قال الكاتب يوسف زيدان خلال برنامج «كل يوم» على فضائية «أون إى»، إن حكم شرب النبيذ عند المذهب الحنفى حلال، ولكن المذهب الشافعى يحرمه، مشيراً إلى أن المذهب الرسمى للدولة المصرية «حنفى»، بينما مذهبها الفعلى «شافعى»، وأن الحرام يختلف وفق الاتجاهات المذهبية. والحقيقة أن الحرام لا يحدده إلا الله تعالى، ولذلك عندما سئل النبى عليه الصلاة والسلام عن الخمر انتظر نزول الوحى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا) البقرة 219، والمنافع فى الكسب السهل من القمار ومن تجارة الخمر، والإثم فى تهيئة الجو للكراهية والجريمة والصد عن ذكر الله. أما قوله تعالى: (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا..) النحل 67، فيعنى السكر المستخدم للتحلية ووصفه تعالى بالرزق الحسن. ثم يأتى الأمر بالاجتناب: (يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة 90، والرجس هو الخبث والقبح، وجاء وصفاً للكفر بالله: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) التوبة 125. والتحريم فى القرآن يأتى بكلمة حرم: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِير..) المائدة 3، ويأتى بكلمتى اجتنبوا: (..وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) الحج 30، ولا تقربوا: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى) الإسراء 32، ولا يعنى عدم وجود صيغة «حرمت عليكم الخمر» فى القرآن أنها ليست حرامًا، فالزنى محرم مع أنه لم يأت بصيغة التحريم، لكن ممارسة الزنى وكل ما يقرب إليه من نظر وكلام ولمس حرام، ونفس المعنى فى اجتناب كل ما يقرب للخمر. ولم يأت فى القرآن حد لشارب الخمر، لأن المحرمات من الطعام والشراب مثل أكل الميتة أو لحم الخنزير أو شرب الدم ليس لها حد، والقرآن ينهانا عن الخمر باعتبارها رجس من عمل الشيطان، والنهى لا ينكره إنسان يؤمن بالله واليوم الآخر. ويبقى أن النبيذ المعروف هو من الخمور وهو حرام، لأن الحرام لا تحدده الاتجاهات المذهبية، وإنما يحدده الله تعالى وحده.