامرات وعشاق ركوب الأمواج يوميًا، فبمجرد الوصول إليها تجد سماءها ممتلئة بطائرات ورقية، كلما اقتربت تصير الرؤية أكثر وضوحًا، ترتبط الطائرة الورقية بلوح تزحلق يقف فوقه أحد الشباب، متحكمًا فى سرعة الهواء قاصدًا اتجاهًا معينًا، يستمر تدريبه لساعات حتى يتقن التحكم فيها. «Kite Surfing» داخل أحد المراكز المنتشرة فى منطقة البلو لاجون لتعليم ركوب الأمواج وهو مركز «kite surf club» قابلنا إبراهيم وهو شاب فى ال23 من عمره، نشأ فى دهب، إلا أن حبه وعشقه لركوب الأمواج دفعه منذ العاشرة من عمره لأن يتعلم هذه المهارة، وقف بجانبه أصدقاؤه وبدأوا بتعليمه حتى أصبح من أكبر معلمى ال kite surfing فى دهب وخاصة منطقة البلو لاجون. بعد مرور عامين على ممارسته لركوب الأمواج بالطائرات الورقية افتتح هو واثنان من أصدقائه مركزًا لتعليم ركوب الأمواج بالطائرات الورقية ويقول إبراهيم إنهم حينما بدأوا بمشروعهم، كان المركز مقتصرًا على وجود اثنين من «الطائرات والبورد» إلى أن توسع مشروعهم الآن وأصبح لديهم 7 طائرات.. الطائرات الورقية مجرد اسم، ولكن الطائرات مصنوعة من مادة بلاستيكية وليست ورقًا، واسم kite هو اسم مجازى عن كونها ورقية. يشرح إبراهيم فكرة اللعبة قائلًا: «kite surfing» هى عبارة عن لعبة من خلالها يحفظ اللاعب توازنه فوق لوح التزحلق المربوط بطائرته الورقية، بحيث يكون الهواء هو العامل الأساسى لتحريكه ومن خلال توجيه الطائرة يستطيع التحكم فى سرعة واتجاه لوح التزحلق، بعد ذلك ينتقل اللاعب إلى مرحلة عمل قفزات وأشكال دون الوقوع فى المياه وتكون المنافسة بين اللاعبين على من يستطيع السير لمسافة كبيرة مع عمل قفزات دون الوقوع فى المياه. يشترط فى اللعبة أن يكون المشارك فيها سباحًا جيدًا فبدون قدرته على السباحة لا يستطيع تعلم ركوب الأمواج، الخوف من المياه هو أحد أهم المشاكل التى تواجه إبراهيم ورفاقه أثناء تعليم أحد المشاركين فى هذه الرياضة، فأحيانًا لا يستطيع المتعلم أن يتجاوز خوفه وحينها لن يستطيع أن يصبح لاعبًا محترفًا. شكل الجسم أو الوزن أو العمر ليس عائقًا أمام تعلم «kite surfing» ولكن الحب والشغب والشعور بالمتعة هى العوامل التى تحكم استمرارك فى التعلم من عدمه.. وبحسب إبراهيم فإن الطفل صاحب ال8 أعوام يستطيع أن يبدأ تعلم ركوب الأمواج، ولكن العمر الأنسب يبدأ من ال 16 سنة، ولا يوجد سقف معين لسن ممارسة هذه الرياضة مهما تقدم العمر، شريطة أن يكون الرجل أو المرأة قادرين على بذل المجهود وألا يعانون من الأمراض القلبية أو التنفسية. يبدأ يوم إبراهيم فى الساعة 9 صباحًا ويستمر حتى الساعة 5 مساء، ومع غروب الشمس يبدأ خروج كل لاعبى ومدربى «kite surfing» من البحر، أما أسعار التدريب فهى تختلف بالنسبة للمصريين عن الأجانب، وهى تختلف أيضًا حسب الموسم، وبالنسبة للمصريين فإن سعر ال8 ساعات تدريب وممارسة للعبة يبلغ 4000 جنيه، أما الأجانب فيرتفع سعر التدريب حسب مستوى المشارك فى اللعبة، أما أسعار معدات ال kite surfing فتبدأ من 17 ألف جنيه للطائرة الواحدة وتصل أحيانًا إلى 50 ألف جنيه. يبدأ إبراهيم تعليم المشارك أساسيات « kite surfing» بشكل نظرى فى أول 