لأول مرّة فى تاريخ بطولات كأس الأمم الإفريقية فى مصر، يشارك متطوعون من قارة إفريقيا فى تنظيم البطولة، سواء فى الترجمة لجمهور المنتخبات المشاركة، أو فى لجنة الإعلام، وصولًا إلى تقديم الخدمات الطبية.. وبحسب الدكتور معتز خطاب، رئيس لجنة المتطوعين الأجانب ببطولة كأس الأمم الإفريقية، فإن هناك متطوعين من 14 جنسية غالبيتهم من دول القارة السمراء.. فى السطور التالية، نحاور عددًا من هؤلاء المتطوعين عن طبيعة مشاركتهم فى البطولة، والأسباب التى دفعتهم لذلك. أعدادنا كبيرة البداية عند «أوديون»، وهو واحد من الشباب الأفارقة المتطوعين للمشاركة فى تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية، الذى تقدّم عن طريق الموقع الإلكترونى المخصص لتقديم المتطوعين، التابع للجنة المنظمة للبطولة، بعدما أرسلته له صديقة مصرية. يتذكر «أوديون»: «كنتُ سأسافر إلى بلدى بعد الامتحانات مباشرة، لكن بعد علمى بأن مصر ستنظم كأس الأمم الإفريقية قررتُ البقاء والمشاركة فى التنظيم بأى طريقة ممكنة». وسهلتْ إجادة «أوديون» للغتين الفرنسية والعربية من مهمة قبوله للمشاركة فى تنظيم «العُرس الكروى الإفريقى»؛ خصوصًا أن على رأس الشروط الموضوعة إجادة المتقدم لواحدة من لغات الدول المشاركة، بجانب اللغة العربية. وبعد قبوله «فرحتُ للغاية لأن هذه فرصة رائعة لا يمكن أن تتكرر كثيرًا»- كما يقول. وقبل انطلاق البطولة فى يونيو الماضى، كان المتطوعون الأفارقة يتجمعون فى استاد القاهرة لتلقّى مجموعة من التدريبات المتعلقة بالتنظيم، ثم جرى تقسيمهم إلى 3 مجموعات توزع على استادات القاهرة والسلام والدفاع الجوى. يوضح «أوديون»: «عرض علينا التطوع فى العديد من الأمور التنظيمية المتعلقة بالبطولة، فاخترت أثناء (الإنترفيو) أن ألتحق بمجموعة تقديم الخدمات للمشجعين فى المدرجات، بداية من توجيههم وترتيب جلوسهم على المقاعد المخصصة لهم، بجانب مساعدتهم وتوفير ما يحتاجون إليه كافة». ويشرح طبيعة عمله بشىء من التفصيل قائلًا: «يبدأ دورنا من خارج الاستاد؛ حيث ننتظر الجمهور ونستقبله من البوابات، ثم نراجع التذاكر ونوجِّه كل مشجع إلى مقعده الخاص به، حتى لا يتجولوا كثيرًا حول الملعب فيصابون بالإجهاد، وفى المدرجات يتم توزيعنا على الدرجات المختلفة، الأولى يمين، والثانية شمال، والثالثة يمين وشمال، لتوفير احتياجات الجمهور كافة». ويضيف: «الحمد لله، غالبية الجمهور يلتزم بالتعليمات الموجهة له، وفى حالة امتلاء الاستاد يكون هناك بعض المخالفات القليلة، لكن الأمن يسيطر على الوضع، ومَن نتحدث معه أكثر من مرّة يستمع إلينا فى النهاية. نساعد بعضنا بعضًا من المتطوعين، ونتعاون سويّا حتى يفهم المشجع ما نريد إيصاله له، وذلك باستخدام اللغة التى يفهمها. نحن فريق عمل كبير متعاون طوال المباريات، من بدايتها حتى النهاية». ويشير إلى أن عدد المتطوعين الأفارقة كبير جدّا، ويتنوعون ما بين الشباب