التعليم كالماء والهواء.. هكذا كان قانون التعليم الذى منحه كحق للجميع قبل فكرة إنشاء بعض الجامعات الخاصة والتى حولت التعليم إلى مجرد «بيزنس»، يديره رجال أعمال و«ترزية» يفصلون قوانين لإنشائها لتدر مزيدا من الربح على رجال البيزنس والذين لا يعنيهم معايير الجودة التعليمية والتى حددتها أحكام القانون رقم 12 لسنة 2009، ولائحته التنفيذية، أن الجامعات الخاصة يلزم أن تكون أغلبية الأموال المشاركة فى رأس مالها مملوكة للمصريين ولا يكون غرضها الأساسى «الربح». وبالمخالفة للقانون نفسه شرع بعض رجال الأعمال فى إنشاء بعض جامعات من الظاهر وفى باطنها شركات استثمارية يمكنهم بيعها فى أى وقت بعد إعلانهم إغلاق للجامعة التى ساهمت فى أرباحهم ومن ثم تشريد الطلاب. كواليس «السبوبة» التعليمية فى بعض الجامعات تبدأ بمستثمر يأتى ولديه مساحة من الأرض ليست لها قيمة تسويقية تذكر يقوم باستصدار قرار بإنشاء جامعة خاصة عليها وبمجرد أن تتم الموافقة يتضاعف سعرها مرات ومرات وبالمخالفة لقانون إنشاء الجامعات تم بيع 3 جامعات خاصة لشركات أجنبية دون مراعاة لقوانين إنشاء الجامعات. وأكد القرار الجمهورى بإنشاء الجامعات الخاصة على وزارة التعليم العالى أن تعلم الأسماء المكونة لمجلس الأمناء وأن تعرف أسماء المؤسسين. وهذا تحت ناظرى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ولابد أن توافق عليها وزارة التعليم العالى وأن أى تعديلات تتم أو تطرأ على أسماء المؤسسين لابد أن تعرض على مجلس الجامعات الخاصة. ويشترط القانون بشأن نقل ملكية الجامعات الخاصة أو تغيير حصص المالكين فى نصه صراحة على أن أى جامعة لم تبلغ عن تغيير حصص المساهمين بها ويجرى نقل الملكية دون الرجوع للوزارة يتم اتخاذ قرار بغلقها ووقف قبول الطلاب بهذه الجامعة فورا، حيث يستكمل الطلاب الدارسون فى هذه الجامعة فترة دراستهم ولا يتم قبول طلاب جدد حتى يتم إغلاق الجامعة نهائيا. وفى هذه الحالة تكون إجراءات البيع أو التعديلات التى تمت للمبانى فقط وليست للمنظومة التعليمية. وبيع الجامعات الخاصة أو تغيير حصص الملكية لها تتم فى غياب الجهات الرقابية تعتبر قضية أمن قومى فى المقام الأول ولا يجب التهاون مع أى مؤسسة تتلاعب أو تتحايل على شرط هوية المالكين حيث نص القانون أن حصص المصريين يكون 50 % فأكثر. ويشاع فى الآونة الأخيرة أن هناك صفقات بيع لعدد من الجامعات الخاصة لصالح بعض رجال الأعمال العرب وتمت فى سرية تامة ويجب على الأجهزة المعنية ملاحقة المخالفين لبيع الجامعات الخاصة. بهذا يتحول التعليم الجامعى الخاص إلى تجارة بين شركات مساهمة لا يجيز لها القانون مزاولة نشاط الجامعات الخاصة.. وقد سبق وأن أصدر مجلس الدولة فى هذا الشأن بالفتوى رقم 1245 بتاريخ 18/11/2005 بشأن الشكل القانونى الذى يمكن أن تنشأ الجامعة فى ظله وخلصت الفتوى بعد استبعاد أشكال الهيئة العامة والشركة التجارية الخاصة إلى أن شكل المؤسسة الأهلية التى ينظمها قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية هو أنسب الأشكال القانونية. وقد استبعد القانون الشركات بكافة أنواعها بمزاولة نشاط الجامعات الخاصة وبما فى ذلك البنوك حيث خلص الطعن رقم 225 لسنة 36 قضائية بأنه لا يجب أن تتجاوز إدارات الشركات المساهمة الفرض الذى أنشأت من أجله. كما أنها تخضع للقيود المقررة بمقتضى القواعد إلا مرة فى القانون والتى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.. وعلى سبيل المثال شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا كان لديها مديونية على جامعة 6 أكتوبر حيث قامت ببناء منشأتها وأبنيتها التعليمية بنظام التأجير التمويلى ونفذ من تحويل هذه المديونية إلى مساهمة فى رأسمال الجامعة وقوبلت