إذا كنت تدعو وتقول: «اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع»، فإن هناك من يسعى لهذا العلم ويطرق أبوابه ليكتب اسمه بأحرف من نور فى قائمة «إيج نوبل»، والتى تقدم الجوائز لأصحاب الأبحاث التى لا تُجدى نفعًا. جائزة «إيج نوبل» أو جائزة نوبل للحماقة، هى أسوأ جائزة علمية تُمنح كل عام للأبحاث العلمية عديمة المضمون، والفارغة من أدنى فائدة وللإنجازات غير المحتملة والمستحيل تحقيقها والتى لا يجب تكرار البحث فيها لعدم جدواها. الجائزة تُغطى 10 مجالات مختلفة ويتم منحها للفائزين فى مراسم احتفالية تشبه جائزة نوبل الأصلية فى قاعة احتفال مهيبة بمسرح هارفرد ساندرس ويشهد هذا الاحتفال العجيب حوالى 1200 مدعو أو أكثر كما يُذاع على الهواء مباشرة على الإنترنت وعبر المحطات الفضائية. هذا العام، فاز ب«إيج نوبل»، فى مجال الطب الأمريكيان مارك ميتشل وديفيد وارتينجر عن بحثهما الذى توصل إلى أن ركوب roller coasters، المعروف فى مصر باسم قطار الموت -أحد ألعاب الملاهي- يمكن أن يعجل مرور حصى الكلى الصغيرة، وبالتالى يقلل من الحاجة إلى الخضوع لعلاج جراحي، ونشرت دراستهما فى المجلة العلمية The Journal of the American Osteopathic Association، واستلهم الباحثان فكرة الدراسة من شخص كان مصاب بحصى الكلى واستطاع التخلص منها بعد ركوبه «قطار الموت». الباحثان صمما نموذجًا للكلى ثلاثى الأبعاد ووضعا فيها حصى بأحجام مختلفة وبعد حصولهما على الموافقة من مدينة الألعاب العالمية ولت ديزنى Walt Disney World وضعا هذه الكلى فى «اللعبة» لتدور فيها 20 مرة ووجدا أن الجلوس فى آخرها ساعد على خروج الحصى من الجسم بنسبة %63.89، فى حين أن الجلوس فى الأمام أدى إلى مساعدة هذه الحصى بالخروج من الجسم بنسبة %16.67، بغض النظر عن حجمها أو مكانها ووضح الباحثان هذه العلاقة ما بين ركوب «قطار الموت» والتخلص من حصى الكلى أن الحركة تشجع على مرور هذه الحصى من خلال المسالك البولية، وبعد ذلك تخرج من الجسم، لكن هذه العلاقة لا تنطبق على جميع المرضى. وفى مجال الطب الإنجابى حصل 3 أطباء مسالك بولية على الجائزة عن أسلوبهم فى قياس انتصاب العضو الذكرى ليلًا، إذ طلبوا من متطوعين لف خاتم من الطوابع البريدية بشكل مريح حول عضوهم الذكرى وقت النوم والتحقق منه فى الصباح، وقالوا إن هذه التجربة والتى نشروها عام 1980 فى مجلة علمية أنها دقيقة بنسبة ٪100. وأوضح الباحثون أنهم صنعوا طوابعهم الخاصة للتجربة وذلك باستخدام البريد الرسمى الأمريكي. وفى مجال الاقتصاد فازت البروفيسورة الكندية ليندى ليانغ من جامعة «ويلفريد لورييه»، عن بحثها الذى توصل إلى أن استخدام دُمى أو عرائس الفودو للرد على الرؤساء المسيئين يجعل الموظفين يشعرون بالتحسن لأن تصوراتهم عن الظلم تم إبطال مفعولها لافتة إلى أنها طريقة مميزة للقول بأن العدالة تحققت المعروف أن عرائس الفودو ترتبط بشكل مباشر بالسحر الإفريقى فإن الراغب فى إيذاء شخص يصمم شكلا رمزيًا له سواء كان دمية من القماش أو القش أو الصلصال أو حتى من الورق ثم يؤدى طقوسا مرتبطة، ثم يبدأ فى تعذيب