وفقًا للاتفاقية الأولى، المعروفة باسم «بروسا» (BRUSA)؛ يمر هذا الشهر 75 عامًا على تأسيس التحالف الاستخبارى الأقدم والأقوى عالميًا (تحالف العيون الخمس).. و«العيون الخمس». تحالف يتألف من خمس دول، كما يبدو من اسمه، وهى الولاياتالمتحدةالأمريكيةوبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا. وعلى مدار السبعة عقود الماضية لم يعرف أحد تفاصيل عمليات التحالف وحجم التبادل الاستخباراتى بين دول التحالف إلا من خلال بعض الوثائق التى يتم تسريبها من حين لآخر فتكشف لنا عمق العلاقات وتشابكها وتورط أجهزة الاستخبارات التابعة لهم فى عمليات تجسس واسعة فى كل بقعة على وجه الأرض. تقود الولاياتالمتحدة التحالف منذ تأسيسه بمشاركة بريطانيا.. وتكلف وكالة الأمن القومى NSA أجهزة الاستخبارات فى الدول الثلاث الأخرى بعمليات مراقبة وتجسس فى مختلف دول العالم، إذ إن لكل دولة من دول التحالف دورًا تقوم به لخدمة حلفائها. عمليات التجسس التى قامت بها الأجهزة الاستخباراتية بالتحالف شملت أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ودول أفريقيا وتحديدًا الوطن العربى. وتفضح الوثائق تجسس الحلفاء الخمسة على كبار المسئولين حول العالم من «أنجيلا ميركل» إلى «بان كى مون». الوثائق التى سربها العميل الاستخباراتى الأمريكى السابق «إدوارد سنودن» على مدار السنوات الأخيرة تكشف أيضًا كيف تستخدم دول التحالف سفاراتها كقواعد تجسس ومراقبة، بل تتحكم من خلالها فى مصير الدول والشعوب. السفارات والقنصليات التابعة للدول الخمس استطاعت تسجيل الاتصالات الهاتفية للمواطنين وبريدهم الإلكترونى ورسائلهم النصية فى عدد من الدول. وقد وافقت الخارجية الأمريكية أخيرًا على الإفراج عن بعض الوثائق التى تلقى الضوء على التحديث الذى طرأ على الاتفاقيات القديمة بين دول التحالف، وذلك بعد ضغوط قوية من المنظمات الحقوقية. الضغوط لم تكن على الولاياتالمتحدة وحدها، إلا أن واشنطن هى الوحيدة التى استجابت، ليس لكونها الدولة الأكثر ديمقراطية بين دول التحالف، ولكن بوصفها قائد التحالف الذى يملك وحده التحدث باسمه والكشف عن أسراره. وفيما يلى نستعرض كل تفاصيل التحالف وكيف تأسس ونلقى الضوء على التسريبات التى تكشف أبعادًا مجهولة عن العمليات الاستخباراتية التى يقوم بها كل جهاز والتى توضح أيضًا حجم دوره داخل التحالف السرى. وستكشف تفاصيل الملف أن دول التحالف جميعًا سمحت للاستخبارات الأمريكية بالتجسس على مواطنيها أو رصد اتصالات لمسئولين أجانب داخل حدودها بالمخالفة للقوانين، وهو ما يكشف حجم الثقة بين الأطراف الخمس ومدى السيطرة الأمريكية على حلفائها الأربعة. كما نكشف فى هذا الملف عن أخطر قاعدتين استخباراتيتين أمريكيتين خارج حدود الولاياتالمتحدةالأمريكية وهما قاعدة «باين جاب» فى أستراليا والتى تسيطر عليها وكالة الاستخبارات المركزية CIA وتستخدمها فى التجسس على الشرق الأوسط وقاعدة «منويث هيل» التى تعتبر بمثابة الفرع البريطانى ل«وكالة الأمن القومى» NSA . وفى النهاية نؤكد أن ما سنكشفه هنا هو مجرد معلومات بسيطة عن تحالف يحيط نفسه بهالة من السرية لم يستطع أحد اختراقه بسهولة، لكن بالتأكيد إن «ما خفى كان أعظم»، ورغم سرية التحالف وخطورة عملياته فإنه لا أحد يستطيع أن يشكك فى نجاحه الذى يؤكده استمراره حتى يومنا هذا وتؤكده أيضًا الرغبة فى استنساخه والتى ظهرت مؤخرًا عندما أعلنت ست دول آسيوية عن تدشين تحالف «أور آيز» أو «عيوننا» الاستخباراتى فى مطلع العام الجارى. استمرار التحالف القديم وظهور تحالف جديد يؤكد أن ما نواجهه اليوم هو حرب معلومات.. إذ إنّ الغلبة فى «عالم الاستخبارات» لمن يمتلك القدر الأكبر من المعلومات.