طلباتها بالرفض التام من قبل مكتب أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية أ. د عز الدين أبوستيت وكذلك رفض رفضا تاما من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. ورفض مجلس الدولة (الجمعية العمومية للفتوى والتشريع) طلبا لجامعة القاهرة برغبتها للمساهمة فى إنشاء جامعة أهلية تحت أى شكل أو مسمى وحين تملك شركات مساهمة حصصا فى رأس مال الجامعات الخاصة وتقوم شركات أجنبية بشراء هذه الشركات الخاصة بما تحمله من مساهمات وتقوم بطرح اسهمها وتداولها فى بورصة الأوراق العالمية لبيعها أى بيع الجامعات الخاصة لكيانات ومؤسسات وأفكار تعرض أولادنا وأمننا القومى للخطر. ويجب على وزارة التعليم العالى عدم السماح بذلك حيث سبق وأن رفض المستشار المالى والقانونى لوزير التعليم العالى فى موقف وطنى ومخلص محاولات أى من الشركات المساهمة فى إنشاء أو تأسيس أو المشاركة فى رأس مال الجامعات الخاصة.. والشىء الغريب وغير المعروف هو الهدف من وراء الشركات الأجنبية لشراء هذه الجامعات من أين تأتى الأموال وإلى أين تذهب الأرباح؟ حيث إن تداول الجامعات فى بورصات الأوراق المالية العالمية لا يتفق وقانون إنشاء هذه الجامعات مما يترك وراء شراء هذه الشركات لهذه الجامعات علامة استفهام تستطيع الأجهزة الأمنية فحصها والإجابة عليها!! فلا يجب أن يدار التعليم بنظام المضاربة فى فى البورصة عن طريق شركات الأوراق المالية وإلا فقد التعليم خصوصية واستقلالية ومعناه. وفى ضوء مشروع التشريع المتكامل لتنظيم عمل الجامعات الخاصة بشأن تقييم تجربة الجامعات الخاصة والتى وضعت ضوابط جديدة لتنظيم عمل الجامعات وذلك على المدى المتوسط وتأتى أهمية إعداد التعديلات التشريعية كتالى : 1 - استقلالية الجامعات. 2- وضع آليات واضحة للحوكمة والمراقبة ومنع الاحتكار ومقاومة الجشع فى ضوء قانون إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية والذى ينص على أنه (يجوز إنشاء جامعات خاصة..، ولا يكون غرضها الأساسى تحقيق الربح). 3 - تطبيق نص المادة (16) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (101) لسنة 1992 والتى حظرت من أنه (لا يجوز سحب الأموال المودعة لحساب الجامعة أو التصرف فى ممتلكاتها لغير صالح الجامعة). 4 - إعداد التعديلات التشريعية اللازمة للفصل بين الملكية والإدارة 5 - ضرورة اعتماد كليات الجامعات الخاصة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد خلال مدة محددة مع حرمان الكليات التى لم تحصل على الاعتماد من قبول طلاب جدد. وقد حدد القانون على وجه الخصوص فى هذا الشأن طبقا للمادة (13) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات اللخاصة والأهلية الصادر بقانون رقم 12 لسنة 2009 والصادرة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 302 لسنة 2010 والتى تنص على : (يتعين إخطار الوزارة قبل إجراء أى تعديل فى البيانات أو المستندات التى صدر قرار إنشاء الجامعة وفقا لها ويحال الإخطار إلى المجلس ليوصى بما يراه، ويصدر الوزير قراره بالقبول أو الرفض خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار. وفى حالة موافقة الوزير على التوصية بقبول التعديل يتخذ الإجراءات اللازمة للعرض على رئيس الجمهورية لاتخاذ ما يراه ولصاحب الشأن الطعن على قرار الرفض أمام محكمة القضاء الإدارى). وقد أعلنت وزارة التعليم العالى فى وقت سابق منشورًا عامًا لجميع الجامعات بشأن قرار مجلس الجامعات الخاصة والأهلية رقم 46 بتاريخ 7/3/2016 والذى قرر إيقاف قبول طلاب جدد فى حالة ثبوت تغيير فى ملكية الجامعة أو فى حصص المساهمة فيها دون مراجعة الإجراءات القانونية من قبل أمانة المجلس والحصول على الموافقة اللازمة.