ليس غريبًا أن ترى احتفالات تتضمن رقصًا وأغانى على مرأى ومسمع من مشايخ الأزهر، بل وتحت رعاية الإمام الأكبر أحمد الطيب نفسه، لاسيما إذا كان هذا المهرجان يخص الطلاب الوافدين من حوالى 112 دولة حول العالم، فهم يسمون الشيخ الطيب «أبو الوافدين»، وهو يعتبرهم «سفراء المؤسسة» غير الرسميين إلى كافة أرجاء المعمورة. داخل القاعة الكبرى بالأزهر تسابق مئات الطلبة يمثلون أكثر من 30 جنسية ولغة مختلفة فى عرض أهم رموز ومعالم ثقافاتهم المحلية، فى إطار المهرجان الثقافى الأول للطلاب الوافدين»، هم ينظرون إلى ما يجرى على اعتبار أنه عمل بالآية «وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا»، وتنظر إليه المشيخة باعتباره نشاطًا «يؤلف بين قلوبهم» ويؤكد على عدة معان وقيم أهمها عدم تعارض الدين مع متع الحياة. بعيدًا عن الصراعات السياسية بين دولهم، راح طلاب الجاليات ال24 الأكبر من حيث العدد يصطفون كل فى الركن المخصص له، يرتدون الملابس الفلكلورية المعبرة عن ثقافة بلادهم، ويقدمون الأعمال اليدوية، والمأكولات والمشروبات الشعبية، إضافة إلى تقديم عروض تتضمن فقرات غنائية ورقصات خاصة ببلدانهم، كما تم تخصيص ركن لعرض إبداعات الطلاب أصحاب المواهب فى الشعر والرسم وغيره، كما تبادل الجميع التقاط الصور فى شكل احتفالى لطيف. الطلاب الوافدون الذين يبلغ عددهم 40 ألف طالب وطالبة من مختلف أنحاء العالم انتخبوا قبل ما يزيد على شهرين «برلمان الوافدين» وهو المعادل غير الرسمى لاتحاد الطلاب، ومن بين من تم انتخابهم فى البرلمان الطالب «السنوسى حامد» وهو صاحب فكرة المهرجان، عرضها على الشيخ الطيب ووافق، بهدف التعارف بين أبناء الأزهر، وبالفعل بدأ التجهيز الذى استغرق أكثر من شهرين حيث تم بالتنسيق مع سفارات الدول التى ينتمى إليها الطلاب، ويقول السنوسى إنهم يعتزمون إقامة المهرجان فى نفس التوقيت من كل عام. كرة القدم بالمهرجان الثقافى حرص الطلاب السنغاليون ويبلغ إجمالى عددهم فى مصر500 طالب على عرض لوحات تبين تاريخ السنغال، وكيف استطاعت مواجهة الاحتلال الفرنسى والتحرير عام 1960، ويقول محمد عبدالقادر، طالب بكلية الشريعة والقانون: «السنغاليون يمارسون شعائر الإسلام على الطريقة الصوفية، ومعظم الشعب ينتمى لطرق أشهرها الطريقة التيجانية التى أسسها الشيخ المغربى محمد التيجانى». ونلقى من خلال المهرجان الضوء على أهم العادات والتقاليد والطقوس، الخاصة ب 300 قبيلة سنغالية وعرض أبرز المأكولات الشعبية، ومن خلال شاشات عرض نركز على أبرز الأماكن المميزة فى بلدنا كجزيرة بورن التى تمثل رمز الصمود فى وجه الاستعمار حيث استخدمها الفرنسيون فى احتجاز العبيد من الأفارقة وتعذيبهم وكثير من رؤساء العالم زاروا تلك الجزيرة. الموسيقى من أهم الرموز الثقافية السنغالية وهناك آلة الجيتار السنغالى وآلة ريتى المشهورة بين العازفين. يعتز السنغاليون جدًا بالمباراة التى استطاع فيها منتخبهم الوطنى لكرة القدم الفوز على نظيره الفرنسى فى مونديال 2002 وهم يعتبرون الفوز بهذه المباراة بمثابة انتصار