6 ساعات ويكون التعليم على الرمال دون الحاجة للنزول إلى المياه، وخلالها يتدرب على التحكم فى الطائرة ويتعلم كيفية تحديد الاتجاهات، ثم يبدأ بتعليمه فى المياه دون الوقوف على لوح التزحلق أيضًا للتحكم فى الهواء، ثم يبدأ تعليمه لعمل توازن فوق لوح التزحلق فى المياه، ومن هنا يبدأ بالتطبيق العملى ويستعد للنزول للمياه.. «أسبوعان» من التدريب المستمر ويكون قد وصل المتدرب لمرحلة المحترف ويبدأ بعمل قفزات وحركات، ولكن الشرط الوحيد أن يتدرب خلال أسبوعين لمدة 8 أو 12 ساعة يوميًا. عبدالله الشهير ب«شوكى» هو أحد مُعلمى إبراهيم ال «kite surfing»» وشريكه فى المركز، ويعد من أفضل راكبى الأمواج بالطائرات الورقية فى دهب.. منذ عدة أسابيع استطاع تحقيق رقم قياسى جديد فى رياضته فقد استطاع الصعود بالطائرة الورقية لمسافة 2 متر وعمل قفزة دون الوقوع فى المياه ودون استخدام أمان وباراشوت، ويتمنى المشاركة فى المسابقات الدولية للعبة ويطمح لتحقيق رقم قياسى يسجل فيها باسمه، «كنت عايز أجيب المنظر وأسوق للمنطقة وييجى ناس كتير وييجى سياحة أكتر، هدفى ساعتها إنى أورى الناس منظر البلو لاجون عامل إزاى وأقولهم إن أحسن ناس بتلعب هنا بس محدش عامل علينا فوكس». يوضح عبدالله أن التزحلق على الأمواج بالطائرات الورقية ليس من الألعاب الخطرة، ولكن يعتبرها من ألعاب المغامرة، فنادرًا ما يتعرض لاعبها للخطر، فهناك بعض قواعد الأمان لا بد من اتباعها، فإذا شعر اللاعب بأنه لا يستطيع التحكم فى الهواء وغير قادر على الوصول لمنطقة البداية عليه أن يبدأ بفك الطائرة ويعود للنقطة المحددة سباحة.. اللعبة تجذب الكثير من الأجانب وخصوصًا «الروس واليهود والألمان» حتى إن بعضهم استقروا فى منطقة البلو لاجون. يوضح شوكى بأن البلو لاجون من أفضل أماكن للتدريب وممارسة ركوب الأمواج بالطائرات الورقية فى دهب ومصر، نظرًا لكون الهواء مستمرًا فيها دائمًا لا ينقطع وأيضًا مياه البحر ضحلة وليست ثقيلة، ويستطرد: الغردقة ورأس سدر من أبرز الأماكن المحببة لممارسى ركوب الأمواج وهناك تقام مسابقات بين لاعبى «kite surfing» بعضهم البعض. بالنسبة لعبدالله فإن واحدة من المشاكل التى يواجهها القائمون على اللعبة يتمثل فى غياب أى شكل من أشكال الدعم من أى جهة أو وجود تسويق لها، علاوة على عدم وجود اتحاد لهذه الرياضة. «wind surfing» على بعد كيلو مترات محدودة وداخل مدينة دهب أيضًا عشرات اللاعبين يشاركون فى إحدى أشهر الألعاب المائية وهى ال «wind surfind» أو ركوب الأمواج باللوح الشراعى.. فى أحد المراكز الروسية المخصصة لركوب الأمواج باللوح الشراعى فى دهب منطقة اللاجون قابلنا سعيد صابر المسئول عن المركز، وأحد مدربى اللعبة. كان انتقال سعيد صابر صاحب ال38 عامًا إلى دهب واحدًا من أهم أحلامه وبالفعل بدأ تحقيقه بعد الانتهاء من دراسته الجامعية وأداء الخدمة العسكرية، فقبل 15 عامًا انتقل للعمل والمعيشة فى دهب وهناك بدأ العمل كمحاسب بأحد مراكز الغطس، ثم انتقل للعمل فى أحد المراكز المخصصة لرياضة ركوب الأمواج بالشراع وبدأ العمل بها ثم بدأ بالتعلم إلى أن أصبح مدربًا متخصصًا فى ركوب الأمواج باللوح الشرعى وقد