الدمية بدبوس يغرسه فى جسدها وخاصة فى الرأس والصدر وبعدها يرمى الدمية فى النار. أما فى مجال الكيمياء، ففازت الباحثة البرتغالية باولا روماو وزملاؤها عن البحث الذى درس مدى فعالية اللعاب البشرى فى تنظيف الأسطح القذرة، إذ قاسوا درجة نقاء اللعاب البشرى كعامل تنظيف جيد، وقاموا عام 1990 بجمع اللعاب وقياس مدى فعالية ذلك فى إزالة الأوساخ من المنحوتات المذهبة التى تعود إلى القرن الثامن عشر ويشيرون إلى أن المحافظين على مقتنياتهم يستخدمون لعابهم لفترة طويلة ويفضلونه عن المذيبات الأخرى عند التعامل مع المواد الحساسة مثل أوراق الذهب والخزف وتقول باولا : أعلم أنه يبدو غير محتمل، لكن اللعاب البشرى هو فى الواقع عامل تنظيف فعال للأسطح مثل اللوحات والمنحوتات والأخشاب المذهبة، لكن لا تحاول استخدامه على عدادات المطبخ الخاصة بك، وقال روماو فى فيديو تم عرضه فى حفل توزيع الجوائز فى جامعة هارفارد أن إنزيم اللعاب يكسر النشا إلى السكريات البسيطة وهو ما يجعله أكثر فاعلية من المواد الكيميائية. وحصل فريق من الباحثين الأستراليين على الجائزة فى مجال الأدب بعد إثباتهم أن معظم الأشخاص الذين يستخدمون منتجات معقدة لا يقرأون دليل التعليمات. ذهبت جائزة الأنثروبولوجيا إلى فريق من دول مختلفة ومنهم توماس بيرسون، غابرييلا وألينا ساوسيك وإيلينى مادسن والذين جمعوا الأدلة التى تفيد أنه عندما يحاول الشمبانزى تقليد البشر فإنه يفعل مثلما يفعل البشر عندما يقلدون الشمبانزى وقاموا بتجربتهم داخل حديقة الحيوان. وذهبت جائزة السلام إلى مجموعة إسبانية وكولومبية التى اختبرت ما إذا كان الصراخ والشتائم أثناء القيادة أدى إلى المزيد من الحوادث. ويرأس لجنة الجوائز الدولية البروفيسير إبراهام عالم الرياضيات السابق وعالم الكومبيوتر ورئيس تحرير مجلة سجلات الأبحاث المستبعدة التى تمنح الجوائز كل عام فى نفس توقيت جائزة نوبل العالمية الأصلية والتى تصدر عن جامعة كامبريدج البريطانية ويتراوح ترتيب البحوث الفائزة بالجوائز من الأسوأ إلى الأكثر سوءً وتقدم الجوائز للأبحاث الفاشلة الخالية من الهدف الواضح وعديمة المعنى والمفهوم فى معظم المجالات التى تغطيها جوائز نوبل الأصلية كالجوائز العلمية التى تشمل علوم الأحياء، والاتصالات، والطب، كما تقدم جوائز فى الأدب والاقتصاد والسلام . ويتم تنظيم الجائزة من قبل المجلة العلمية Annals of Improbable Research، وتشارك فى رعايتها جمعية Harvard-Radcliffe لطلاب الفيزياء وجمعية Harvard-Radcliffe للخيال العلمى وفى كل عام يتم منح عشر جوائز إيج نوبل ولم تكشف اللجنة القائمة على الحفل عن قائمة المرشحين مسبقًا بسبب العدد الهائل من الترشيحات التى تتخطى 9 آلاف بحث وهو أحد الأسباب الرئيسية. وتم تنظيم الجائزة لأول مرة عام 2000 والغريب أنها منحت لعالم الفيزياء الهولندى أندريه غييم الذى حصل عليها فى الفيزياء بعد أن تمكن من رفع ضفدع فى مجال مغناطيسى وهو أول شخص فى العالم يفوز بجائزتين متناقضتين، إذ حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 2010 مناصفة مع كونستانتين