«شعارنا التميز والدقة».. كلمات تجذب انتباهك، ما إن تقع عيناك على لافتة ضخمة بأحد شوارع منطقة رملة بولاق مزينة بصورة لإحدى السيارات الكلاسيكية، ليتبين لك أنها سيارة الملك فاروق التى قام بتجديدها الميكانيكى كرم عبدالعظيم، قبل ما يقرب من 10 سنوات، والذى يتعامل مع السيارات القديمة والكلاسيكية مثل الجواهرجى الذى يتعامل مع الذهب، يعلم جيدًا أن ما بين يديه ليست كتلة من الحديد والخردة، إنما قطعة فنية نادرة تحتاج إلى عناية خاصة. ذاع صيت الأسطى كرم بعد نجاحه فى إعادة إحياء سيارة الملك فاروق «الباكارد»، والتى تعرضت لانقلاب واحترقت بينما كانت فى طريقها إلى حفل زفاف، وقتها بحث صاحب السيارة عمن يستطيع إصلاح القطعة الفريدة من تراث مصر، فوصل إلى «الأسطى كرم» الذى نجح فى إعادة السيارة إلى حالتها الأصلية «قطع غيار سيارة الملك فاروق مكنتش موجودة.. عشان كده عملت كل حاجة فيها بإيدى». «الناس اللى بتشتغل فى العربيات القديمة والكلاسيك مش بتوع فلوس.. هما بيشتغلوا عشان بيحبوا المهنة دى.. بيحبوا يشوفوا العربيات القديمة دى ماشية فى الشوارع وسط BMW والمرسيدس».. يكمل الأسطى كرم حكايته فى عشق السيارات النادرة «أتذكر جيدًا أننى دخلت عامى الأربعين أو أكثر فى مهنة تصليح السيارات القديمة وتحويلها إلى سيارات كلاسيك لتصبح قطعة فنية نادرة، ففى سن ال8 سنوات من عمرى توقفت عن التعليم وقررت العمل ميكانيكيًا وكان ذلك فى أواخر السبعينيات، ورغم أننى لم أكمل تعليمى، فإنني أجيد القراءة والكتابة، كنت صبى سمكرى تحت يد أحد أفراد عائلتى من الكبار فى السن فى مهنة الميكانيكى ومحنك بالخبرة، وتعلمت أصول المهنة فى 9 سنوات من عمرى متواصلة أستسقى الخبرة فقط، واشتهرت بمهارتى وجودتى فى العمل، وكان ذلك يكفينى للانطلاق فى خطوة جديدة فى حياتى. أخذ عم كرم – صاحب ال50 عامًا- شهرة كبيرة على مدار السنوات الماضية كميكانيكى مختص فى تصليح السيارات الملكية القديمة والكلاسيك فقط، وتحويلها إلى قطعة أنتيك أو إعادتها للحياة على طبيعتها القديمة، وأمام كشكه الصغير على أحد أرصفة رملة بولاق عدد من هياكل السيارات التى كان لها شأن عظيم من الفخامة، لكن توقف إنتاجها قبل عشرات السنوات، ولم يعد لها قطع غيار، تبحث فى ورشة «الأسطى كرم» عن حل لإعادتها إلى الحياة. «منتظرين نشوف الجديد من إيديك»، بهذه الكلمات يستقبل الأسطى كرم تشجيع جميع المارة من سكان «بولاق» الذين يعرفونه جيدًا، ويتبادلون معه الكلمات التشجيعية، كما يتوافد على ورشته يوميًا العشرات من أصحاب السيارات القديمة ومحبى السيارات الكلاسيكية. يضيف الأسطى كرم: «بعد انتهائى من فترة الجيش التحقت بأماكن شهيرة للعمل، حتى قررت أن أعمل فى تخصص يجعلنى مميزًا فى السوق ووسط ذلك المكان الشعبى وضعت «برافان» عليه اسمى ورقم هاتفى وبعض أعمالى لتكون هى السيرة الذاتية لى فى الشارع، فمن يمتلك سيارة كلاسيك قديمة يكون صديقًا وزبونًا دائمًا على بابى هنا، ومن أشهر السيارات الكلاسيك التى قمت بتعديلها وهى سبب شهرتى حتى الآن، سيارة الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر، حيث أحضرها لى صاحب أحد معارض تأجير السيارات القديمة فى شبرا، وكانت السيارة محروقة تمامًا، وأكد لى أنه بحث كثيرًا عن شخص متخصص لتصليحها للحفاظ عليها وإعادتها وكانت أصابع أصحاب المهنة يشيرون ل«كرم» الميكانيكى، وبالفعل أعدتها فى فترة بسيطة لطبيعتها الجميلة كما كانت بألوانها التى ظهرت بها. يحتفظ كرم بصورة لسيارة الملك فاروق على كشكه الصغير كنوع من الفخر، ويحضر العشرات إلى محله على سمعة تصليحه السيارة بتلك الطريقة، مؤكدًا أن إعادة الحياة للسيارات الكلاسيك ليست بالأمر السهل فقد يتعجب البعض أننى أبدع وأخرج تحفًا فنية للسيارات فى مساحة على الرصيف لا تتعدى ال10 أمتار. «أول ما أطلبه من الزائر الاطلاع على السيارة وهى فى أفضل صورها»- بهذه الطريقة يبدأ الأسطى كرم وضع تصوره وخطة عمله لصيانة السيارة والملامح الجديدة التى يرغب فى إضافتها لها وذلك بعد استشارة صاحبها، قائلا: «أحاول توفير قطع الغيار التى تعد نادرة فى الجودة والموديل من خلال السيارات القديمة الخردة فى المزادات فهى مصدر رزق جيد لى، لذلك لا أترك أى مزاد لخردة السيارات دون التواجد به، كنوع من الهواية والبحث عن قطع الغيار النادرة، وتعد المزادات من أهم الأماكن التى يحضر إليها الهواة ويتعرفون على بعضهم البعض فبينهم الميكانيكى المحترف فى المهنة والتصليح وأصبحت شهيرًا لدى جميع أصحاب السيارات الكلاسيك فى مصر، والتوكيلات الكبرى». ويضيف: «لست متخصصًا فى أى عمل آخر، فليس بالشرط أن أكون ميكانيكى سيارات المشاهير مثل الملك فاروق الأول بل تحضر إلى ورشتى بعض السيارات القديمة وأتعامل معها بكل حب، وفى بعض الأحيان يحضر لى أصحاب السيارات الخاصة قطعة حديد أو قطعة فحم صعب التعامل معها وتخرج من على الرصيف (شكل تانى). أطلق على كشكى الصغير «المتين»، لأن عملى لا يعلو عليه، وأستطيع إخراج سيارة كلاسيك للحياة مثل تصنيعها الأصلى خلال شهر وهى أقصى مدة، وأطلع دائمًا على الموديلات القديمة بالقراءة وأذهب للمعارض الخاصة بسيارات المشاهير، فأعلم خريطة سيارات المشاهير والزعماء فى مصر والأشخاص الذين يمتلكونها، وهواية الكلاسيك تعد موضة 2018، لكن أسعار السيارات مرتفعة وتحتاج إلى هاوٍ من طراز خاص، مؤكدًا أنه يمتلك سيارة كلاسيك خاصة به منذ الستينيات كنوع من العرض لعملى والتعبير عن حبى الشديد له.