فى الوقت الذى يتجاهل خطاب «البيت الأبيض» أى حديث عن سوريا، يبدو أن هناك مخططًا جديدًا بدأ تنفيذه بالفعل خلال الأسابيع القليلة القادمة، فقد أظهرت الأخبار الواردة من الشام مؤخرًا انتقال الجنود الأمريكيين، والفرنسيين أوائل الشهر الماضى إلى شمال (سوريا)، أى إلى المناطق التى تقع تحت قبضة «الأكراد»، وذلك بذريعة محاولات منع العمليات العسكرية التركية لتطهير الحدود بين البلدين من الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين. شوهدت بالفعل القوات الفرنسية، جنبًا إلى جنب مع القوات الأمريكية فى مدينة (منبج)، وهى مدينة فى شمال شرق محافظة (حلب)، والتى يسيطر عليها المسلحون «الأكراد»، المدعومون من (الولاياتالمتحدة)، والمعروفون باسم «وحدات حماية الشعب» السورية (YPG)، وهى جماعة تابعة لما يُسمى ب«القوات الديمقراطية السورية». مصادر سورية متنوعة من الفصائل المختلفة المتحاربة داخل (سوريا) أكدت مرارًا رؤيتها لمركبات مدرعة، بأفراد عسكريين فى منطقة نهر «ساجور»، وكان بينها مركبة رفعت علم (الولاياتالمتحدة)، بينما رفعت أخرى علم (فرنسا). ووفقًا لتصريحات أحد كبار أعضاء «القوات الديمقراطية السورية»، فإن نحو 50 جنديًا فرنسيًا يتمركزون بتلك المنطقة، بينما يجرى العمل فى شمال (منبج) لإقامة قاعدة عسكرية فرنسية، وذلك بحجة منع الجيش التركى، وما يسمى ب«الجيش السورى الحر» -وهم المعارضة السورية لنظام «بشار الأسد»- من شن أى عمليات ضدهم. ومن جانبه، أعلن قائد ما يعرف ب «المجلس العسكرى» فى (منبج) «محمد أبو عادل»، التابع لقوات (YGB) الكردية أن فريقًا عسكريًا أمريكيًا-فرنسيًا، وصل إلى الحدود بالفعل. كما أكدت تقارير عديدة وجود 250 جنديًا فرنسيًا يقيمون فى مناطق تابعة لقوات الدفاع الذاتى شمال منطقة: (عين العرب، الطبقة، والرقة، ودير الزور). وكان الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» قد صرح فى وقت سابق، فى اجتماع رسمى مع قوات «سوريا الديمقراطية» التى تضم «الأكراد»، بأن بلاده تتعهد بدعم قواتهم، بعدد من الجنود فى «مقاومتهم» ضد (تركيا). ومن جانبها أعلنت (تركيا) عن رغبتها فى خروج قوات «حماية الشعب» الكردية من (منبج). وحذر وزير الدفاع التركى «نور الدين كانيكلى«(فرنسا)، «من اتخاذ مثل هذه الخطوة الطائشة».. وقال «كانيكلى: «إن أنشطة الحكومة الفرنسية يمكن اعتبارها محاولة لاحتلال الأراضى السورية، فى الوقت الذى تدعى فيه الحكومة التركية، أن قواتها المتمركزة داخل (سوريا) موجودة من أجل مكافحة وحدات «حماية الشعب» الكردية، التى تعتبرها (أنقرة) جزءًا من حزب «العمال الكردستانى» المحظور، والذى يسعى إلى الانفصال الكردى عن (تركيا)، بل إن «أردوغان» وصفهم مرارًا فى تحذيراته بأنهم إرهابيون لا يمكن التفاوض معهم. وقد طالبت الحكومة السورية تلك الدول بوقف انتهاك سيادتها، وسحب قواتها من أراضى البلاد، لكن بلا جدوى! وبالطبع لم تكن الولاياتالمتحدة بعيدة عن المشهد الجديد، إذ أنشأت قاعدتين جديدتين -على الأقل- بالقرب من (منبج) أيضًا.. حيث أفادت وكالة «أنادولو»، أنه وفقًا «لمصادر محلية جديرة بالثقة» داخل المدينة، «ستقع قاعدة واحد على بعد ثمانية كيلومترات (أى ما يعادل 4.9 ميل) من نهر «ساجور»، الذى يشكل خط المواجهة بين «جارابولوس»، ومنطقة «درع الفرات، ومنبج»، بينما يجرى بناء القاعدة الأخرى على بعد أربعة كيلومترات (أى ما يعادل 2.4 ميل) من الخط الأمامى، جنوب قرية (دادات)». وقريبًا ستصبح تلك هى مناطق الصراع الجديد فى سوريا. وفى «أبريل» الماضى، أكدت تقارير صحفية وصول 300 جندى أمريكى إلى (منبج) إلى جانب قافلة تضم عددًا كبيرًا من العربات المصفحة، وآلات البناء، مضيفاً أن تلك القوات تتمركز فى مزرعة «نعميمية»، التى ستكون أقرب قاعدة أمريكية لقوات «درع الفرات». بينما أكد ممثلون عن قوات «سوريا الديمقراطية»، وعلى رأسهم قائد المجلس العسكرى فى (منبج) السابق «هليل بوزى»، لموقع «سبوتنيك»، أن التحالف الذى تقوده (الولاياتالمتحدة) كثفوا وجوده بجانب الوحدات العسكرية والفرنسية، والانتشار البريطانى . وهو ما أكده أيضًا «رزان جولو» وزير الدفاع فى إقليم «الجزيرة» الكردى، الذى أشار إلى أن الوحدات العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية تنتشر فى مناطق عدة منها: «تل أبيض ودير الزور، والرقة، والطبقة». يذكر أيضًا أن وكالة «أنادولو» أفادت فى تقرير آخر، بأن القوات الفرنسية الخاصة، تتمركز فى القاعدة العسكرية الأمريكية فى (رميلان) فى محافظة (الحسكة) شمال شرق (سوريا)، وتتمركز أيضًا فى خمس قواعد عسكرية أخرى فى الأراضى الكردية. ويبدو من الانتشار المتزايد للوحدات العسكرية الغربية فى شمال سوريا أن الاستراتيجية الغربية الجديدة تهدف إلى المساعدة فى اقتطاع «كردستان» من الأراضى السورية، فهل بدأ الغرب تنفيذ مخطط تقسيم سوريا واستقلال المناطق الكردية عن الدولة السورية؟.