نوفوسيلوف وكلاهما من جامعة مانشستر وذلك لتجاربهما الرائدة فى مادة غرافين وهى شكل جديد من الكربون يعادل سمكه ذرة واحدة وهى أدق وأقوى مادة عرفت حتى الآن. المصرى الوحيد الذى حصل على جائزة نوبل للحماقة هو العالم المصرى الراحل الدكتور أحمد شفيق الذى أختير رئيسًا للأكاديمية العالمية لجراحى الجهاز الهضمى بأمريكا فى دراسة أجراها عن تأثير ارتداء سراويل من البوليستر على الحياة الجنسية للفئران، إذ كشف أن الفئران التى ترتدى سراويل مصنوعة من البوليستر أو البوليستر المخلوط بالقطن تكون أقل نشاطا من الناحية الجنسية، وقال إبراهام رئيس تحرير مجلة سجلات الأبحاث غير المحتملة: إننا لم نسمع مطلقا عن أى شخص آخر قضى وقتا يدرس بعناية ما يحدث جنسيا للفئران إذا ألبستها سراويل . ولم يكن بحث الدكتور أحمد شفيق هو الأسوأ على الإطلاق حيث وصف بحث تشارلز فوستر زميل جامعة أكسفورد الذى منح الجائزة أيضًا فى الأحياء أنه الأسوأ، حيث جرب العيش مثل حيوان الغرير فى البرية و حفر جحرا للنوم فيه وأكل ديدان وشاركه فى الجائزة مواطنه توماس ثويتس الذى صنع أطرافا اصطناعية ليجرب العيش كالماعز فى سويسرا . اليابان التى يطلق عليها كثيرون كوكب العلم، هى الأكثر حصولًا على هذه الجائزة فمن ضمن 26 مرة تم فيها منح الجائزة منذ تأسيسها فإن عدد المرات التى لم يحصل فيها اليابانيون على الجائزة هى سبع مرات فقط ومنذ عام 2007 وحتى عام 2016 حصل اليابانيون على هذه الجائزة لمدة عشر سنوات متتالية. نوبل للحماقة، ليست الأغرب، بل هناك مونديال الخاسرين، والمقرر أن تستضيفه الولاياتالمتحدة، وهو عبارة عن بطولة دولية ودية فى كرة القدم تجمع بين المنتخبات الخاسرة والتى فشلت فى التأهل إلى كأس العالم 2018 فى روسيا. الفكرة أطلقها الاتحاد الأمريكى لكرة القدم رغبة منه فى رفع معنويات منتخب بلاده الذى فشل فى الترشح إلى نهائيات المونديال للمرة الأولى منذ عام 1986 وتضم دعوات المشاركة، إيطاليا بطلة العالم عام 2006 والتى تغيب عن المونديال للمرة الأولى منذ 60 عاما وهولندا وصيفة بطل العالم عام 2010 وتشيلى بطلة كوباأمريكا فى عامى 2015 و2016 وغانا برصيد 3 مشاركات مونديالية ربع نهائى عام 2010. وهناك أيضًا جائزة التوتة الذهبية أو Razzies وهى جائزة سنوية تمنح لأسوأ فيلم وأسوأ ممثلين، أنشأت عام 1981 من قبل الصحفى الأمريكى (جون ويلسون) ويقام عادة حفل توزيع جوائزها ليلة حفل توزيع جوائز الأوسكار وأشهر الرابحين للجائزة سلفستر ستالونى وساندرا بلولوك وهالى بيرى وبين أفليك ولكن أغلب النجوم يرفضون استلام الجائزة بالطبع. ويوجد أيضًا جائزة أخرى تسمى القدم فى الفم Foot In Mouth Awards وهى جائزة تمنح لأغرب وأسخف التعليقات من المشاهير، ومن أشهر من فاز بها الممثل الشهير (ريتشار جير) وذلك عندما قال :أنا أعرف من أنا ولا أحد يعرف من أنا فإذا كنت زرافة وقال أحد أننى ثعبان فأنا أعتقد لا أنا زرافة . وفاز بها أيضًا الرئيس الأمريكى السابق (جورج بوش) وذلك فى قوله : أنا أعرف ما أومن به، سأستمر فى التعبير عما أعتقد وأعتقد أن ما أعتقده هو الصحيح.