الأربعاء الماضى 25 أبريل حلت الذكرى 36 لعيد تحرير سيناء، ورحيل آخر جندى إسرائيلى بعد التحكيم الدولى ورفع العلم المصرى على طابا فى 15 مارس 1989 عقب ملحمة مصرية لوأد حلم إسرائيل بإقامة ميناء قوى وتوسعة ميناء إيلات. فى الذكرى ال36 نحاور العقيد البطل حلمى زكى الذى كانت «سيناء» هي مسرح بطولاته العسكرية بعدما شارك فى حرب الاستنزاف ثم نصر أكتوبر، وبعدها التفاوض على عودة جبل الطور ضمن مجموعة 15 فى 25 أبريل 1982. فى البداية متى تخرجت.. وبداية انضمامكم للقوات المسلحة؟ - تخرجت فى الكلية الحربية عام 1969 ثم شاركت فى حرب الاستنزاف ضمن قوات الصاعقة فى منطقة رأس العش، وفى سيناء بأكثر من موقع وأثناء حرب أكتوبر كنت بمنطقة الدفرسوار، التى تفصل بين الجيش الثانى والثالث، وكانت منطقة مهمة لدرجة أن الرئيس الراحل أنور السادات وقيادات القوات المسلحة فى حرب أكتوبر كانوا يزورون المنطقة لأهميتها، وأنه كان ضمن لواء العظماء وهو اللواء 16 الذى كان يضم وقت حرب أكتوبر 1973 المشير محمد حسين طنطاوى واللواء صالح عبدالعاطى واللواء محمد على بلال واللواء محمد عزت السيد واللواء أبوبكر أحمد صالح، واللواء عبدالحميد عبدالسميع واللواء محمد أبوالغيط، وهم جميعا من أعظم رجال القوات المسلحة. وفى أبريل 1973 قبل حرب أكتوبر، كنت ضمن وحدات من الصاعقة رغم أننى كنت من ضباط المشاة.. لكن أثناء الإعداد لحرب أكتوبر تم ضمنا لقوات الصاعقة وكان فخرا وسعادة لى ولضباط المشاة. هل شاركت فى التدريبات على عمليات العبور؟ - خلال شهور الصيف تدربت على أكبر مشروع حرب للإعداد لنصر أكتوبر 73 بداية من أبريل حتى شهر أغسطس، من خلال سيناريو تم إعداده لما سوف يحدث فى حرب أكتوبر من عبور القناة ثم صعود الساتر الترابى الذى يشبه خط بارليف والمشروع كان على مستوى اللواء، يشرف عليه الفريق عبدرب النبى حافظ، وقيادات أخرى منهم العميد عبدالحميد عبدالسميع واللواء حسن الأخرس واللواء صلاح حلبي، وغيرهم كل ذلك فى الفرقة 16 واللواء 16 الذي أ طلق عليه لواء العظماء. كنت من أبطال حرب أكتوبر.. فما الدور الذى قمت به ؟ - كل من شاركوا فى حرب أكتوبر أبطال عظام خاصة الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن ومن أجل عودة العزة والكرامة والنصر، وهو ما كنا جميعا فى القوات المسلحة نحلم به ونسعى لتحقيقه، والحمد لله.. أذكر أننى توليت نقل ذخيرة لوحدة بالكامل قوامها 800 فرد، ضمن خمس سيارات وهى مهمة خطرة، لكننى نفذتها مع ضابط زميل وكنت أقود سيارة جيب تحمل 6 دانات، وتحملت المسئولية باعتبارى قائد المجموعة وهذا ما تعلمناه فى الجيش المصري وهو تحمل المسئولية وتقديم النفس فداء للوطن. هل كنت تعرف أنه طريق بلا عودة ويكلفك حياتك؟ - نعم، كنت أعرف، لكنه الواجب الوطنى لأى جندى أو قائد فى القوات المسلحة يؤدى واجبه ويقدم حياته، وكان ممكنا الاعتذار عن هذه المهمة، لكننا تعلمنا فى القوات المسلحة المصرية التضحية والفداء من أصغر عسكرى مجند حتى أكبر قائد، لأن الجيش المصرى هو خير أجناد الأرض. كيف شاركت فى استعادة جبل الطور ضمن مجموعة 15؟ - بعد نصر أكتوبر المجيد بدأت المفاوضات لاستعادة سيناء، وعقب اتفاقية كامب ديفيد 1978 تم الاتفاق مع الجانب الإسرائيلى على استعادة سيناء، وكنت سعيدا جدا لاختيارى ضمن مجموعة 15 وهو شرف وتكريم لنا جميعا لما قدمناه من دور مهم وبطولى فى حرب أكتوبر، وهى عادة القوات المسلحة فى رد الجميل لأبنائها، وكل أفراد المجموعة التى تكونت من 15 عضوا لاستلام نقطة جبل الطور من إسرائيل، وجلسنا فى الخارجية لمعرفة بروتوكول التعامل مع إسرائيل فى أول حوار سلمى لاسترداد سيناء والمجموعة كانت مكونة من لواء وعميد وعقيد ومقدم ورائد وملازم وملازم أول ورقيب وثلاثة جنود وآخرين للتفاوض على استرداد جبل الطور. ما ذكرياتك عن اللقاء مع الإسرائيليين؟ - كنا فى حالة صمت جميعا والعيون هى التى تتحدث، وداخلنا أفكار وأحلام متبادلة وانتظار وترقب للحظة تنكيس العلم الإسرائيلى من على نقطة جبل الطور، ورفع العلم المصرى فى 25 أبريل 1982، وعندما ذهبنا إلى لقاء الجانب الإسرائيلى كان كل فرد من المجموعة يقف مع خمسة من الجانب الإسرائيلي، والغريب أننا لم نر بعضنا البعض لأن الجانب الإسرائيلى حرص على جعلنا لا نرى بعضنا البعض ودارت الحوارات معهم. صف لنا لحظة تنكيس العلم الإسرائيلى ورفع علم مصر؟ - بعد الحوارات بدأت مراسم تنكيس العلم الإسرائيلى من على نقطة جبل الطور ورفع العلم المصرى خفاقا عاليا، وكانت تقف بجوارى فتاة إسرائيلية وفجأة بكت بدموع غزيرة واندهشت، ولم أصدق دموع التماسيح وكيف تبكى معتدية غاصبة لأرضنا وجاءت لحظة الفخر والسعادة عندما ارتفع العلم المصرى وقتها تساقطت دموعنا من الفرحة والعزة والكرامة، وأن أرواح ودماء الشهداء لم تذهب سدى ومن حق الشهيد أن ينام ويسعد. هل كنت تتوقع عودة سيناء دون حروب؟ - نعم، لأن نصر أكتوبر أعاد تصحيح المفاهيم العسكرية وأنهى أسطورة إسرائيل الوهمية بأن جيشها لا يقهر، وشل الطيران المصرى ذراع إسرائيل وحطم غطرسة سلاحها الجوى، وشهدت أكتوبر بطولات عظيمة للجيش المصري.. خاصة المقاتل المصري.. لأن الفروق كلها كانت فى صالح إسرائيل فى التسليح وغيره، لكن حرب أكتوبر أعادت شرف ومجد وقدرة الجيش المصري، وأن هزيمة هذا الجيش أو حربه مرة أخرى أمر صعب جدًا على إسرائيل، وبدأ ذكاء المفاوض المصرى حتى عادت كل سيناء فى 19 مارس 1989 بعد حسم مصر قضية التحكيم الخاصة بطابا. ما سر دفاع إسرائيل بكل السبل للاحتفاظ بطابا؟ - إسرائيل كانت تحلم أن مصر سوف تكتفى بما حصلت عليه.. وهو خطأ إستراتيجى لدى إسرائيل من أسطورة الجندى الذى لا يقهر إلى أوهام وأحلام إقامة ميناء إيلات الكبير.. لكن العسكرية المصرية لديها قناعة كبرى وإصرار لا حدود له فى الحفاظ على كل حبة رمل مصرية وهو ما تحقق بإجلاء آخر جندى إسرائيلى وخسارة قضية التحكيم الدولى التى قادتها مصر بحكمة وتمكن فى القضاء والدبلوماسية كما قادت من قبل حرب أكتوبر المجيدة فى 1973. بعد 36 عامًا على تحرير سيناء.. كيف ترى عملية سيناء الشاملة؟ - لقد شرفت بالخدمة داخل سيناء وبعض الجبال بها، وأن أى حرب نظامية لها حساباتها وقوة التسليح وكل شيء يكون واضحا فى الحروب لأنك تعرف عدوك وموقعه وتسليحه وخطط الدفاع والهجوم.. لكن الأمر مختلف فى الحرب على الإرهاب.. لأنك لا تعرف من تحاربه أو أسلحته أو المعلومات التى يملكها وأماكن تواجده.. خاصة أن الإرهابيين جاءوا إلى سيناء من أماكن مختلفة ودول تمولهم ووجود بعض الإرهابيين وسط المدنيين هو ما يصعب الأمر فى إنفاذ القانون.. وحرب عملية سيناء الشاملة 2018 هى أخطر من حرب أكتوبر لتطهير سيناء، والذين يحاربون الإرهاب هم أبطال فوق العادة والشهداء لهم الخلود فى الجنة ونتمنى القضاء على الإرهاب بشكل كامل وهو قريب جدًا وكل الدعوات بالشفاء للمصابين فى حربهم المقدسة لتطهير سيناء من الإرهاب.