لم يكن اقتحام الفنان عادل إمام أحد مراكز الشباب فى فيلمه «التجربة الدنماركية»، مشهدا سينمائيا فقط، فحالة التردى والإهمال التى وصل إليه العديد من المراكز فى الأحياء الشعبية والقرى المختلفة، فاقت بكثير ما رصده الزعيم بعد أن تحولت المراكز الشبابية والرياضية المنوط بها تفريغ طاقات النشء وتأهيله رياضيا وتوعيته ثقافيا، إلى أوكار لتعاطى المخدرات. «روز اليوسف» تجولت فى عدد من مراكز الشباب، والتى تحولت من حائط صد فى مواجهة الأفكار الظلامية إلى مكان تجمع للبلطجية والمخالفين للقوانين، بعد أن فتحت أبوابها على مدار ال24 ساعة، فى مخالفة صريحة لقرارات وزارة الشباب والرياضة، وعلى أبوابها يجلس الباعة فى ظل عدم وجود رقابة من القائمين على إدارة المراكز، ولسان حالهم ينطق بالجملة الشهيرة «نشاط اقتصادى». عدد كبير من مراكز الشباب التى يصل عددها على مستوى الجمهورية نحو 4 آلاف مركز، لا تقدم أى أنشطة رياضة، وأن وجدت تنحصر فى كرة القدم فقط، و80 % من المراكز لا تقدم نشاطات ثقافية، اجتماعية، دينية، مسابقات، وأنشطة فنية، وهو ما تسبب فى إغلاق عدد كبير من مكتبات مراكز الشباب، ويقوم على إدارة المراكز آلاف من المشرفين والموظفين مسجلين على الورق فقط، يحصلون على رواتب دون أى مجهود ولا حضور. ورغم حظر ممارسة الأنشطة السياسة بمراكز الشباب، إلا أن العديد من نواب البرلمان، يستغلون المراكز للدعاية وعقد المؤتمرات، بل وصل الأمر أن القائمين على إدارة المراكز يستمدون قوتهم من عضو البرلمان، ويفتح المركز للنائب لفعل ما يشاء له. بزنس مراكز الشباب مركز شباب الشوربجى، بولاق الدكرور، تحول من إلى مركز بزنس لجمع الأموال، بدلا من تقديم خدمات للشباب، يتكون المركز من طابقين، الأرضى يوجد مركز صالة ألعاب كمبيوتر (بلاى ستيشن)، وصالة بلياردو، أما الدور الأول غرفة الإدارة وغرفة للنشاط الثقافى مغلقة، بجانبه توجد غرفة «مكتبة» تعلوها الأتربة وصالة للجيم. أحد العاملين بالمركز وهو رجل مسن يقول إنه لا يوجد أنشطة ثقافية بمركز، وعن الألعاب الرياضية التى يقوم بها المركز أكد لا يوجد ملعب، لكن المركز يقوم تنظم مباراة كرة القدم على ملعب «الإصلاحية» القريبة من قسم بولاق الدكرور، وصالة «بلياردو، بلاى ستيشن، جيم» أوضح أن مركز يحتاج لدعم مادى حتى يستطيع توفير احتياجاته، مشيرا إلى أن مدير المركز يحرص على الحضور فى السابعة مساء بعد انتهاء عمله، حيث يعمل بإحدى الشركات الخاصة. وعلى أسوار مركز شباب الدقى، توجد عشرات المحلات، والتى يؤكد أصحابها أن إدارة المركز تفرض عليهم دفع مبلغ شهريا، أما التقدم بشكوى للمحافظة والحى لإزالة المحلات، موضحين أن المركز يستمر مفتوحا حتى فجر اليوم التالى، حيث تقوم إدارة المركز بتأجير ملعب كرة القدم للجمهور لممارسة الرياضة كرة القدم، بالإضافة وجود قاعة للأفراح، والتى يصل سعر حفل الزفاف بها نحو 10 آلاف جنيه. داخل المركز لا يمارس نشاط رياضى سوى كرة القدم، رغم وجود مدربين للألعاب و موظفين للأنشطة الثقافية والدينية ، لكن دون عمل