فى واحد من أهم مشاهد الوحدة الوطنية يحرص عدد كبير من المسلمين على مشاركة إخوانهم الأقباط فى صوم «العذراء مريم» الذى يبدأ فى الأسبوع الثانى من شهر أغسطس، ويستمر لمدة 15 يوما، وهناك من يحرص على صيامه منذ بداية الشهر، وآخرون يصومونه بالماء والملح فقط. صوم «العذراء» يرتبط دائما بنهضة روحية، تقام فى جميع الكنائس والأديرة التى تحمل اسمها، وفى مقدمة القائمة يأتى دير السيدة العذراء بجبل درنكة، والذى يشتهر ب«زفة العذراء»، حيث يخرج الشمامسة حاملين أيقوناتها ويطوفون بها أنحاء الدير، ويتبارك منها الحضور، ويعاون الكشافة الخدام والكهنة فى تنظيم النهضة وعمليات الدخول والخروج. فى السنوات الماضية، كان يصاحب النهضة مولد كبير، فتجد خارج أسوار الأديرة أو فى داخل الكنائس من يفترشون الأرض ويعرضون بضائعهم من ملابس وحلوى كالحمص والحلاوة وملابس كهنوتية ودق صلبان وصور للقديسين وشرائط ترانيم وعظات وإكسسوارات وصلبان وغيرها من تجارة تعد مصدر رزق لكثيرين ودخلا للكنيسة والأديرة. وحرصت عدد من الكنائس على تنظيم نهضة العذراء، على الرغم من إيقاف الكنائس رحلاتها ومؤتمراتها الخارجية خلال شهر يوليو الماضى بناء على قرار من البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية نظرا لما تمر به البلاد من تهديدات أمنية وعمليات إرهابية تضع الأقباط على قائمة المستهدفين. ونظرا لما يمثله صوم السيدة العذراء عند الأقباط، أعلن عدد من الكنائس التى لا تحمل اسمها عن برنامج ل«نهضة العذراء» تبدأ فى الأسبوع الثانى من الصوم مثل كنيسة الملاك رافائيل بالمعادى والتى أعلنت عن بدء نهضة العذراء بداية من 14 أغسطس الحالى. وفرضت الكنائس والأديرة إجراءات أمنية مشددة، حيث يقول شحاته شنودة - أحد زوار دير درنكة وكان أحد الخدام هناك - إن هذا العام يشهد الدير إجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث تم منع المبيت بالدير بعد أن كان يشهد بقاء الكثير من الأسر طوال فترة الصوم، كما تم منع وجود أى بائع فى محيط الدير أو خارجه وتم منع دخول السيارات وأتوبيسات الرحلات للدير وتخصيص أتوبيسات لنقل كبار السن والأطفال. وأضاف شحاتة أنه يتم إغلاق الدير نهائيا فى الحادية عشرة مساء، ويقوم الخدام والكشافة بالتعاون مع رجال الشرطة فى التأمين والتنظيم، ووضع بوابات إلكترونية للكشف عن الشنط والمعادن مع التفتيش الشخصى لزوار الدير. الوضع فى القاهرة لا يختلف كثيرا، فتقول جورجيت ثابت خادمة بكنيسة السيدة مريم العذراء بحلوان إن الأمن فرض كردونا أمنيا حول الكنيسة، وإغلاق كل الشوارع المؤدية إليها ومنع مرور السيارات طوال فترة النهضة، وتركيب أبواب إلكترونية وتخصيص باب للسيدات وآخر للرجال وغلق حوش الكنيسة ومنع أى تجمعات به. وأضافت ثابت أن الكشافة تقوم بتفتيش الحضور وحقائبهم، مع تغيير مواعيد النهضة على أن تنتهى باكرا، حيث تطفئ الكنيسة أنوارها فى التاسعة مساء، مشيرة إلى أنه فى دير العذراء بحارة زويلة، تم وضع باب حديدى فى الشارع مع تواجد أمنى كثيف ثم بوابة إلكترونية للكشف عن المعادن. أحد خدام دير السيدة العذراء بالمعادى يؤكد أنه تم تغيير كل المواعيد على أن تنتهى النهضة فى التاسعة مساء ويتم الخروج فى مجموعات حتى لا يكون هناك تكتلات بشرية مع وجود تشديدات أمنية وتعاون بين الأمن والخدام والكشافة.