لا يقل فى رمزيته عن الانتصار على المستعمر والحصول على الاستقلال الوطنى ولهذا يعرضون أهم اللقطات منها عبر شاشات العرض. يبلغ عدد طلاب كوت ديفوار 300 طالب ويتفقون مع ما قام به طلاب السنغال فى استخدام شاشة عرض للمباريات الخاصة بمنتخب بلادهم فى كأس العالم، وعدد كبير من صور لاعبى كرة المنتخب. تورى حامد، أحد طلاب كوت ديفوار يدرس فى كلية الشريعة يقول: نحاول تعريف العالم بعاداتنا وتقاليدنا، حيث تضم الدولة 60 لغة مختلفة، و60 قبيلة، وكل قبيلة لها عاداتها وتقاليدها، تتميز ساحل العاج بصناعة الكاكاو. سابو محمد، رئيس اتحاد طلاب الكاميرون الذين يصل عددهم 50 طالبًا قال: نقدم بالمهرجان الطبول الكاميرونية، التى تستخدم لنشر الأخبار منذ آلاف السنين، ولكل مناسبة طريقة معينة، فالزفاف يختلف عن الوفاة، عن تشجيع فريق كرة القدم. معروضات الكاميرونيين فى المهرجان تتمثل فى العطور والطواقى والمصنوعات الجلدية، والملابس المصنوعة يدويًا، وتتميز الكاميرون بصناعة القطن. إسماعيل عليوة عمر، طالب نيجيرى، حيث تعتبر الجالية النيجيرية من أكثر الجاليات عددًا ويصل عددهم 5000 آلاف طالب، قال إن بلاده تضم أكثر من 500 قبيلة ولكل قبيلة ملابس خاصة بها، ونقدم بالمهرجان عينة من ملابس كل قبيلة، إضافة إلى أننا نعرض مجموعة من التماثيل والرموز الخاصة بكل قبيلة. الطالب السودانى محمد يونس قال: نعرض بالمهرجان زراعات الأعشاب السودانية كالكردية والمر والقطين، وتلك الأعشاب تستخدم كعصائر، بعض الأكلات التى تعمل من الأعشاب، إضافة لعرض بعض المشغولات اليدوية كالطاقية اليدوية التى تصنع من الزعف، وبعض جلود الحيوانات كالثعبان والماعز، وإكسسوارات يدوية يصنعها السودانيون من الأحجار الكريمة. الفانوس الصينى بالمهرجان حرص الطلاب الصينيون ويصل عددهم بجامعة الأزهر 500 طالب على عرض الفانوس الصينى بالمهرجان، وقال الطالب يوسف نوح من الصين: نحرص على وضع الفانوس على مشارف منازلنا، فى فترات الربيع وشهر رمضان. أهم ما يميز الصينيين فنون الدفاع عن النفس والمأكولات ومشروب الشاى الصينى الذى يتم تناوله عدة مرات باليوم، وتتشابه تلك العادة مع الشعب المصرى، حيث تحضير شاى بنفس طريقة الشاى المصرى، الذى يطلق عليه شاى الكشرى. أما طلاب دولة باكستان، الذين وصل عددهم بجامعة الأزهر 70 طالبًا، فقد تضمن الجناح الخاص بهم تماثيل للحيوانات من الأحجار، والخشب، والزهر، ترمز لتنوع الحيوانات المتواجدة بدولة باكستان، وقال عبد الكمال بنى سيد، الطالب بكلية الشريعة: نعرض أيضًا ماكيت سيارة الخزين وهى نوعية من السيارات لا توجد إلا في باكستان فقط. جناح الهند بالمهرجان أخذ طابعًا مختلفًا، حيث اعتمد الطلاب على تقديم صور، ورسومات فنية فى عرض الثقافة الخاصة بدولة الهند، أوضح الطالب الهندى محمد نياز، بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: نحرص على عرض ما يختلف عن باقى الدول المشاركة بالمهرجان، فالهند مشهورة ببلد الأديان حيث إن بها 1000 ديانة، ولكن لا فرق بين صاحب دين وآخر هناك، لذلك اتفقت