تقرير جديد نشره موقع «إسرائيل ديفينس» حول قلق الولاياتالمتحدة وحلفائها من ضياع حصتهم فى كعكة سوريا، فبعد أن خطط الغرب لتدمير سوريا، جاء موسم الحصاد وباتوا يتلهفون على عقود إعادة الإعمار لشركاتهم الكبرى لتكتمل خطتهم ويستمر وجودهم فى مرحلة البناء والتعمير بعد أن أدوا دورهم فى الهدم والتدمير على أكمل وجه. ويؤكد التقرير أن الانتصارات السورية باتت أمرا واقعًا لا يمكن تجاهله مما جعل مشروع إعادة إعمار سوريا الملف الأهم حاليا. فنتيجة لانتصار الجيش السورى، ترى كيانات عديدة أن أغلب المعارك الدائرة حاليًا فى سوريا من المحتمل أن تنتهى أواخر هذا العام بعد أن سيطرت الدولة على الجزء الأكبر من مناطق نفوذ التنظيمات الإرهابية من خلال العمليات العسكرية الناجحة التى نفذها الجيش السورى. وترجع أهمية هذا التقرير إلى كاتبه «جيانكارلوا إليا فالورى» الإيطالى الجنسية. وعلى الرغم من أن موقع «إسرائيل ديفينس» قلما يستعين بكاتب خارج الدوائر العسكرية، إلا أن «فالورى» بالتأكيد يمثل أهمية خاصة جعلت الموقع يهتم بنشر كتاباته . يترأس الكاتب ورجل الأعمال الإيطالى «فالورى» العديد من الشركات الإيطالية الأم والتى تغطى العديد من المجالات مثل الكهرباء، والطرق السريعة، والبناء، وغيرها. كل ما سبق لا يمثل أى أهمية حقيقية، لكن إذا عرفنا أن «فالورى» معروف بنفوذه السياسى الكبير والمؤثر على الساحة الدولية يمكن أن يوضح ذلك الصورة إلى حد ما. العلاقات الدولية اكتسبها «فالورى» منذ بداية حياته العملية عندما عمل فى «راديو تليفزيون إيطاليا» (RAI) كمسئول للعلاقات الخارجية، بفضل مهاراته الدبلوماسية، وعلاقاته مع الدول الأجنبية، مع الدوائر الكاثوليكية، والمجالس الماسونية.. ومن هنا ربطته علاقة وطيدة مع أحد ضباط «مصلحة المعلومات والأمن العسكرى» (SISMI)، وهى الاستخبارات الإيطالية، يدعى «جوزيبى سانتوفيتو»، الذى ترأس الجهاز الاستخباراتى فى وقت لاحق، وكان الاثنين يساعدان بعضهما بإعطاء معلومات عن بعض دول «الشرق الأوسط».. هذا بالطبع إلى جانب تأييده المطلق لإسرائيل. «فالورى» تحدث فى التقرير عن إعادة إعمار (سوريا) وهى أهم خطوة مستقبلية فى الملف السورى. وأشار التقرير إلى أن البنك الدولى قدر تكلفة إعادة إعمار «سوريا» ب250 مليار دولار.. بينما توجد تقديرات أخرى أقل تفاؤلًا، ولكنها أكثر واقعية –وفقًا للتقرير- تتوقع أن تصل تكلفة إعادة الإعمار الوطنى السورى إلى 400 أو 600 مليار دولار أمريكى.. وهو رقم ضخم يصعب على الحكومة السورية جمعه. لذلك اجتمع رجال الأعمال السوريون المشتتون فى «ألمانيا» فى أواخر شهر فبراير 2017 بعد ستة أعوام من اندلاع الحرب السورية ودشنوا -حينها- «الجمعية السورية للأعمال التجارية الدولية» (SIBA). ثم حصلت الحكومات الروسية، والإيرانية، والصينية بالفعل على أكبر عدد من العقود فى قطاعات النفط، والغاز، والمعادن، والاتصالات، والعقارات، والكهرباء.. بمعنى آخر، إعادة الإعمار مقابل الاستفادة، وهو أمر مقبول تجاريًا، وفقًا للبنود المتفق عليها من قبل الأطراف المتعاقدة. ثم أضاف أن دول «بريكس»، أى (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا)، وأيضًا دول مثل: (لبنان، وأرمينيا، وبيلاروسيا، وصربيا) تستثمر فى (سوريا) فى المناطق التى تم فيها استعادة السلام بها. ولكن أكثر ما يشعل الغرب غيظًا، هى التقديرات، التى تشير إلى إمكانية توفير الشركات السورية بالفعل 50 ٪ من المبلغ الكلى، لإعادة الإعمار الذى قدّره البنك الدولى. وعليه، أكد «فالورى» أن (الولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبي) يضغطون بالفعل على الحكومة السورية للحصول على تنازلات اقتصادية، وسياسية أيضًا، لكن يبدو أن «الأسد» لا ينوى إفساح المجال لأعدائه القدامى، خاصة بعد نظام العقوبات الأمريكى، وخطة الرئيس الأمريكى «ترامب» للإطاحة بالنظام السورى من خلال الضغط الاقتصادى، موضحًا أنه سيجعل عمل الشركات الأوروبية فى (سوريا) أمرًا صعبًا للغاية، وربما مستحيلًا. يذكر أن العقوبات الأمريكية تتعلق بالاستثمار الجديد لمستثمرى (الولاياتالمتحدة) فى الأراضى السورية، وإعادة تصدير السلع، والخدمات إليها، أو استيراد النفط، أو الغاز السورى. ويؤكد «فالورى»، بأن الإدارة الأمريكية (تسعى) للحصول على أية عقود. هذا على الرغم من أن القوات الأمريكية تسيطر بالفعل على احتياطيات نفطية سورية عن طريق احتلالها للرقة، والمنطقة الشمالية الشرقية، تحت ستار المساعدات كالمعتاد.. لكن يبدو أنها تطمع فى شكل رسمى أو شرعى لهذا الاستغلال. وفى نهاية التقرير حذر «فالورى» الشركات الأجنبية التى ستعمل فى سوريا من التهديدات الأمنية المحتملة. وأكد «فالورى» ضرورة أن تتخذ الشركات الأجنبية، التى ستعمل فى «سوريا» بعين الاعتبار، السلامة الجسدية لعمالها ومكاتبها، بالإضافة إلى ضرورة وجود علاقات ثابتة، ودقيقة، ووثيقة مع السلطات السورية. وتحمل تحذيرات «فالورى» نوعًا من التهديد لهذه الشركات التى ستعمل بعيدًا عن المصالح الأمريكية.. بل ستجنى هذه الشركات ثمار الفوضى التى تسببت بها واشنطن عمدًا بهدف الاستفادة من عقود إعادة الإعمار كما فعلت من قبل فى أفغانستان والعراق. ويؤكد التقرير أنه على الرغم من النجاح السورى، إلا أنه سوف يستغرق الأمر ثلاثين عاما على الأقل لإعادة السوريين إلى الأوضاع الطبيعية، التى كانوا عليها، قبل بدء ما أسماه «فالورى» «الأعمال العدائية». لكنه لم يشر ما إذا كان هذا رأيه الشخصى أم معلومات حول المخطط المستقبلى لسوريا.