فى السنوات العشر الأخيره كثر الحديث عن دور شبكات التواصل الاجتماعى فى حياة المجتمعات، وتأثيرها المهم فى جميع مناحى الحياة، ولا يخفى على أحد دورها الجوهرى فى تغيير شكل الحالة الفنية والإعلامية مؤخرًا فى مصر وفى العالم كله، وبالنسبة لصناعة النجوم كأحد أبرز تأثيراتها، استطاعت السوشيال ميديا ولأول مرة أن توفر «منبرًا» لكل من يمتلك رؤية أو موهبة تميزه عن غيره حتى يعبر عنها من خلالها مجال مفتوح «عمرو وهبة» ممثل كوميدى، عرفه الجمهور من خلال «الفيسبوك» فى مقاطع ڤيديو مضحكة تحمل عنوان (نجوم بتحب مصر) و(الموظف ادلمثالي).. يحكى «عمرو» كيف جاءته الفكرة وكيف كانت البداية، بأنه كان يحلم بالعمل بالتمثيل، وعندما كان يعمل بالكتابة لعدة برامج كوميدية جاءته فكرة عمل فيديوهات على السوشيال ميديا، حتى يجد فرصة لعرض موهبته ويجد طريقه للظهور وللنجومية، ثم بدأ يُشارك فى بعض الأعمال الفنية مثل برنامج snl بالعربى فى موسميه الثالث والرابع، ومسلسلى (كلبش) الجزء الثانى، و(طلعت روحي)، وفيلم (الكويسين) ويضيف أنه حاليًا يقوم بالتحضير لمسلسل مع «دنيا سمير غانم» والمقرر عرضه خلال السباق الرمضانى المقبل. أما عن تقديمه لبرنامج إذاعى فيتحدث «عمرو» قائلا: «تقديم برامج لم يكن ضمن طموحى، وبرنامج «إصحى» الذى أعمل فيه الآن برنامج «لايت» يهدف إلى «فرفشة» الناس، ولا يوجد فيه فورمات أو قالب معين التزم به، لذلك لا أعتبر نفسى مقدم برامج، أما عن السوشيال ميديا كوسيلة إعلام فتأثيرها قوى جدًا، وصنعت نجومًا كثيرين سواء «معلقين، أو ممثلين، أو مغنيين» ولها فضل كبير علىّ، والجمهور يعرفنى من خلالها ولم يعرفني حتى الآن من خلال التليفزيون، لذلك لن أتوقف أبدًا عن عمل الڤيديوهات، ولولاها كنت سأجرب كثيرًا أن أعمل «كاستنج» وأجرب حظى فى الحصول على أى دور، وكنت سآخذ كورسات تمثيل وهكذا حتى أجد فرصة ما، فهذا العمل صعب ومختلف كثيرًا عن العمل بأى وسيلة إعلامية آخرى، لأنك تقوم بكل المهام فيه بمفردك على خلاف التمثيل الذى يتحكم فيه مخرج محترف ومؤلف متخصص، وما عليك سوى تأديه ما يتطلبه الدور، وطبيعة وثقل المادة الإعلامية التى تقدمها مختلفة أيضًا، ونوعية وفئات الجمهور كذلك، وهذا الاختلاف جعلك مهمًا صنعت من ڤيديوهات «غير محروق» بالنسبة لأى وسيلة إعلام آخرى لها شكلها الخاص بها.. ولكنها وفى نفس الوقت جعلت أصحاب المواهب ليس لديهم حجة أو مبرر لعدم النجاح، فأى شخص يمتلك موهبة سواء كانت «رسم، غناء، تمثيل، إعلام، وغيره» ليس عليه سوى عرض هذه الموهبة لأصدقائه بأقل الإمكانيات من أى مكان وباستخدام كاميرا الموبايل -وأنا نفسى كنت أفعل ذلك- فالمجال مفتوح والساحة واسعة جدًا. ويتحدث عن نجوم السوشيال ميديا الذين يفشلون عندما ينتقلون للتليفزيون، فيقول: «هذا ما يحدث بسبب قلة الخبرة، فالمحتوى الذى كنت تقدمه على الإنترنت فى دقيقتين لا يمكن تقديمه فى برنامج تليفزيونى مدته ساعه، كما أنك تقدم محتوى موجه لجمهور لا يعرفك أبدًا ورصيدك لديه صفر، ولكن الفيسبوك عليه أصدقاؤك ومعارفك، وما يقدم للشباب يختلف عما يقدم للعائلة وجميع الفئات العمرية على التليفزيون». محتوى جديد «مروان يونس»، من أشهر نجوم السوشيال ميديا ويعتبر الآن مقدم برامج راديو وتليفزيون، بدأ من خلال عمل ڤيديوهات ساخرة على الفيسبوك، لكنه لم يخطط أن يحصل على الشهرة من خلالها،حيث فوجئ بزيادة التفاعل معه، وارتفاع عدد متابعيه، فكانت بوابته للدخول إلى الوسط الفنى، وأصبح من خلالها صديقًا للنجوم، ثم قدم كليب «الفرافير» بالمشاركة مع عدد كبير منهم، بالإضافة إلى تقديمه أكثر من تجربة إذاعية وتليفزيونية، وعن تلك الخطوات يقول: «لاشك إن متطلبات النجاح على الفيسبوك مكونة من عدة أشياء أولها التوفيق الإلهى، وثانيها الدفعة التى يحصل عليها من المتابعين بشكل مباشر وسريع، خاصة بعد انتشار المقطع وتحقيقه عددًا كبيرًا من المشاهدات