حقيقى بل على الأوراق فقط؛ كما أكد لنا مدرب كرة القدم محمد علي، موضحا أنه كان يوجد نشاط ألعاب الكاراتيه وكونج فو. مراكز «خرابة» أما مركز شباب «الصفا » بالهرم، الذى يرأس مجلس إدارته نائب البرلمان، محمد على، ويقع بشارع الهرم الرئيسى، فأصبح مكانًا مجهورًا، عليه أبواب وحارس، يقول محمد مجدى- أحد الأعضاء-، إن المركز دخل فى حيز التطوير منذ 4 سنوات ولم ينته العمل به حتى الآن، كل عام ندفع التجديدات المطلوبة للاشتراكات، ولم يتقدم المركز ومازال على الأساسات الخرسانية، بدون ترميمه لخدمة الأهالى والشباب لممارسة الأنشطة الرياضية. وقال: المركز طوال السنوات السابقة كان تباع داخله المخدرات عينى عينك، وبعد أن فاز النائب محمد على برئاسة مركز الشباب، قالنا فى أمل بتطوير المركز ، لكن للأسف مازال مركز «خرابة». نفس الحال داخل مركز شباب «الوفاء والأمل» بالهرم، الذى تحول لوكر للمخدرات، يعيش حالة من الإهمال والضياع، ورصدت «روز اليوسف» حالة الإهمال وانتشار بقايا أعقاب السجائر الذى يستخدمها المدمنون فى تعاطى المخدرات ليلا بالملعب المهجور، ويعانى المركز من عدم وجود ملعب كرة قدم، وتمت إزالة السور المقام حول الملعب، وغرف مجهورة وأسقف مهدمة. يقول حارس المركز: إن المركز سيتم تجديده خلال 3 شهور، وأكد أحد أصحاب المحلات المجاورة للمركز، أن المركز بعد أن أصبح مجهورا ومكانا للبلطجية والمدمين، مشيرا إلى أن حارس المركز ينصرف من المركز الساعة التاسعة مساء، ولأن السور الخاص بالمركز قصير مما يسهل على متعاطى المخدرات الدخول وفعل ما يشاءون. الدروس الخصوصية مخالفات وحالات الإهمال بمراكز الشباب لم تتوقف عند هذا الحد، بل تحولت المراكز التابعة لوزارة الشباب إلى مراكز غير قانونية للدورس الخصوصية، من خلال تأجير غرف المركز للمدرسين وهو ما يحدث داخل مركز نادى شباب العرب ببولاق الدكرور. عدد من الطالبات جلسن أمام المركز فى انتظار موعد بدء الدروس الخاصة بهن، أكدن أن كل واحدة منهن تدفع 70 جنيها فى الشهر، بالإضافة إلى 3 جنيهات مقابل قيمة المقعد فى كل مرة تحضر بها، وهو ما أكدته مريم حسن، طالبة بمدرسة الشهيد مجدى محمد حسن، موضحة أن كل مدرسى المدرسة، يعطون دروسا خصوصية بالمركز، خلال الفترة الصباحية للفتيات، والمسائية للبنين. نفس الأوضاع تتكرر فى مركز شباب بولاق الدكرور، حيث تستغل إدارة المركز موقع المركز المحيط بمجمع للمدارس، بفتح أبوابه، لمدرسى الدروس الخصوصية، حتى تحول إلى «سنتر تعليمى»؛ حجز غرف للمرحلتين الابتدائية والإعدادية وملعب كرة القدم للمرحلة الثانوية، ولا يختلف الأمر بمركز شباب أرض اللواء، الذى فتح مقره للدروس الخصوصية، مقابل أجر، حيث يحصل المركز شهريا من كل مدرس على 200 جنيه، بالإضافة 5 جنيهات يدفعه الطالب فى كل مرة. مركز شباب إمبابة هو أيضا تحول إلى مركز للدورس الخصوصية، لجميع المرحلة التعليمية، وتقوم إدارة المركز فتح مقرها أمام الدورات الخاصة فى مجالات مختلفة باللغة وموارد بشرية وإدارة أعمال وغيرها بمقابل مادى يصل 500 