حصل على شهادات معتمدة فى هذه الرياضة وأيضًا فى الإنقاذ، والإسعافات الأولية وشهادة خبرة من الاتحاد الروسي، وعمل كمدرب لمدة 5 سنوات إلى أن أصبح المدير الفنى لهذه الرياضة للشركة حاليًا، «كان فى الأول مجرد شغل، لحد ما حبيت اللعبة وبدأت أتعلم وآخد دورات تدريبية وبقيت مدرب، وحبيت الشغل برضه كمدرب بس حصلتلى مشكلة فى كتفي وضهرى فكان لازم أقلل وبقيت المدير الفني، بس لسه بلعب للمتعة مش بدرب». أوضح سعيد بأن رياضة ركوب الأمواج مقسمة حسب القدرات وحسب وزن الجسم، مشيرًا إلى أنها مقسمة إلى سرعات ويتطلب أن يكون الوزن ثقيلًا أكثر من 80 كيلو، أما عن الفرى ستايل فيتطلب وزنًا خفيفًا أقل من 70 كيلو لتمكنه من عمل حركات ودوران بالشراع، مشيرًا إلى أن للفرى ستايل 12 حركة، أما السرعات تنقسم لجزئين بعمل دوران دون الوقوع فى المياه، وأيضًا يبدأ السير فى المياه دون استخدام الحبل. أوضح سعيد أن لهذه الرياضة اتحادًا (الاتحاد المصرى لرياضة الشراع) ينظم مسابقات للاعبين تقام فى الغردقة ورأس سدر وشرم الشيخ، أيضًا فى روسيا تقام بطولات عالمية تضم أكثر من 5000 لاعب. الشروط الأساسية لبدء تعلم ركوب الأمواج باللوح الشراعى أن يكون قلبه ورئته بدون أى مشاكل صحية وأيضًا ألا يعانى من فوبيا الخوف من المياه ولا يعانى من أى أمراض تعرضه للمخاطر فى المياه، أما أعمار المتدربين فتبدأ من 6 سنوات إلى 70 عامًا، مشيرًا إلى عمر من 16 إلى 25 هو من أفضل الأعمار التى تستطيع ممارسة هذه الرياضة. تقسم المسابقات إلى جزئين الجزء الخاص بالفرى ستايل والآخر بالسرعات، يستطيع اللاعب الفوز بالمسابقة الأولى إذا استطاع عمل أكبر عدد من الحركات باستخدام السرعات فى أقل فترة زمنية، أما عن السرعات فيتطلب منه أن يعبر أكبر مسافة فى فترة زمنية قليلة. وفقًا لسعيد فإن اللاعب عليه أن يتمرن لمدة 4 ساعات يوميًا لثلاثة أسابيع حتى يصبح محترفًا ويطبق كل الكلام النظرى عمليًا فى المياه، مشيرًا إلى أن «wind surfing» أصعب من ال «kite surfing» فى اللعب ولكن المشترك بين الاثنين هو اللعب على سطح المياه والهواء. أكثر المقبلين على هذه اللعبة من الأجانب هم الإنجليز والألمان والإيطاليون والروس، وأسعار الدورات تبدأ من 135 دولارًا فى 3 ساعات، وللمصريين خصم 30% أو إيجار المعدات لهم ب 40 دولارًا مع تدريب مجانى. مؤخرًا اتجه سعيد لجذب قطاعات جديدة من محبى الرياضة بعمل معسكرات للأطفال لمدة 3 شهور، ومن ثم يبدأ بجذب أولياء الأمور لمشاركة أطفالهم أيضًا، مشيرًا إلى أن المركز الذي يعمل به حاليًا أصبح تابعًا لإحدى شركات المالتى ناشيونال والتى تقدم له عروضًا وتبدأ بإرسال طلاب جامعات وطلاب مدارس لتعليمهم. واحدة من المشاكل التى يواجهها مدربو اللعبة تتمثل فى وجود (الأكوا سبورت) وهى الألعاب المائية مثل الموزة والمرتبة التى يستخدمونها لإمتاع الزائرين مما يؤثر على لاعبى ال wind surfing وال kite surfing، ويعرض لاعبيهم للخطر. أوضح سعيد أنه رغم عدم الاهتمام الكامل بهذه الألعاب إلا أنها واحدة من أسباب ازدهار السياحة مشيرًا إلى أنه لا يوجد فرق بينها وبين الغطس وبين ال كايت سيرفينجو كل فرد وله متعته الخاصة.