لم تكن رصاصات الغدر الإسرائيلية وحدها هى من قتلت المُسعفة الفلسطينية رزان النجار، خلال مشاركتها فى عملية إسعاف الجرحى والمصابين فى مسيرات العودة، فقد جاء صراع الفصائل الفلسطينية على تبنى الشهيدة بمثابة طعنة غدر أخرى ليس للشهيدة التى لم تكن دماؤها الزكية قد جفت بعد وإنما للقضية الفلسطينية برمتها. ومنذ أن دُفنت رزان، تقدمت الفصائل لتبنيها، لكن والد الشهيدة كان له موقف واضح أنهم عائلة فتحاوية، لذا فحركة فتح هى الأولى بتبنى رزان، وحدثت بعد ذلك عدة إشكاليات بخصوص انتماء عائلة رزان، رغم أن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، تبنت الشهيدة، على اعتبار أنها كانت فى الصفوف الأولى لمسيرات العودة، ومنذ اليوم الأول وحتى يوم استشهادها. وأكد أشرف النجار والد رزان، أنه كان من المفترض أن يتم تنظيم حفل تأبين لابنته، لكن أفرادا من حركة حماس، قاموا بالاعتداء على بعض المشاركين، وتكسير المكان الذى خصص لحفل التأبين، وقاموا بتمزيق الصور، وفعلوا أشياء لا تُقال، كما حرمونى من فرحتى باستشهاد ابنتي. وأضاف النجار: أدين وأستنكر ما قام به أفراد من حماس، وأناشد الفصائل لمحاسبة هؤلاء، وأدعو الجميع لعدم المشاركة بحفل حماس، كما استنكرت حركة فتح بشدة، قيام عناصر من حماس، بالاعتداء على كوادر وأبناء حركة فتح، وعائلة الشهيدة رزان. بدوره، استنكر حماد الرقب القيادى فى حركة حماس، ما أسماه «اتهام بعض المواقع الإخبارية للحركة بمنع حركة فتح، من إقامة حفل تأبين للشهيدة رزان النجار، مؤكدًا أن هذا ليس مطلبًا من حماس، بل مطلب من كافة القوى الوطنية والإسلامية، والتى أجمعت على أن هيئة الحراك الوطني، هى التى ستقيم التأبين بعلم فلسطين فقط، بغض النظر عن أى بُعد عائلي، أو حزبى أو تنظيمي، كما أن الهيئة هى التى قامت على جنازة الشهيدة. ما حدث مع رزان لم يكن إلا تكرارا لما جرى خلال تشييع جثمان الشهيد الشاب مهند أبو طاحون من مسجد الشهداء بالنصيرات، إذ نشب صراع بين قيادات فتح وحماس داخل المسجد لتبنى الشهيد واستغلال المشهد إعلاميا وسياسياً، ووصل الأمر إلى التراشق بالألفاظ والتشابك بالأيدى بين أفراد التنظيمين داخل المسجد ما أثار موجة غضب واسعة فى الشارع الفلسطيني.. وعبر وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة انتشرت الروايات المتناقضة للواقعة، ولكن كانت أكثر الروايات انتشارًا تلك التى استندت لبيان حماس فور انتهاء الجنازة، وجاء فيه: «منذ إعلان خبر استشهاد الشهيد مهند (وهو أحد أبناء الحركة ومن الفاعلين فى منطقة الشهداء) توجهنا لعائلته للتكفل بعزاء الشهيد إلا أن اثنين من إخوته أبلغانا أنهما يريدان لفتح أن تتبناه وتواصلنا معهما خلال الليل مرتين، ولم يغيرا موقفهما رغم رغبة بعض أفراد عائلته بتبنى حماس للشهيد. وانتهى الأمر بإعلاننا أن فتح ستتبنى الشهيد، لدرجة أنه كان هناك جلدية نعى باسم حماس لابنها الشهيد. وطلبت فتح رفعها وتمت الاستجابة للطلب. وعندما حضر الشهيد للمسجد كان واضحاً أن عناصر فتح مستفزة وتريد الفتنة لدرجة أن بعضهم دخل المسجد بالسلاح، وعند وضع الشهيد فى آخر المسجد بانتظار صلاة العشاء قام أحد أبناء عائلته بوضع راية حماس عليه، وكرد فعل كسّرها أبناء فتح، فساد الهرج فى المسجد والتشابك بالأيدى بين بعض الشباب من هنا وهناك.. ولمنع تفاقم المشاكل تم تقديم الشهيد للصلاة عليه وسط الصراخ غير المبرر من أبناء فتح، علمًا بأن أحد قادة حماس نادى بأن الشهيد لفتح وطالب الجميع بالاصطفاف للصلاة عليه؛ وتمت الصلاة سريعاً وحملوا الشهيد وغادروا وسط سبابهم وشتائمهم وكفر بعضهم. وبعدها طلبنا من الجماهير عدم المشاركة، وسحب الرايات لمنع حدوث إشكاليات حيث كان واضحًا أن هناك بعض عناصر فتح وقادتها يريدون إشعال فتنة. وبعد دفن الشهيد وحضور الأخ طلعت أبو شمالة (من أبناء الحركة) فى عزاء الشهيد بحكم الجيرة والصداقة، قام أحد أبناء فتح بضربه بشاكوش فى رأسه مما سبب له ارتجاجًا فى المخ وهو الآن فى المشفى. الصراع بين فتح وحماس الذى بدأ فى 2007 وامتد لما يزيد على عشر سنوات حتى الآن لم يتوقف عند صناديق الانتخابات وإصدار البيانات، بل امتد أيضاً إلى ساحات المساجد والصراع على جثامين الشهداء بشكل أثار غضب أغلبية الفلسطينيين.