أنا وزملائى الطلاب على عرض لوحات فنية تعبر عن كل ديانة، صور ترمز للديانات المختلفة بالهند كالكشمير والهندوس والسيخ. أخذ طلاب أفغانستان، يعرضون ثقافتهم بطريقة مختلفة توضح عمق العلاقات المصرية الأفغانية، عبر العصور، حيث عرضوا صورًا تجمع الرؤساء الأفغان مع رؤساء مصر كالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الأسبق مبارك، وصورًا تجمع رجال الدين، إضافة إلى صورة ضخمة لجمال الدين الأفغانى. الطالب الغلام فيدانى قال: نعرض كل ما يمثل الثقافة الأفغانية، كالمأكولات التى تتميز بها بلدنا مثل الأرز بالزبيب واللحم وهى الأكلة الرسمية بأفغانستان، وقريبة من الكبسة العربية، ونقدم مجموعة من الكتب الثقافية والشعرية ومجالات كثيرة ومتنوعة، فالشعب الأفغانى طبيعته وهوايته الأساسية القراءة. بينما حرص الطلاب الأتراك، على وضع العلم المصرى بجوار العلم التركى، حيث أكد محمد صالح، طالب بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: نهدف على تأكيد حب الطلاب الأتراك لمصر والأزهر الشريف، وأن سياسة الحكومة التركية لا تمثلنا، وأضاف أن الحكومة التركية تصعب على الراغبين فى الدراسة بالأزهر الشريف إجراءات السفر حتى إن عدد الطلاب الأتراك، يبلغ 30 طالبًا فقط. وقد حرصنا على المشاركة فى المهرجان الأول الثقافى للطلاب الوافدين، رغم أن خبر انعقاده وصل إلينا متأخرًا، ولذلك لم نستطع عرض الثقافة التركية بأشكالها العديدة، نعرض العمامة التى تعبر عن الخلافة العثمانية، والأحذية اليدوية، ذات النعل الخشبي ويغطى بالجلد، بعض العينات من أشكال السيراميك والرخام، وعرض للعبة الأرجوزة التى تشتهر بها تركيا. المأكولات هى عنوان ثقافة اختار طلاب كل من دولة تايلاند، وبنجلاديش، وبورما، وإندونيسيا، وسريلانكا، أن يكون المطبخ هو العنوان الأساسى بالمهرجان الثقافى للطلاب الوافدين. الطالب حسن زكريا، من تايلاند والتى يصل عدد طلابها فى الأزهر إلى 4 آلاف طالب وطالبة قال إن أهم ما يميز الثقافة التايلاندية هى المأكولات، وتايلاند لها طبيعة خضراء، لذلك حرصنا على عرض المأكولات التايلاندية، وأهمها الخضروات، كما حرصنا على ارتداء ملابس تايلاندى قديمة من التى كانت تصنع يدويًا. الطالبة ميثا محمد من إندونيسيا قالت: تم اختيار المطبخ الإندونيسى، ليكون أحد المطابخ الأساسية بالمهرجان، لأننا نؤمن أن الأكل إحدى الثقافات المهمة التى تتميز بها الشعوب، إضافة إلى أن المطبخ الإندونيسى من أشهر المطابخ بالعالم، ولا يخلو الجناح الإندونيسى من الفن حيث حرص طلاب على ارتداء الملابس الإندونيسية وتقديم ألوان من الغناء الشعبى. من بورما قابلنا سعيد محمود الطالب بكلية أصول الدين فقال: كطلاب من بورما حرصنا على المشاركة رغم الممارسات الدموية تجاه مسلمى ميانمار، وقلت للطلاب الوافدين من بورما وعددهم 36 طالبًا فقط، يجب أن نؤكد على الحفاظ على ثقافة شعب بورما، ومن خلال المهرجان نقدم أهم المأكولات التى يتميز بها شعب بورما ومنها وجبات الأرز البورمى، والفول بالسمسم، والماكرونا بجوز الهند.