لقب «جوخة دار» هو لقب تركى لشخص ملابسه من الجوخ ووظيفته مسح أحذية السلطان، والجوخ هو نوع من أنواع الصوف، وكانوا (الجوخة دار) يمرون ضمن المواكب السلطانية كنوع من الزينة، واشتهروا بالتملق للسلطان حتى يبقوا فى مناصبهم. ثم تم الربط بين المسح والجوخ، وأصبح «مسح الجوخ» مصطلحاً يعنى التقرب بالنفاق لأصحاب المناصب لتحقيق مكاسب، تطبيقاً لنظرية «الغاية تبرر الوسيلة» فى كتاب الأمير لمؤلفه «ميكافيلى» 1469 - 1527م. ومسح الجوخ منه المعنوى كالتسبيح بحمد الشخص ومدحه بما يستحق وما لا يستحق، ومنه المادى كتقديم الهدايا وإقامة الولائم، وهو موهبة لها أصحابها من محترفى التطبيل وتقبيل الأيادى لتحقيق الأهداف المشروعة وغير المشروعة على حساب كرامتهم. كما يتطلب قدرة على التلون، وتضحيات بالأخلاق والضمير والمبادئ وحتى بالأصدقاء، للوصول إلى السلطة، أو على الأقل «لحسة» من السلطة. ويبدأ طريق مسح الجوخ بتعظيم الشخص المطلوب مسح الجوخ له أكثر من تعظيم الوالدين، ومتابعة كل نشاطاته وتمجيدها، ومجاملته فى كل المناسبات، وعدم التردد فى حمل حقيبته حتى لو لمسافات قصيرة. ويمتلك ماسح الجوخ من الحيل ما يساعده على تحقيق هدفه، ويستخدم حتى الشعارات الوطنية والدينية للوصول للمنصب المطلوب، ووسط السباق على المناصب يقسم كل واحد بأنه من الصادقين ويتهم الآخرين بأنهم منافقون. ومع أن ماسح الجوخ هو الأقل كفاءة إلا أنه ينال المكافآت والمناصب، بينما صاحب المؤهل والقدرات لا ينال حقوقه لأن كرامته وأخلاقه تمنعاه من النفاق، وتربيته ودينه علماه العزة وعدم الخضوع إلا للحق. حالة ماسح الجوخ يصورها الفلكلور المصرى: «مسحت جوخاً كثيراً.. وقدمت الأونطة بصيراً.. ثم ندمت لأننى.. قد صرت عبداً حقيراً». ويبقى توجيه النبى (عليه الصلاة والسلام): «احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».