والفتيات، وغالبيتهم فى الفئة العمرية من 25 ل30 عامًا، وهم- بحسبه- «يُنَسّقون مع إخوانهم المصريين بكل طريقة ممكنة، ويعملون سويّا من أجل نجاح كأس أمم إفريقيا». ويواصل حديثه: «المنظمون كانوا على أعلى مستوى من التدريب والمهارات، وحقيقة مصر أثبتت حتى الآن قدرتها الكبيرة على تنظيم أى مباريات أو أحداث عالمية كبرى، وهى تستحق منا أى جهد نبذله». أسرة واحدة اعتاد «كانو»، أحد الشباب الأفارقة المتطوعين فى تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية، تحت إشراف وزارة الشباب والرياضة، على المشاركة فى الفعاليات التى تنظمها الوزارة، وهو ما حدث مع انطلاق الحدث الكروى الأكبر على مستوى القارة. يقول: «تم قبول تطوعى، وجرى تدريبنا فى ورش عمل مكونة من خبراء ومحترفين؛ لمساعدتنا فى معرفة كل ما يخص البطولة، وطريقة التعامل مع الجمهور بالشكل الذى يشرف قارتنا السمراء». ويوضّح طبيعة عمله قائلًا: «أتولى مهمة الترجمة فى المدرجات، وتبدأ مهام عملى من اللحظات الأولى للمباريات حتى انتهائها، وذلك على أرض الملعب، وبجانب الترجمة نساعد المشجعين الأفارقة ونرشدهم إلى أماكنهم فى المدرجات». ولم تختلف طبيعة عمل «سنغال»، متطوع إفريقى ثالث، وإن كان يزيد على سابقيه بالمشاركة فى تنظيف الاستاد بعد المباريات. يوضّح: «يوزع المتطوعون أكياسًا بلاستيكية على الجمهور فى أثناء دخولهم إلى المدرجات، وأثناء المباراة نَمُرّ على الجمهور من مختلف الدول المشاركة ونطلب منهم إلقاء أى مخلفات بحوزتهم فى هذه الأكياس، وبعد نهاية المباراة نَمُرّ مرّة أخرى لجمع ما تركه الجمهور، الذى يتضمن فى أغلبه أكياس بطاطس وأكواب مشروبات ساخنة وباردة فارغة، وزجاجات مياه». وأرجع تطوّعه للمشاركة فى تنظيم «الكان 2019» بتنظيف الاستاد مع «الإخوة المصريين»، إلى شعوره بأن النظافة سلوك حضارى لا علاقة له بالجنسيات، ورغبته فى بقاء الاستاد نظيفًا دائمًا؛ لأنه وِجْهة مشرّفة لكأس الأمم الإفريقية بشكل عام، ولمصر بشكل خاص. معاملة حسنة للمخالفين ويقول «أبانو»، متطوع رابع: إن المتطوعين الأفارقة منقسمون ما بين تقديم الدعم اللوجيستى وخدمة المشجعين، والإعلام، والخدمات الطبية. مشيرًا إلى أنه متطوع فى خدمة المشجعين، ويعمل على توجيه غير المتحدثين باللغة العربية منهم؛ لأنهم كمتطوعين يتحدثون لغات مختلفة. ويضيف: «ننسق بشكل كبير مع المتطوعين المصريين، ونتعامل كأسْرة واحدة؛ لأننا جميعنا نسعى وراء هدف واحد، هو نجاح التنظيم وأن يكون بأعلى جودة وعلى أكمل وجْه». وعن طريقة التعامل مع الجمهور المخالف يكشف: «إذا خالف واحد من الجمهور التعليمات نتعامل معه بهدوء تام». وفيما يخص التطوع لتنظيف ملاعب البطولة يضيف: «من أول يوم، نوجّه المشجعين لأماكن إلقاء القمامة، كما أننا نُحضر أكياسًا بلاستيكية ونعطيها إياهم لإلقاء ما يُخلفونه من أكياس وعبوات فارغة بها، وبعد المباراة نجمع الأكياس ونلقيها فى صناديق القمامة».