جنيه فى الدورة، حسب مدة الدورة. ثريا حمدان، من سكان إمبابة، أم طفلين بالابتدائى والإعدادي، أكدت أن ابنيها يحصلان على دروس خصوصية بالمركز، موضحا أن أولياء الأمور يفضلون مدرسى مركز الشباب إمبابة، حيث يحصل ابن المرحلة الابتدائى على دورس بقيمة 50 جينها لكل مادة، بينما طالب الإعدادية 70 جينها للمادة، بجانب دفع أجرة مقعد 4 جينهات. كان عدد من أهالى المنطقة قدموا شكاوى ضد إدارة المركز، بأنه يقوم بتأجير قاعة المسرح لإقامة الأفراح، ما دفع وزارة الشباب لتشكيل لجنة للتحقيق، وانتهى الأمر بتعهد الإدارة بعدم إقامة أى أفراح فى المستقبل ومراعاة القاطنين حول المركز، وهو ما لم تلتزم به إدارة المركز التى مازالت تفتح أبواب المركز للأفراح، فضلا على فتح المركز لأوقات متأخرة بالمخالفة لقرارات الوزارة، كمان أن المركز لا يقدم أى أنشطة رياضة ويؤجر الملعب للآخرين مقاهٍ وكافتيريات لا يعيب على مراكز الشباب تقديم المشروبات على أعضائها والزوار، لكن أن تتحول إلى مقاهٍ وكافتيريات فقط على حساب الأنشطة الرياضة، فإن الأمر مختلف، كما هو الحال بمركز شباب كفر طهرمس بالجيزة، حيث توجد عشرات المحلات والأسواق ملاصقة للمركز ، الذى يتكون من طابقين، فى الطابق الأرضى يوجد «منصة القهوة البلدى» أمامها عدد من الكراسى والترابيزات البلاستيك، ولا يختلف الأمر بالدور العلوى، ورغم أن المركز تم تجديده منذ فترة قريبة لخدمة منطقتين، وهما جزء من أهالى منطقة فيصل وبولاق الدكرور فى آن واحد، إلا أن الحال على ما هو عليه. سيدتان فقط، هما المتواجدتان بالمركز خلال الفترة الصباحية، قالت إحدهما إن رئيس مجلس إدارة المركز والموظفين الرجال، يأتون فى 6 مساء، مؤكدة عدم وجود أنشطة ثقافية ولا دينية بالمركز، لكن يقدم المركز ألعاب كرة القدم، رغم عدم وجود ملعب يتم تأجير ملعب خاص، بالإضافة للعبه الكاراتيه، والكونغ فو. تصريحات السيدة، نفاها أحد أصحاب المحلات المجاورة موضحا أن المركز لا يقدم أى أنشطة، منذ تجديده لا نرى سواء لافتات عن الألعاب ومسابقات وهمية، وآخرها الإعلان عن وجود فصول محو أمية ولا يوجد شىء على أرض الواقع. خارج الخدمة أما مركز دار السلام، فلا يقدم سوى لعبة كرة القدم، ورغم أن أرضية الملعب غير صالحة وتسبب فى إصابة اللاعبين، ومكان خلع ملابس والحمامات غير آدمية. ولا يختلف الأمر بمركز برك الخيام بكرداسة به تصدعات وشروخات فى الجدران، بالإضافة إلى سوء أرضية الملاعب التى يكسوها الحصى والطوب، وعدم وجود حمام مخصص لرواد المركز. أما مركز شباب كرداسة، والذى قامت الدولة بتجديده، عقب ثورة 30 يونيو، وإدخال كافة الأنشطة به، بعد أن كان مكانا مهجورا، بهدف مواجهة الأفكار المتطرفة المنتشرة بحى كرداسة، يعانى من تشوه الجدران حتى اللافتة الرئيسية لم تسلم من التشويه، كما أن مركز شباب كوم الخضر بالهرم والذى أعلن على لافتة احتضان المركز كافة الألعاب الرياضة والثقافية والاجتماعية ومسابقات ورحلات، لكن بالواقع لا يمارس به سوى كرة القدم، بجانب صالة للجيم وأخرى بلياردو.