والمشاركة دون عناء من صانعه، سوى أنه قدم محتوى جديدًا ومختلفًا، والوضع الحالى لوسائل الإعلام التقليدية اختلف كثيرًا عن السابق، فهذه الوسائل أصبحت فارغة من المحتوى، ومن يستطيع النجاح من خلالها هو من يقرر أن يصنع شيئًا خارج الصندوق، وبعيدًا عن التقليدية مثل «أبلة فاهيتا، أو snl بالعربى «على سبيل المثال».. أما بشأن تجربته كمذيع راديو فيقول: «ما أحاول فعله أثناء تقديمى للبرامج على الراديو الآن هو الاختلاف، فأنا «بلعب» على الهوا، «مرة اتصلت بعامل دليڤرى على الهواء، ومرة أخرى اتصلت على محطة إذاعية آخرى منافسة أثناء إذاعة الحلقة» فرؤيتى أنه مهما اختلفت الوسيلة فكل ما يتطلبه الأمر أن تكون خلاقًا ومبدعًا ومختلفًا». أما عن مساوئ السوشيال ميديا فى رأيه فقال: «للأسف يعاب عليها أنها تتيح الفرصة أمام من يقدمون محتوى غير لائق أو مسف لعرض أعمالهم، ولاسيما إذا كان المحتوى محرضًا على العنف أو هدامًا للمجتمع وهؤلاء لولا الإنترنت لم يكن أى أحد سينظر اليهم، فهذه السهولة التى تتيحها السوشيال ميديا سلاح ذو حدين». الموهبة هى الفيصل ومن جانبه قال المنتج «كريم أبو ذكرى»: «أتوقع فى المستقبل القريب جدًا اختفاء الراديو والتليفزيون تمامًا ويبقى الإنترنت بما يضمه من مواقع كاليوتيوب والفيسبوك وخلافه كوسيلة إعلام وحيدة يستخدمها الناس، وبالتالى يختفى مع اختفاء هذه الوسائل التقليدية النجوم التقليديون ويبقى نجوم الإنترنت فقط، أما بشأن اليوم وفكرة نجوم السوشيال ميديا وفرصة ظهورهم ضمن أعمال فنية وخلافه، فدائمًا الفرص متاحة لمن يحمل الموهبة التى تؤهله لهذه الفرص، وعلى سبيل المثال «أحمد أمين»، عملت معه فى مسلسل (الوصية) الذى نجح نجاحًا كبيرًا، فهو شخص موهوب ولديه كاريزما، وبالتالى يستحق فرصة الظهور ضمن أعمال سينمائية وتليفزيونية، فى حين أن هناك أسماء أخرى مشهورة على الإنترنت، سيئه جدًا ولا تصلح لأى شيء، فالفيصل هنا هو موهبتك وإمكانياتك وقدرتك على النجاح فى تقديم هذه الموهبة للجمهور، وليس فى عدد المتابعين. التحرر من الرقابة كيف يرى أساتذة الإعلام هذا المشهد، وما هى وجهة النظر التى يحملونها بفعل تخصصهم الأكاديمى، هذا هو السؤال الذى توجهنا به إلى الدكتور «خالد جمال»، أستاذ الإعلام، بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام، والذى قال: «إن السوشيال ميديا هى منصة جديدة ميزتها أنها تقدم فرصًا لكل الناس لم تكن متاحة من قبل متمثلة فى نشر مواد إعلامية ليس لها طبيعة محددة على وسيلة إعلام فارغة تمامًا وليس لها قالب معين كوسائل الإعلام القديمة، وهذه الفرصة غير مسبوقة، فعندما بدأت الجماهير باستخدامها اعتبروها ساحة للنقاشات وتبادل الآراء بشأن محتويات وسائل الإعلام التقليدية، والآن أصبحت مجالًا مفتوحًا لصنع أى محتوى وللتعبير عن الاهتمامات والمواهب، لذلك فهى تعتبر وسيلة جيدة جدًا لاكتشاف المواهب الفنية الجديدة وأصحاب الإمكانيات، ونجاح الإنسان فيها يعتمد على مثابرته وصبره والاستمرار فى نشر هذه المواهب، وهذا المجال المفتوح للجميع، وله إيجابيات إضافية أيضًا وهى غياب الرقابة على المحتوى، دون قيود، وربما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعى تخضع لأى سيطرة رقابية لبحث الشباب عن منصة أخرى لهم تسمح بالتعبير عن أنفسهم بكل حرية..ولكن السلبية الأساسية فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بهذا الشكل هى اعتمادها على عدد المشاهدات كمؤشر للنجاح بصرف النظر عن قيمة المنتج نفسه أو أهميته، وما يصلح للسوشيال ميديا لا يصلح لوسائل الإعلام الأخرى، فإذا قارناها مثلا بالتليفزيون والذى لديه جمهور مختلف وأغلبهم من الفئات العمرية الكبيرة والتى لن يكون لها نفس رد الفعل بشأن محتوى الإنترنت الذى يستهوى الشباب والصغار ولهذا ليس فى صالح القائمين على وسائل الإعلام التقليدية دائما الاستعانة بنجوم السوشيال ميديا».